|
التعذيب والقسوة في التحقيق
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 827 - 2004 / 5 / 7 - 05:58
المحور:
حقوق الانسان
ماتم نشره من صور أساليب التعذيب اللاانساني التي تتم ممارستها بحق المتهمين في قضايا متعددة من قبل المحققين في قوات الأحتلال تدل بشكل واضح وصريح على أن التحقيقات التي تجريها قوات الأحتلال مع جميع المتهمين غير قانونية أذا أستعملت الأكراه والتعذيب والترهيب والقسوة في أنتزاع الأعترافات والأقوال . وليس فقط الأقوال المنتزعة ليس لها قيمة قانونية أمام المحكمة ، انما يدلل هذا الأمر على مقدار التعسف والقسوة التي تمارسها بعض النماذج المريضة أنسانيا بحق المتهمين . كما ليس فقط القانون الجنائي العراقي النافذ يمنع أستعمال الأكراه والتعذيب كوسيلة من وسائل التحقيق وأجبار المتهم على الأدلاء بأقواله ، وأنما القانون الأمريكي للقوات التي تحتل بلدنا أيضاً تنص على منع التعذيب في التحقيقات التي تجري . أن خرق فاضح لحقوق الأنسان يجري في العراق وعلى منظمة العفو الدولية والمنظمات الأنسانية رصد هذه الظواهر التي تخالف الأعراف والتقاليد والقوانين الدولية ، كما أن هذه التحقيقات تعيد الذاكرة العراقية الى الأساليب التي كانت تعتمدها السلطات الأمنية والأستخبارية في الزمن الصدامي البائد . ولايمكن تبرير قيام قوات الأحتلال بأتباع أسلوب التعذيب مع المتهمين في التحقيق ، من كون مؤسسات الطاغية الأمنية كانت تمارس القسوة والتعذيب البشع بحق ابناء العراق . أن للتحقيقات أصول ينبغي عدم تجاوزها أولاً ، كما أن للأنسان في أي مكان وزمان وحتى لوكان في ظل بلد محتل قيمة انسانية لايمكن تجاوزها ، أذ لايجوز التذرع بأية ظروف أستثنائية سواء منها في حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو حالة الطواريء كمبرر للتعذيب . فالأعلان العالمي لحقوق الأنسان الصادر بتاريخ 10 كانون الأول من العام 1948 حدد في المادة الخامسة انه لايجوز اخضاع احد للتعذيب ولاللمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاأنسانية أو الحاطة بالكرامة . كما أوردت ( المادة 11 ) أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى أن يثبت أرتكابه لها قانوناً في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه . ان تعذيب الانسان جريمة يعاقب عليها القانون ، ويقصد بالتعذيب كل عمل أو امتناع ينتج عنه معاناة أو الم شديد ، جسدياً كان أو عقليا ، يرتكبه أحد الموظفين العموميين أو المسؤولين الرسميين من اجل اجبار شخص على الأعتراف أو الحصول منه على معلومات أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه هو او شخص آخر ، او بقصد تخويفه أو تخويف أشخاص آخرين ، أو ارغامه أو ارغام أشخاص أخرين على شيء ما ، أو لأي سبب آخر . ( المادة الثانية من مشروع اتفاقية منع التعذيب -1990 ) . أن ماتم تسريبه من صور تدل على مايعانيه المحقق السادي وهو يتلذذ بأصناف الوسائل والأساليب في التعذيب لأنتزاع الأعترافات يدل على فشله الذريع في عمله كمحقق في أتباع الأساليب العصرية في التحقيق ، بالأضافة الى عدم معرفته بأساليب التحقيق العصرية المنسجمة مع القانون المحلي أو الدولي أو لوائح حقوق الأنسان . ويمكن أن تشكل عملية الأنفراد بالتحقيقات الجارية في العراق من قبل قوات الأحتلال خللآسبق أن قمنا بالتنبيه عنه ، بالأضافة الى عرقله لعمليات التحقيق مع المتهمين في القضايا الأجرامية المرتكبة بحق الشعب العراقي ، والتي لاتخص القوات المحتلة ولايمكن أن تتعرف على تفاصيلها ، ولايمكن لها أن تحقق العدالة والأساليب القانونية المشروعة في أعمال التحقيق بها . وتعرف القوات المحتلة ان القضاء العراقي مؤسسة جديرة بأن تأخذ على عاتقها التحقيقات الخاصة بأقطاب العهد البائد ، وتعرف قوات الأحتلال أن القدرة القانونية للقضاة العراقيين مشهود لها وتفي بالغرض المطلوب قانوناً ، وأن التمسك بالملفات التحقيقية ليس له مايبرره سوى أن الأدارة الأمريكية تبغي أن تضع أنفها وتدس أصابعها وسط الملفات من أجل أنقاذ بعض الأسماء التي كان لها سبق التعامل معها من المتهمين كسعدون حمادي ومحمد الصحاف وسعدون شاكر وسمير الشيخلي وعدد آخر من المتهمين الذين تم تسريبهم من التحقيقات والأتهام وتم أخلاء سبيلهم وأيصالهم الى دول مجاورة لحمايتهم من غضبة العراقيين وانتقامهم . ليس فقط أنتهاك مباديء العدالة ، وليس فقط الأستخفاف بالقوانين وحقوق العراقيين ماتقوم به الهيئة المشرفة على التحقيقات الخاصة في العراق ، وأنما مخالفة صريحة لحقوق الأنسان ولنصوص المعاهدات الدولية ، حيث أن نص المادة 7 من مباديء التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المتهمين بأرتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد ال،سانية المعزز بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم 3074 ( د-28 ) المؤرخ في 3 كانون الأول ( ديسمبر ) 1973 والتي تنص انه لايجوز للدول منح ملجأ لأي شخص توجد دواع جدية للظن بأرتكابه جريمة ضد السلم أو جريمة حرب أو جريمة ضد الانسانية . في حين ان بعض المتهمين لم يتم اخلاء سبيلهم فقط ، ولم يتم عملية تسهيل هروبهم وتخلصهم من محاسبة القانون العراقي فقط ، بل تم توصيلهم الى دول خارج العراق والطلب من هذه الدول بل وأصدار الأوار لها بأن تحافظ عليهم وتحميهم وتقوم بتكريمهم . وأذا كانت الأجهزة الأعلامية الغربية قد تمكنت من الدخول الى قاعات التحقيق ونقلت صور عن اساليب التعذيب الجارية بحق المواطنين العراقيين المتهمين بقضايا قد تكون من بينها مقاومة الأحتلال أو اية تهمة أخرى ، فأن معاقبة القائمين على التحقيق أو الذين مارسوا أفعال التعذيب والقسوة لايكفي ليحل الأشكالية القانونية ، أذ يقتضى أن تتم أحالة جميع المتهمين الى الجهات العراقية لتأخذ دورها القانوني في ممارسة أعمالها ، وأصدار قراراتها بعد انتهاء التحقيقات أما بأحالة المتهمين للمحاكمة أو تبرئة من لم تثبت توفر الأدلة ضده في الأتهامات المسندة اليه وفقاً لما تقتضيه فقرات نصوص المادة 130 من قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ أستناداً للفصل الرابع من أتفاقية جنيف بشأن البلد المحتل . وتشكل عملية الأساليب التي يتم ممارسة تعذيب المتهمين المادي منها أو النفسي شرخاً يلغي مشروعية الأعترافات المنتزعة من المتهمين ، ويعدم كل صدقية فيها ، وعليه فعلى القوات المحتلة أن تعيد النظر في أجراءاتها التحقيقية وأن تعطي قضية التحقيق مع العراقيين لأهل العراق وأن عليها أن تعتمد على عكس ألتزامها المزعوم بحقوق الأنسان فعلاً لاقولا ، وأن الأنسان هو الأنسان سواء كان في الولايات المتحدة الأمريكية أو العراق بغض النظر عن قوميته أو دينه أو شكله أو جنسه . بالأضافة الى ألاستهجان والرفض الذي لاقته الأساليب التي تم تصويرها ، ومما يثير الاشمئزاز هو أعادة المواطن العراقي الى الذاكرة ماكان يحدث يوميا في العراق من تعدي على حقوق الأنسان وأنتهاك للقانون ، وماتتم ممارسته السلطات والمؤسسات القمعية من أساليب لايرضاها الأنسان ولايقبلها المنطق والضمير . وأذا كان مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت أدانته ، فأن المحقق الأمريكي قلب المبدأ حيث أعتبر أن العراقي متهم حتى يثبت برائته ، وهو نفس ماكان صدام حسين يعتمده مع العراقيين وتلك مصيبة أخرى غير مصيبة الأحتلال .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحريض في جرائم الأرهاب
-
أنتحال أسم الحزب الشيوعي
-
تغيير القومية
-
الأسماءالمستباحة
-
سبايا يزيد العصر
-
اما آن لنا
-
المستجير من الرمضاء بالنار
-
سبايا يزيد العصر
-
الشهيد الدكتور محمد زغير الأيدامي
-
متى نوقف أزيز الرصاص ورعب الأطفال في العراق ؟
-
احلم بعراق جديد
-
الديمقراطية الأمريكية المنحرفة في العراق
-
ضمير المراسل الصحفي
-
أحمد منصور في الفلوجة
-
نعي مناضل
-
ضرورة سيادة القانون بالعراق
-
الدعوات الرخيصة للزرقاوي
-
حرب الأطباء
-
الكرد الفيليون
-
رسالة الى عائلة كردية قضت بالكيمياوي رسالة الى عائلة صبحي خد
...
المزيد.....
-
الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
الاونروا: الحصول على وجبات طعام أصبح مهمة مستحيلة للعائلات ف
...
-
الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|