فرات محسن الفراتي
الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 08:19
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لعلني اشعر بسعادة كبيرة ، عندما تحل ذكرى الرابع عشر من تموز .. التي تخلد لحدث تغيير النظام الملكي في العراق الى نظام جمهوري اثر انقلاب عسكري قاده الزعيم الراحل (عبد الكريم قاسم) .. سعادتي عندما تحل هذه الذكرى لا تكمن في ميلي او صدي للمناسبة او موقفي منها .. ولكن سعادتي تنشىء ، لانني ادرك
ثمار الحرية التي ينعم بها العراقيون عندما تحل هذه الذكرى سنوياً .
فكما هو معلوم ان حكومة البعث السابقة اعتبرت الزعيم الراحل (عبد الكريم قاسم) دكتاتوراً و انقلبت على نظامه السياسي ، و جرى اعدامه بشكل بربري (عندما اطلق عليه ثلاثة و ستين رصاصة في مبنى الاذاعة و التلفزيون) .. و من متناقضات الحكومة السابقة انها احتفضت في المناهج الدراسية بتعبير (ثورة 14 تموز) و رغم ذلك سمت زعيمها دكتاتوراً و يوم الانقلاب عليه ، سمي ثورة ايضاً .. و عندما جرى انقلاب عليهم من قبل الرئيس (عبد السلام عارف) سميت ردة ، ثم اعتبر انقلاب عام 1968 ثورة اخرى .. فيبدو ان اي رصاصة في العراق تسمى ثورة .. وهذا مبحث اذا دخلنا فيه سنسهب كثيراً ، لنعود الى موضوعنا ، فالمناهج الدراسية كانت تعتبر يوم 14 تموز ثورة ، و ان الزعيم قاسم دكتاتوراً .
في العام 2004 ، اي بعد التغيير في العراق بعام واحد ، وفي ذكرى 14 تموز ، شاهدت مضاهرات صغيرة في الشوارع قاد الشيوعيون العراقيون اعمها .. تبتهج بذكرى الثورة و ترفع صور الزعيم الراحل .. و في طريقي الى منزلي .. و على مسافة ليست بالبعيدة جداً عن المحتفلين . وجدت اجواء لاحتفال تأبيني غلبت عليه طوابع الحداد .. فسألت لمن هذا فقالوا انه لانصار (الملكية الدستورية) و هو تأبين للعائلة المالكة التي قتلت في انقلاب 14 تموز 1958 .. بلا شك فللوهلة الاولى قد يشعر البعض ان التناقض العجيب في هذه المشاهدة و في يوم واحد و في منطقة واحدة ، شيء يجلب الغرابة .. و الحقيقة هو يجلب الغرابة .. ولكن التأمل فيه سيجلب السعادة (كما حصل معي) فتصوروا حجم الحرية الفكرية ، وروحية الاحترام للحرية لدينا كم تطورت .. فمن يحتفل فهو حر و من يحزن فهو حر ايضاً .. و ليس هنالك سباب او تنابز بالالقاب او شعارات عدائية بين الطرفين ، انها قمة الحرية .
و على مدار السنوات اللاحقة و نفس المنظر يتكرر سنوياً .. فلم يعد الشارع هو انعكاس للحكومة (كالمرأة) اذا احتفلت احتفل و اذا حزنت حزن ، كلا فاليوم الحرية مكفولة في التعبير عن الرأي واوضح مصاديقها هو الذكرى التي نعيشها هذه الايام (14 تموز) فهنالك من يعتبرها ثورة و هنالك من يعتبرها انقلاباً و هناك من يحتفل و هنالك من يقيم الحداد .. و الحكومة اكتفت بألاعلان عن يوم 14 تموز هو عطلة رسمية .. لكونه مناسبة هامة بتحول العراق من النظام الملكي الى النظام الجمهوري .
لن ادخل في تقييم او تحليل لحدث الرابع عشر من تموز ، بل سأكتفي بالتعبير عن سعادتي لتطور مفاهيم حرية الرأي و التعبير في العراق الجديد ، و لسان حالي يقول كان ثورة ام انقلاب ، كان مفرحاً او محزناً .. لن يهمني سوى ان يعبر الجميع عن ارائهم و بحرية .. وصولاً لمجتمع مدني حر و ديمقراطي .
www.alyasery.com
#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟