|
احبكِ عدة مرات في حب واحد ( 1 )
عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2710 - 2009 / 7 / 17 - 08:37
المحور:
الادب والفن
انتِ فكرة في مخيال الشعر ، يكتبها الشعراءُ جيلا بعد آخر .
أبحثُ لكِ عن وجه : أنتِ الموصوفةُ بالعطر ، وروحكِ لا تشرق إلا على الغصن ، مثل وردة . لن أقطفكِ كما يفعل العشاق ، إذ لستُ أحدا من هؤلاء ولا من اولئك : إنني شاعر يجدل سلة أحلامه من دخان النوم على المصاطب ، ومن الرحيق الذي يتصاعد من مسام اسمكِ . اقيمُ هناك بينكِ وبينكِ ، فلا بيت إلا الذكرى ، ولا سقف إلا غيابكِ . إنني متورط ٌ بما لا أعرفُ كنهه : لا أعرفُ ما الحبَّ ، الا إذا كان هذا الذي يوّترني مثل قوس ٍهو الحبُ ، إلا إذا كان هذا الطيران ، كالريشة ، من يدكِ هذه الى يدكِ تلك هو الحبُ ، إلا إذا كان هذا الحبل الذي يتدلى من سقف العالم ، وأنا أتأرجح معه ، هو الحبُ ، إلا إذا كان هذا الشغف بأن أتيه في أقاصي وجهكِ هو الحبُ . ألا إذا كان هذا الخطر المحفوف بهديل الحمامة هو الحبُ . إلا إذا كان هذا النعاس المقيم في مهد السهاد هو الحبُ . الا إذا كان هذا السرير المحروس بقبائل من القلق هو الحبُ . إلا إذا كان ازدهار الرقة في الشوك ، وتفاقم الخشونة في الحرير هو الحبُ . إلا إذا كانت هذا السهم الذي ينطلق نحوكِ فيمزق قلبي هو الحبُ ، لكنني أعرف مسارات كثيرة ، وكل مسار نهايته أنتِ .
لا أقول : " احبكِ " لأنني قلتُ ذلك لأُخريات قبلكِ ، لأنني خِطتُ على قمصانهن أزرارَ صعلكتي وعُريي . لأنني نمتُ في الممزق من صفحاتهن ، واغتسلتُ بالحار من مياههن العميقة . لأنني كتبتُ بأصابعهن أغلاطي الجميلة . لأنني شطفتُ يأسي بدموعهن ، وآخيتُ بين خيباتهن ودموعي . مع ذلك فأنا احبكِ لأنكِ كلّهنَّ ، لأنكِ السفينة وأنا الطوفان الذي يحدس أن مَن يوقفه عن الغرق في الطوفان هو أنتِ ، ولأنكِ الفيء وأنا الجسرُ الذي لم ينم ، في حياته ، على وسادة من فيء .
أعرفكِ تماما كما أعرف الملائكة وأحبكِ ، رغم أنني لم أقابلكِ ولو مرة في حياتي . لا أعرفكِ تماما كما لا أعرف الملائكة واحبكِ ، رغم أني أحفظكِ عن ظهر قلب . أعرفكِ خائبة ، وأعرفني لا أفوقكِ الا في ذلك . أعرفكِ تكتبين العثرات وأعرفني أقود خطواتي اليها . اعرفكِ بمستوى المصابيح تكنسين عن اكتافي ظلام الأزقة . أعرفكِ خلف العالم ، وألمحكِ ، خلف الشبابيك ، تجلدين المارة بخواطر ينسجها صمتكِ . أعرفكِ تكرهيني ، وأحبكِ . أعرفكِ تعبديني ، واحبكِ . أعرفكِ مشطورة بينكِ وبينكِ . أعرفكِ ذاهبة وقادمة . أعرفكِ موشكة على خسارتي وعلى الربح معا . أعرفكِ مما يسبب للبحر الدوارَ . أعرفكِ مما يعود الصيادون به لينتبذوا بحرا بعيدا عن دموع زوجاتهم . أعرفكِ مما يُفرّقون به بين الشِعر والنثر . أعرفكِ مما يجعل القوارب آهلة بالعواصف . أعرفكِ مما يجعل الشواطيء آهلة بالقبلات واللؤلؤ . وأعرفكِ مما يجعل الشيطان والملاك في حيرة من أمر الله .
أشعرُكِ في اللانهاية ، هناك .. في غرامياتٍ منسيةٍ ، وفي حبٍ لم يحصل بعد .
أشعرُكِ المختارة من الشِعر، والشاعرة من العاشقات . أشعرُكِ امرأة . أشعرُكِ هائمة ، على وجهكِ ، بحثا عن وجهكِ . أشعرُكِ تنهبين المرايا طوال شعركِ . أشعرُكِ المسافات ، الخطوات ، والبـُعد . أشعرُكِ افقا من الغموض ، وغموضا يغسلُ الافق بحزنه . أشعرُكِ تبحرين في نهرالكون وقاربكِ الزمن . أشعرُكِ في الساعات تجرجرين الزمن من ياقته . أشعرُكِ الطمأنينة عندما تتعطل حواس الأمان . أشعرُكِ الأمان يكسو الخوف جلباب نومه . أشعرُكِ الخوفَ يجلس مع الأمان على مائدة واحدة . أشعرُكِ إنسانا ، وأشعرني ذائبا فيكِ ، لكن ذلك هو ما يـُقلقني : يـُقلقني أنكِ امرأة ويقلقني أنني رجلٌ . يـٌقلقني أن الحبَّ لا يستطيع أن يصهرنا أكثر من أن تكوني الخيط وأن أكون الشمع ، أو أن تكوني الشمع وأنا الخيط . آه ، الشـِعر هو الخلاص عندما يذيبنا كالشعلة في النار ، فلنصرخ إذن : إن لم تجمعنا الحياة معا ، فليجمعنا الشـِعرُ ..
كلانا يعرفُ أن الآخر ليس هو الآخر ، وأن المستحيل كلمة فارغة . كلانا يجهل أن الآخر هو الآخر ، وأن الحب لغة مستحيلة . كلانا يؤمن أن الشعر هو الحب ، وأن الحب هو الشعر . كلانا يكتب الشـِعر على صدر أيامه ، فيموت شهيدا .
يتبع
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغنية متأخرة الى سدوري ..
-
اغنية من قعر زجاجة
-
اغنية التحليق بريش النثر ..
-
اغنية أمشي ضائعا في جمالكِ ..
-
اغنية كيف يكون الجمال صاعقا
-
ملف : جان دمو الساطع كصلاة صباحية / رؤيا اخرى وقصائد ضائعة
-
صورة كمال سبتي في شبابه
-
اغنية عندما يعود السندباد الى بيته
-
اغنية البلبلُ المشرَد
-
كيف خسرتَ الوردة ، كيف ربحتِ العاشقَ ؟
-
بورتريه المخلّص
-
أغنية لتحطيم أنف العالم
-
كمشة فراشات
-
اغنية جمعية الشعراء الموتى
-
اغنية عقيل علي
-
ساحر من ألف ليلة وليلة
-
أغنية حب بغدادية ومدينة الاشارة
-
بورتريه الخطر
-
أغنية الليل تحت عدسة مكبرة
-
ثلاث قصائد
المزيد.....
-
جامعة كاليفورنيا في ديفيس تفتتح أول مركز أكاديمي لأبحاث وفنو
...
-
الخارقون راجعين من تاني…موعد عرض افلام مارفل 2024 وقصص الأفل
...
-
معركة رينيرا وأليسنت|..الحلقة الثانية مسلسل House of the Dra
...
-
مصر.. فنانة شهيرة تكشف عن إصابتها بحروق في وجهها وتوجه رسالة
...
-
النمر الوردي وحكايات ماشا: وغيرها كتير من الأفلام والبرامج م
...
-
أدب النهايات العبري وكابوس الخروج من الحلم الصهيوني
-
فنانة رائدة تزرع حقول القمح في أمريكا.. ما هي رسالتها؟
-
تابع الأحداث الجديدة مسلسل الغدار الحلقة 22 مترجمة قصة عشق و
...
-
hd.. فيلم ولاد رزق 3 كامل.. تردد قناة الزعيم سينما بدون اعلا
...
-
أفلام طول اليوم… تردد قناة الزعيم سينما Al Zaeem الجديد 2024
...
المزيد.....
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
المزيد.....
|