|
الأهمية الحكومية ل -المعارَضة- عندنا!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2709 - 2009 / 7 / 16 - 09:10
المحور:
المجتمع المدني
على كثرة وأهمية وضرورة ما نحتاج إليه من تغيير، فلا شيء يتغيَّر عندنا إلاَّ بما يؤكِّد ويُظْهِر أنَّ التغيير الذي يحتاج إليه المجتمع، أو الغالبية العظمى من أبنائه، لم يتحوَّل بَعْد من "الرمادي" إلى "الأخضر"، أي إلى حقائق واقعة محسوسة ملموسة.
أمَّا السبب، الذي ليس من سبب آخر يفوقه أهمية، فهو "المعارَضة"، أي غيابها عن المكان والزمان اللذين ينبغي لها أن تَحْضُر فيهما، وضآلة بل انعدام وزنها، فوزنها قطرة في بحر "الوزْنَيْن":"وزن الحكومة" و"وزن مطالب واحتياجات وقضايا المجتمع والشعب".
ونحن لدينا الآن من "الديمقراطية" ما يفي بالغرض، الذي هو مَسْخ وإفساد ما ظَهَر إلى حيِّز الوجود السياسي من "معارضة" و"معارضين"، و"تكفير" الشعب بها، وبهم، وتغذية "روح السلبية السياسية ـ التاريخية" لدى الشعب، و"تسييد" ثقافة "القدرية السياسية"، في تفكيره ومشاعره، حتى في الأمور والقضايا التي فيها تكمن مصالحه الحقيقية والجوهرية، فإنَّ لـ "السياسة"، في "الخطاب الشعبي"، أربابها وأهلها ومحترفيها، وإنَّ للشعب ربَّاً يحميه، وإنَّ الشعب كنهرٍ لا يملك تغييراً لمجراه، وإنَّ "الخلاص الحقيقي" هو "الخلاص الفردي"، وكأنَّ ما حَصَلْنا عليه من "ديمقراطية" يمكن، ويجب، أن يكفي فحسب في جَعْلِنا في "سيكولوجيا يوم الحشر"، التي لا تُنْطِق صاحبها، أي الذي تستبدُّ به، إلاَّ بعبارة "الخلاص الفردي": "اللَّهُمَّ نفسي!
ولا عَجَبَ بعد ذلك، وبفضل ذلك، أن تتحوَّل الحكومة عندنا، في بعضٍ من مهمَّاتها وعملها ونشاطها، إلى "حكومة مَكْرُمات"، فالشعب يكفي أن يجهل "حقوقه"، أو يَظْهَر على أنَّه قاصر عن الدفاع عنها، أو يُقصِّر في طلبها، حتى لا تقوى الحكومة على مقاومة إغراء أنْ تلبس لبوس الفضيلة، و"جابر عثرات الكرام"، فتعطي بعض مواطنيها، ولكن على هيئة "مكرمة"، ما هو في الأصل حقٌّ لهم. تعطيهم، ناسيةً أو متناسية، أنَّها من أموالهم، أي من نزرٍ منها، تعطيهم.
لقد "تأنسنت" الحكومة، ولكن أكثر مِمَّا يسمح لها به "المجتمع الديمقراطي الحر"، الذي لا وجود له حيث يختفي من العلاقة بين الحكومة والشعب الفَرْق بين "العطاء" و"الاستعطاء"!
كل مواطِن أغلق بابه، ولزم بيته، وكأنَّه خزيمة بن بشر، منتظِراً الليل لعلَّه يأتيه بسليمان بن عبد الملك!
وإيَّاكم أن تتوهَّموا أنَّ "المعارضة" عندنا أفضل حالاً، فهذا "الشبل"، أي "المعارضة"، من ذاك "الأسد"، أي الحكومة.
الحكومة عندنا تفهم "الديمقراطية، وتمارسها، على أنَّها "عِلْم وفن" القضاء على "المعارَضة" و"المعارضين" بـ "القوَّة الناعمة"، فشعارها هو "دَعْهُم يَظْهَرون، ويَكْشِفون ويلعبون أوراقهم"، فالطامة الكبرى أن يظلُّوا تحت الأرض، أو متوارين عن الأنظار، بدعوى أنَّ "اللعبة الديمقراطية" مسدودة الأُفْق"، ولا تعطيهم، مهما حُسِّنت وتحسَّنت، شيئاً يُعْتَدُّ به من "التغيير" الذي يريدون.
"اللعبة الحقيقية" تبدأ ما أن يخرجوا من "الظلمات" إلى "النور"، فـ "المعارِض"، فرداً كان أم جماعة، يكفي أن يُثْبِت، بفضل "المناخ الديمقراطي"، بالقول والفعل أنَّه "معارِض فعلي وحقيقي"، أو يمكن أن يكون كذلك، حتى تشرع الحكومة تخاطبه بـ "القوَّة الناعمة"، لعلَّه يهتدي ويثوب إلى رشده، ويتحوَّل، على الأقل، إلى "معارِض مسؤول إيجابي مهذَّب..".
إنَّها "لعبة تأليف القلوب"، فـ "الشاري" و"البائع" يذهبان إلى "سوق النخاسة السياسية"، أو إلى "بورصة النخاسة السياسية"، حيث "أسهم المعارضين" تختلف أسعارها بحسب قانون "العرض والطلب"، فنرى "المعارِض" واقِفاً يُفاضِل بين أن يظلَّ على ما هو عليه من حالٍ لا تَسرُّ نفسه إذا ما كانت "أمَّارة بالسوء" وبين أن يغتنم الفرصة، فـ "المنصب الرفيع"، أو امتياز أن "يعيش فوق الشعب" على وجه العموم، مُطلِّقاً شظف العيش ثلاثاً، ليس بالإغراء الذي تَسْهُل مقاومته في مجتمع "يَقْتُل الأنبياء"، ويمجِّد، ويُعْلي مكانة، كل من "عَرَف من أين تُؤكل الكتف"، وكل من آمن أخيراً بأنَّ اليد التي تَعْجَز عن كسرها، قَبِّلها، وادْعُ عليها بالكسر!
بالله عليكم انْظُروا من أين تأتي الحكومة بـ "مجتمعها الحكومي"، أو بهذا الجيش من موظفِّيها الكبار والصغار؛ انْظروا إلى "نموِّها الديمغرافي". إنَّ "المعارضين"، أو الذين كانوا "معارضين"، هم، في المقام الأوَّل، "مستودعها البشري"، فـ "المعارضة" عندنا لا تتحوَّل إلى "حكومة" إلاَّ في هذه الطريقة!
ما أن يَظْهَر "معارِض"، بفضل "المناخ الديمقراطي"، ويُظْهِر أنَّه فارِس لا يُشقُّ له غبار، في منازلة الحكومة، حتى يصبح "مطلوباً"، ليس لـ "العدالة"، فقد ولَّى وانقضى ذلك العهد، وإنَّما لـ "العدول" عمَّا يُسبِّب للحكومة الإزعاج والقلق والخوف، فتريه "الحكومة"، عندئذٍ، من عدلها وعدالتها، ما يسمح له بالانتقال من كوخ حقير إلى قصر منيف، لا ينسى أن ينقش في حجر بوَّابته عبارة "هذا من فضل ربي"!
بقي أن أهجو احد الزملاء المحترمين، فهذا أثبت أنَّه أُميٌّ جاهِلٌ في عِلْم وفن "من أين تُؤكَل الكتف"!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما وراء أكمة -صُلْح- أوباما مع المسلمين!
-
اقْضوا على اللاجئين.. تَقْضون على -حق العودة-!
-
شتاينماير الذي هزَّ رأسه!
-
ما بين -رجل الإعلام- و-رجل الأمن-!
-
المخاطر الإسرائيلية.. كيف يمكن أنْ تُواجَه أردنياً؟
-
المستوطنات في أسواقنا وبيوتنا!
-
تخطِّي الرأسمالية.. أما زال ممكناً؟
-
الزمن في حياتنا اليومية!!
-
يوم اسْتُعيدت -السيادة العراقية-!
-
رِفْقاً بالنواب!
-
-المبادرة العربية- عندما تُهْدَم بأيدي العرب!
-
في ثقافة -التطبيع الثقافي-!
-
هل من متجرِّعٍ ثانٍ ل -السُمِّ- في إيران؟!
-
-خطاب- يُزيل حتى البُقَع العنيدة من الأوهام!
-
العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!
-
تداول السلطة.. إيرانياً!
-
-الدولة اليهودية- و-دولة أندورا الفلسطينية-!
-
أعراسنا الانتخابية!
-
-حلُّ الدولتين- أم -حلُّ الدولة الثالثة النافلة-؟!
-
ما معنى -نقطة التحوُّل 3-؟
المزيد.....
-
القاهرة تستضيف اجتماعاً عربياً لبحث سبل دعم الأونروا
-
كتائب القسام تسلم الاسير الاسرائيلي الثالث كيث سيغال الى الص
...
-
الاسير الاسرائيلي الثالث كيث سيغال يصعد الى سيارة الصليب الا
...
-
سيارات الصليب الاحمر تغادر ميناء غزة بعد تسلم الاسير الاسرائ
...
-
وحدتا -النحشون- و-الكيتر- تستعدان للإفراج عن الأسرى الفلسطين
...
-
سيارات الصليب الاحمر تصل ميناء غزة موقع تسليم الاسير الاسرائ
...
-
اللاجئون الفلسطينيون إلى أين ؟
-
سيارات الصليب الاحمر تصل خانيونس موقع تسليم الاسيرات
-
سيارات الصليب الاحمر تصل خانيونس موقع تسليم الاسرى
-
شاهد بالوثيقة: قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج ع
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|