|
مؤتمر -الحداثة والحداثة العربية- خطوة على طريق الحداثة
أشرف عبد القادر
الحوار المتمدن-العدد: 826 - 2004 / 5 / 6 - 07:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنت أحد المدعوين في مؤتمر"الحداثة والحداثة العربية" الذي انعقد في بيروت ما بين 30 إبريل و2 مايو ، حيث استمرت الجلسات لمدة ثلاثة أيام في فندق "بريستول" ببيروت، وافتتح عبد المجيد الشرفي المؤتمر ورحب بالمؤتمرين وأعطي الكلمة لمحمد عبد المطلب الهوني ممول المؤسسة (وتنشر إيلاف نص كلمته) ثم أعطي الكلمة لنصر حامد أبو زيد رئيس المؤسسة (وتنشر إيلاف نص كلمته أيضاً) ثم أخذ الكلمة محمد أركون ووضح في كلمته قصور اللغة العربية عن تعريف بعض الكلمات كـ"اللوجس" والتي تعني الكلام أو العقل، وكذلك كلمة "الميتوس" والتي تعني الأسطورة. وفي اليوم الثاني تحدث كمال عبد اللطيف وخلص إلى أن تاريخنا عبارة عن سلسلة من ردود الفعال على ما تعلمناه من الآخر وهو ما سماه بـ"ديناميات التحديث القسري" مؤكداً على دور الاستعمار في تحديث المنطقة، كما تحدث بعده عادل ضاهر وأكد على إن العلمانية شرط ضروري لتحقيق الديمقراطية، لأن التحدي المطروح على المجتمعات العربية يتمثل في الخلط بين الدين والسياسة. أما فهمي جدعان فقد أكد في الجلسة المسائية لليوم الثاني على إن ما ينقصنا ليس الفكر الحديث ولا القطيعة المعرفية التي تشترطها الحداثات المتعددة. إن ما ينقصنا فعلاً، هو تربية النزعة الإنسانية في الفكر العربي. أما في اليوم الثالث والأخير والذي كان عنوان جلسته "الحداثة والحداثة العربية من المنظورين التربوي والفكري" فقد تحدث عدنان بدران عن أن "النظام التربوي العربي رفض التجديد منذ بزوغ الثورة العلمية الثقافية في النصف الثاني من القرن العشرين وبقيت الحالة الاجتماعية العربية أسيرة لقيم المجتمع الزراعي التقليدي"، ثم تحدث بعده شبل بدران وركز على أن الحداثة هي في الأساس موضوع سياسي ، وان ليس ثمة تعليم محايد فإما أن يكون أداة للقهر أو أداة للحرية. أما تدخل العفيف الأخضر والذي تغيب عن المؤتمر نظراً لمرضه واعتذر عن قرائتها جورج طرابيشي نظراً لآلام في حلقه ،رغم أنه قدمها ووصفها بالجريئة ،وقرأها شاكر النابلسي، وقد ركز العفيف الأخضر على ضرورة تحويل الإسلام من دين جهادي واستشهادي إلى دين روحي، وذلك بفصله عن الدولة والانتقال من المدرسة السلفية النصية إلى المدرسة العقلانية التي نواتها الصلبة المدرسة العقلانية التونسية منذ العام 1990. وقد خصصت الجلسة المسائية والأخيرة لـ"الحداثة والحداثة العربية من المنظور الفكري" وقد ركز عزيز العظمة فيها على ضمور الخطاب المعرفي الذي حدد العوامل المؤدية إلى ضمور القول الثقافي والمعرفي في الحداثة وفي مقدمتها الهوس بالتراث المقابل لنبذ النظرة التاريخية النقدية للذات، أو الفهم النكوصي بدلاً من الفهم التقدمي للتاريخ . ثم قدمت رجاء بن سلامه تدخلاً بعنوان "الصمت والغمغمة والتعاويذ في الحداثة العربية" وقدمت تعريف الفيلسوف الألماني كانط للحداثة باعتبارها خروج الإنسان من سن القصور العقلي إلى سن الرشد العقلاني. واختتم نصر حامد أبو زيد الجلسة المسائية الختامية بقراءة ورقة صادق جلال العظم، التي كان عنوانها" هاملت الحداثة العربية" والتي دعا فيها إلى القطع مع مفهوم النرجسية الدينية التي تعتبر أن الإسلام هو الدين الوحيد الحق وما عداه من أديان باطلة. تفاوتت الأوراق والآراء للمفكرين العرب، وهذا دليل نضج ومبشر بالخير في العالم العربي الذي لم يعتد على الرأي والرأي الآخر، بل اعتاد على الفكر الواحد والحزب الواحد، إن مؤتمر "الحداثة والحداثة العربي" الذي انعقد في بيروت هو تدشين لمؤتمر دائم الانعقاد يتكون من ورشات عدة اختصاصية دقيقة الاختصاص ، مثل ورشة المراة والحجاب، وورشة العقل الفقهي .. إلخ، التي ستظل لعدة شهور تدرس هذه المواضيع الحساسة ، وتنشر نتائج أعمالها في منشورات وكتب لتوعية القارئ العربي للإشكالات والتحديات الحقيقية التي تواجهه. وهذه الورشات سابقة لا نظير لها في تاريخ المؤتمرات الثقافية العربية وقد تكون هذه السابقة سر نجاحه الحقيقي والدائم، وهذا ما فات سوسن الأبطح التي انتقدت أمس في جريدة"الشرق الأوسط" المؤتمر بعنوان ("العلماني" عندما لا يفهم "العلماني") والتي حكمت على المؤتمر انطلاقاً من عجزها على فهم بعض المتداخلين الذين وصفتهم بأنهم جاءوا "إلى المؤتمر بمصطلحاتهم المعقدة، ونظرياتهم التجريدية، وأساليبهم الإنشائية، ومشاريعهم الأفلاطونية التي لا تخدم غير إشعال الفتن" والغريب أن سوسن الأبطح تستخدم لغة المهربين الدينيين كما يسميهم رئيس تحرير جريدة "الأحداث المغربية" صديقي عبد الكريم الأمراني، وهي لا شك تشير إلى مداخلة العفيف الأخضر وتركيزه على ضرورة الانتقال من المدرسة السلفية إلى المدرسة العقلانية ، وإلى ومداخلة صادق جلال العظم في نقد النرجسية الدينية. أذكر سوسن بأن طلبة الأزهر يدرسون في بداية الألفية الثالثة أن" الزوج لا يلزمه كفن امرأته لأن الكسوة وجبت عليه بالزوجية والتمكن من الاستمتاع وقد انقطع ذلك بالموت" و " لا يلزم الزوج لزوجته دواء وأجرة طبيب إذا ما مرضت لأن ذلك ليس من حاجاتها الضرورية المعتادة"، فهل تعتبر سوسن الأبطح نقد هذا التعليم اللا إنساني إثارة للفتنة ، وهل تعتبر أن نقد تدريس التلميذ السعودي "أن الإسلام هو الدين الوحيد الصحيح وأن جميع الأديان الأخرى باطلة" هو إثارة للفتنة متناسية أن شيوخاً وهابيين فضلاء انتقدوا هذا التعليم بالذات وطالبوا بتغييره على مسمع من ولي العهد سمو الأمير عبد الله ، وهل تعتبر سوسن أن تدريس التلميذ السعودي "أن من ذهب ليتعلم أو يتطبب في الغرب عليه أن يضمر لهم العداء" هو دعوة إلى السلام العالمي وعدم إثارة للفتنة؟ وأخيراً قالت عزيزتنا سوسن الأبطح _ والتي تناولت معها الفطور ذات صباح في أحد أيام المؤتمر _ في نقدها للمؤتمر:" صادف أن جلست إلى جانبي كاتبة معروفة ، فإذا بها بعد ربع ساعة من إنصاتها لإحدى المداخلات تهمس في أذني متعجبة ومتسائلة "عما يتحدث هذا الرجل، إني لا أفهم شيئاً؟" وكان على سوسن بدلاً من الاستشهاد بكلام هذه السيدة أن ترد عليها بما رد به أبو تمام على أحد البسطاء الذي قال له ذات يوم:" يا أبا تمام لماذا تقول ما لا ‘يفهم؟" فرد عليه أبو تمام" ولماذا لا تفهم ما ‘يقال؟" لكن سوسن الأبطح لم تذكر الخطاء الفكرية والتنظيمية معاً في المؤتمر، مثل عدم توزيع المداخلات على جميع أعضاء المؤتمر وعلى الصحفيين المدعوين لتمكينهم من الاطلاع عليها إما بالتدخل وإما بالكتابة الصحفية، ولو فعل منظموا المؤتمر ذلك لجعلوا المؤتمر أكثر حيوية وأطروحاته أكثر انتشاراً ولربما غيرت وجه مقالها لو أنها تمكنت من قراءة هادئة لمعظم التدخلات العميقة التي ‘قرأت في المؤتمر والتي تمثل بحق إسهامات جادة في إثراء الحداثة العربية. [email protected]
#أشرف_عبد_القادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زعيم ثورة الفاتح والفتح الجديد
-
شافعي مصر المستشار محمد سعيد العشماوي مرشح للاغتيال
-
نداء عاجل للرئيس مبارك لحماية المستشار محمد سعيد العشماوي ال
...
-
أسباب عدم قيام حوار عربي – عربي ناجح
-
المرأة لعبة المتأسلمين
-
الحجاب وحجب العقل
-
الحجاب والإسترينج
-
هل تكره فرنسا الإسلام والمسلمين؟!
-
مشكلة المتأسلمين مع شيخ الأزهر ليست في الحجاب بل في تصفية ال
...
-
رداً على واصف منصور: الأمية ليست فضيلة بل رذيلة وأمة اقرأ لا
...
-
د. سيد القمني في حديث غني - إصلاح الإسلام فرض وواجب حتى لا ن
...
-
نداء إلى نساء العراق لا قهر ولا وصاية للمرأة بعد اليوم
-
د. سعد الدين إبراهيم مثال لمثقف القرن الحادي والعشرين يجب أن
...
-
حمداً لله أن الحقد الإسلاموي الأعمى لم ينفجر في -الأحداث الم
...
-
حديث صريح جداً مع الرئيس السابق صدام حسين
-
صدق أو لا تصدق الشيخ يوسف القرضاوي يتزوج بطفلة تصغره بستين ع
...
-
حوار مع الدكتور محمد عاطف أحمد السيد طنطاوى
-
الحجاب- ما له وما عليه
-
النوم في العسل و التفكير بالوهم
-
13/12/2003 يوم سيذكره التاريخ
المزيد.....
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|