|
المؤتمر التأسيسي العراقي القادم مخاطر ومحاذير : لكيلا تستبدل المحاصصة الطائفية بمحاصصات أخرى !
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 826 - 2004 / 5 / 6 - 07:08
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
أعلنت شخصيات دينية وسياسية عراقية في مقدمتها الشيخ حارث ضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين والشيخ جواد الخالصي القيادي في الحركة الإسلامية العراقية عن موعد جديد لعقد ما سمي المؤتمر التأسيسي العراقي يوم السبت الموافق للثامن من مايس /آيار الجاري . وفي مقالات سابقة كان كاتب هذه السطور قد تطرق للظروف السياسية التي بزغت فيها فكرة المؤتمر التأسيسي العراقي المستقل والطرف السياسي الذي طرحها أي التيار الوطني الديموقراطي العراقي والأطراف والشخصيات التي وافقت عليها وتبنتها وقد تكون لنا عودة موسعة لهذه التفاصيل بإسهاب أكثر مع التوثيق الدقيق إن اقتضى الحال ذلك ، وسنكتفي اليوم بجرد عدد من المخاطر التي تتهدد المحاولة الجديدة لعقد هذا المؤتمر الذي نتمنى له النجاح على الأسس والركائز التي قامت عليها فكرته منذ البدء . إن هذا المؤتمر ستحضره عدة أطراف سياسية ودينية عراقية معارضة أو تدعي علنا أنها معارضة للاحتلال وداعية لمقاومته ، وقد طرحت قبل عدة أشهر وثيقة سياسية باسمه أثارت جدلا واسعا وسجلنا عليها تحفظات كثيرة جدا جعلتها في حكم النافلة . ويبدو أن عجلة النشاط والحركة قد دارت دورتها بهذا الشكل أو ذاك ، وتحت ضغط هذا العامل أو ذاك وبعد جولة سياسية قام بها وفد من أعضاء اللجنة لدولتين عربيتين أو ثلاث حتى وصل المنظمون في اللجنة التحضيرية إلى تقرير عقد المؤتمر في التاريخ المذكور . وحرصا على مصير المحاولة الجديدة وعلى الفكرة الأصلية التي قامت عليها ،ودفعا لأي التباس أو سوء فهم أو تضليل مقصود أو غير مقصود ، فسوف أطرح مجموعة من الملاحظات المعبرة عن وجهة نظري الشخصية والتي لا تمثل بالضرورة الموقف الرسمي لأصدقائي في التيار الوطني الديموقراطي الذي أتشرف بالتعاون معهم ضمن شروط النشاط المستقل والمفتوح التي يوفرها كون هذا التيار ليس حزبا أو جمعية ذات بنية تنظيمية معهودة بل هو إطار فضفاض وامتداد جماهيري لرفض الحرب والاحتلال والحكم العميل . ومع احترامي لتوجهات الأخوة المنظمين الذين يشرفون على المحاولة الجديدة لعقد المؤتمر التأسيسي ولمعرفتي بوطنية واستقامة واستقلالية أغلبهم ولكنني ملزم أمام ضميري بإعلان مخاوفي هذه حرصا على القضية الوطنية والحركة المقاومة للاحتلال .وسأبدأ بتقديم مقاربة مختصرة للظرف السياسي العام الذي تأتي في كنفه المحاولة الجديدة التي يقوم بها الأخوة المنظمون : تأتي المحاولة الجديدة بعد الانتفاضة الصدرية الشعبية العارمة التي تتوالى فصولا حتى اللحظة ، وبعد صمود المقاومة الباسلة في مدينة الفلوجة وانتصارها المبين على أعتى قوة عسكرية على وجه الأرض على الرغم كل محاولات التآمر والتخريب والتسلل التي قام بها العدو المعلن وحلفائه في الأحزاب العميلة بل وحتى من بعض الأحزاب التي كانت تدعي الحرص على المقاومة . إذن ، فقد صمدت الفلوجة وانتصرت وخرجت من الصراع مخضبة بالدماء والدموع والآمال وهي تنتظر قيام الرديف السياسي الوطني على المستوى العراقي والذي شكل غيابه نقطة الضعف الكبرى في الحركة الوطنية الاستقلالية العراقية منذ سقوط بغداد فهل سيشكل المؤتمر التأسيسي ذلك الرديف السياسي الوطني الديموقراطي الرافض للطائفية والاحتلال والعنصرية ؟ ذلك ما نتمناه ، ولكن (ليس كل ما يتمناه المرء يدركه تجري الرياح كما لا تشتهي السفن ) ! فالواقع هو أن الخطر الحقيقي الذي يحدق اليوم بالمحاولة الجديدة يأتي من أن بعض الأطراف والشخصيات السياسية ذات الميول الطائفية ( السنية تحديدا ) والتي كان بعضها من المقربين لنظام الطاغية صدام أو الصامتين على جرائمه بحق الشعب العراقي ستحاول عبر انعقاد المؤتمر التأسيسي تكريس نفسها كمرجعية سياسية طائفية تُجَيِّر وتستثمر تضحيات المقاومة وتضحياتها في الفلوجة لتطرح نفسها - من ثم - قطبا ينطق باسم (العرب السنة العراقيين ) في مواجهة القطب الطائفي المقابل الذي يمثل ( العرب الشيعة العراقيين ) والذين ربما ستجري محاولة لتكريسهم قطبا طائفيا إذا نجح المحاولون في استدراج قيادة التيار الصدري إلى هذا الكمين القاتل . إن هذه المحاولة لبناء قطب طائفي سياسي يستقوي بـ ، ويستغل دماء المقاومين في الفلوجة -إذا ما نجحت - ستكون طامة كبرى على العراق والحركة الوطنية المعادية للاحتلال ، وسوف تكرس المحاصصة الطائفية التي نادينا برفضها رفضا قاطعا حين أطلقنا فكرة المؤتمر التأسيسي العراقي المستقل وقد تستبدلها بمحاصصات أخرى أوسخ منها كثيرا . ومما يدفع باتجاه الشك في وجود تحرك طائفي كهذا هي كما قلنا قبل قليل محاولة تلميع وتكريس زعامة إحدى الشخصيات المعروفة بميولها الطائفية وحساسيتها من العرب الشيعة وعدائها لليسار العراقي الذي هو - بالمناسبة -صاحب فكرة المؤتمر التأسيسي ، وعدائها للتيار القومي الناصري أيضا ( سوف نعود إلى تفاصيل هذا الموضوع بالأسماء والوقائع والتواريخ قريبا ) وهي شخصية معروفة أيضا بعلاقاتها الوطيدة جدا بالمملكة السعودية وبفكرها السلفي شديد التعصب والمحافظة . ويبدو أن هذا الشخص ومن معه قد نجح في مسعاه لتكريس زعامته عبر استغلال علاقاته بشخصيات " شيعية " لها خلافات وحساسيات قديمة وتاريخية مع المرجعية الشيعية النجفية ولها علاقات وثيقة بالنظام البعثي الشمولي في سوريا . ومن المحاذير الأخرى التي تتربص باجتماع يوم السبت القادم هو الإقدام على تلميع وتنظيف صورة بعض الدمى السياسية التي تعاونت مع نظام صدام حسين حتى لحظة سقوطه وراهنت على ديموقراطية عزة الدوري وطبلت لها وأعني مجموعة " التحالف الوطني " . لقد حاول المنظمون ترك عناصر هذه المجموعة وعناصر أخرى كانت في صلب أجهزة القمع الصدامية في خلفية المشهد في الفترة الماضية لمعرفتهم بأن هؤلاء الناس ممقوتون جماهيريا وأوراقهم السياسية احترقت منذ زمن بعيد ، ورغم نصائح بعض المخلصين وخصوصا من التيار الناصري ، ولكن يبدو أن تلك العناصر سيتم تلميعها وتقديمها إلى صدارة المشهد لتتقاسم المنصة مع أولئك الذين "يصرخون " بأنهم ضد المحاصصة الطائفية ولكنهم يهمسون ببضعهم البعض لإتمام صفقة محاصصة فئوية ومشايخية ذات أصول طائفية لا تنكر ،وهذا إنْ حدث سيجعل المؤتمر التأسيس معلقا في الهواء كثريا من الزجاج الرخيص الأمر الذي لا يتمناه وطني مخلص معاد حقا للاحتلال وللطائفية .
لقد قامت فكرة عقد لمؤتمر التأسيسي على ركائز سياسية معلنة وهي رفض الاحتلال والاستقلال التام عنه ورفض المحاصصة الطائفية والعرقية والتوصل إلى تشكيل مؤتمر تأسيسي على أساس الانتماء للعراق وعبر آلية التوافق الوطني لكل مكونات المجتمع العراقي كمقدمة لانتخابات عامة حرة ونزيهة . أما إذا تمخض المؤتمر المزمع عقده يوم السبت القادم عن شكل من أشكال الجبهات أو التحالفات الوطنية فهو سينجح فقط في إضافة اسم دكان سياسي جديد هو "المؤتمر التأسيسي " وهذا أمر لا علاقة له بتاتا بفكرة المؤتمر التأسيسي العراقي المستقل كما طرحها التيار الوطني الديموقراطي العراقي أي بوصفها آلية دستورية ديموقراطية مناقضة في الصميم للمشروع الاحتلالي هدفها بناء بديل ديموقراطي حقيقي لسلطة الاحتلال أو لأية سلطة عميلة له سيتم تلفيقها . وبين أن تنجح محاولة عقد المؤتمر التأسيسي القادمة في فتح دكان جديد للعطارة السياسية حيث ( لا يصلح العطار ما أفسده الدهر ) وبين أن تفشل المحاولة الراهنة ويعود الطائفيون والمتاجرون بتضحيات المقاومة إلى تكاياهم ومقرات أحزابهم خائبين ، بين هذين الخيارين سيكون من الخير للعراق وللمقاومة وللحركة الوطنية الاستقلالية أن تفشل هذه المحاولة ليشرع الوطنيون الحقيقيون بالإعداد لمحاولة أكثر شفافية وديموقراطية وشمولية تصغي لشعبها المعذب والمضحي وتراهن عليه لا على نظام الحكم الشمولي في هذه الدولة المجاورة أو تلك .
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صدام في محكمة آل الجلبي تحت العلم الأزرق ؟
-
عَلم ودستور ومجلس حكمهم ... كل ٌّ عن المعنى الصحيح محرَّف
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الرابع والأربعون : الفعل المض
...
-
توثيقات بخصوص صهيونية سالم الجلبي .. و ردود أخرى !
-
هل ينقذ الناخبُ اليهوديُّ بوشَ الابنَ من المصير العراقي لأبي
...
-
عملاء الاحتلال يعاقبون شرطة البصرة وشعبها .. لماذا ؟
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الثالث والأربعون : الحال
-
باي باي مجلس الحكم ..مرحبا تكنوقراط !
-
التضامن الوطني أقوى من الهلوسات الطائفية !
-
من أجل تحقيق دولي في المجازر الأمريكية في الفلوجة والعراق كك
...
-
اليوم السابع للانتفاضة والغضب العراقي يعطي ثماره !
-
المبسط في النحو والإملاء : الدرس الثاني والأربعون : اسم إن و
...
-
اغتيالات ومختطفون ومذابح - غير قانونية - !
-
حقائق ومشاهدات من اليوم الخامس للانتفاضة العراقية
-
نحو تحالف سياسي يتقدم بالانتفاضة والمقاومة نحو النصر
-
الانتفاضة تتسع وبرنامجها يتقدم والاحتلال يترنح !
-
انتفاضة الصدريين أرعبت الاحتلال وعملاءه ، فهل هي بداية الثور
...
-
الإيرانيون يجرون عمليات جراحية لأنوفهم لكي لا يشبهوا العرب !
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الأربعون :المنصوب على التحذير
-
إعلان هام حول حملة جمع التواقيع ضد قانون إدارة الدولة الانتق
...
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|