|
الخلافة حقيقية وليس خيال يداعب الأحلام ...!!
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 2706 - 2009 / 7 / 13 - 03:25
المحور:
القضية الفلسطينية
هذا عنوان مقاله لعضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين علاء أبو صالح،مبشرا ومسهباً فيها بالشرح والسرد غير المعلل علمياً،بأن عودة الخلافة باتت قاب قوسين أو أدنى،وأن الجماهير العربية من محيطها إلى خليجها تلتف حول دولة الخلافة،وهي أضحت مطلب رسمي وشعبي،ولم يتبقى سوى رفع رايات الخلافة وإقامة الأعراس والاحتفالات بهذه العودة المظفرة. فهو يقول في هذا السياق والإطار" أن هذه الخلافة ستكون راشدة على منهاج النبوة من جديد ومع ازدياد عدد المطالبين بعودتها من المسلمين بل لا أبالغ إن قلت أن الأمة باتت تجمع على التعلق بدعوة الخلافة ...الخ" المأساة هنا ليس في أن تروج لما تحمله من أراء وأفكار وتحاول أن تستقطب لها أنصار وأتباع،بل في كون هذه الأفكار متوائمة مع هذا الواقع أم لا؟،وكذلك كيفية فهم هذا الواقع ومن ثم خلق المفاهيم والأفكار القادرة على تغير هذا الواقع،وفي معرض تحليلنا لما يبشر به حزب التحرير من عودة للخلافة وكونها راشدة أو رشيدية أو خلاف ذلك،يجب علينا أن نستقرى حال ووضع الأمة،والذي يجمع الكثيرين أن هذا الوضع على درجة عالية من السوء والانحطاط،بل وهناك أزمة شاملة تعيشها الأمة،هذه الأزمة أخرجتها من إطار الفعل،وأغرقتها في حالة من الشرذمة والانقسام والتبعية،ووضعها ليس كما يقول الحديث الشريف تفرقت أمتي على ثلاثة وسبعين ملة وواحدة هي الناجية،بل أن التشطير والتذرير أوصل الأمة الى درجة انقسام ليس العشيرة الواحدة على ذاتها،بل وحتى الأسرة الواحدة،ولا أدري ان كان حزب التحرير يقراً هذا الواقع،وان كان مثل هذا القول والتحليل له علاقة بالظروف الذاتية والموضوعية التي تعيشها الأمة وتحيط بها؟،فالمعطيات والحقائق على الأرض تقول أيضاً أن مثل هذا التحليل،هو ضرب من الأماني والتخيلات،وهو متصادم ومتضاد مع الواقع،الذي يقول بأن امة أو شعب يسعى لاسترداد حقوقه والتحرر أو تغير واقعه،فأول ما يقوم به هو العمل والنضال من أجل تغير هذا الواقع،لا الجلوس والقعود حتى تقود جحافل حزب التحرير من جنود وضباط انقلاباً في إحدى الدول العربية أو الإسلامية،وتقيم فيها الخلافة،وبعدها يأتينا الخليفة فاتحاً وموحداً،وأيضاً ما يشهده العالم من تطورات وتغيرات على صعيد الثورة المعلوماتية والتكنولوجية،وكذلك على صعيد التطورات الاجتماعية والاقتصادية،تلك التطورات والمتغيرات التي لا يتعدى دور الأمة التي يتحدث عنها حزب التحرير سوى المتلقي والمستهلك والتابع،مما يجعل العودة الى الخلافة تحليق في الخيال والأحلام وانفصال وقفز على الواقع،وقراءة غير واقعية تجعل من يطرحها يعيش حالة اغتراب عن الواقع،وأي فكرة أو رأي أو نظرية بحاجة الى سند في الواقع،أي نحن نريد تحليلاً ملموساً لواقع ملموس،فمسألة الشعارات والعواطف واللعب على وتر الدين والتدين وغيرها لن تأتي لا بالخليفة ولا بالخلافة ....الخ. ونحن نريد قراءة التاريخ بموضوعية وبعيداً عن التعصب ولغة التكفير والتخوين والردة وغيرها،والتي عادة ما يلجا إليها الكثير من المشايخ في تحريضهم الناس البسطاء على المثقفين والكتاب والأدباء ورجال الفكر الذين يتعارضون معهم في الرأي أو المبدأ أو الاجتهاد،فهناك العشرات من خيرة قادة الرأي والفكر العربي والإسلامي دفعوا حياتهم ثمناً لهذا التحريض. وبالعودة للخلافة التي يبشر بها حزب التحرير وتعلق أغلب الناس بها،وكونها الحل الخلاق والأمثل لكل معانيات وهموم ومشاكل الأمة،بكل تجلياتها ومستوياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والدنيوية،فعلينا أن نضع الحقائق في إطارها الصحيح. فالخلافة الإسلامية حملت في تاريخها وسياقاتها وفي السمة العامة والأبرز،التناحر والخلافات بل والمؤامرات،ولم يأخذ الصراع بين الخلفاء أي صفة تسامح أو لغة حضارية،فالجميع يعرف الخلاف الذي دب بين المسلمين من بعد وفاة الرسول على الخلافة،وما شهدته سقيفة بني ساعدة من خلاف حاد بين المهاجرين"القرشين" والأنصار حول ذلك،والتي حسمها الخليفة عمر بن الخطاب،بأن الخلافة حق للقرشيين،ومن بعد أبو بكر لم تخرج الخلافة عن الخط القرشي،وحكم تعين الخليفة ليس معاير المصلحة العامة للمسلمين والكفاءة والخبرة والتجربة،بل اعتبارات عشائرية واقتصادية وعائلية،فأغلب الخلفاء كان هناك علاقات نسب ومصاهرة وقربى،ولم يشذ عن هذه القاعدة واحد من الخلفاء،والصراع على السلطة والخلافة نلمسه بشكل واضح من بعد وفاة أبو بكر،حيث ثلاثة من الخلفاء الراشدين قتلوا قتلاً أو غدراً،وغيرهم العشرات من خلفاء بني أمية والعباس،بل أن الحروب الأهلية طالت من هم مبشرين في الجنة،ولعل الجميع يعرف الحروب التي خاضها الأمام علي بن أبي طالب مع الخارجين عليه ومع آل البيت حيث اقتتل على الخلافة مع أقرب المقربين اليه،ألا وهي أم المؤمنين عائشة أحب زوجات الرسول في واقعة الجمل،ومن ثم مع معاوية بن أبي سفيان في واقعة صفين،ولعل الجميع ما زال يحفظ عن ظهر قلب اقتحام الحجاج بن يوسف الثقافي للكعبة وهدمها بالمنجنيق على رأس الزبير بن عبدالله بن أسماء بنت أبي بكر والذي علقت جثته في الساحات العامة لمدة ثلاثة أيام،وتبلغ الأمور أكثر أشكالها دموية ووحشية،بقيام الخليفة أبو العباس السفاح بنبش قبور خلفاء بني أمية وإخراج جثث خلفائهم وجلدها وصلبها،وأيضاً تميز عهد العديد من الخلفاء بالمجون والفسق بكل أشكاله وتجلياته،حيث الجواري والغانيات والخمور بكل أشكالها وأنواعها،والجميع يعرف خلافات وصراعات ومؤامرات خلفاء بني أمية في الأندلس واستعانتهم بالإفرنجة على أبناء دينهم وجلدتهم،ناهيك عن تأمرهم على بعضهم البعض،والتي كانت سبباً في ضياع الأندلس والحكم الأموي لها. أما الخلافة العثمانية والتي استمرت 400 عام،فحدث ولا حرج من حيث فرضها لسياسات التتريك والتجهيل والتخلف على العرب،وتقسيم بلادهم،وإعدام العشرات من خيرة قادتهم ورموزهم الوطنية والقومية. كل هذا غيض من فيض عما حدث في عصور الخلافة،ولا أدري عن أي خلافة يتحدث حزب التحرير؟،وما هو شكل هذه الخلافة التي يريدها؟،هل هي كما كانت عليه من بعد وفاة أبو بكر والتي قضاها في حروب الردة،أم كما هي في عهد الخليفة عثمان بن أبي عفان والذي اتفق المسلمين على التخلص منه،أم كما هي في عهد علي؟ والتي قضاها في محاربة الخارجين والمتآمرين عليه،أم كما هي في عهد بني أمية ؟،أم كما هي في عهد بني العباس؟،أم كخلافة العثمانيين وما جلبوه من جهل وتخلف وانهيار وتراجع وانحطاط للأمة،أم ماذا؟. وفوق كل ذلك فالواقع والوقائع عن الأمة العربية،تحكي عن نفسها وتغني عن الشرح،فالأمة في أكثر عصورها انحطاطاً،فلا هي ذاتياً ولا موضوعياً في وضع يسمح لها في أن تقرر مصيرها،وإذا كان حزب التحرير يراهن على قيام ثلة من مغاوير وأبطال جيش حزب التحرير في الوصول إلى الحكم وإقامة الخلافة هناك،لكي تنطلق جامعة وموحدة للأمة تحت راية الخليفة،فعليه أن ينتظر ألف عام أخرى،فالأنظمة تحكم سيطرتها على الجيوش وأجهزتها الأمنية تحصي النفس على المواطنين.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التوجيهي والصنمية ...
-
اليسار الفلسطيني لا بديل عن الوحدة ...
-
التعذيب في السجون الاسرائيلية ..
-
موضة الخطابات الجامعية ...
-
مغ ارتفاع حرارة الصيف ...ترتفع حرارة المشاكل و -الطوش-..ز
-
خطاب نتنياهو خازوق لكل المعتدلين العرب...
-
سعدات في خطر ...
-
يا داره دوري فينا حتى ننسى وتضيع أراضينا ..
-
المال مقابل الدم ...
-
ترسيم الحدود بدل وقف الاستيطان ...!
-
في ذكرى الخامس من حزيران/ انتكبنا....فانتكسنا ....فانقسمنا .
...
-
من يوقف زعرنات وعربدات المستوطنين ...؟؟
-
انتخابات المجالس الطلابية في الجامعات/ دلالات معاني ....
-
لبنان:- إما ديمقراطية وفق المقاسات الأمريكية،وإما الحرب وتفج
...
-
فلسطينيوا الداخل .... تصعيد غير مسبوق
-
من وعد بوش الخماسي الى وعد أوباما الرباعي ...
-
لعبة توزيع الكراسي وتلبيس الطواقي .....
-
من منع القدس عاصمة القافة/ الى منع احياء النكبة ......
-
البابا ........المحرقة ......شاليط .....النكبة ...
-
المبادرة العربية/ تعديل مش تنازل ...!!
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|