قراءة لدور المدرسة في منظومة التربية العراقية(1)

علي ماضي

الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 09:33
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

اذا كان للانسان نظاما جنينا ينقل من خلاله صفاته الوراثية الى الاجيال المقبلة فان النظام التربوي بمثابة المنظومة الجينية التي ينقل من خلالها المجتمع الإنساني قيمه وعادته وصفاته ، واذا استطاع الإنسان في العصر الحديث ان يفكك الخارطة الجينية ،ليصبح اكثر فهما للكيفية التي تنتج الجينات صفاتا وراثية من خلال تفاعلها مع البيئة ، فان الانسان ومنذ غابر العصور حاول جاهدا ان يفهم الالية (المنظومة التربوية) التي من خلالها حافظ المجتمع الانساني على بقاءه وأدام وجوده ،وانتج ما انتج من قيم حضارية .
هناك اجماع شبه كامل الى ان التخلف العربي يعزى الى منظومته التربوية التي تهدف إلى الحفاظ وليس الى التغير ، هذا التشوه واعني به التخلف لان الحركة الطبيعية للأشياء هي التقدم والتطور ، يشابه عندي التشوهات الجينية التي تبرز في مواليد الاسر المنغلقة التي ترفض الزواج من الأجانب ، لان كلاهما يخالفان سنّة اساسية وجوهرية من سنن الحياة التي اودعها الله في الوجود الا وهي التغير،لذا صارا لزاما علينا ان نفهم منظومتنا التربوية ،لنقف على مواطن الخلل فيها ،في هذه الورقة سنحاول ان نسلط في الضوء على مفهوم التربية ، و دور المدرسة على اعتبار أنها ركن مهم من أركان العملية التربوية ، .
مفهوم التربية.
1.لغة
أ.ربا – يربو بمعنى نما ينمو.
ب. ربى – يربي يمعنى نشأ وترعرع.
ج. رب – بمعنى أصلحه وتولى أمره.
2. اصطلاحا.
تعددت وجهات النظر حول مفهوم التربية بتعدد الباحثين كل حسب الجانب او الزاوية التي ينظر من خلالها للتربية ، وفي النتيجة النهائية فهناك ثلاث جوانب تدور مفاهيم التربية حولها :
أ. جانب نفسي يتعلق بتنمية بغرائز الطفل وتنمية إمكانياته العقلية ،ومن هذه المفاهيم:
ليتر(litter) يرى ان التربية العمل الذي تقوم به لتنشاة شاب او طفل او انها مجموعة من العادات الفكرية او اليديوية التي تكتسب ومجموعة من الصفات الخلقية التي تنمو.
اما هيربارت(herbet) فيرى ان التربية علم غايته تكوين الفرد من اجل ذاته من خلال ايقاظ ميلوه الكثيرة.
ب. جانب اجتماعي :ويتعلق بعلاقة المجتمع والفرد
ومن أشهر التعاريف ما جاء به دوركهايم(o.durkhwim)حيث عرف التربية على أنها العملية التي تمارسها الاجيال الراشدة على الأجيال التي لم تنضج بعد النضج اللازم للحياة.
جون ديوي(john Dewey) حيث يرى أن التربية هي مجموعة العمليات التي يستطيع من خلالها مجتمع او زمرة اجتماعية صغرت او كبرت ان تنقل سلطاتها أو أهدافها المكتسبة بغية تامين وجودها ، ونقل تراثها.
الملاحظ ان المفهوم النفسي للتربية بمفرده شكلي وصوري يمنحنا انطباعا وكان التربية تتعلق بتنمية قابليات الفرد وغرائزه ، في حين ان المفهوم الاجتماعي يمنحنا تصورا ان التربية تنويم إيحائي يمارسه المجتمع على الفرد من اجل ديمومة المجتمع وبقاءه ، ومن هنا يتضح ان مفهوم التربية يتكامل من خلال مراعاة الجانبين النفسي ،والاجتماعي ،ليصبح الغرض منها إعداد أفراد من خلال تنمية قابلياتهم العقلية والبدنية ، لتكون لهم القدرة على التفاعل بوعي تام مع مورثوهم الحضاري بشكل يؤهلهم للمقارنة ، والتمحيص وبالتالي إنتاج قيم حضارية جديدة(التغير) وليس نقل قيم الأسلاف والحفاظ عليها .

ج. اتجاه انساني: ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن الإنسان ليس جانب فردي او اجتماعي وانما هناك جانب انساني ،ومن اشهر رواده (o. repoul) الذي يرى ان التربية هي العملية التي تسمح للكائن الحي لتنمية قدراته الجسمية والعقلية وكذلك عواطفه الاجتماعية والجمالية والأخلاقية بهدف تحقيق مهمته كانسان.
مشكلة المنظومة التربوية العربية عموما والعراقية تحديدا انها تتبنى الجانب الاجتماعي في مفهومها للتربية فهي تسعى جاهدة إلى خلق افراد وظيفتهم نقل الموروث الحضاري والحفاظ عليه ،وهذه الفلسفة ناتجة من الاعتقاد ان ما لديهم هي قمة ما وصل اليه التطور والرقي الحضاري ،لذلك فان أي إصلاح للمنظومة التربوية ما لم ينطلق من تغير هذا الاعتقاد ، سيكون غير ذا جدوى ، او سيكون اصلاحا طويل الامد يعتمد على عوامل التعرية الحضارية ، واقصد بها التغير التدريجي التلقائي الغير مخطط له .

#علي_ماضي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات