ايليا ارومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 09:32
المحور:
سيرة ذاتية
لقد اختلف الناس كثيراً حول شخصية الدكتور جون قرنق ديميبور أتيم في اوقات مختلفة .. كما اختلف معه اقرب الاقربين اليه من قادة اركانه ... فقد تركه البعض من الرفاق ليتحالفوا مع خصومه الي الابد .. كما تركه أخرين حيناً من الدهر و لكنهم عادوا اليه بعد حين .. و ليس ببعيد عن المتابع للحركة الشعبية لتحرير السودان و قائدها الدكتور جون قرنق كثرة الا ختلافات بل و الانشقاقات التي لازمت حركته منذ بزوغ فجرها الباكر.. و من اشهرها اختلافه مع القائد كاربينو كوانين الذي يعد من أبرز المؤسسين للحركة الشعبية علي الاطلاق .. فكاربينو هو القائد الاول الذي قاد الحركة اولاً في توريت .. و حتي لا نذهب بعيداً فاحدث الاختلافات في مشوار الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق هي الاختلاف الاخير الذي حدث اثناء المفاوضات التي قادها اولاً القائد سلفا كير ميارديت ... و من ثم امسك الزعيم جون قرنق بنفسه ملف تلك المفاوضات ... و الاختلاف الاخير بينه و نائبه سلفاكير ميارديت و قبيل توقيع اتفاق نيفاشا.. و هو الاختلاف الاخطر في عمر الحركة المناضلة من حيث التوقيت و الفرصة التي كان ينتظرها الخصوم بفارق الصبر .. كان المناويين للحركة الشعبية يقومون بتسريبها و نقلها اولاً بأول و من وقت لاخر لشق صف الحركة الشعبية من اعلي قمة هرمها و من ثم اضعاف موقفها علي طاولة المفاوضات .. و تلك كانت هي الاختلافات التي تمناها خصوم الحركة الشعبية لتحرير السودان و بنوا عليها استراتيجياتهم في التفاوض و الحوار و كسب الادوار ورفع الاسهم .. و هي الاسترانيجية القائمة علي تحقيق الانتصار المبدئي علي الحركة بأختراق صوفها الداخلية و من ثم تفكيكها و هدم بنيانها و دك حصونها المنيعة من خلال هز و قوائمها و خلخلة اعمدتها الصلبة الثابتة ..
الرجل جون قرنق الذي اختلف معه الموالين هو نفسه الرجل الذي تحالف معه ألد الاعداء و أشرس الخصوم علي الاطلاق من حيث الطرح النظري و الفكري الايدلوجي و الديني .. و الا فما هو التفسير المنطقي لتوقيعه لمذكرة التفاهم مع الشيخ الدكتور حسن عبدالله الترابي ... و الترابي معروف بانه عراب ثورة الانقاذ الوطني و هو صاحب مشروع البرنامج الاسلامي الحضاري في السودان ... والبرنامج او النظام الحضاري هو البرنامج الذي كان يستهدف بالدرجة الاولي مشروع السودان الجديد الذي يتبناه الحركة الشعبية و ينادي بها قائدها الدكتور جون قرنق .. لقد قام الشيخ الترابي من خلال المشروع الحضاري بتجنيد و عسكرة كل الشعب السوداني حتي المسيحين منهم .. و شكل منهم ألوية الجهاد المقاتلة لمحاربة الحركة الشعبية لتحرير السودان و تحقيق النصر للاسلام و المسلمين و الانقضاض علي المسيحية و المسيحين ولو بالمسيحين انفسهم .. عمل الترابي و جماعته علي ابراز و اظهار الحرب في السودان علي انها حرب دينية بين المسلمين و المسيحين او بالاحري بين أهل القبلة و الكفار مدغدغاً بذلك العواطف الدينية لتدعيم مشروعه الحضاري و تحقيق مأربه الشخصية في السلطة .. و بالرغم من قناعة السودانين جميعاً بأن الحرب السودانية لم تكن في يوم من الايام بحرب دينية او عرقية و قبليه اوحرب مذهبي و طائفي .. بالرغم من علم الجميع بان الحرب في السودان هو حرب علي الظلم و الاستعلاء الطبقي و سيادة المركز علي الاطراف السودانية الاخري و تسلط جهات بعينها علي كل شي في السودان دون سواهم ...
اخرين كثيرين كانوا مع الرجل جون قرنق و اختلفوا معه لدرجة الخصومة و الافتراق و من ثم انقلبوا عليه حرباً و اقتتالاً مقوين صفوف خصومه و اعدائه .. و لكن غالبيتهم أدركوا في نهاية مطافهم بأنهم كانوا في عجلة من أمرهم تيقنوا من خطأ قرارهم فعادوا اليه بعد ان تأكدوا من النهايات الحزينة التي انتهوا اليها مع الاعداء بأنفسهم .. و كل من تفاوضوا معه احترموه و اشادوا به و قدروا اطروحاته و قضاياه و مطالبه الشرعية التي ظل يحارب لاجلها و يقاتل .. و قد اشاد به السيد الرئيس / عمر حسن احمد البشير عندما التقي به في يوغندا .. كما اشاد به الاستاذ علي عثمان محمد طه بعد ان جلس اليه لايام امتدت الي الشهور .. و قد اثمر التقارب بين الرجلين ليس فقط بأتفاق نيفاشا بل توطدت الي صداقات و علاقات اسرية حميمة .. و كل من جلس اليه في يوم من الايام اقتنع به و اراده شريكاً قوياً لبرنامجه .. و قد سبقهم في ذلك جميعا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي و مرشد الطائفة الختمية .. و البعض لم يزل يتذكر اتفاقية اديس ابابا للسلام الذي وقعه قرنق و الميرغني في العام 1988م .. و قد و قف الشعب السوداني كله مع هذا الاتفاق عندما رفضه الجبهة الاسلامية بقيادة الترابي الامين العام للجبهة الاسلامية القومية وقتها ... بينما استخف بها و احتقرها صهره السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء في الديمقراطية الثالثة و الاخيرة في السودان ...
و قد رأينا جميعنا و بأم أعيننا كيف كانت أمال الشعب السوداني معلقة بهذا الرجل عندما تقاطروا و تسابقوا الي استقباله في الساحة الخضراء في قلب الخرطوم عاصمة السودان ...
فذكري مجي و حضور الزعيم جون قرنق الي الخرطوم و الاستقبال التاريخي الذي استقبل به سيظل ذكري خالدة في صلب التاريخ .. كما ان القائد جون قرنق سيبقي مخلداً مع الكبار في التاريخ أؤلئك الذين صنعوا و كتبوا لبناء الامم ..
و ستيبقي أمال و حلم السودانين بالسودان الجديد سطراً من سطور الرجل التي سطرها بفكره و رواها و فداءها بروحه .. !!
#ايليا_ارومي_كوكو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟