أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد الحداد - مروة و التمييز العنصري















المزيد.....

مروة و التمييز العنصري


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 09:32
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


أكثرنا سمع وتألم لحادث قتل السيدة مروة الشربيني في مدينة دريسدن الألمانية ، وبقدر ما تناقلت أكثر وكالات الأنباء هذا الخبر ، بقدره خرجت مظاهرات هنا وهناك مطالبة بإيقاع أقصى العقوبة بالجاني ، ولكن خرجت كذلك بعض الأصوات التي حملت الضحية سبب القتل ، وهذا ما يذكرني بحوادث التحرش الجنسي التي أكثر ما يحملون النساء مسؤوليتها ويترك السبب الرئيسي لها والمتعلق بالمتحرش نفسه ، نرى الحالة نفسها هنا مع مروة ، فهناك من يحملها المسؤولية .
فهل كانت مسؤولية مروة أنها ذهبت للمحكمة للدفاع عن حقها ولتعيد بعض كرامتها ، وهل علينا إذن أن نحمل كل صاحب حق مسؤولية الجرائم التي تقع ضده ، فالشعب العراقي وأهالي حلبجة ، بل كل من توارت جثته في المقابر الجماعية ، مسؤول لأن صدام الديكتاتور قام بحكمهم بالحديد والنار ، ومن خرج عليه أرداه قتيلا وكلف الحفارات بدفنه جمعا مع أمه وزوجته وابنه بقبر واحد كبير ، وشعب مصر مسؤول لأنه ترك حسني مبارك يُسكنه في المقابر .
فلا يجب محاسبة صدام ولا حسني ، بل محاسبة الشعبين العراقي والمصري ، أي منطق هذا !!
أَ وَ نحاسب الضحية على فعل جلادها ؟! أَ وَ نحاسب الخراف على فعل الذئب ؟!
قد تكون مروة أخطأت بأنها لم تحتط كفاية ، وقد يكون زوجها أخطأ بأنه لم يدافع عن زوجته وتركها تأخذ الكم الأكبر من الطعنات ، ولكن من أخطأ حقا هو ذلك المجرم العنصري الذي لم يحترم حتى أرض بلده ألمانيا وهيئتها القضائية بحيث قام بجريمته داخل ساحة القضاء .
قد يقول قائل بأنه وجب وجود حراسة داخل المحاكم ، ولكن عموما لا نجد أي حراسة في أي محكمة داخل أوربا إلا ما ندر ، إلا أن تكون المحكمة تنظر بقضية مجرم خطر ، فعامة لا حراسة داخل المحاكم ، بل وحتى خارجها .
ما قد يؤخذ على مروة وزوجها أنهم عاشوا في ألمانيا منذ عام 2003 ، وهذا يعني فترة طويلة تسمح لهما معرفة الشعب الألماني ، خصوصا وهم يعيشون بأقصى الشرق الألماني الذي كان يوما يمثل ألمانيا الديمقراطية ، الدولة الشيوعية السابقة ، وأكثر شعبها اليوم من العاطلين عن العمل ، والحاصلين على الدعم الحكومي بالمعيشة والسكن ، بالأخص لمن ولدوا قبل دمج الألمانيتين ، وذلك لأن ألمانيا الغربية سابقا لا تعترف بشهادات الشرقيين ، وإن اعترفت بها ، فإنهم يلاقون صعوبة بالغة بإيجاد عمل لائق لهم ، وأكثر ما متوفر لهم هو أما بالتنظيف أو سياقه الحافلات أو ما شابه من أعمال ، فكيف والجاني من أصول روسية .
كذا ما يؤخذ على مروة وزوجها عدم معرفتهم بمقدار العنصرية العالية في الشرق الألماني ، أذكر أني يوما كنت بمدينة روستوك الألمانية ، وفي حينها سافرت إلى برلين ومنها إلى فرانكفورت ، ورأيت وقتها مدى الفرق بين الشرق الألماني وغربه ، بكل شيء ، من التعامل بالشارع ، إلى نظرة الناس لكل من يحمل سحنة شرق أوسطية أو أجنبية ، بل كثيراً ما نسمع عبارات غير مؤدبة ممن يكونون داخل سياراتهم ويتجاوزوننا بسرعة ونحن راجلون ، بل منهم من حاول دهسنا ، فسؤالي هو : أَ وَ لم تتعرض مروة و زوجها لمثل هذه الأمور طوال تلك السنوات الستة حتى جاء موقف هذا المجرم العنصري ، أم تعرضوا لبعض العنصرية بحيث جعل مروة تقرر بداخلها أنها يجب عليها أخذ موقف التحدي هذه المرة ، أذكر جيدا ولحد اللحظة كيف كانت حركات بعض الفتية في الشرق الألماني ، بل الأدهى ما فعلت بعض الفتيات المراهقات الألمانيات من حركات عنصرية .
طبعا كلامي أعلاه لا أرجوا منه تحميل مروة ذنب الجريمة ، ولكن كان الأجدر بها وهي المرأة المتعلمة أن تعرف في أي مجتمع تعيش ، وأن تحاول أن تجنب نفسها تطور الأمور لحد فقدانها لحياتها .
ولكن كل هذا لا يبرر الفعل ألجرمي العنصري للقاتل ، كذا فأنه لا يبرر الفعل السياسي لليمين الألماني ، بل وتصعيد الأحزاب اليمينية داخل أكثر دول أوربا من الخطاب المضاد لكل ما هو أجنبي ، حيث أن ركض الأحزاب اليمينية لكسب أكبر عدد ممكن من الأصوات ، خاصة داخل الفئة العاطلة أو غير المتعلمة ، أو التي تلاقي مصاعب حياتية ومعيشية ، أدى بهذه الأحزاب لتحميل الأجانب كل مشاكل هذه الفئات ، وهذا ما أدى لتصاعد الفعل العنصري بالشوارع ، فلا يجد الأجنبي حتى وإن عاش عشرات السنوات داخل البلد ، أوحتى وإن حمل جنسية ذلك البلد ، لن يجد الأمان بالتنقل داخل بعض الشوارع والأزقة ، خصوصا عند الظلام .
ما كان إيجابيا من نتائج هذه الجريمة هو التركيز العالي على موضوعة العنصرية المستشرية داخل كثير من بلدان أوربا ، والتي يتفادى السياسيون التحدث عنها ، فأجبرت هذه الجريمة أن يراجع الكثيرون مواقفهم ، وأملي أن تكون هناك خطوات عملية لتغيير الخطاب الكاره لكل ما هو أجنبي ، وأن يكون هناك تقبل للآخر .
كذا هناك فعل إيجابي آخر ، وهو تضامن جمعيات مسلمة ويهودية ، لإحساسهم بأنهم المقصودين بهذه الأفعال العنصرية .
ولكن هناك بعض السلبيات ، حيث نجد من ينادي بالثأر ، أو من يأخذ الأمر بطريقة أن نفعل كما فعلوا ، وطبعا هكذا خطاب يأخذ بالفعل ورد الفعل لن يجدي نفعا ، ولن يضع حلا للعنصرية ، ولكنه يجابه العنصرية بعنصرية مثلها ، والنتيجة تكون تأزم أكثر ، وتقوقع أكثر ، بل ونشوء مشاكل جديدة بين الغرب والشرق ، أو دول الشمال والجنوب .
كذا هناك من ينادي بالقصاص ، وهو يعني الإعدام ، وهو دليل على عدم معرفة مستشري داخل هذه الطبقة ، حيث أنها لا تقرأ ، أو لا تعلم كيف يتعامل الغرب ، بل وما هي قوانينه وأحكامه ، فجميع دول أوربا ، والغربية خصوصا ، ودول الإتحاد خاصة ، قد ألغت عقوبة الإعدام من سنوات طويلة ، وأقصى عقوبة لديها هي 25 عاما ، يخرج السجين بعد قضاء ثلثي المدة إن قضى عقوبته دون مشاكل ، هذا يعني أنه لو حكم على قاتل مروة بأقصى عقوبة والتي هي 25 سنة ، فأنه سيخرج بعد 16 سنة إن كان حسن التعامل داخل السجن ، هذا إن لم تنظر المحكمة لظروفه الخاصة ، كأن يكون لديه مشاكل نفسية مثلا ، حينها سيأخذ حكما مخففا ، بل ربما لا يحكم عليه ، بل يودع إحدى المصحات .
رحم الله مروة ، وصَبَّر أهلها ، وهكذا هو المظلوم دائما ، يعطي نفسه على طبق ويضحي بها من أجل أن يغير المجتمع وقيمه نحو الأفضل والأحسن .




#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 5
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 4
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 3
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 2
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة
- اعترافات البغدادي تشمل سوريا ، مصر والسعودية
- من الشمولية الى الديمقراطية – الجزء الثاني
- من الشمولية إلى الديمقراطية
- الإرهاب من منظور ليبرالي – الحلقة الأولى
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق - الجزء الثاني
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق
- الطقس الديني وسيلة لغسل الدماغ الجمعي ، الليبرالية - الجزء ا ...
- التترس والدماء الرخيصة
- أحمد السيد عبد السلام الشافعي ...والثور الأبيض
- عادل إمام و النصر
- الليبرالية - الجزء الثاني
- كتل كونكريتية وكتل سياسية
- اللّيبرالية - الجزء الأول
- الليبرالية – الجزء الرابع


المزيد.....




- أمريكي انتقل إلى ريف إيطاليا هربًا من-ستاربكس- و-ماكدونالدز- ...
- حماس: مستعدون لإطلاق سراح جميع الرهائن مقابل إنهاء الحرب
- وزراء إسرائيليون يرفضون مقترحات حماس بشأن وقف إطلاق النار
- تونس: الرئيس قيس سعيّد يزور مدينة المزونة بعد مصرع ثلاثة تلا ...
- الصين.. روبوت لإطفاء الحرائق!
- مصر.. إغلاق محال ومطاعم شهيرة في حملة تفتيش مكثفة
- الولايات المتحدة تنفذ إطلاقا ناجحا لصاروخ Minotaur IV إلى ال ...
- غلوبو: ترامب ولولا دا سيلفا معجبان ببوتين ويزدريان زيلينسكي ...
- زعيم حزب الوطنيين الفرنسيين: روبيو وويتكوف أذلا ماكرون في قل ...
- هل منع ترامب نتنياهو من ضرب المشروع النووي الإيراني؟


المزيد.....

- الاقتصاد السياسي لمكافحة الهجرة / حميد كشكولي
- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد الحداد - مروة و التمييز العنصري