|
من الذي قطع أذن فان كوخ فعلاً؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2701 - 2009 / 7 / 8 - 08:37
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
إعداد: نضال نعيسة ثمة كثير من القصص والألغاز التاريخية لم يمط اللثام عنها حتى اليوم، ومنها ما اعتراها التلفيق والتضليل والتضخيم. وتبقى، قصة أو مأساة الفنان الهولندي الشهير فان كوخ واحدة منها. وهناك الكثير من الروايات المختلفة لها، غير أن أحدثها هو ما ظهر في كتاب من تأليف هانس موفمان، وريتا ويلد غانز من جامعة هامبورغ، والتي تلقي جانباً، أو تضع رواية في سلسلة الروايات المتعددة حول مأساة ذاك الفنان. إنه، وكما يعرف بالعبقري المعذب، الذي كان قد قطع أذنه بنفسه، بينما كان يعاني من اعتلال عقلي، بعد انهيار علاقة صداقة جمعته مع فنان من زملائه. لكن دراسة جديدة تزعم، بأن فينسنت فان كوخ يمكن أن يكون قد لفـّق القصة ليحمي صديقة الرسام بول غوغوين، الذي كان هو الذي قطعها بسيف خلال إحدى المناقشات الحادة فيما بينهما. ويقول مؤرخ الفن الألماني، بأن الرواية الحقيقة للأحداث لم تظهر، طالما أن الصديقين حافظوا على "اتفاق صمت"، فغوغوين أراد تفادي المساءلة القانونية، بينما كان فان كوخ يحاول، وعلى نحو عبثي، المحافظة، على صديق كان قد أغرم به على نحو يائس. ويزعم هانس كوفمان وريتا ويلدغانز في كتابهما، "أذن فان كوخ: بول غوغوين واتفاق الصمت"، بأن ما حدث كان جراء هجوم بالسيف، وليس بسبب نوبة جنون من فان كوخ، التي قادته إلى الانتحار بعد ذلك بسنتين. والرواية السائدة حالياً، هي أن الهولندي الذي رسم لوحة عباد الشمس، وآكلي البطاطس، قد نزف حتى الموت تقريباً، بعد أن قطع أذنه بموس في نوبة جنون في ليلة القثالث والعشرين من ديسمبر/كانون الأول من عام 1888. ويقال بأنه لفـّها بقطعة من قماش، وأهداها لعاهرة في مبغى بعد ذلك. وعلى أية حال، فإن العمل الجديد، الذي نشره خبراء في جامعة هامبورغ يعطي رواية مختلفة تماماً. كان غوغوين المبارز البارع، يخطط لترك " البيت الأصفر" لفان كوخ في آرلس، في جنوب غرب فرنسا، بعد إقامة غير طيبة. لقد هجر المنزل مع أمتعته وسيف المبارزة، الذي يثق به كثيراً، في يده، غير أن فان كوخ المضطرب لحق به، بعد أن كان قد رماه بكأس في وقت مبكر. لقد تفاقم الخلاف، بينما كاد الثنائي أن يصلا إلى بوردولو، فقام غوغوين بجز شحمة أذن فان غوخ المتبقية بسيفه، وربما بنوبة غضب سابق وفي حال من الدفاع عن النفس. وبعد ذلك قذف السلاح في "الرين" Rhône . بينما قام فان كوخ بتقديم الأذن إلى عاهرة في ماخور، وتهادى عائداً للبيت، حين اكتشفه البوليس في اليوم التالي، طبقاً للكشف الجديد. وبدون أدنى شك فإن غوغوين كان يقيم بالفعل مع فان كوخ، ولكن معظم الخبراء يعتقدون بأنه كان قد اختفى قبل حادثة الأذن. ورغم أن المؤرخين لا يلجؤون إلى نظرية " مسدس الدخان"، لدعم مزاعمهم،غير أنهم يساجلون بأن نظريتهم هي التفسير الأكثر منطقية، ويشرحون لماذا كتب فان كوخ في آخر كلماته المكتوبة لغوغوين: " أنت في حال السكون الآن، وأنا سأكون كذلك، أيضاً". ويستشهدون، أيضاً، بالمراسلات التي تمت بين فينسنت وشقيقه، ثيو، والتي يلمح فيها الرسام إلى ما حصل بدون انتهاك لـ " اتفاق الصمت" المبرم مع صديقه البعيد. ويذكر فيها طلب غوغوين استعادة قناع المبارزة، والقفازات من آرليس، ولكن من دون السيف. إلى هذا أخبر كوفمان صحيفة الدايلي تلغراف: " لحسن الحظ، إنه ليس لدى غوغين بندقية آلية، أو سلاح ناري، لأنه أقوى منه، ولأن عواطفه أقوى". وهو بذلك يشير إلى قصة فرنسية يعتقد الراوي فيها أنه هو من قام بقتل صديقه وذلك عن طريق قطع حبل التسلق الذي يصلهما ببعض. بعد ذلك يخاطب نفسه: " لم يرني أحد أرتكب جريمتي، ولا شيء يمنعني من اختلاق قصة من الممكن أن تخفي الحقيقة، كما يقول السيد كوفمان. "كانت هذه هي رسالته لأخيه". ويشير أيضاً إلى إحدى لوحات فان كوخ التشكيلية، وهي لأذن وعليها كلمة "وخزة"، التي تستخدم في المبارزة. ويعتقد المؤلفون بأن التعريجات الغريبة فوق الأذن ترمز إلى ما يشبه ضربة سيف غوغوين. ويجادل المؤرخون بأنه رغم أن فان كوخ كان يعاني من نوبات جنون، فإنه لم يكن قد مر بأي منها في هذه المرحلة من حياته. "لقد كان هذا محض دعائية، وجزء من إستراتيجية غوغوين للدفاع عن النفس، ولكن تلك كانت صدمة لم يبرأ منها فينسنت أبداً، وأدت إلى ترد في مرضه ما مهد الطريق لانتحاره"، كما قال السيد كوفمان. لكن بعض الخبراء بمتحف فان كوخ في أمستردام لا يتفقون بالرأي مع مزاعم المؤلفين. غير أن نينا زيمر، المسؤولة عن معرض رئيسي لفان كوخ في مدينة بازل، كانت متيقنة بشكل أقل، إذ أخبرت صحيفة الفيغارو: " ربما كانوا على صواب، ولكن كل الفرضيات الصالحة تفتقر إلى الدليل المادي". لا شك أن حتى هذه الرواية لم تكن مقنعة بما فيه الكفاية، وبين هذه وتلك ربما تضيع الحكاية، وحتى جلاء الحقيقة، فنحن بانتظار رواية جديدة أخرى
التلغراف ترجمة وإعداد: نضال نعيسة
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يعني إسلام مايكل جاكسون؟
-
قوانين لأحوال غير طبيعية
-
هل كان إعدام سقراط عادلاً؟
-
الجنس الجماعي الثلاثي
-
قانون أحوال غير شخصية
-
من الفتوى إلى الجهاد: قضية رشدي وتراثها
-
لماذا يحتفي إعلامنا بالفساد في الأرض؟
-
إنها لم تنقرض يا...أدونيس
-
صفقة دمج عملاق بين إنتل، ونوكيا
-
العرب والبكاء على الديمقراطية في إيران
-
بين عبير العراقية، وندى الإيرانية
-
الموناليزا العارية: حقيقة أم أسطورة؟
-
فاغنر والنازية: حقيقة أم أوهام؟
-
التكنولوجيا الثورية
-
الحيوية الإيرانية
-
الزلازل المصرفية تعصف بالخليج
-
بدء التحقيقات السرية بشأن الحرب في العراق
-
الحل في حل الدولتين
-
من يقف وراء فوز أحمدي نجاد؟
-
من هو الفائز الحقيقي في انتخابات لبنان؟
المزيد.....
-
إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل
...
-
ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
-
حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
-
عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا
...
-
ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
-
أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
-
تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
-
مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس
...
-
العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
-
ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|