|
هل تفاهم المالكي مع بايدن حول مستقبل( جمهورية مهاباد) الثانية ؟!!
عزيز الدفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 2700 - 2009 / 7 / 7 - 09:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين دخل الرئيس الامريكي روزفلت ذات مساء على مكتب مضيفه رئيس الوزراء البريطاني تشرشل الذي اصر على اقامته في( 10 داوننغ ستريت) فؤجئ به وهو يجلس عاريا تماما على كرسي هزاز انسحب حينها روزفلت خجلا لكنه عاد بعد سماع تشرشل وهو يدعوه قائلا :- ياسيادة الرئيس ليس لدى بريطانيا العظمى ماتخفيه عن حليفتها الولايات المتحدة الامريكية !!!. هل بقيت لدى الساسة العرب والاكراد في العراق مايخفوه عن بعضهم البعض وعن الشعب بعد ان سقطت حتى ورقة التوت وامست الحقيقة عارية تماما ؟. هناك حقيقة لابد من الاعتراف بها عند البحث عن افاق مشروع الدولة والسلطة في العراق وهي ان الحاضر والمستقبل هو حاصل جمع الماضي مع الممكنات الكامنة في طيات حاضر ابعد مايكون عن عين السياسي والمراقب القادرة على ابصارها او لتدعي مجرد لمسها او الامساك بخيوطها . عراق اليوم هو محصلة عقود طويلة لاناس ونخب واحزاب لم يجترحوا اي استباقات او معجزات تراكمية للبناء المتماسك قادر على المباغته ومنع الاستغراق في تداعيات المشروع السياسي الماركسي, والقومي والديني الطائفي. لان الشروط التي تحاصرنا قصفت المشروع الوطني بالصميم ووصلت الى النخاع بعد 9- نيسان ابريل 2003 .وما كان بالامس خطا احمر اصبح في الحاضر اخضرا صارخا بعد طرح مشروع دستور اقليم كردستان .وبات اي انتقاد لاستحقاقات التجزئة والانفصال بالتوجس حتى واعادة رسم الخارطة الداخلية تحت مسميات مختلفة لدى المكون الاخر مدعاه للتورط بمواجهة اتهامات لاتحمد عقباها في الشوفينية والتبعية على غرار مقصلة العداء للحزب والثورة سابقا التي اعادة صياغتها بعض ضحايا الامس والسلطويون اليوم بوعي او دون وعي . لكن الانتقال من حالة المطالبة بالمشروعيات القومية في اطار الدولة الواحدة وصولا الى حالة الحكم الذاتي في 11 اذار التي اتسع نطاقها وفقا لنصيحة السياسي الامريكي غاليبريث الى مفهوم الحكم الذاتي الذي يفتح الباب امام الكونفدرالية بخروج صارخ عن جميع التفاهمات بعد اعلان مشروع دستور كردستان الذي يؤكد اغلب الدستوريين ان الكثير من فقراته الاساسية تتقاطع مع دستور الدولة العراقية وهو مايفسر تصريح المالكي الذي وصفه بانه دستور لايمتلك اي قيمة . لم يبق اذن اي ثوابت معصومة تخلينا عنها من اجل الوفاق والتوافق الذي وصل اليوم الى طريق مسدود بعد ان دخلنا مرحلة التهتك السياسي واستمرار ضعف المركز امام قوة الاقليم والتحاور بين القوة العظمى والجارة الشرقية على حاضر ومستقبل العراق في داخل بغداد نفسها دون حياء او خجل بل وصلت الصفاقة الى قيام احد السياسيين العراقيين الى نفي كون العراق جزء من الامة العربية . انه قصف متوالي على الثوابت العراقية منذ حرب الخليج الثانية التي اصابت النخاع الشوكي وتسببت في شلل الامة وفتحت الباب امام متوالية من السياسات المركزية والشعارات الوطنية التي بات الحديث عنها يقود الى تهمة الخيانة العظمى والعداء لديمقراطية جيفرسن وحق الشعوب في تقرير مصيرها دون ان يلتفت احد الى حقنا في الحفاظ على مجرد كياننا الوطني . وليس القصف هنا بصواريخ كروز ولا القنابل الفسفورية او العبوات الايرانية الشديدة الانفجار المضادة للدروع ,|انه شي اخطر استهدف رؤى ومفاهيم وقيم وطنية سياسية تعرضت للرجم تحت ذرائع ومسميات كبيرة وخطيرة للنيل من ثوابت كانت بديهيات وشكلت انماطا وسلوكا وتفكيرا سياسيا للغالبية في العراق الملكي والجمهوري على مدى ثمانين عاما بغض النظر عن شكل النظام السياسي وهوية الزعيم لان السيادة وهيبة الدولة وسياساتها الخارجية وتحكمها بثرواتها وقرارها لاشأن له بهيكل النظام السياسي . فلماذا العراق بالذات دون غيره من الدول التي تضم ايضا اقليات عرقية وقومية ؟ قبول الاحتلال التحرري والاستقواء بالخارج وتقبيل الايدي واللحى والبساطيل وتقاسم السلطة طائفيا والتفريط بالكرامة والحج الى عواصم باتت هي المتحكمة بالقرار العراقي المشلول والمصاب بالغيبوبة كلما ظهرت ازمة كركوك والمناطق المتذابح عليها اسقط النرجسية السياسية لاغلب النخب المعارضة بالامس والحاكمة اليوم وخاصة اصحاب المشروع الديني الذي كان يراهن على دولة الله والجمهورية الاسلامية ضد دكتاتورية العوجة والذي قدم المبررات للتصالح مع واشنطن لازاحة النظام البعثي . فهل الصراع مجرد لعبة يمارسها قادة الاحزاب مع انفسهم واسيادهم حتى لو كان الخاسر هم الاغلبية ؟ ان مايجري ليس مجرد فقاعات لفضية مثل التوافق والفدرالية والكونفدرالية والاستحقاقات البرلمانية بل هو مواجهة تتعلق بمستقبل ومصير العراق وقدرة القوى داخل الائتلاف على مواجهة هذا التحدي الخطير فبنود الدستور ليس ظاهرة صاخبة للعبة بوكر نستعيض من خلالها بالاقوال عن الافعال... او ان يهدد احد القادة الاكراد برسم حدود الاقليم كيفما شاء ويتهم العشائر العربية في كركوك بانهم مجرد غجر يعزفون على الربابة .هل يمكن في وطن تتداعى جدرانه ان يكون حيال طرف خاسر واخر رابح.... هذا بافتراض ان الجميع متمسكون بالهوية العراقية قبل الاثنية والطائفة؟. هناك ملاحظة جديرة بالتأمل ذات صلة بالرابط العلوي والمباغت بين احداث تتعلق بمستقبل العلاقة بين العراق والطرف الامريكي بعد ان اعلن الرئيس اوباما ان مستقبل العراق بيد ابنائه و اثبت جنرالات البنتاغون مصداقية في سحب قواتهم باتجاه قواعد ثابتة والتمركز الكبير في الموصل وبين قضية كركوك التي شغلت اهتمام نائب الرئيس الامريكي جو بايدن الذي زار هذه المدينة حتى قبل تنصيبه بموقعه الرسمي خاصة وانه كان وراء مشروع تقسيم العراق الى ثلاث فدراليات عام 2007. والغريب ان الذي فجر هذه الاشكالية واستبق الاحداث بطرح مشروع دستور كردستان بعمل استباقي يسعى الى ايجاد خلل في ميزان القوى باستخدام استحقاقات الديمقراطية لاستحقاقات القوة العسكرية التي فشلت في الماضي في كبح تطلعات الاكراد ولوي استحقاقات التوافق او العدالة التي يطالب بها كل طرف ويدعيها والرهان على العامل الخارجي والذي طالما تسببت في انتكاسات للمشروع القومي الكردي الذي ذبح في سوق النخاسة الدولية التي لو ارادت ان تنشئ وطنا قوميا لاكثر من 40 مليون كردي لفعلت ذلك تنفيذا (لمعاهدة سيفر) ولكن حساباتها شائت ان تبقى الورقة الكردية بركانا يلقي بالحمم على فقراء الاكراد وعلى حكومات اربعة دول قومية شديدة التمسك بخارطتها الراهنة . وان من المحزن ان يتحول الامر الى خلاف اشبه بذلك الذي يجري بين دولتين على مدينة وحدود متنازع عليها . وماكان مؤجلا منذ اكثر من ست سنوات بالاستحياء اصبح الان مطروحا بالقلم العريض وبالافتات الواضحة الصريحة التي رفعت في كردستان وبالفم المليان... هل اننا عندما نكون او نتوهم اننا الطرف الاكثر حضورا نصبح بالضرورة الطرف الاقوى وصاحب الحق في ظل اشتعال نار الارهاب والصراع في المركز ويحق لنا مالايحق لغيرنا.... وان نعاقب او نكافئ ونمد العصى والجزر... ونفسر بنود الدستور كما يحلو لنا دون مراعاة خديعة التصويت عليه وعدم ادراك الملايين لما بصموه وظنوه صك الخلاص باسم الدين والطائفة والقومية حتى دون مراجعة . من قال ان الديمقراطية وصناديق الانتخابات انزلتها الملائكة ومن ربحوا من خلالها كانوا مبشرين بالجنة الوطنية؟ . الكارثة العراقية الكبرى اننا اصبحنا بلا هوية او قضية وطنية واضحة وبدون حزب عراقي ينطق باسم الجميع في ظل جمهوريات الاقاليم والتوافق والتحاصص لاننا ضحايا معادلة خطيرة جدا ولان الفشل الامريكي على ساحة المعركة التي كان ورائها من راهن على التحرير والمقاومة وتحويل بغداد الى هانوي العرب جعل الفشل لمجمل المكون الاساسي العربي الذي جسدته مصفوفة متتابعة من التنازلات والمساومات والمذابح بشكل لافت وبعبقرية معكوسة تنسف مصالح الاغلبية... والذي لايصدق ليفسر لنا دوافع التفجيرات الدموية التي طالت طائفة معينة دون غيرها من البطحاء الى تازة ومدينة الصدر والبقية تأتي؟ . لقد اصبحنا في مواجهة عجز ثلاثة رؤساء وزراء في حقبة العراق الامريكي عن معالجة ملف قضية كركوك اصبحنا مثل عازف الاكورديون الذي يضغط على قفصه الصدري ليخرج نغمة تستدر العطف واللوعة على غرار تلك الاغاني الوطنية في عهد القائد القومي الضرورة حتى قبل فرار الصحاف والتي اثخنتها الجراح واجهزت عليها البروباغاندى التحررية بعد 9 نيسان 2003 املا في ان يتصدق علينا احد ما باحسان بايدينا الممدوة مثل حكاية شحاذ السليمانية التي رواها الملا مصطفى البرزاني !. لقد راهنا في سياستنا على المعجزات وبركات السماء وتركنا للعقل والتخطيط السياسي ان يسرح في تهومات الترياق الايراني .الاكراد استغلوا الوضع الاقليمي بحكمة وادركوا بذكاء وفطنة منذ عام 1991 ان الاجندة الامريكية التي وفرت لهم مظلة الامان من زحف فيالق الحرس الجمهوري ووحشية علي حسن المجيد القابع هو وابناء عمومته في قفص الاتهام في بغداد تشير الى انهم اي الاكراد لن يحصلوا على اي شي بالمجان ....هم فهموا الواقع الاقليمي والدولي الراهن وهشاشة النظام السياسي العراقي لذى انهوا صراعهم الدموي بعد عام 1996 . الاكراد فهموا اصول اللعبة ومبروك عليهم وحدتهم وتكاتفهم وتازرهم بعد صراعات طويلة بين الحزبين وبعد ان اصبحت الخرائط في البلقان وغيرها قابلة للسقوط من اعلى الهاوية حتى دون قرار من مجلس الامن مثلما حصل في كوسوفو وهو حقهم الانساني المشروع الذي دافعنا عنهم مرارا ووقفنا دوما ضد جلاديهم رغم عتبنا على كل تلك الابواق الصاخبة اليوم التي ماعادت تميز بين الصديق والعدو . لكن لن يكون هناك شي يعطى بالمجان ولابد ان يكون هناك ثمن ما يدفع . واذا كان الخطاب الكردي المشبع بروح الاضطهاد والمظلومية والعزف على الوتر القومي ومشروع كردستان الكبرى قد وجد قبولا في الشارع تحت وطأة جنازير الدبابات القادمة من بغداد في الحقبة السابقة فان الكثير من ابناء الشعب الكردي ومن قواه السياسية التي باتت رؤيتها اكثر وضوحا للخلط بين طموحات الفوز بالسلطة لدى الزعامات الكردية التقليدية والحقوق الممكنة في اطار الدولة العراقية قد ابدت معارضتها لدوافع اصدار هذا الدستور ومايترتب عليه من تفجير للموقف عبر عنه نجرفان البرزاني بقوله ان الانسحاب الامريكي من العراق قد يتسبب في حرب بين العرب والاكراد . انها المرة الاولى في تأريخ العلاقة بين بغداد وكردستان التي تقف فيها العديد من الاحزاب الواعدة في رفضها لسلوك القيادات التقليدية المتوارثة على غرار مافعلته قائمة التغيير ,والعدالة والتنمية , والاصلاح وكادحي كردستان التي باتت الاكثر قدرة على قراءة واقعية للعلاقة بين الاكراد وباقي مكونات الشعب العراقي في اطار الوطن الواحد والموحد . غير اننا نود ان ننبه الى ان السيناريو الذي يروج له البعض بشأن سعي الامريكيين لمعالجة الملف العراقي بتكريس واقع التقسيم وابتلاع الارض اللامشروع في ظل ضعف الدولة المركزية واستحقاق الانتخابات البرلمانية القادمة يعني في حالة تحققه اعترافا صارخا من واشنطن بكل مبررات القاعدة والمتمردين وقوى الاسلام السياسي الراديكالي واليساري المتطرف الذي سوف يفتح المنطقة برمتها امام تفجيرات عرقية وقومية ودينية لايعلمها الا الله والضليعون في التأمر القذر ونسف الكيانات الوطنية القائمة والعريقة لصالح واشنطن واصدقائها . لقد اثبت المكون العراقي الاكبر الذي طالما وجه اليه النظام الطائفي والقومي العربي تهمة الصفوية والولاء لايران انه لايقل عن الاخرين رفضا لمشروع التمزق والمحاصصة وقد عانى كثيرا من حساسية استحقاقات الطرف الاخر لدرجة انحسار رصيد الاحزاب والنخب داخل الائتلاف الموحد وخارجه التي نظرت لفدرالية الجنوب والوسط . من هذا المنطلق ربما نفسر لماذا يتعامل القادة الاكراد مع حكومة المالكي وكانها ند او حكومة اخرى . هناك استحقاقات دولية واقليمية عربية واسلامية لها رؤيتها لمشروع ( كردستان العظمى) رغم عدم رهاننا على العمق العربي الذي يمكن ادراك عجزه المطلق في تعامله مع ملف المعارضة العراقية سابقا وفي تجليات الصراع الدراماتيكي بين الفلسطينيين والاسرائليين وتحوله الى اخر فقرة في مواد المشاهدة السياسية لدى العرب, دون ان نذكر بان مايعد تفاهما تكتيكيا بين الزعماء الاكراد وانقرة بشأن حزب العمال الكردستاني لن يمنع في اللحظة الحاسمة زحفا من الاناظول صوب كردستان والموصل وهي الطامة الكبرى والكارثة التي لانتمناها ابدا. المالكي يريد من الامريكيين وربما ابلغ ذلك للنائب الرئيس الامريكي ان يعاملوه كرئيس حكومة وسلطة وطنية منتخبة وليس مندوبا وطنيا للاحتلال تحت سقف البند السابع بتسعة نواب فقط في البرلمان بينما يستعد هو لقيادة تحالف سياسي جديد بعيد قدر الامكان عن الطائفية لصالح المشروع الوطني .وهو يراهن كثيرا على الدور الامريكي في كبح محاولات القادة الاكراد استغلال ضعف الدولة الحالي لفرض استحقاقات غير مشروعة على الارض ستطيح بمستقبله السياسي وتفتح العراق امام المجهول الذي حذر منه نائب الرئيس الامريكي ومن قبله الرئيس اوباما. وقد يكون الناطق باسم الحكومة العراقية قد راح ضحية التمادي في استعراض عضلات الحكومة العراقية بتصريحه حول رفض الوساطة الامريكية بين الفرقاء السياسيين حينما رد عليه بايدن بتاكيد طلب المالكي تدخل واشنطن لوضع حد لتنامي مطالب القادة الاكراد وهو ما اكد ظنوننا بشأن الدوافع الرئيسية لهذه الزيارة . وواشنطن كما يبدو تريد ضرب عصفورين ولنقل جدلا( نسرين كسيرين ) بحجر واحد ...فهي تريد تقليم اظافر المالكي وتخفيض سقف مطالبته عن مفردة الجلاء وتحويله مجرد انسحاب القوات الامريكية الى خارج المدن الى احتفالية (بالسيادة الوطنية) تزامنت مع ذكرى ثورة العشرين التأريخية بكل دلالاتها . انهم يريدون حث مثل هذه التجليات وافراغها من تأثيرها الشعبي من مجمل المشهد السياسي كي لايتذكر المواطنون ان هناك احتلالا وهي ربما تكون غير غاضبة من مشروع دستور كردستان لان هدفها ان تغذي اعتقادا لدى العراقيين بان لااحد قادر على منع تقسيم العراق سوى الولايات المتحدة الامريكية بعد انحسار شبح الارهاب .وقد تكون محقة في ذلك تماما ففي جعبة العم سام من الذرائع والاحاجي ماهو انكى من الحرب ففي السياسة والمفاوضات تذبح شعوب وتتهوى اسوار عصية وهو بالضبط مااسماه شمعون بيرز قبل ستة اعوام بتفضل المنتصر من فائض انتصاره على المهزوم . قد يكون هذا الطرق الشديد على ملف كركوك والمناطق المتذابح عليها هو بداية الطرق على باب بغداد التي كانت تجعل من مثل هذا الامر في السابق محرما بذرائع السيادة والقانون والتأريخ والتأخي ..ولان الطرف الكردي حين ينادي بحقه المشروع عليه ايضا ان يدرك مايعنيه الامر بالنسبة لي 22 مليون اخرين.... وعليه التفكير ان شاء ذلك حقا( ام على قلوب اقفالها )؟. الساسة العرب وغيرهم في البرلمان من ابطال 22 تموز هل سيتمكنون من ان يصبحوا طرفا مؤثرا في المعادلة بعيدا عن حسابات قادتهم السياسيين ومصالحهم الفردية والانتخابية بعد انحسار مصفوفة الفشل السياسي والتحارب والتشكيك بعقبرية مفرطة في تصادمها مع مصالح الاغلبية العربية منذ تفجير مقر الامم المتحدة ونسف قبة سامراء والانتخابات البرلمانية على الابواب . حين تخضع الجغرافية للسياسة فان الفرصة اما ان تطرح سقوطا سريعا للمركز... او تعيد الحياة والتصلب لنسيج سياسي مرتخي والحكمة كل الحكمة في قدرة المالكي ومن حوله في اثبات مصداقيتهم في التعامل مع الرئيس الامريكي اوباما او انهم سيقعون في نفس الاخطاء التي ارتبكتها فصائل المقاومة العراقية . فالحرص الامريكي على وحدة العراق قد يكون واقعيا لان ظاهر الخطاب الامريكي الرسمي الجديد والمكالمات الهاتفية والمباحثات السرية بين واشنطن وطهران وانقرة ودمشق وعودة الحظور الدبلوماسي العربي في بغداد مجددا تكشف عن حاجة للخطاب الكردي الواضح والصريح لكشف النوايا واقناع الاخرين بان مايجري ليس مناورة لكسب الانتخابات في كردستان تمهد للانفصال وانما اعادة رسم الجدران الداخلية لبيت يوشك على السقوط على رؤسنا دون تمييز لاننا اصبحنا امام خيارين لاثالث لهما وهما الاستمرار في العلاج المسكن والسطحي للطفح الناجم عن عدم التوافق اصلا بشان المشروع الوطني او ان نلجأ للعلاج العضوي وتحليل الاسباب الكارثية وانقاذ مايمكن انقاذه قبل فوات الاوان اذا مااسقطنا نظرية المؤامرة وان التأريخ الان تجري اعادة تركيبه تحت المطرقة واستحقاقات القوة لاننا نعرف جيدا هشاشة العظام السياسية للقادة العرب والتركمان الذين سكت حتى من ينتمون لهم قوميا داخل البرلمان مثل السيد عباس البياتي صاحب اللسان اللاذع السليط والقاسي على خصومه واصدقائه والذي صمت مثل ابو الهول رغم كل المسوغات التي تتعلق لا بخصخصت الاقتصاد او النفط والغاز بين المركز والاقليم وانما بخصخصة الهموم الوطنية من الشرف والسيادة والكرامة والعزف على ربابة كل يبكي على ليلاه او طائفته او قوميته ولايمتلك سوى اجندات محلية تجعل من خطاب الاحزاب والزعامات العربية دوما كلمة حق لاتستطيع حتى ان تدين باطلا. لكن ظاهر الخطاب شي وباطنه شي اخر حتى لو جاهد الاقوى حاليا مثلما يظن وهو الطرف الكردي الى استباق الزمن وحرق المراحل قبل رحيل الامريكيين بعد عامين.. قد يكون المالكي بصمته تجاه مااعتبره العرب رفعا في سقف المطالب الكردية دليلا على رؤية سياسية بشأن الدور الامريكي في العراق حتى بعد رحيل هذه القوات خاصة وانه قد اثبت لهم ان المشروع الوطني العراقي لايلتقي الا ضمن حدود الجوار والمصالح المشتركة مع ايران... لكن ذلك الرهان يبقى مجرد مخاطرة سياسية تتوقف على قدرة رئيس الوزراء للخروج من طوق هذه القضية الخطيرة... وعلى اية حال فان عرض دستور كردستان شكلت مايشبه الزلزال السياسي الذي كنا الاحوج اليه لنعيد الديمقراطية الى قمة البرلمان الذي ادرك رئيسه الان حقيقة التردد او بمعنى اخر ماهية ونتائج الحياء السياسي ازاء قضايا تتعلق بمصير الشعب والوطن والامة وقد سقط من قبله المشهداني لانه رفض كل الخيارات سوى خيار واحد وارادة تكشف المستور بالتصويت السري المشروع متحديا اولئك الذين رفضوا كل الخيارات والمرجعيات سوى مرجعية البند 140 . نحن نريد المصالحة باي ثمن وواهم من يضن ان هناك طرف ضعيف ففي الاحتدام وعندما يتعلق الامر بمستقبل الخارطة الوطنية يتحول حتى الكسيح الى محارب اسطوري . نريد المصالحة ارضا وشعبا وقرارا ومواقع مسؤليات ومستقبلا... . ان يكون لنا كل شي بغض النظر عن لابس الشروال او السدارة او العمامة او الافندي لاننا مسلوبون جميعا والمقصلة معلقة على رؤسنا .ولن تكون كركوك التي تعرضت لابشع المذابح منذ عام 1959 البوابة لتفتيت العراق بل وحدته واخائه وتسامحه .وبات جليا ان الملايين يقفون اليوم مع المالكي في دعواه لفدرالية الدولة القوية ذات السيادة على ارضها وجيشها وثرواتها وسياستها الخارجية . نحن مع المطالب المشروعة لاشقائنا الاكراد والتركمان والاشوريين ضد كل هؤلاء الذين يؤسسون ليوتوبيا جديدة اسمها الشرق الاوسط الجديد انطلاقا من ارض الرافدين تحت وهم الاعتراف بها خارجيا دون ادراك ان كل الحدود التي من حولنا ملتهبة... وكل القلاع متوجسة خائفة وان المتصارعين داخليا يمكن ان ينقلبوا فجأة الى حلفاء ويكفي ماتعرض له شعبنا الكردي من ويلات ونكسات واحباطات تأريخية قد يسعى البعض الى شحذها لاستمرار بقائه في السلطة وهو مالا نريده ولانتمناه لاهلنا وشعبنا خصوصا بعد حسم القوة العالمية لصالح الطرف الامريكي وباقي القوى الدولية التي تحسب الف حساب للعمق العربي وللدوري التركي والايراني والسوري في ملف كركوك وغيرها مثل الملف النووي الايراني والنفط والسلام والتنمية والتي لم تعد مجرد مصطلحات سياسية كالاستحقاقات والوعود ذات المعنى بالنسبة لهذا العالم الحر الذي حررنا من طغيان الدكتاتورية . لسنا الشعب الوحيد في الارض الذي يتالف من قوميات متعددة ...ولكن المشكلة اننا ورثنا (الخديعة)واضعنا (الوديعة) الوطنية لصالح ذاتنا الضيقة وعجزنا ان نسمي الاشياء بمسمياتها بعد ان افتضحت الاصابع التي كانت تحرك خيوط اللعبة في الخفاء ...لعبة الموت والارهاب والاغتيالات وتلطيخ سمعة الساسة بفضائح النهب والنفط التي يديرها طرف معروف للجميع له المصلحة بتمزيق العراق واوغل فيها منذ اكثر من ستين عاما والذي يعرفه الان حتى ابسط مواطن عراقي !!!. المطلوب من ساسة العراق الجديد الفدرالي الموحد الذين غسلوا ايديهم واصموا اذانهم عن سماع اراء هذه الملايين الصامته المقهورة والعاطلة والممزقة بين خطاب ديني وقومي وطائفي ان لايتناسوا ان اللحظة الراهنة المحتقنة بقضية كركوك ومشروع دستور كردستان انما تكشف عن احشاء سياسية مريضة بمكروب الانانية والغل والتشرذم تقف على جغرافيا هشة,وان الشعب لن يقبل ابدا باي استحقاقات سوى استحقاقات العدالة الوطنية الصادقة... ولانه ليس بمقدور احد شطب حقوق الاخرين بمجرد مشروع دستور او خطاب زعيم قومي متشدق يتوارث السلطة السياسية في ظل جمهورية ديمقراطية, فلم تعد هناك حاجة لتزويق الخطاب السياسي خشية استفزاز الاخرين بمايتيح القفز فوق قمة البرلمان الذي هو المكان الوحيد لحسم القضايا المصيرية ..فلماذا يهرب منه الذين يدعون انهم اصحاب الحق الشرعي ؟. نتمنى ان لايتم ذلك بعد خراب كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها.. باستعارة القضية عن شقيقتها البصرة التي تردد انشودة المطر . نعلم جيدا ان المطر لايسقط على صيف كردستان كما يشتهي السياب ..ودعونا ننظر الى السماء لكي تنفرج اسارير نجومها الملبدة بالصراع والدمار والحروب ومن ثم العواصف الترابية التي ليست هي السبب الوحيد كما يبدو لالغاء زيارة نائب الرئيس الامريكي لاربيل !!. بخارست
#عزيز_الدفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدبلوماسية العراقية ...اشكالية الهوية وضبابية الاولويات
-
كركوك وديعة. ...أم خديعة؟! الجزء الخامس
-
كركوك وديعه... ام خديعه؟! الجزء الرابع
-
كركوك وديعة....... ام خديعه؟!
-
كركوك وديعة.... ام خديعة ؟!
-
كركوك وديعة ....ام خديعة؟! الجزء الاول
-
اعتذار تيودور جيفكوف ومسدس خضير الخزاعي !
-
اغتيال( قمر) شيراز!!!
-
المالكي......في مواجهة المالكي !!!
-
المشهداني ..امام الامبراطور عاريا !
-
هل ستعلو راية العباس(ع)....علماً للعراق؟!
-
العراق في الحقبة الامريكية (الجزء السابع)
-
العراق في الحقبة الامريكية (الجزء السادس)
-
العراق في الحقبة الامريكية (الجزء الخامس )
-
العراق في الحقبه الامريكيه(الجرء الرابع)
-
العراق في الحقبه الامريكية (الجزء الثالث)
-
العراق في الحقبة الامريكية(الجزء الثاني)
-
العراق في الحقبة الامريكية
-
الحسابات الخاطئة في العلاقات السعوديةمع العراق
-
هل تستحق الكويت آن نموت من اجلها؟!!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|