أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - أجملُ قارئ في العالم














المزيد.....

أجملُ قارئ في العالم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2700 - 2009 / 7 / 7 - 09:19
المحور: سيرة ذاتية
    


تُهديه كتابَك فيقرؤه قبل أن يرتدَّ إليكَ طَرْفُك. ثم يعرِفُ أن ندوةً سوف تُعقَد حول كتابِك فيكونُ أوّلَ الحاضرين، وآخرَ المتحدثين. يعرفُ كيف يُلَخِّصُكَ، ككاتب أو كشاعر، في جملةٍ موجزة، ويعطي روايتك أو ديوانَك طرحًا نقديًّا سابرًا في كلماتٍ قليلة. فإذا كان ماركيز قد نعَتَ "إستبان" بطلَ قصّته بأنه "أجملُ غريقٍ في العالم"، فأنا سأجدُ الشجاعةَ الماركيزية ذاتَها لأنعَتَ بطلَ مقالي بأنه "أجملُ قارئٍ في العالم". اسمه "محمد كامل".
يعرفُه كلُّ كتّابِ مصرَ، من شعراءَ وروائيين ونقّاد. لا يحملُ كتابًا من تأليفه ليهديه لك، على إنك لن تراه إلا حاملاً صُحُفَ اليوم جميعَها، وكتابًا أو كتابين هما حصّتُه هذا المساء. من العسير أن تسأله عن مبدع إلا ويكون قد قرأ أعمالَه أو بعضَها. القراءةُ حِرفتُه الأولى والأثيرة. ورغم صداقتي التاريخية به، إلا أنني، (اكتشفتُ الآن فقط، وأنا أكتبُ هذه الجملة،) نسيتُ أن أسأله عن حِرفته التي يعيش منها. ومَنْ يعبأ بذلك؟ لستُ يعنيني إن كان موظّفًا أو سلطانًا أو قبطانًا أو قاطعَ طريق، كلُّ ما يعنيني هو أنه قارئٌ رفيعُ الطراز، في زمنٍ عزَّت فيه القراءةُ والرِّفعةُ. الفريدُ والطريفُ في عمّ محمد كامل هو أنه يقيّمُ البشرَ تِبعًا لمواهبهم. فتراه يحبُّ فلانًا لأنه موهوب، ويغفرُ له ما لا يغفره لسواه. وتراه ينْفرُ من كثيرين لأنهم متسلّقون وفقيرو الموهبة. ميزانُه النقديّ قاسٍ؛ لا يعرف المجاملةَ ولا المحاباة. لن تندهشَ لو رأيته في ندوة نقدية يطلبُ المداخلة فيقرّع الكاتبَ الشهير، بل والأساتذة النقّاد الذين جاءوا ليجاملوا كتابًا متوسطَ القيمة لكاتبٍ كبير الاسم. إذْ لا تجوزُ المجاملةُ في الأدب والفن. وفي أحيان أخرى ستجده يقول شِعرًا في كاتبٍ صغير يتلمَّس خُطاه بعدما لمح بذورَ موهبته مسطورةً على أوراق كتابه الأول، فيشجّعه فيما النقادُ قد نكّلوا به! إذا كنتَ من روّاد دار الأدباء أو أتيلييه القاهرة أو ورشة الزيتون الإبداعية فلابد أنكَ أحدُ أصدقائه ممن ينتظرون، بشغفٍ، كلمتَه القصيرةَ في نهاية الندوة، لكي تُنصتَ إلى نقدٍ انطباعيّ مكثَّف حول العمل، لا يخلو من وجهة نظر مغايرة لكل ما سمعتَه خلال الندوة. لذلك نعته الشاعرُ شعبان يوسف بالناقد المتنكِّر.
في تمام الثانية عشرة ليلاً من مساء كلِّ يوم أحد، لابدَّ أظفرُ منه بمكالمة تليفونية. أنتظرُها بشغفٍ كلَّ أسبوع. ليخبرني عن رأيه في مقال الغدِ الاثنين؛ بعدما يكون قد قرأه في الطبعة الأولى من جريدة "المصري اليوم" الصادرة ليلاً. هو القارئُ الأول والمَجَسُّ الحقيقيّ الذي أعرفُ عبره أخبارَ مقالي. تارةً يشجعني قائلاً: المقال جميلٌ يا بنت، وتارّةً يُعنِّفُني: اللغة عالية متنفعش جريدة يومية، وتارةً يعاتبني: أنتِ مبالغة حبتين، وتارة يرفعُني إلى عنان السماء: دي أجمل مقالة كتبتِيها!
كلما التقيته لابد يُدخل يدَه في جيبه لتخرجَ بحفنة من لبان تشيكلتس. عبثًا أخبره أن بأسناني تركيبات بورسلين، ومضغَ اللبان أمسى طقسًا من الماضي السعيد! لابد آخذُ نصيبي من حلواه، شأنَ طفلةٍ مع بابا نويل. وحينما أعود إلى بيتي، سيعبث ولداي بحقيبتي. فيهتفان هتافَ الحاذق الظافر: ماما، قابلتِ عم كامل النهارده، صح؟ فأجيبُ: صح! ثم يتقاسمان اللبان، وهما يرمقان صورتي الوحيدة معه في اتحاد كتّاب مصر، وقد جاء يحضر ندوةً لي قبل أعوام ليقول: "البنت دي موهوبة." فيتملكني فرحٌ طفوليٌّ يفوق فرحيَ بقطعة ضخمة من الشوكولاتة، أو حتى بحفنةٍ من لبان عمّ محمد كامل. جريدة "المصري اليوم" 29/6/09



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلتقصّ الشريطَ تلك السيدة!
- مقابر جماعية للمصريين
- ردُّ الأشياءِ إلى أسمائها الأولى
- المواطَنة ودرس الفلسفة
- هذا شابٌ من جيلي
- مصر
- سألتُ الأستاذَ: لمَن نكتب؟
- وأكره اللي يقول: آمين!
- الغُوْلَة
- -شباب يفرح القلب-
- بل قولوا إنّا شبابٌ صغار!
- إنهم يذبحون الأخضرَ
- مصرُ التي خاطرهم
- القططُ المذعورة
- لا تأتِ الآن، فلسْنا أهلاً لك!
- أيها الطائرُ الخفيف، سلامٌ عليك
- فريدة النقّاش، صباحُ الخير
- عزازيل ومرآة ميدوزا
- لشدّ ما نحتاجُ إليكَ أيها الشارح
- قال: لا طاغوتَ يعْدِلُ طاغوتَ الكُهّان


المزيد.....




- كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
- إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع ...
- أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من ...
- حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي ...
- شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد ...
- اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في ...
- القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة ...
- طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
- الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
- الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - أجملُ قارئ في العالم