|
هجرة أم فرار غير منظم من الاوطان
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2699 - 2009 / 7 / 6 - 06:19
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
تطرح ظاهرة الهجرة السرية الى الاتحاد الاوربي ،عدة قضايا شائكة ومعقدة ومتشابكة تتعلق بالتنمية والامن والاندماج الاجتماعي . السياسات الاوربية في معالجة هذه الظاهرة تتأرجح بين الحاجة الى المهاجرين لتعويض التناقص في معدلات النمو السكاني ، وبين الحاجة للعمالة في بعض القطاعات الانتاجية . من الناحية الاخرى فقد أدت الازمة الاقتصادية ، ونتائج سياسيات العولمة وسياسية التجارة الحرة الى مضاعفة الازمة مما أدى الى تزايد معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة منذ الازمة الاخيرة التي عصفت بالاقتصاد العالمي في عشرينات القرن الماضي . ورغم أن نتائج الازمة الاقتصادية الحالية طالت الجميع بآثارها ، لكن شريحة المهاجرين الاقتصاديين او العمالة السرية المهاجرة ، كانت المتضرر الأكبر مما حدث .فقد تراجعت نسبة التحويلات المالية الى بلدانهم الاصلية ، عدا عن إنسداد أبواب العمل في وجوههم . امام إخفاق النظام الاقتصادي الاوربي في معالجة أزماتة البنيوية ، فقد جرى في بعض جوانب الازمة تحميل المهاجرين مسئولية اكثر من نصف نتائج الآزمة الاقتصادية الاوربية .وبالتالي كانت فرصة لليمين الاوربي للعزف على وتر الاجانب . وللحقيقة أن شعوب البلدان المصدرة للهجرة تعاني نتائج ثلاثة أنواع من ألاستغلال البشع الاول عندما راكم الاقتصاد الاوربي إحتياجاتة عبر سياسيات الاحتلال العسكري ، والثاني من خلال وكلائه المحليين في أعقاب ما يعرف بالاستقلال الوطني عبر أنظمة شمولية وعسكرية ، ثالثا عبر إستغلالة لليد العاملة الشابة من هذه الدول مرة أخرى . لأن أوطان المهاجرين تحولت الى مزارع عائلية تتوارث بقوة الحذاء العسكري المدعوم بفتوى النص الشرعي . الى درجة أن العالم العربي تحول الى نموذج حي للدراسة في الجامعات حول معنى تخلف النظام السياسي ، وغياب الديمقراطية والتعددية الوهمية ،وتقديس النص او الرمز ، بدل الانسان ومستقبله . من الناحية العملية الجميع كان ومازال يتاجر بمعاناة هذا الفقير المهاجر . سواء البلدان الطاردة لأبناءها أم البلدان المستقبلة للهجرة ، إضافة الى تلك الشبكة الأخطبوطية من المافيا القارية التي راكمت ثروات خيالية ، من خلال تصوير الغربة جنة المهاجر ؟ الذي في أغلب الاحيان مصيرة التسكع في الشوارع ، وإفتراش الحدائق مأوى له مقابل الوفاء بوعدة لعائلته الفقيرة التي رهنت عمرها لسداد تكليف رحلة موت أبناءها في قارب أجوف أو في شاحنة موت . ومن المنطقي هنا أن تثار الأسئلة من المسؤل عن مصير هذا المهاجر؟ المهرب أم النظام التي أدت سياساته الى فرار أبناءه من أوطانهم ؟ من الناحية العملية الهجرة تعني للنظام تحويل وتصدير أزماته للخارج ، وهي بذات الوقت عاملا رئيسا من عوامل تأجيل الصراع الطبقي ، عبر متنفس الهجرة .لأن الفقر كثيراً ما أدى الى ظهور الحركات المتطرفة والمعارضة للنظام والمنادية سواء بالاصلاح او التغيير . وبما السمة العامة للبلدان الشرق اوسطية هو تخلف البنى الاقتصادية والاجتماعية ، فإن الناتج بالضرورة بدورة متخلفا .لكن يتحمل النظام السياسي مسئولية تخلفه . فإذا علمنا أن أعدادأً كبيرة جدا من المهاجرين السريين أميين ، يتضخم هنا التساؤل حول وجود مجتمع خامل يعاني ليس فقط من إحتباس حراري أسوة ببلدان العالم الاخرى بل من إحتباس وإنسداد آفاق أي إصلاح أو تغيير في ظل هكذا أنظمة تملك الثروة في مجتمع لايملك حتى قمامة حكامه الآزليين . لذا ليس غريبا بل وطبيعيا جداً ان يجد المهاجر في النزوع للماضي تعويضه النفسي عن حالتة البائسة الراهنة ، وينتقل بالتالي الى إستغلال آخر عبر بوابة الدين وآئمة الدجل المنتشرين كالطحالب في بلدان الاتحاد الاوربي تحت مسميات ويافطات وهمية قائمة على الارتزاق والمتاجرة بمعاناة البشر. وهنا يحضرني قول للقاص السوري زكريا تامر ( ما أخشاه في البلاد العربية هو إنتشار الجهل والتفاخر به علانية وإعتباره حالة طبيعية ) وهذا فعلا هو القائم على الارض . صعوبة تكيف المهاجر مع عالمه الجديد ، الذي شكل مستوى التطور صدمة له ، غياب اللغة المستوى المتدني من التعليم ، النتيجة هي الانغلاق ومحاولة إسترجاع الماضي في الحاضر .وإنشاء الصلة بين عالمين مختلفين دون الاخذ بعين الاعتبار الفوارق الزمكانية بين عالمين . ويصبح هذا المهاجر على رأي د. أحمد ابو زيد عالم الانثروبولوجي المصري اننا لم نعد نعرف لماذا لا نعرف . وبالتالي تصبح نظرة الاوربي الى المهاجر الشرق اوسطي تحمل جزء من مشروع خوف على ديمقراطية بنيت بالدماء . في مواجهة مهاجر مسكين كتب عليه حظه المنكود أنه قادم من مجتمع المخاطر. طبعاً هنا للحقيقية جرى تخفيف وفلترة العديد من المعلومات حول موضوع الهجرة السرية لاسباب قد لا تخفى على القارئ ، على أمل أن تثير هذه الملاحظات الاولية نوع من النقاش حول ظاهرة الهجرة السرية ونتائجها ، وسوق العمل والتنافس بين العمالة الوافدة من شرق ووسط اوربا مع العمالة غير الماهرة الاسيوية او الافريقية ، ثم ماهي التصورات لعلاج مسألة تنامي نزعة العنصرية. والمساهمة بنشر وعي إيجابي حول معنى التنوع الثقافي والمحافظة على قيم الديمقراطية وحقوق الانسان داخل المجتمعات الاوربية والاعتراف بدور الثقافة كعلاج لعقلية عدم التسامح والتعصب .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تعيد القاهرة بناء خارطة سياسية فلسطينية جديدة ؟
-
لماذا لا يتمسك المفاوض الفلسطيني بدولة كل الشتات ؟
-
مؤتمر حركة فتح السادس ومهمات التحول من مفهوم الحركة الى حزب
...
-
هل نتنياهو كذاب..أم ..؟
-
النرجسية في العمل السياسي والاصل الاغريقي للمصطلح
-
لماذا تراجع اليسار اليوناني في الانتخابات الاوربية
-
نحو حزب إشتراكي فلسطيني
-
حقيقة ماحصل في أثينا
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|