أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالوهاب حميد رشيد - لماذا صار العراق البلد الأكثر فساداً في العالم!؟















المزيد.....

لماذا صار العراق البلد الأكثر فساداً في العالم!؟


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2696 - 2009 / 7 / 3 - 09:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


..رشوة هنا.. رشوة هناك..
قال أحمد عبدل (عامل فني- بلدية الكرادة- بغداد): "دفعتُ 800 دولار للحصول على الوظيفة.. الناس يعلمون أن هذا خطأ، ولكن لا توجد طريقة أخرى.. تصاعد الفساد في العراق على كافة المستويات".. وذكر Ateej Saleh Midhat (26 عام)- موظف قديم- بنك الرافدين الحكومي: "خلال العامين 2008-2009 كان من الصعب على أي خريج جامعي الحصول على وظيفة بدون دفع 500- 1500 دولار، حسب نوع العمل.. ولكن ماذا بشأن الناس غير القادرين على الدفع؟"
يعتبر العراق البلد الأول عالمياً من حيث مدى انتشار هوس السرقة premier kleptomaniac باستثاء الصومال (و) مينمار، في حين أن هايتي (و) أفغانستان مصنفتان أقل فساداً من العراق، وفق تقرير الشفافية الدولية. هذا رغم أن هذا البلد يتمتع بإيرادات نفطية ضخمة بخلاف تلك البلدان الفقيرة مالياً.
العراقيون مستاؤون من دفع الرشوة المنتشرة على نحو واسع، ولا يرون كيف يتصرفون لمواجهة هذا الفساد. كما وليست لديهم القناعة بجدية إدعاءات حكومة الاحتلال لمكافحة هذه الظاهرة، رغم توجيه العقوبة لبعض كبار المسؤولين.
ظهرت العلامة الأولى لاحتمال مواجهة هذا البلاء خلال الشهر الماضي بعد إلقاء القبض على وزير التجارة عبدالفلاح السوداني. هذا بعد أن صار العراقيون يسمون وزارة التجار "وزارة الفساد"، فهي تتصرف بستة مليارات دولار سنوياً لتغطية نظام الحصص الغذائية. وفي مثل هذه الظروف توفرت فرص واسعة للسرقة والحصول على الرشاوى من المجهزين لقبول تسلم مواد غذائية ملوثة/ فاسدة. أصبحت فضيحة السوداني معروفة جداً للرأي العام عندما أطلق حراسه النار على قوات الشرطة القادمة لاعتقاله. وهذا ما سهّل هروب عشرة من مسؤولي الوزارة المطلوبين من مداخلها الخلفية.
مشهد فيديو انتقل عبر الموبيلات في بغداد..
وفيه يظهر المسؤولين المعنيين من وزارة التجارة في حفلة مجون مع الغانيات..
الفساد يواجه أغلب العراقيين، بلغ مستوى وضيعاً.. وهذا يعني أن الحلقة البيروقراطية الفاسدة تتجاوز كافة العقبات لاستمرار الفساد والرشاوى.. على سبيل المثال، وقبل بضع سنوات مضت، بدأت إدارة الجوازات بإصدار جوازات سفر جديدة على افتراض أنها أكثر أمناً (أقل عرضة للتزوير). لكن الحصول عليها بطريقة اعتيادية لم تكن متاحة. الطريقة الوحيدة تمثلت من خلال الرشوة، بل وحتى تبين أن الجوزات الجديدة لم تكن أكثر أمنا من سابقتها. ونفس الشيء صحيح بالنسبة للوثائق الشخصية الأخرى.. إذا لم يتم دفع الرشوة لتمشية مثل هذه المعاملات، فإن الرسميين الفسدة يعرضون ضحاياهم للإرهاق البيروقراطي bureaucratic harassment لغاية اضطرارهم وإجبارهم على الدفع.
لا تقف المشكلة عند دفع العراقيين الرشاوى للرسميين، بل تتعداها إلى عدم توكدهم فيما إذا كانوا سيحصلون على ما دفعوا من أجله.. ليلى فاضل أمير- ربة بيت شابة، تخرجت من معهد تدريب المعلمين العام 2005، لكنها لم تحصل عمل. "لم أرغب في الانضمام إلى أي حزب إسلامي.. ولا أرغب في دفع أي قدر من المال ومن ثم أكتشف كذب الوعود، وبالنتيجة أكون قد دفعت من أجل الحصول على لا شيء،" حسب قولها.
وفّر نظام الاحتلال فُرصاً استثنائية للاحتيال fraud منذ إسقاط نظام البعث العراقي. وخلقت الحرب الكثير من الفوضى والإرباك confusion في سياق تحويل الانتباه عن السرقات وصعوبة ممارسة الفحص والتدقيق لما كان يحصل في الواقع. في واحدة من الحالات السيئة السمعة حصلت العام 2004-2005.. خصصت الحكومة 1.3 بليون دولار لشراء الأسلحة. ساهم في تنفيذ العملية رئيس قسم تجنيد عسكري- زياد قطان- عراقي بولندي كان يُدير محلاً للبيتزا في بون سابقاً..! حازم الشعلان- وزير الدفاع- كان يعمل بشكل محدود في مجال العقارات في لندن خلال التسعينات..! الحصيلة كانت عدداً من هليوكبترات روسية قديمة عمرها 28 سنة وردت من بولندا، علاوة على مجموعة عربات اعتبرت مهجورة من قبل الجيش الباكستاني!
ظاهرة العنف في العراق خلال الفترة 2004-2006 جعلت من ممارسة الفحص والتدقيق ذات مخاطر عالية بالعلاقة مع الواردات المدفوعة الثمن من قبل الحكومة. حالة واحدة خضعت الآن للتحقيق تتعلق بـ 600 مليون دولار ثمن حصص غذائية من المفروض أنها أرسلت إلى الانبار ومن المحتمل أنها لم تصل أبداً إلى المحلات المخصصة لتوزيعها على المستحقين.
واجهت البلاد قدراً من الفساد في الظروف الضاغطة للمقاطعة، رغم أن الإدارة العراقية عُرفت بأنها الأكثر كفاءة وأمانة في السبعينات مقارنة بأغلب البلدان النفطية. لكن الوضع تغير بعد غزو الكويت وما جلبه من بلاء على المجتمع العراقي من خلال فرض الأمم المتحدة وبدفع أمريكي حصاراً اقتصادياً محكماً وعلى مدى ثلاثة عشر عاماً بحيث أنهك المجتمع والاقتصاد العراقي.
عجزت الحكومة عن دفع أجور ورواتب العاملين لديها وانهارت العملة النقدية الوطنية. وجد الأستاذ الجامعي فجأة أن راتبه صار يعادل خمسة دولارات شهرياً، ولم يكن هناك مجال لاستقالة الموظف الحكومي. حالة وحيدة تم الوقوف عندها تتعلق بأستاذ جامعي (جواد) الذي نجح بتدبير إجراءات مزيفة لإحالته على التقاعد مدعيا بتعرضه لضربة قلب heart attack بعد إقناعه ودفعه رشاوى لأطباء وتزويده بمخطط يبين أنه صار على شفى الموت.. وطالما كانت رواتبهم ضئيلة، فقد فرض العاملون في الحكومة على عامة الناس دفع مقابل للخدمات التي يحصلون عليها.. ولكن حالياً، ورغم أن العاملين في الإدارات العامة يتسلمون رواتب طيبة، فلا زالت ظاهرة الرشاوى والفساد مستمرة وبمستويات أعلى وأكثر انتشاراً.
أصبح في قمة أهداف النظام العراقي قبل الاحتلال إيجاد طرق سريعة لمكافحة المقاطعة وخلق المزيد من الإيرادات العامة. سيطر النظام على السوق السوداء. تم دفع ملايين الدولارات للأبن الأكبر للرئيس العراقي من قبل مستوردي السكاير، علاوة على تهريب النفط.. ومع أن المتعاملين في هذه السوق كانوا ينفذون الأهداف الموكلة إليهم تحت مظلة رئيسهم، إلا أعداداً منهم اكتشفوا إمكانية إقامة نفس علاقات الفساد مع نظام الاحتلال، مع تباين الهدف.. وليتحولوا إلى شبكة إجرامية فعالة تعمل إلى جانب منظمات الجريمة في ظل الاحتلال..
وفي ظروف إفقار العراق من خلال المقاطعة في التسعيات، صارت اللصوصية والسرقات robberies and burglaries في الشوارع والمنازل حالة اعتيادية. ولمواجهة العنف الإجرامي بدأت الحكومة بقطع أعضاء اللصوص- اليد/ الأذن- وعرضهم في التلفزيون.
ملايين الفقراء العراقيين لغاية العام2003 كانوا مستعدين لفعل أي شيء للبقاء على قيد الحياة. ومع سقوط بغداد سنحت الفرصة للمجرمين الانضمام إلى منظمات الجريمة في ممارسة السلب والنهب looting بدوافع الجريمة أو الاقتناع بعدم شرعية حكومة الاحتلال في ظروف القيم القبلية السائدة. وهذا الموقف تصاعد مع استمرار الاحتلال.
بدأ العنف بالانحدار عن مستوياته القصوى خلال الفترة 2006-2007، وصار العراقيون أكثر ضجرا وامتعاضاً resentful تجاه الفساد والسرقات. وهم على علم وقناعة بأن العديد من الرسميين والسياسيين العاملين في ظل الاحتلال، أصبحوا يملكون الفيلات الفاخرة في الخارج مثل الأردن ومصر، علاوة على أرصدتهم في البنوك.. كما أن مسألة إعادة الإعمار بقيت بطيئة بشكل مؤلم في ظروف اختفاء أموال طائلة مخصصة ومدفوعة فيها. بينما وجدت عائلات عراقية كثيرة نفسها أمام معضلة اعتقال أحبائها مع إجبارهم على تقديم الرشاوى لتحريرهم. أما الأحزاب السياسية العاملة بمعية الاحتلال، فقد أخذت تستخدم وزرائها كمصدر للسلب والنهب plunder، المناصرة والزبانة patronage.
وحتى مَنْ له أفضل الاتصالات، عليه أن يدفع.. شخص قريب من الاحتلال، له عداء سابق طويل مع نظام حكم البعث العراقي، تعرض لإطلاق النار بقصد اغتياله في وقت مبكر من هذا العام. الرجل يعرف كل شخص في المستويات العليا للحكومة، وحصل على تعهد بإجراء تحقيق فعال لكشف الجهة المنفذة. لكنه وجد أن البوليس والقضاء يتحركون ببطئ شديد في قضيته. توجهت شكوكه بوجود مؤامرة غامضة dark conspiracy ضده من قبل أعدائه السياسيين في نظام الاحتلال، واستشار محاميه بشأن ما يمكن عمله.. سخر محاميه من هذه الشكوك: " كلا هناك سبب أبسط للتباطئ في تحريك التحقيق من قبل الشرطة والقضاء لكشف المسلحين.. إنهم ينتظرونك أن تدفع لهم الرشوة bribe قبل أن يبدأوا تحقيقاتهم!"
ممممممممممممممممممممممممـ
* ترجمة بتصرف.
Why Iraq is Now the Most Corrupt Country on the Planet,By PATRICK COCKBURN, Counter Punch, June 29, 2009.
Patrick Cockburn is the author of The Occupation: War, resistance and daily life in Iraq and Muqtada! Muqtada al-Sadr, the Shia revival and the struggle for Iraq.

ترجمة:عبدالوهاب ميد رشيد*




#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما وراء السياسة (الإمبريالية).. بشر للبيع في عالم جائع..
- حرب أهلية.. هدية اوباما ل.. باكستان..
- ثمار من غابة!
- لغز تصاعد التوجه العسكري لدى اوباما
- لعبة كرة جديدة في العراق
- اوباما يرفع مستوى ضبابية -الحقيقة- في خطابه
- اوباما.. أتركْ وأنسَ المفاوضات
- حان الوقت لمقارنة كلمات اوباما السابقة مع أفعاله الحالية
- عنصريون ديمقراطيون!
- مشروع نهر البارد.. يجب أن لا يفشل..
- البنك الدولي: إسرائيل تستحوذ على أربعة أخماس مياه الضفة الغر ...
- توقعات كئيبة بشأن عودة اللاجئين العراقيين
- العراق: الفساد يُقوض برنامج المساعدة الغذائية الشهرية الحكوم ...
- حرب اوباما في أفغانستان وباكستان
- الإمبراطورية المنتفخة والانهيار المالي
- سياسة اوباما الإمبريالية في الشرق الأوسط
- أفغانستان: قصف بالفسفور الأبيض..إصابة طفلة بحروقات مرعبة..
- تجاهل الأطفال ضحايا جرائم حروب بوش
- خطط الولايات المتحدة لإحداث انقلاب في باكستان
- البطالة والفقر في غزة والعقوبات الإسرائيلية ضد العمال


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالوهاب حميد رشيد - لماذا صار العراق البلد الأكثر فساداً في العالم!؟