|
الدولة والسلطة في سورية
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 823 - 2004 / 5 / 3 - 07:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في مقالته عن "مثلث السلطة والدولة والقمع" المنشورة في السفير بتاريخ 15/4/2004، يحاول الصديق لؤي حسين "تصحيح" التصور الخاطئ الذي راج "عند العديد من الكتاب والمهتمين بالشأن العام السوري" عن تماهي السلطة والدولة. إن القول " بتماهي السلطة والدولة لا يصيب الواقع السوري إلا بالمعنى المشهدي، أو بالمعنى السطحي". وبالتالي ليس صحيحا، ما ذهب إليه الكتاب والمهتمون بالشأن السوري من القول بوجود " دولة سابقة على السلطة الحالية، التي سيطرت على الدولة لتتماهى معها.." فتضيع الحدود بينهما. والمقصود بالدولة هنا " مجموع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في سورية"، أي المعنى "الواسع" لمفهوم الدولة. وإذ يرفض السيد لؤي مقولة وجود الدولة السورية، فهو يرفضه بالقياس إلى إطلاعه النظري للدولة، الذي لم يفصح عنه، بل اكتفى بالإشارة إلى تجسده في نموذج الدولة الغربية. " لا يصح إطلاعنا النظري للدولة(إطلاع السيد لؤي) على هذه الدولة السورية، ولا يجوز مقارنتها مع الدولة الغربية". إلا أن ما يقصده هو " أن هذه الدولة لا تشكل إطاراً ولا أساساً لدولة وطنية حديثة"، بمعنى آخر لدينا دولة لكنها، لا تصلح أساساً أو إطاراً لدولة وطنية حديثة. غير أنه يعود فينقض توضيحه وتدقيقه السابقين، أي يعود إلى فكرته المركزية التي نسج مقاله حولها، أعني غياب الدولة السورية. فحسب رأيه، كل ما لدينا" دوماً، وليس الآن فقط، سلطة..". " إن فكرة تماهي السلطة والدولة، أو ابتلاع السلطة للدولة، أو هيمنتها عليها"، حسب السيد لؤي،" قد تفهم على أنه لو تم سحب، أو انسحاب السلطة من الدولة فسنحصل على دولة ناجزة، ربما ينقصها بعض الرتوش". غير أن ما يراه هو غير ذلك، ولهذا فهو يحاول معرفة " سبب وظروف غياب الدولة " في سورية، بغرض البحث عن" سبل " لبنائها. هكذا إذن؛ إن فكرة عدم وجود الدولة في سورية، هي الفكرة المركزية في مقالته، غير أنها كما يبدو لي ليست الفكرة الوحيدة، بل ربما ليست المقصد، بل المدخل إلى مقاصد أخرى أفصحت عنها المقالة بتكثيف شديد من خلال بعض العبارات المتقنة في دلالتها. من هذه الأفكار نذكر: 1- أن انهيار السلطة، يشكل خطراً على البلد، وهذا الخطر هو خطر حقيقي يتعدى الخوف على " أهل الحكم" واحتمال اقتتالهم، إلى الخوف من "اقتتال أهلي". 2- الفكرة الثانية، وقد جاءت في جملة واحدة، تتعلق بالحدود الجغرافية" للكيان السياسي السوري"، أي للبلد السوري، التي لم تعترف النخب السورية لحد الآن بها. 3- عدم جدوى الخطاب المعارض الذي يدعو بمجمله لتحول "آمن" باتجاه الديمقراطية، على اعتبار أن النظام يدرك أن أي تحول في هذا الاتجاه يعني تفككه وانهياره، وبالتالي لا بد من التفكير بخطاب معارض مختلف، وربما بفعل سياسي مختلف لم تفصح عنه المقالة. بداية، وقبل إعادة قراءة ما جاء في مقالة السيد لؤي من أفكار وأطروحات، نود بإيجاز استعراض تطور مفهوم الدولة والسلطة في الفكر الغربي بحيث نستند في محاكمتنا له إلى مرجعية نظرية تحوز في الوقت الراهن على قبول عام من أغلب النخب الثقافية والسياسية. يعتبر ماكيافلي مبتكر فكرة الدولة الحديثة، فعلى يديه ولد المعنى الغربي المعاصر لمفهوم الدولة في القرن السادس عشر. بحسب رأيه تعرّف الدولة من خلال السيادة القانونية والسياسية؛ أي احتكار إصدار القوانين وتفسيرها وتطبيقها، وكذلك احتكار وسائل العنف والإكراه.المهمة الأساسية للدولة بحسب الفهم الماكيافلي هي الأمن وليس الأخلاق والحرية، وبالقياس إليه يمكن القول أن في سورية دولة أمنية بامتياز. بعد ماكيافلي حاول المفكر الفرنسي جان بودوان والمفكر الإنكليزي توماس هوبز شرح فكرة السيادة التي تعرف الدولة بدلالتها، وتميزها عن غيرها من المنظمات الاجتماعية. السيادة، بحسب بودوان، هي السلطة غير المحدودة والمستمرة في صنع القوانين وتعديلها، وأن أساس السيادة هو استنادها إلى القانون الطبيعي. وبإطلاق فكرة السيادة على يد هوبز حاول إيجاد تبرير فلسفي لضرورة الدولة الاستبدادية المطلقة. الحياة بلا نظام سياسي، بحسب هوبز حالة احتراب دائمة بين الجميع، وأن وجود الدولة الاستبدادية ضروري لحماية الناس من الزوال. وبالقياس إلى بودوان وهوبز يمكن القول أن في سورية دولة استبدادية بامتياز. تعرضت أفكار هوبز للانتقاد من قبل مفكر إنكليزي آخر هو جون لوك الذي شدد على أن الإنسان يتمتع بحقوق طبيعية، تتركز حول الحياة والحرية والملكية، هي جزء من القانون الأخلاقي الذي فرضه الله على البشر. وإن الهدف الأساس للدولة هو حماية هذه الحقوق الطبيعية للإنسان. وقد فرق لوك بين الدولة والحكومة التي تقوم على العهدة بالحكم لصالح حماية الحياة والحرية والملكية، وإذا قصرت في ذلك حق للمواطنين استبدالها. تعتبر أفكار لوك منبع الفكر الليبرالي المعاصر، وقد بنى عليه لاحقا مفكرو عصر التنوير مفهوم السيادة للشعب، أي أن الشعب هو مصدر الشرعية والسيادة في النظام السياسي. وقد ذهب مونتسكيو إلى حد المطالبة بفصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، واعتبرها أفضل ضمان للحرية في الدولة. وفي هذا الإطار أيضاً تحدث جان جاك روسو، الذي أكد على أن الهدف من التنظيم السياسي للمجتمع هو الحفاظ على الحقوق الطبيعية للإنسان، وأن القانون يجب أن يعبر عن الإرادة العامة للمجتمع. وتحت تأثير الفكر الإغريقي انحاز روسو إلى ما يسمى بالديمقراطية المباشرة، ورفض فكرة الديمقراطية التمثيلية. وبالقياس إلى المدارس الفكرية الليبرالية بمختلف اتجاهاتها، يمكن القول أن سورية تفتقر إلى الدولة والسلطة معاً، فكل ما فيها لا يتعدا عناصر من دولة وسلطة، أو هياكل شكلية من دولة وسلطة. وعلى العكس من التنظير الليبرالي للدولة، فإن المفكر الألماني هيغل قد أسقط من تنظيره للدولة فكرة السيادة للشعب، لصالح فكرة السيادة لطبقة النبلاء. فحسب هيغل " الدولة هي العقل المطلق المتيقن الذي لا يعترف بسلطة عدا سلطته، ولا يقر قواعد مجردة للخير والشر". الدولة هي" مسيرة الله في العالم" أو في التاريخ، وهي تعبير عن وحدة المجتمع و تجسيد لآماله القومية. في دولة هيغل الفرد خاضع لمشيئتها، ولذلك اعتبر هيغل معاديا لفكرة الديمقراطية الفردية. إن التراث الفكري الهيغلي المتعلق بالدولة يسمح لنا بالقول بوجود دولة سورية من طراز أوليغارشي. وعلى العكس من هيغل اعتبر ماركس الدولة عبارة عن أداة للسيطرة الطبقية، ولذلك الدوله عنده مساوية لأجهزة الحكم. يقول ماركس" الدولة أداة قمع ومصادرة للحرية، هدفها المحافظة على الامتيازات القائمة للطبقة الحاكمة، على حساب الأغلبية المحكومة المعدمة".وبالقياس إلى ماركس يمكن القول بوجود دولة سورية طبقية بامتياز. بتكثيف شديد، الدولة " هي الكيان السياسي والإطار التنظيمي الواسع لوحدة المجتمع والناظم لحياته الجماعية وموضع السيادة فيه"/موسوعة الكيال السياسية ص702/. بهذا المعنى الدولة في سورية لم تكن غائبة منذ الاستقلال، بل كانت تنمو وتطور، وتصير أكثر تعقيدا، بالعلاقة مع نمو وتطور المجتمع ذاته. من جانب آخر، و مع أن الدولة تمثل كينونة(كيان) تاريخية ضرورية في الاجتماع البشري، فهي تحتاج لكي توجد إلى اعتراف الآخرين بها، أي اعترافهم بسيادتها. عناصر الدولة بهذا المعنى هي الشعب والأرض والسلطة، وهي أيضا عناصر ضرورية وتاريخية. غير أن للدولة معناً ضيقاً يقتصر على مؤسسات الحكم. بهذا المعنى يتم الخلط بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة، ويعتبران شيئاً واحداً، تختصر الدولة بالسلطة، بل في عنصر من عناصرها المتمثل بأجهزة الحكم. فالسلطة بالمعنى الواسع تعبر عن نمط حياة الدولة، إنها تجل لوظائف الدولة، وهي بمجملها وظائف سيادية؛ أي قهرية، غايتها الأساسية ضبط وجود الدولة. بهذا المعنى الدولة لا تكون بلا سلطة، وبالتالي فإن سؤال الدولة والسلطة الذي يحيلهما إلى كيانين منفصلين، يمكن لأحدهما (السلطة) أن يهيمن على الآخر (الدولة)، أو يبتلعها أو يتماها معها هو سؤال خاطئ مبدئيا. كذلك الأمر فإن السؤال حول خروج السلطة من الدولة للحصول على دولة ناجزة هو أيضاً سؤال خاطئ. من جهة أخرى فإن مفهوم الدولة بالمعنى الضيق، أي في إشارته إلى مؤسسات الحكم، أو إلى النظام السياسي، كما هو عند ماركس وأغلبية المدارس الفكرية الغربية، فهو ينقل المصطلح من حقله الدلالي الخاص إلى حقل دلالي أخر، ويتحول بالتالي سؤال الدولة الذي هو من حيث الأساس سؤال في الوجود، إلى سؤال في الوضعية؛ أي كيف هي السلطة (وليس الدولة)، أو كيف هو النظام السياسي. هذا لا يعني أن السؤال حول وجود الدولة يلغي السؤال الآخر حول وضعيتها، فسؤال الوجود وسؤال الوضعية سؤالان يلازمان أي كائن تطوري، وبالتالي فهما يلازمان الدولة. غير أن ما نود لفت الانتباه إليه هو أن السؤال حول وضعية الدولة هو سؤال تطوري، أي يستهدف وضع الدولة في سلم التطور والتقدم. أما السؤال حول وضعية السلطة فهو سؤال يستهدف طابع النظام السياسي؛ وهذا يتحدد في ضوء بروز الوظائف العمومية للدولة (الدولة بالمعنى الضيق للكلمة) بالقياس إلى الوظائف الخاصة الفئوية أو الطبقية. وفي مجمل الأحوال، وبغض النظر عن اتساع أو ضيق الخلفية الاجتماعية للسلطة في الدولة الحديثة، أي مدى بروز وظائفها العمومية بالقياس إلى وظائفها الخاصة أو بالعكس، فإنها تتكون من ثلاث مستويات تشكل معا النظام السياسي؛ أي البناء الهيكلي للسلطة: 1- المستوى الأول يتكون من الحكام (الحاكم)، وهم دائما أشخاص حقيقيون. 2- المستوى الثاني يتكون من مؤسسات الحكم(أجهزة الحكم)، وهي دائما شخصيات اعتبارية. 3- المستوى الثالث يتكون من الصيغة التعاقدية، وهي جملة النواظم والروابط القانونية و التشريعية والأوامر الإدارية، التي تمارس السلطة من خلالها وظيفتها السيادية. وقد يكون من المفيد التذكير بأن ما ترسمه النظرية من حدود ومعالم لوجود و وضعية الدولة والسلطة، قد يختلف إلى هذه الدرجة أو تلك عن تشخيصيهما في التاريخ، فعلى هذا الصعيد ثمة انحرافات كثيرة. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الرأسمالية بصورة عامة، تتطلب بمنطقها الداخلي، وجود نظام سياسي ديمقراطي، لكن ذلك لا يعني أنه النظام السياسي الوحيد الذي ظهر تاريخيا في الرأسمالية، بل ثمة استثناءات كثيرة، فالتاريخ لا يحقق منطقة إلا من خلال المساومات و عبر التعرجات الحادة أحياناً. من كل ما تقدم، بل في ضوئه نود تسجيل الملاحظات التالية على ما جاء في مقالة السيد لؤي: أ-نختلف معه في رفضه وجود الدولة السورية سواء بالمعنى الواسع أو بالمعنى الضيق، ولا يصح اعتماد الدولة الغربية كحالة معيارية، لاختلاف السياقات التاريخية لصيرورة كل منهما. ب- نختلف معه في الصفة التي يطلقها على الدولة؛ أي " مجموع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية"، فالدولة سواء بالمعنى العام أو الضيق لا ينطبق على هذا التوصيف. ج- نختلف معه في غموض مقصده من " أن هذه الدولة لا تشكل إطاراً، ولا أساساً لدولة وطنية حديثة"، ونختلف معه بقوة إذا كان "المضمر" فيه هو تحطيم الدولة السورية سواء بمعناها الواسع أو الضيق، هذا المضمر الذي يحاول في أكثر من موضع في المقالة الإفصاح عن ذاته: "هل نخلص الدولة من السلطة، أم نبحث عن سبل بناء الدولة"." ما أراه أن هيكلية النظام السوري قائمة منذ عقود على ضرورة وجود حاكم عرفي". هذه المؤسسات لم ينتجها ولا يملكها المجتمع". بل أفصح عن ذاته بلا لبس في قوله "..فتحوله وانتقاله(يعني النظام السوري) إلى نظام ديمقراطي لن يتم إلا بتفككه..". " ..فلا يمكن حصول << تغيير سياسي حيوي>> في سورية بدون تداعي النظام السياسي العام"..الخ. وإن حصر التفكيك المقصود بفك " روابطه ومفاصله الرئيسية، التي هي حصراً آلياته القمعية"، لا يغير شيئا من حقيقة ما تم الإفصاح عنه قبل وبعد هذه العبارة التوضيحية. د- نتفق معه في فكرة أن" ضعف قوة السلطة، أو إرادة القوة لديها"،أي الفكرة كما وردت عند السيد ياسين الحاج صالح؛أي بمعنى ضعف قيام السلطة بوظيفتها السيادية، يمكن أن يشكل خطراً على البلد(الكيان السياسي)، غير أننا نختلف معه بقوة فيما يضمره قوله" أن النخب السورية لم تعترف لحد الآن بحدود جغرافية الكيان السياسي السوري".هل يتوجب على النخب السورية أن تشطب من ذاكرتها وحلمها لواء اسكندرون مثلا، أو هل عليها أن توافق على مطالب "إسرائيل" بالحدود الآمنة، والتخلي عن بضع "أشبار" من الأرض الوطنية. أم ربما المقصود هو تخلي بعض هذه النخب عن حلمها القومي بالوحدة، وبالتالي التخلي عن مجرد التفاعل التأملي، أو التعاطف مع ما يجري في ساحات عربية مختلفة، مثل فلسطين والعراق..الخ. وحتى لا يساء فهم الصديق لؤي فإني أدعوه إلى توضيح ما يراها من وجهة نظره "حدود جغرافية للكيان السياسي السوري". هـ - واتساقا مع أغلب ما يكتبه السيد لؤي، لم تفلت المعارضة من نقده، أو بالأحرى وعظه، ففي مقالته هذه يقول السيد لؤي: على المعارضة "أن تواجه نفسها ناقدة فهمها وتاريخها سعياً ليكون واضحاً بالنسبة لها البديل للنظام الاستبدادي". وبحدود ما أعلم جميع قوى المعارضة السورية تبنت النظام الديمقراطي كبديل للنظام الاستبدادي، ليس الآن فقط، بل منذ بعض الوقت، وإن بعض فصائلها قد تبناه منذ ثلاث عقود على الأقل، وأصبح سمة لبعضها الآخر من كثرة ما تحدث عنه. ربما موضوع نقد السيد لؤي لها هنا، ليس تبنيها للخيار الديمقراطي بحد ذاته، بل النهج الذي تتبعه للوصول إليه، أعني النهج الآمن والمتدرج، هذا النهج، الذي أنحاز إليه، يدرك بالتأكيد حجم العقبات الذي تعترضه و المخاطر المحتملة التي يمكن أن تصيب الكيان السياسي السوري، والتي يمكن أن يكون ثمنها باهظاً جداً، غير أنها لا ترى حتميتها كما يرى السيد لؤي، بل هي مخاطر محتملة فحسب، وفي مجمل الأحوال فهي لا ترقى إلى مستوى" الاقتتال الأهلي". بالطبع إن الكثير مما يمكن أن يقلل من احتمالية هذه المخاطر يتوقف على التحولات التي تجري في داخل السلطة، خصوصا لجهة إعادة النظر في أسلوب إدارتها لمصالحها( حتى لا أقول لمصالح البلد)، وبالتالي وعيها للمتغيرات الداخلية والخارجية، التي لم تعد تولد طلباً على الاستبداد، بل على الحرية والديمقراطية. وبالتأكيد ثمة الكثير الذي يتوقف على المعارضة فعله، وقد حاولت في كل ما أقوم به من نشاط ثقافي، وغير ثقافي، أن لا أكتفي بدور الواعظ لها، بل المشارك. عودة إلى بدء، لا يصح من وجهة نظرنا القول باندماج السلطة بالدولة، أو تماهيها معها..الخ، حتى لو كان المقصود بالدولة مؤسسات الحكم. الذي يمكن أن يندمج فعلاً هو المستوى الأول للسلطة؛ أي المستوى الشخصي، بالمستوى الثاني؛ أي مؤسسات الحكم، فتتحول المؤسسات عندئذ إلى أجهزة، وتكتسب طابعاً شخصانياً، وتتحول الصيغة التعاقدية للسلطة، مهما كانت ضيقة، إلى صيغة شخصانية، كما في تحول قانون الطوارئ إلى أحكام عرفية مثلاً. في سورية يا صديقي ثمة أجهزة للسلطة، وليس مؤسسات، وفي الأجهزة تضيع الحدود بين شخوصه الطبيعيين، وبين الطابع الاعتباري المفترض لها. وفي الغالب الأعم يعرف الجهاز من خلال تلك " الصدفة الواقفة على رأس الحركة فيه". السلطة في سورية هي سلطة جهازية بامتياز، لا تصلح بالتأكيد لكونها كذلك أساسا ولا إطاراً لدولة وطنية حديثة، ليس من الطراز الغربي الذي ربما يستلهمه الصديق لؤي، بل من الطراز الأفريقي، أو قل، للتخفيف من الصدمة، من الطراز الأمريكي اللاتيني أو الجنوب آسيوي. مع ذلك فإن التحول من وضعية السلطة الجهازية إلى وضعية السلطة المؤسساتية، أو من النظام الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي، ليس (على الطريقة التي تطبق في العراق)، بل كما حصل في جميع دول العالم التي ابتليت بالأنظمة الاستبدادية، سواء في أوربا الشرقية أو في أمريكا اللاتينية، وحتى في أفريقيا، بل وحتى في بعض الدول العربية والإسلامية، يبقى هو الخيار الممكن والمحتمل والمفضل.
#منذر_خدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منظمة التجارة العالمية-الفلسفة والأهداف
-
منظمة التجارة العالمية -المخاض الصعب
-
بمثابة بيان من أجل الديمقراطية
-
الديمقراطية في ميزان القوى الاجتماعية
-
الاوالية العامة للحراك الاجتماعي
-
التغيرات العالمية والديمقراطية
-
إشكالية الديمقراطية في سورية
-
دكتاتورية البروليتاريا أم الديمقراطية الشاملة
-
هل تعود سورية إلى النظام الديمقراطي
-
سيادة الرئيس....
-
الحزب السياسي ودوره في الصراع الاجتماعي
-
الإسلام والديمقراطية
-
الصراع الطبقي في الظروف الراهنة
-
الديمقراطية بالمعنى الإسلامي
-
قراءة في الحدث- الزلزال العراقي
-
الديمقراطية التي نريد
-
الصراع الطبقي وأشكاله
-
أزمة الديمقراطية في الوطن العربي
-
البناء الاجتماعي ومفاهيمه الأساسية
-
المادية التاريخية وسؤالها الأول
المزيد.....
-
مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا
...
-
في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و
...
-
قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
-
صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات
...
-
البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب
...
-
نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء
...
-
استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في
...
-
-بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله
...
-
مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا
...
-
ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|