|
تأملات - لحظة حرية حاسمة !
رضا الظاهر
الحوار المتمدن-العدد: 2695 - 2009 / 7 / 2 - 09:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لحظة الانسحاب تقترب من موعدها، اليوم، تصور "محرراً" مهزوماً، ولحظة الارهاب تقترب من موعدها خلال الأسابيع التي مضت تصور وحشاً جريحاً يائساً يواصل ارتكاب فظائعه. فقد شهدت الأسابيع الأخيرة موجة من أعمال الارهاب، مرتبطة بعملية انسحاب القوات الأجنبية من المدن، وبمساعي استكمالها اليوم، الثلاثين من حزيران. وفي غضون ذلك تشهد اللوحة السياسية التباسات ومخاوف، ونرى التناقض جلياً لدى أطراف سياسية، بينها قوى "مقررة"، ونراه أكثر جلاء لدى القوى "المحررة". فالعم سام يتحدث، تارة، عن مخاوف من تفاقم العنف بعد الانسحاب، وتارة أخرى عن قدرات القوات العراقية بما ينفي تلك المخاوف، مما يكشف عن "تخبط"، مقصود أغلب الظن، ميز سياسة واشنطن منذ "مابعد التحرير"، بل وحتى "ماقبل التحرير"، في فترة الاعداد للحرب وسيلة وحيدة للاطاحة بالدكتاتور، وما جرته هذه الوسيلة من عواقب وخيمة. ومن الجلي أن التصعيد الارهابي الحالي، وحتى المتوقع لاحقاً، من جانب قوى الظلام على اختلاف مشاربها، والذي ربما يوحي بمشروع عنف ما بعد الثلاثين من حزيران اذا جاز التعبير، يهدف الى الاستفادة من الفراغ الأمني المحتمل بسبب الانسحاب، وتوظيف ذلك سياسياً لاثبات وجود أمام قوى الاحتلال (الأميركان أساساً) للحصول على ما يمكن من المكاسب. وهذا في الواقع، يؤكد، رغم الصخب والزعيق حول "مقاومة" الاحتلال، أن قوى الارهاب تواصل تقديم المبررات لبقاء القوات الأجنبية واستمرار الاحتلال. وهي تدرك جيدأ أن العد التنازلي لانهاء الوجود العسكري الأجنبي يسحب من تحت أقدامها بساط الذرائع لاستمرار إجرامها الذي يستهدف الأبرياء، حيث تلحق قوى الحلف غير المقدس بين أيتام النظام المقبور، والقاعدة، والجماعات الاسلاموية، وبقايا المليشيات، الأذى بالشعب لا بالمحتل. وليس من العسير رؤية أن أحد أهداف هذه القوى يتمثل في السعي الى اشعال الفتنة الطائفية مجدداً وإحياء مليشياتها. ومما يلفت الانتباه، في هذا السياق، أنه عند استهداف المناطق ذات الأغلبية الشيعية يوحى بأن هذه المناطق كانت في وضع أفضل عندما كانت تحت سيطرة المليشيات، مما يعني عجز الحكومة وقواتها عن توفير الأمن. وينطبق هذا، في الواقع، على متطرفي الجانبين "السني" و"الشيعي"، حيث التشبث بالعودة الى دوامة العنف الطائفي والثأر المتبادل، في محاولة لاشعال الحريق باستثمار الوضع الأمني بعد الانسحاب. ومن ناحية أخرى فان وعود أوباما، التي عرضها في خطابه بالقاهرة، مؤخراً، حيث قدم تطمينات وعبر عن رغبة في ترك العراق لأهله، لابد أن توضع على المحك لتقرَن الأقوال بالأفعال، لا أن تبقى مجرد وعود معسولة. ومن هنا فان على الجانب العراقي أن يتعامل بيقظة عالية وحس وطني مرهف دون ركون الى تطمينات ووعود. ينبغي أن لا تكون لدينا أوهام بشأن نوايا واشنطن التي لن تنسحب وتنهي وجودها الفعلي في العراق بهذه البساطة التي تظهر في الوعود. واذا ما بدا نفوذها العسكري في طريقه الى التقلص و"الانهاء"، فان نفوذها السياسي والاقتصادي سيستمر، وإنها لن تتخلى بيسر عن ستراتيجيتها في مواصلة الهيمنة على قدرات العراق، ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، آخذين بالحسبان التحديات التي تواجهها السياسة الأميركية خلال العقد المقبل في شؤون الطاقة والثروة النفطية. من الصعب تصور أن واشنطن ستتخلى عما حققته من مكاسب عبر الحرب والاحتلال، رغم "التضحيات الكبيرة" التي قدمتها. ولسنا بحاجة الى أن نورد، ثانية، تصريحات كبار الجنرالات الأميركيين في العراق عن امكانية وآفاق البقاء هنا لعشر سنوات مقبلة. من ناحيتنا كعراقيين مطلوب منا موقف وطني موحد تجاه مسألة تنفيذ الجانب الأميركي للاتفاق، وعدم الالتفاف على الجدول الزمني بأية ذريعة كانت، بما في ذلك التدهور الأمني. ولابد من تصفية كل الملفات الخلافية العالقة، مثل موضوع الثروات النفطية وعلاقة الحكومة الاتحادية مع اقليم كردستان، وسوى ذلك مما يعوق تحقيق التوافق الوطني المنشود. سيكون انسحاب الثلاثين من حزيران خطوة هامة حقاً على صعيد استعادة سيادة بلادنا، لكنه يبقى مرهوناً بتعزيز التقدم على طريق تحقيق المشروع الوطني الديمقراطي الذي يشكل الضمانة الفعلية للاستقلال الوطني. وعلى الرغم من صلاحية مناسبة الثلاثين من حزيران 1920، ثورة العشرين، للتعبئة الوطنية واستثمار المشاعر، فان ربطها بالثلاثين من حزيران الحالي ينبغي أن لا يحجب حقيقة أنه جرى الالتفاف على مكاسب ثورة العشرين الوطنية التحررية في حينه عبر فرض المعاهدات والانتداب، فبات الاستقلال شكلياً والسيادة منقوصة حتى الرابع عشر من تموز 1958. * * * حيث يوظف "سياسيون" صخبهم حول "الوطنية"، في ظل صراع الامتيازات المحتدم، وحيث يبرر "سياسيون" معاناة الشعب المريرة بدم بارد، يتعين على الحكومة أن لا تكتفي بالحديث عن الجاهزية وتكرار التطمينات. ففضلاً عن رفع الاستعداد والتهيئة، يتطلب الأمر تطهير قوات الأمن من "المخترقين" والمفسدين، وتخليصها من مظاهر المحاصصة المقيتة، وإعادة بنائها على أسس وطنية تحقق ثقة الناس بها. اليوم لحظة تاريخية حاسمة تتطلب رهافة في الحس، وصدقاً في الوطنية، وشعوراً عالياً بالمسؤولية، وتضامناً في المصير .. وجدارة بلحظة الحرية. طريق الشعب - 30/6/ 2009
#رضا_الظاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأملات - قصور من رمال بلاد من أوهام !
-
تأملات - بلاد مبتلاة بقصص النوائب !
-
تأملات - التباس مفاهيم .. تباين امتيازات
-
تأملات : جمرة واهبات الحياة .. متقدة أبداً !
-
تأملات : مصباحك يضيء الينابيع والرايات !
-
في الذكرى التسعين لاغتيال روزا لوكسمبورغ تفاعل -البعد النسوي
...
-
الانتخابات.. دروس.. ودلالات
-
90 عاماً على اغتيال روزا لوكسمبورغ - ناقدة الرأسمالية .. مجا
...
-
متى تقرع أجراس المحرومين !؟
-
تأملات - جديرات بالاصغاء الى أصواتهن العادلة
-
تأملات -اجتهاد- اقصاء النساء
المزيد.....
-
ترامب: لا ناجين في حادث اصطدام الطائرة بالمروحية فوق نهر بوت
...
-
مغنية راب سودانية.. صوت يصدح أملا في زمن الحرب
-
غزة تشهد إطلاق سراح رهائن إسرائيليين جدد من أمام منزل يحيى ا
...
-
سلوان موميكا.. مقتل حارق القرآن في بث مباشر على تيك توك في ا
...
-
هل تمكّنت إسرائيل من إضعاف حماس عسكرياً؟
-
كيف استطاع أحمد الشرع أن يصل إلى رئاسة سوريا؟
-
من دمشق.. أمير قطر يدعو لحكومة -تمثل جميع الأطياف- في سوريا
...
-
ترامب: ليس هناك ناجون في حادثة تحطم الطائرتين فوق مطار ريغان
...
-
بن غفير: إطلاق سراح الرشق والزبيدي شهادة على الاستسلام ويجب
...
-
حافلات تقل سجناء فلسطينيين أفرج عنهم تغادر سجن عوفر الإسرائي
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|