أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد بوزكَو - اللغة والبكاء...والإنصاف














المزيد.....

اللغة والبكاء...والإنصاف


محمد بوزكَو

الحوار المتمدن-العدد: 2693 - 2009 / 6 / 30 - 07:23
المحور: حقوق الانسان
    


خلال الشهر المنصرم نظمت جمعية الماس بتنسيق مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالجهة الشرقية وفرع الناظور للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان لقاء حول الانتهاكات الجسيمة التي عرفها المغرب خلال سنوات الجمر والرصاص.
لا أريد أن أتحدث عما راج خلا ذلك اللقاء، لا عن الجو الحزين الذي ساد القاعة ولا عن كمية الدموع التي انهمرت، ولا عن تدخلات الأخ الصلحيوي الحادة والمؤسسة ولا عن غضب وتذمر المتضررين وعائلاتهم... كل ما شدني للكتابة عن هذا الحدث هو الجانب المتعلق بالمهمة التي كُلفت بها والتي تتعلق بترجمة كتاب " نساء كسرن جدار الصمت " الذي أعده المجلس أعلاه، إلى الأمازيغية...
نعم، رغم قصر المدة التي منحت لي، فقد انكببت على ترجمة مرويات تلك النساء بلهف وشغف...ليست حدة الحكي هي التي شدتني، ولكن حدة اللغة هي التي اخترقتني ولَوَت ذراعي... أن تترجم أقوال نساء أمازيغيات من لغة ليست لغتهن إلى لغتهن الأصلية كمثل تحرير سيكولوجي للذات الأمازيغية نفسها وإعادة اعتبار للغة ظلت رهينة الحكي لا الكتابة... خمس نساء، حفيظة من الناظور، يزة من الخميسات، خديجة من خنيفرة، أمي حليمة من قلعة السراغنة و توادا من اميلشيل... نساء أمازيغيات حكين معاناتهن خلال سنوات الرصاص... بقلب ينزف، بإحساس منفجر، وبشموخ مقتدر... كنت أقرأ ما كتب بالعربية وسرعان ما تنقلب العبارات في مخيلتي لتنسجم مع الصورة التي يفرزها دماغي طبيعيا... أسترجع المفردات وأعيدها إلى أصلها، أحرر الأحرف من أدوات النصب والشدة والرفع والضمة... فتنهمر دموعي خلسة من حرقة عذاب الكلمات... للكلام عذابه... إن كان صادقا، منسجما ومتكاملا... أن ينبع من القلب، أن يلبس لغة الأم وأن يتكامل صورة وصوتا...
فالإحساس مهما كان صادقا فانه لن يعكس قوة صدقيته إن خانته الكلمات أو خان الكلمات... فالكلام حين ينبع من القلب ويقل لغة هذا القلب فانه حتما سيؤدي مبتغاه الذي هو في آخر المطاف مبتغى الإنسان الحر...
على العموم، كانت سنوات الرصاص لحظة تاريخية سوداء من زمن مغرب لا زالت لحظات أخرى تترنح فيه بين مد وجزر، رمادية أحيانا وقاتمة أحيانا أخرى... إن كانت سنوات الرصاص قد أطلقوا عليها الرصاص في إطار سياسة جديدة لتبييض ما مضى من سواد، وان لم يتأكد بعد هل هو رصاص مطاطي أم حي... فان سنوات، إن لم نقل عقودا من الزمن لا زال فيها هذا المغرب يُصنَف بناء على المشرق... ضميره دائم مستتر تقديره مشرق ظاهر، حالا كان أم بدل... لذلك فهذه الأرض الأمازيغية الطيبة دائمة المعاناة، بسلخ جذورها وجلد لغتها واغتصاب ملامحها... أولا من منصف...؟
هذه الأرض لا تريد كلاما معلقا في الهواء، ولا تعابيرا كالكفتة، تفتنها من بعيد، ومن قريب تفتك بجهازها الهضمي.. لم تعد تحتاج للزواق، ولا لذبح الأذواق... هاته الأرض كتلك النسوة في حاجة للمصالحة معها ونفث الغبار المزيف عن ترابها... لقد بات ملحا إنشاء هيئة أخرى؛ هيئة للإنصاف والمصالحة مع الأرض الأمازيغية.
في إطارها سيتم انتشال رصاصات شرقية وأخرى غربية لازالت عالقة بجسدها المفتون... سيُمنح لها ميكرفونا لتكسر هي الأخرى جدار الصمت... سنلتقط نحن كلامها وندونه بأمازيغية قحة لتتحدى الحُكَرة والزوال...
تحدثت نساء وكسرن الصمت... وحان الوقت للأرض أن تتكلم كي لا يكسرها الصمت...
في تلك القاعة كان الكل مشدودا ومشدوها، وهو يتابع كلام أخ أحد الذين قتلوا في أحداث 1984 ، كان يتكلم بأمازيغية أصيلة وصادقة... كلمات تنبع من القلب نحو المستمع مباشرة بدون حواجز لغوية ولا تعبيرية... أحاسيس طرية ومفعمة بالعاطفة تنطلق كالسهم ليخترق فضاء القاعة المترنح في السكون.
تكلمت فتاة أخرى ولم تسعفها الكلمات... تكلمت عن الضربة التي أفسدت حضها في الحياة السوية... كانت ذاهبة للصيدلية فإذا بها تجد نفسها ممدودة على سرير... فاقدة للحركة إلى الآن... ولا جبيرة تجبر الضرر...
امتزج البكاء بالأسف... باحتجاج الصلحيوي... كلمات هذا الأخير صفق لها من حضر... هي الجزء الصادم لحقيقة لا تذيبها الدموع... ولا تجبرها جبيرة...
وبدون عقد...
مهما كان الضرر...
ومهما كان القرار...
فللغة حدة... وقرار..
ومع الأصل لا ينفع دوار...
أما الحقيقة... فلا تحجبها أسوار...



#محمد_بوزكَو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات.. ولا أصوات
- الكذب على الذات
- الرقص على لغتين
- تعريب السحور ..
- أَيور وشهر أيار... وباسل.
- أكوام عظم في الأرض.. واِثْري* في السماء
- ختان المرأة بالمركب الثقافي بمناسبة عيد المرأة
- أني كتبتُكِ وقرأتُكِ غدا...
- الرابطة المنحلة... فكريا
- تلفزتنا... قد نشاهدك لكننا لا نراك
- ماذا لو ذبح ابراهيم اسماعيل...
- التعريب...التغريب
- المغرب وطن لنا أم موطن لنا؟
- متاهة


المزيد.....




- تقنية التعرف على الوجه سلاح الجيش الإسرائيلي للإعدامات والاع ...
- نائبة مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة تشير إلى ازدواجية معايير ...
- أول رد فعل من نتنياهو بعد اعتقال اثنين من مكتبه في قضية التس ...
- حماس: اتفاق يوليو الماضي هو المفتاح لوقف الحرب وعودة الأسرى ...
- ممثل الأمم المتحدة يؤكد للسيستاني عدم التدخل في شؤون العراق ...
- فيديو: ما وراء قرار الاحتلال وقف عمل وكالة الأونروا؟
- السيسي يؤكد لعباس دعم مصر للسلطة الفلسطينية وحماية حق تقرير ...
- بعد توقيف 4 أشخاص بمكتب نتنياهو.. اعتقال ضابط إسرائيلي في قض ...
- أسامة حمدان: حظر الاونروا يؤكد اصرار الكيان على التمرد والاس ...
- موسكو تطلق سراح بعض العسكريين الأوكرانيين الأسرى


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد بوزكَو - اللغة والبكاء...والإنصاف