أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمرو اسماعيل - مفهوم الدين في القرن الواحد و العشرون















المزيد.....

مفهوم الدين في القرن الواحد و العشرون


عمرو اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 822 - 2004 / 5 / 2 - 11:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما أكتب في هذا الموضوع الشائك و أطرحه للنقاش سأحاول وصف الواقع وما يعبر عنه هذا الواقع من وجهة نظري وهنا يجب أن أوضح أنني لا أتكلم عن دين معين ولكني أتكلم عن المفهوم العام للدين و لا أتكلم عن شعب معين أو حضارة معينة و ذلك لأيماني أن الحركة الأنسانية والحضارة الأنسانية هي حركة جمعية متداخلة رغم أنني بالطبع سأعطي معظم الأمثلة من منطقتنا وثقافتنا والأديان المؤثرة فيها.
وفي البداية أؤكد أن الدين بصفة عامة هو من أهم مكونات البعد الثقافي و الحضاري لأي شعب و تنطبق هذه الحقيقة أكثر ما تنطبق علي الأسلام و شعوب منطقتنا رغم أنها ظاهرة أنسانية عامة .. كما أن مفهوم الدين وكيفية ممارسة شعائره علي النطاق الشعبي وليس النخبوي هو ما يعبر عن المفهوم الحقيقي للدين لأي شعب في أي مرحلة زمنية .
والدين في الغرب لم يفقد أهميته علي المستوي الفردي أو الجماعي ولكنه تحول خلال القرنين التاسع عشر والعشرين الي اختيار شخصي ليس فيه فرض لا من الكنيسة أو الدولة أو حتي المجتمع لا في الأعتقاد الديني و لا حتي في ممارسة شعائر الدين نفسه .. وهذا التحول لم يحدث بسهولة ولكنه حدث بعد قرون طويلة من القهر و الأستبداد والحروب الدينية.. و محاكم التفتيش في اسبانيا و باقي دول أوروبا والتي راح ضحيتها الكثير كانت خير مثال .. ولكن أوروبا و من خلال التجربة و فلاسفة التنوير اكتشفت انه مهما أهدرت من دماء فلن يغير شخص أو تغير جماعة عقيدتها الدينية و أن الحل الامثل يكمن في التعايش وفلسفة تقبل الاخر بناء علي اتفاق غير مكتوب في معظم الأحيان وهو دعني أومن بما أشاء لكي أدعك أنت أيضا تؤمن بما تشاء ولنختلف بالكلمة بدلا من السيف .. وهكذا تدريجيا انفصل الدين عن الدولة و السياسة وتحولت العلاقة بين الله و الأنسان الي علاقة علي المستوي الفردي دون أن يفقد الدين قيمته كحاجة أنسانية ضرورية .
ولعل أكثر فلاسفة الغرب الذين كان لهم أكبر الأثر في ذلك هو الفيلسوف الأنجليزي جون لوك وكتابه القيم رسائل في التسامح والذي استقي الدستور الأمريكي منه الكثير من بنوده.
في الغرب الآن اصبح من حق الأنسان أن يكون مسيحيا بروتستانتي أو كاثوليكي .. مسلما سني أو شيعي .. أو حتي بلا دين علي الأطلاق .. من حقه أن يذهب الي الكنيسة أو لا يذهب و المجتمع لا يستطيع أن يضطهد أي شخص بناءا علي معتقداته الدينية أو ممارسته لهذه الشعائر ويحترم المجتمع حق الفرد و الجماعة في الدعاية لمعتقداته طالما لا يمارس العنف أو التحريض عليه في هذه الدعاية .. ولن يستطيع أي شخص أن يدعي أن المسلمين في الغرب لم يستفيدوا من هذه المنظومة ويستمتعون بكامل الحرية في أقامة شعائرهم و الدعاية للأسلام طالما لايستخدموا العنف أو يحرضوا عليه والحقيقة التي ينساها الكثيرون هو أن التحريض علي العنف مجرم في كل قوانين الدول الغربية و هذه الحقيقة هى التي تضع بعض الدعاة المسلمين و أئمة المساجد في الغرب تحت طائلة القانون ويستغل بعض قادة جماعات العنف هذه الحالات القليلة لمحاولة أثبات تعصب الغرب ضد الأسلام .. قد يكون هناك بعض التعصب ضد الأسلام علي المستوي الفردي حتي من جانب بعض رجال الأدارة السياسية كما هي حالة بوش مثلا وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر ولكن القانون يحمي حرية العقيدة وهذه حقيقة لن يستطيع أي شخص في الغرب أن يغيرها حتي بوش أو بعض مساعديه من اليمين المحافظ .
هذا عن الغرب فماذا عنا في الدول العربية و الأسلامية .. أني أدعي أن نفس الشيء حدث عندنا علي المستوي الشعبي دون أن نعلن عن ذلك و لا أقول علي مستوي نظم الحكم التي تفصل الدين عن الدولة وتمنع قيام الأحزاب علي أساس ديني كما هو الحال في مصر أو نظم الحكم التي تتمسك بالشريعة الأسلامية كما هو الحال في السعودية أو أيران .
أني أعلنها أن الدين تحول في مجتمعاتنا الي اختيار شخصي علي مستوي العقيدة و علي مستوي ممارسة الشعائر.. سواء رضينا أم لم نرضي .. سواء اعترفنا بهذه الحقيقة أم لم نعترف .. ولن تستطيع أي جماعة سلفية أن تغير هذه الحقيقة مهما استخدمت من عنف بدني أو معنوي .. لن تستطيع جماعة الأخوان المسلمين باسلوبها السلمي المغطي بعنف معنوي أن تغير هذه الحقيقة ولن تستطيع القاعدة و حلفاءها مهما استخدمت العنف ومهما أهدرت من دماء أن تغير هذه الحقيقة .. لن يستطيع شيخ الأزهر و لا البابا أن يغير هذه الحقيقة .
أن تحول الدين الي اختيار شخصي هو اتفاق غير مكتوب و غير معلن علي المستوي الشعبي .. هل يستطيع أحد في عالمنا أن يجبر شخص علي ممارسة شعائر الأسلام أن لم يرغب في ذلك .. هل يستطيع شخص أو تستطيع جماعة أن تجبر شخص علي الذهاب الي المسجد أو الكنيسة أن لم يرغب هو في ذلك .
أن الدين علي المستوي الرسمي و العملي تحول الي خانة في البطاقة الشخصية .. أما علي المستوي الفردي و الفعلي فهو اختيار شخصي .
لقد تحولت كل المؤسسات الدينية في مصر سواء الأزهر أو المؤسسات البابوية الي مؤسسات استشارية بفعل حركة المجتمع الغير معلنة وليس فقط بسبب تدخل الدولة .. نحن نحتاج الي رجال الدين ولكن الحقيقة أننا نحتاجهم بنفس الطريقة التي يحتاجهم فيها اي أمريكي أو أوروبي .. حاجة معنوية و روحية ولكن في نهاية اليوم سيفعل كل منا ما هو مقتنع به سواء أطلق لحيته أم لا .. سواء قصر الثوب أو لبس الجينز .. سواء تحجبت المرأة أو قررت أن تكون مثل روبي .. لن تستطيع الدولة او المجتمع أو حتي الأسرة أن تفرض علي الفرد مفهوم للدين سواء في المظهر أو في الشعائر او في العقيدة نفسها شيئا ليس نابعا من داخله.
للأسف هذه هي الحقيقة في الغرب و عندنا الفرق بيننا أن الغرب اعترف بحرية الأختيار وجعلها دستورا .. أما نحن كالعادة نخفي رؤوسنا في الرمال كالنعام و نرفض الأعتراف بالحقيقة التي تمثل حركة التاريخ .. فيتقدموا و تزاداد معانتنا وتجاربنا الأليمة .
أن الأنسان ذاق بعد معاناة طويلة طعم الحرية و طعم حرية الأختيار ولن تستطيع قوة مهما كان جبروتها أن تحرمه من نعمة حرية الأرادة التي منحها الله له عندما استخلفه في الأرض .. لقد ذاق الأنسان طعم الحرية ولن يستطيع أحد أن يحرمه منها بعد الآن.
أن الحقيقة التي يجب أن نعيها جميعا أن الدين في القرن الواحد و العشرين هو اختيار شخصي وعلاقة خاصة بين الفرد و ربه .. أما ما يجمع بيننا جميعا فيجب أن يكون احترامنا للقانون الوضعي والذي نستطيع تغييره بالأتفاق والذي يستمد بنوده من كل الأفكار السامية والتي هي موجودة في كل الأديان من عدل و حرية و مساواة .
مهما علت الأصوات الصاخبة في الجماعات و الأحزاب الأسلامية و المسيحية فسيظل الدين و ممارسة شعائره هو اختيار شخصي لا يمكن فرضه.
فلتوفر كل جماعات العنف من جميع الأديان علي نفسها و علينا المعاناة ولتتحول الي الدعوة السلمية وتترك لنا حرية اختيار طريقنا لنتحمل أمام الله مسئولية هذا الأختيار في الآخرة .. هذا هو المفهوم الحقيقي للأسلام و المسيحية وكل الأديان السماوية من وجهة نظري وأنا لا أدعي أنني علي حق لأني لا أدعي أنني أمتلك الحقيقة .. هذا هو مفهوم الدين في القرن الواحد و العشرين في الغرب و عندنا حتي لو رفضنا الأعتراف بذلك .. والله أعلم



#عمرو_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الدين هو فعلا أفيون الشعوب.. أم أن هناك مفهوم أفيوني للدي ...
- الفضائيات .. أسرع طريق للشهرة .. والموت أيضا
- ما هو المعلوم من الدين بالضرورة ؟ أفيدوني أفادكم الله
- فلنرد كالرجال .. أو فلنصمت الي الأبد
- لكي تكون نجما فضائيا.. العمائم هي الحل
- قتل أم قتال في سبيل الله
- هنيئا للعرب الديكتاتورية و هنيئا لأمريكا تورطها في العراق
- أحداث العراق و مدريد ..و ثقافة قطع الشطرنج
- ألي أهل العراق.. قلة منكم تصر أنه لا يصلح لكم ألا الحجاج أو ...
- من لم يقرأ التاريخ؟ العلمانيون أم السلفيون
- نابليون بونابرت و أمريكا.. رب ضارة نافعة
- عمرو يا موسي ساكت ليه.. في الجامعة العربية بتعمل إيه
- شارون و مسلسل انتهاك العرض العربي
- باللهجة العامية.. مرارتنا اتفأعت
- الأسلام دين و دولة .. حقيقة أم وسيلة للوصول للسلطة
- صرخة ألم.. لقد بعث يزيد بن معاوية من قبره
- نكره أمريكا في العلن.. ونحبها في السر
- صراع الحضارات.. بدأ فكرة في كتاب و حوله بن لادن إلي حقيقة
- ثقافة خير أمة أخرجت للناس.. لابد أن تنتج حكاما مدي الحياة
- ديمقراطية السماء .. و ديكتاتورية الأرض


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمرو اسماعيل - مفهوم الدين في القرن الواحد و العشرون