أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسين الحاج صالح - بحثا عن توازنات جديدة.. إيران تتحرك!















المزيد.....

بحثا عن توازنات جديدة.. إيران تتحرك!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2692 - 2009 / 6 / 29 - 10:12
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لطالما أظهر نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ثنائية مؤسسية تمايز فيها موقع السيادة والاستمرارية المتمثل في مؤسسة "الولي الفقيه"، عن موقع السياسة والتغير المتمثل في رئاسة الجمهورية والبرلمان. الثنائية هذه التي ضمن توازن النظام وأضفت عليه قدرا من المرونة والحيوية عمرها أزيد من عشرين عاما. كانت العشرية الأولى استغرقت في تقلبات الصراع على السلطة ضمن الطيف الثوري المتنوع قبل أن يحسم لمصلحة نظرية ولاية الفقيه التي فصلها الإمام الخميني ذاته على مقاسه الشخصي. كانت علامة الحسم انتخاب رئيس يضوى إلى ظل المرشد المؤسس: علي خامنئي، الذي لم يكن محسوبا من طبقة رجال الدين الكبار في إيران وقتها، ولا كان آية من آيات الله العظمى.
قد يمكن النظر إلى الثنائية التي ظهرت بعد غياب الخميني كتعويض عن غياب المرشد المؤسس الذي توحدت السياسة والسيادة فيه، وكآلية مرونة للنظام الذي تجاوز مرحلة التأسيس. ولعلها بصورة ما انعكاس لثنائية الدين والسياسة.
لا نعني بحال أن نظام الجمهورية الإسلامية كان ثنائي الرأس، فقد كانت الكلمة العليا دوما لمؤسسة الولي الفقيه، لكنه (النظام) ضمن هوامش استقلالية مهمة للنخبة السياسة عن تلك المؤسسة التي ترمز لسيادة متعالية على السياسة، محتواها القيمي إسلام شيعي ووطنية إيرانية.
ضمن هذا الإطار كفل النظام السياسي الإيراني تداولا معقولا للنخب وتجددا للدماء التي تسري في عروقه. كل ذلك تحت سقوف مقررة سلفا وعبر مصافٍ دستورية ومؤسسية عديدة، لا تسمح بترشح ، ناهيك بفوز، أي مشكوك بولائهم للثورة والجمهورية الإسلامية. مع ذلك كان التجدد مهما، ولعله لا يقارن بما تعرفه أية دول عربية مشرقية، بما في ذلك لبنان. لإيران بنية دولة قومية، ينضبط بها المذهب الشيعي ولا يضبطها، رغم المظهر الإيديولوجي. والبنية هذه مستقلة نسبيا عن أشخاص الحاكمين وحيثياتهم، ولعلها تشكل أرضية إجماع قومي يشتغل كعامل ضبط للحركية السياسية ودوران النخب ضمن النظام العام.
ويبدو أن البنية الثنائية للنظام الإيراني تطل على ما يقاربها في المجتمع الإيراني ذاته. هناك أطياف إصلاحية واسعة منحت أكثرية أصواتها لمحمد خاتمي مرتين رغم أنه كان مقيدا في الغالب بولاية الفقيه وبالحرس الثوري وبعض الأجهزة العسكرية. وهي الأطياف التي تتعرض أكثر من غيرها لإغلاق منابرها الإعلامية وتقييد أنشطتها، وهي بالطبع التي وقفت إلى جانب موسوي في الانتخابات الأخيرة.
إن صح ذلك فإن البنية المذكورة تحدد إطار إجماع وطني إيراني مرن، أعني أرضية أعلى توافق ممكن بين الإيرانيين حاليا، وأعلى توازن سياسي لمجتمعهم. ثمة بلا ريب من يعترضون على جهاز الولي الفقيه بكليته، ومن يرفضون مبدأ الجمهورية الإسلامية من أساسه، لكن لا يبدو أنهم يشكلون قوة فعالة حاليا، ولو لأن أية مجموعات تفكر بهذه الطريقة ستمحق حتما. وعلى أية حال، لا يبدو أن هناك فرصة لتوافق إيراني مهم حول هذا الخيار راهنا. وهناك من جانب آخر مجموعات يوافقها أن تكُنَّ المؤسسات السياسية تحت جناح الولي الفقيه والأجهزة الأمنية والعسكرية والإيديولوجية الأكثر محافظة. وهو ما مثلته حكومة الرئيس محمود نجاد في فترته الأولى. فإذا حكمنا بالنتائج المشاهدة اليوم، تقرر لدينا أن هذا الخيار يقترن أيضا بمستوى أدنى من التوافق الداخلي الإيراني. ومعلوم أنه حيث يلحق السياسي (التعددي والاختلافي والتنازعي تعريفا) بالسيادي (الواحدي والإجماعي)، يرتفع صوت التخوين وتحتد النبرة الوطنية لإخماد صوت الشقاق الاجتماعي والسياسي الذي يثيره هذا التوجه حتما. هذا منزع عرضت إيران النجادية منه ما لا نفتقر إلى الخبرة به في بلداننا العربية.
ما أظهرته الانتحابات الإيرانية الأخيرة وتفاعلاتها هو انكسار الثنائية الموازِنة، لا من جهة انضواء السياسي، وقد كان مبدأ الحركية والتجدد في النظام، تحت كنف السيادي، بل انخراط هذا الأخير، متمثلا في السيد خامنئي نفسه، في المعركة السياسية بصورة مكشوفة، تضعه في موقع المنازعة وتنال من موقعه كقوة ثبات واستمرارية. قبل الانتخابات انحاز المرشد لمواصفات في الرئيس المأمول تنطبق على نجاد وحده، وتسرّع الرجل في الاحتفال بفوز مرشحه المفضل الرسمي، مصادقا على نتائج يرجح أنه يعلم أنه منازع فيها. هذا قبل أن يمضي إلى حد تحميل المحتجين على النتائج تلك المسؤولية عن دماء ضحاياهم التي سفكتها عناصر الأجهزة الموالية له وللمرشح الفائز. هذا كله يفتقر إلى الحكمة من وجهة نظر توازن نظام الجمهورية الإسلامية بالذات. كأنما الرجل الذي كان الشك بجدارته عاما حين تولى موقع المرشد قبل عشرين عاما يمنح بسلوكه هذا صدقية متجددة لتلك الشكوك. ولقد تردد في وسائل الإعلام أن هتافات ارتفعت في الشوارع تنادي بالموت لخامنئي، بعد أن كانت تكتفي بالمناداة بالموت للدكتاتور وإدانة "الانقلاب".
من جهتها تبدو الاحتجاجات النشطة في شوارع مدن إيرانية أقرب إلى الحرص على التوازن منها إلى تعطيل البنية الثنائية. ربما تحفزها رغبة بتوسيع المجال السياسي ومزيد من حريات النساء والأفراد والناشطين الإصلاحيين، لكنها لا تستهدف بحال الانقلاب على نظام الجمهورية الإسلامية أو المساس بمقر السيادة فيه.
في المحصلة، يبدو أن ضررا محققا قد وقع. فإذا أُقِرَ نجاد نهائيا على ما هو مرجح، فسيحكم مطعونا في شرعيته من قبل ثلث سكان بلده على الأقل. ومع انشقاق غير مسبوق في مؤسسات الحكم نفسه، وحتى في بعض أوساط العسكر على ما توارد في الأنباء. وقد يهرب إلى الأمام نحو مزيد من البلاغة الوطنية والتخوين والشعبوية، ومزيد من القمع معا. فإن تم التراجع عن نتائج الانتخابات، وهذا مستبعد جدا، فسينال ذلك من مكانة المرشد ومعه نجاد وفريقهما المشترك. ولو تخيلنا أن المرشح الإصلاحي يفوز بعد إعادة الانتخابات، فلا يبعد أن يجنح فريق نجاد إلى الفاشية كمخرج من المأزق الذي أوقع نفسه وإيران فيه.
من المحتمل جدا أن تتجاوز إيران هذه الأزمة التي لا تستطيع تحميل المسؤولية عنها لأي طرف خارجي. لكن بوحدة أقل للمجتمع والنخبة الإيرانيين، بمنسوب أعلى من الشقاق الاجتماعي والسياسي، وربما بتغذية مزاج متطرف، باتجاه يميني أو باتجاه ليبرالي، في أوساط المجتمع الإيراني الفتي. بتوازن وطني مختل.
ربما إن لم تجدد إيران رأسها، فقد تفسد من رأسها.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات بصدد السياق السياسي والمؤسسي لمشروع قانون الأحوال ال ...
- نتنياهو، كيف حصلنا عليه؟ وأي سلم يتحصل منه؟
- ما معنى البقاء في السلطة إلى الأبد؟
- الكثير الذي فات خطابك يا أخ أوباما!
- هذه أو هذه وإلا فتلك: عقائد الحتمية في السياسة السورية
- نظرات في اللوحة الإيديولوجية العربية السائدة
- العلمانية والقومية والامبريالية.. أسئلة مفتوحة
- نظريتان في الطائفية.. بلا نظر
- الكتابة العمومية كسياسة كتابة
- نظرية الحتمية الثقافية في الثقافة السورية مقالة ضد العناد
- الفكرة القومية العربية (والإسلامية) كإيديولوجيتي حرب أهلية
- مسار حرج لتطور الوضع الكردي السوري
- في ذهنية المنفعة ونقد الثقافة
- العلم والفتوى و..الفوضى
- كيف نتقدم؟ أبالثقافة أولا؟
- مفهوم سيادة الدولة كأساس لحرية الاعتقاد الديني
- عولمة التقدم وانبعاث التخلف
- في عالم -الخطيئة الأصلية-
- أي رصيد للقوة بحوزة حركات المعارضة -العلمانية- العربية؟
- من يصغر مصر الكبيرة؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسين الحاج صالح - بحثا عن توازنات جديدة.. إيران تتحرك!