أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - ما معنى التنوير














المزيد.....

ما معنى التنوير


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2690 - 2009 / 6 / 27 - 09:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"نعم، يمكن لإنسان أن يرجئ التنوير فيما ينبغي عليه معرفته، أما التخلي عنه، سواء بالنسبة لشخصه، أو أكثر من ذلك، بالنسبة للأجيال، فهو خرق للحقوق المقدسة للإنسانية ودوس عليها بالأقدام"
كانط 1784
مهدي النجار

ان طرح سؤال " ما معنى التنوير؟ " وإعادة طرحه وتكراره على ثقافة المجتمعات الاسلامية بات اكثر راهنية وإلحاحاً لانه يعادل تقريباً في اهميته السؤال: ما هي الحقيقة؟ يجب الاجابة عنه قبل البدء بالتنوير طالما ان هذه المجتمعات قد تم إعاقة عقلها عن اعلان رشده التام فهو يعيش خارج فضاءات التنوير المعاصر ومحبوس في اسيجة ثقافة القرون الوسطى، بل احياناً نجده معطلاً في مفاهيم ومعتقدات عصور ما قبل الكتابة لذا فهو بحاجة الى نهضة تنويرية (ان لم نقل ثورة). ولابد بداية ان نمايز ونفصل فصلاً تاماً بين مفهوم التنوير المتعارف عليه في المجتمعات الإسلامية والمتداول في ثقافتها ومفهوم التنوير في ثقافة مجتمعات الحداثة التي أسست له وتعاملت به وبالذات المجتمعات الاوربية حتى يزال الخلط الذي نشأ في أذهان الناس وتصوراتهم عن ذلك. ان مفهوم التنوير في المجتمعات الاسلامية يقع ضمن دائرة الفهم الديني ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتبشير والدعوة لإله واحد. ويتلخص التنوير الديني بهذه الآية الكريمة: " قد جاءَكمُ منَ اللهِ نورٌ وكتابٌ مبين*يَهدي به الله من أتبعَ رضوانهُ سُبل السلامِ ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنهِ ويهديهم الى صراط مستقيم" [المائدة:15 -16 ] وبالطبع اخراج الناس من الظلمات الى النور معناه اخراجهم من الشِرك الى التوحيد، إخراج الناس من عبودية الاصنام والآلهة المتعددة الى عبودية الله الواحد الأحد وهذا مرهون برضا الله: " ومن لمَّ يجعل اللهُ له نوراً فما لهُ من نورٍ" [النور:40 ] ويتمتع الدين الاسلامي بخاصية متمايزة في هذا المضمار فهو الاكثر بين الديانات السماوية إلحاحاً على مسألة التوحيد الرباني ونقل الناس من تعدد العبادات الى عبادة واحدة هي عبادة الله الذي لا شريك له، وهنا تكمن مفهومية التنوير الديني، اي في مجال التوحيد، والتي لا علاقة لها بالمفهوم العلماني كما هو سائد في ثقافة المجتمعات الاوربية.
نفس السؤال المهم " ما معنى التنوير" اجاب عليه المفكر الالماني كانط عام 1784 في تعريفه للتنوير: " هو خروج الإنسان من القصور الذي يرجع إليه هو ذاته. والقصور هو عدم قدرة المرء على استخدام عقله ( او فهمه ) دون قيادة الغير ".والآن اذا تساءلنا والحالة هذه: هل يمكن اقامة علاقة بين التنوير الديني والتنوير العلماني،او بسؤال آخر: هل يمكن لرجال الدين المسلمين ان ينشطوا في كلا المجالين، مجال التنوير الديني (الدعوة لإله واحد والالتزام بشرعه وتعاليمه وتوصياته) ومجال التنوير المعاصر (الدعوة لاخراج الناس من قصورهم الذاتي ومساعدتهم لبلوغ الرشد العقلي وتحرير العقل الاسلامي من الوصايا المفروضة عليه) ؟ ان رجل الدين مُلزم بأن يُعلم اتباعه وجماعته معتقدات الطائفة التي ينتمي اليها فاذا كان خطيباً او واعظاً او امام مسجد ينبغي ان يعبر عن مواقف ومعتقدات طائفته (او ملته) الدينية في خطبه ومواعظه العامة مثل خطبة صلاة الجمعة او خطب المناسبات الدينية، ينبغي ان يتحدث ضمن ما تحدده المرجعية وعلى اساس ما تؤمن به طائفته وتعتقد انه صحيح، لان هذا الواعظ او الخطيب تم اختياره (او تعيينه) في هذه المهمة على اساس هذا الشرط، ولكنه يتمتع، كرجل فكر، بكامل الحرية في ان يفضي للجمهور بكل افكاره المدروسة بعناية والمنبثقة عن نية حسنة حول ماهو خاطئ في معتقدات وممارسات طائفته واقتراحاته الرامية لتطوير تلك المعتقدات وعقلنة الممارسات والطقوس الدينية، بل وان هذا يعتبر جزءاً من رسالته لانه من الجهالة التي تؤدي الى تصاعد الجهالات ان يكون اوصياء الناس (في الامور الدينية) هم انفسهم قاصرين ايضاً.نلاحظ في الحالة الاولى حين اخضع رجل الدين عقله او فهمه لسلطة مرجعيتة الدينية فانه استعمل عقله استعمالاً خصوصياً – كما يعبر عنه كانط – ويمكن تقييد هذا العقل بصرامة شديدة دون ان يعوق ذلك بشكل خاص تقدم التنوير، اما في الحالة الثانية حين نشط رجل الدين كرجل فكر ايضاً فقد استعمل عقله استعمالاً عمومياً وتمتع بكامل الحرية في التعبير عن آراءه وتحليلاته الشخصية خارج نطاق سلطة المرجعية باعتباره فرد حر، بصفته رجل فكر من حقه ان ينتقد المرجعية نفسها ومن حقه ان يُشذب ما علق بطقوس وممارسات طائفته من شوائب معتقدية بالية ووهمية لان الاستعمال العمومي للعقل يجب ان يكون دائماً حراً وغير مقيد بأوصياء وهو وحده يؤدي الى تنوير الناس.
لا ريب ان عصرنا الراهن يتمايز عن بقية العصور بعالميته ويوصف – شئنا ام ابينا – بأنه عصر التنوير، لكن هل تعيش المجتمعات الاسلامية حالة التنوير؟ لا. ولكن تعيش بالتأكيد في عصر للتنوير ، فهي على العموم مجتمعات منغلقة في ثقافتها ولا تساهم إلا قليلاً في تنوير الجنس البشري ولا تسير عربتها التاريخية الى الامام إنما تتقهقر الى الخلف، الى ازمنة بدائية يهيمن فيها الاستبداد على عقول الناس، الاستبداد بنوعيه اللاهوتي والسياسي جاعلاً من الفرد ذاتاً قابلة للسحق والتفتيت كل حين. لذا يمكن لشيوخ الدين المتنورين ان يجازفوا ويلعبوا ادواراً مُشرقة في إيقاظ ابناء مجتمعاتهم، دون مساس بواجبات وظيفتهم، ان يعرضوا على انظار العالم، بصفتهم رجال فكر، بكيفية حرة وعمومية، احكامهم وآراءهم التي تختلف في هذه النقطة او تلك عن احكام وآراء الطائفة التي ينتمون اليها، خاصة وان اصواتهم هي الاكثر سماعاً والاكثر جذباً في هذه المجتمعات ويساهموا في تنوير الناس كما فعل الشجعان من اسلافهم، امثال محمد عبده، وعبد الرحمن الكواكبي، ، وعلى عبد الرازق، والطاهر حداد، ومحمد حسين النائيني، ومحمد رضا الشبيبي...وهذا النشاط التنويري لا يتعارض مع ثوابتهم الدينية والمعتقدية بل يعززها ويغنيها ويجعل من الفرد داخل المجتمعات الإسلامية، كامل الرشد وكامل الاهلية، غير خاضع لوصايات الزجر والإكراه ومنطق تعطيل الإرادة والعقل.



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الظلاميون يقرعون الطبول
- نقد ثقافة الجماهير اسلامية
- اليوبيل الذهبي لاتحاد الادباء والكتاب في العراق
- التعليم في المجتمعات الاسلامية..الاستاذ اولاً
- انتبهوا: السيد مانديلا يطرق الابواب
- الشيطان في المعنى الاسلامي
- خيانة العقل في الإعجاز العلمي: كروية الأرض نموذجاً
- كيف يقرأ المسلمون احوالهم
- الثواب والعقاب في الخطاب الاسلامي
- محنة النساء في الذهنية التقليدية
- انصر اخاك ظالماً او مظلوماً: البشير نموذجاً
- مفهوم العلم بين الاسلام والحداثة
- عصا البشير وضربات الجزاء
- في الاعجاز العلمي...من يضحك على من؟!
- قراءة جديدة في الامام علي
- التقديس في الذهنية الاسلامية
- الاسلام المتشدد وأوهام التفوق
- قراءة جديدة في الرسول الكريم
- علماء الجهالة وحديث الاإبل
- علماء الجهالة وحديث الذبابة


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - ما معنى التنوير