|
نحو نهوض كفاحي ضد عالم الاستغلال والقهر
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 821 - 2004 / 5 / 1 - 03:58
المحور:
الحركة العمالية والنقابية ودور اليسار في المرحلة الراهنة - ملف 1 ايار 2004
في الأول من أيار كل عام ، منذ أواخر القرن التاسع عشر ، تقف الطبقة العاملة والإنسانية التقدمية في مشارق الأرض ومغاربها ، إجلالاً لشهداء النضال من أجل عالم أفضل خال من استغلال الإنسان للإنسان .. خال من اعتداء شعب على شعب آخر ، عالم تسوده المساواة في حق الحياة والرغيف والحرية والكرامة ، وتتفتح فيه العيون على الماضي والحاضر والمستقبل . ماذا جرى من نجاحات وأخطاء في الماضي ؟ وماذا يجري الآن من معاناة وقضايا ينبغي مواجهتها وإيجاد الحلول لها ؟ وماذا يجب أن نفعل كي تحقق مسيرة الكفاح الطبقي المرير أهدافها النبيلة ؟ . ويؤلمنا أن نسجل في احتفالنا بأول أيار هذا العام تراجعاً دراماتيكياً مستمراً منذ انهيار المعسكر الاشتراكي في مسار الحركات العمالية والنقابية واليسارية ، وتمكن الوحش الرأسمالي الأمريكي من التفرد بالهيمنة على العالم ، ومن امتلاكه وحلفائه وعملائه المبادرة في الهجوم المتواصل على مكونات هذه الحركات من أحزاب ونقابات واتحادات . ونتيجة لذلك تكابد الطبقة العاملة والقوى اليسارية ومحبي الإنسانية في كل مكان من الهجمات الظالمة على مكتسبات الطبقة العاملة في البلدان الصناعية المتطورة ، حيث يجري بشكل فظ الإلغاء المتدرج للمكتسبات الاجتماعية والنقابية ، ومن أكثر الحروب عدوانية وفاشية التي افتتحت بالحرب الإجرامية على أفغانستان باسم مكافحة الإرهاب ، والحرب على العراق باسم البحث عن أسلحة الدمار الشامل ، والحرب على الشعب الفلسطيني باسم عملية السلام ، والعودة إلى عهد الانقلابات العسكرية كما حصل في باكستان وهاييتي وليبريا وفنـزويلا ، ومن النهب المتوحش لثروات الشعوب في الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، وفرض قانون السوق غير المتكافئ على البلدان الضعيفة ، يضاف إلى ذلك تفشي ظاهرة الإنهزامية لدى عدد من القوى والأحزاب اليسارية التي تخلت عن ماضيها الكفاحي ومواقعها الطبقية والتقدمية وانتقلت إلى خندق العدو الطبقي .. ألد أعداء الإنسانية ، وجعلت من نفسها أدوات تبرير وتمويه للاستغلال البشع للطبقات الكادحة والشعوب الفقيرة ، لصالح التعولم الأمريكي المتغول بامتياز ، ولصالح بورجوازيات بلدانها الطفيلية القميئة . وقد أدى هذا التراجع الإنهياري في الحركات العمالية والنقابية واليسارية والإمعان في التغول الإمبريالي إلى نتائج اجتماعية غاية في التردي والبؤس بالنسبة لمليارات الناس في مجتمعنا البشري . تؤكد ذلك في غاية الوضوح كافة الإحصائيات الصادرة عن مؤسسات تابعة للأمم المتحدة وكثير من مراكز البحوث الاجتماعية . ففي الوقت الذي تتركز فيه معظم ثروة العالم بأيدي قلة من الناس ( 350) شخصاً يملكون أكثر مما يملكه مليارين من البشر - بل غيتس ملك الاتصالات يملك (100) مليار دولار لوحده - وهذا المبلغ يساوي الدخل القومي لأفرقيا كلها ، وفي الوقت الذي تصرف فيه الدول العظمى والغنية آلاف المليارات من الدولارات سنوياً على التسلح والحروب العدوانية ، فإن ( 900 ) إنسان يموت كل نصف ساعة من الجوع ، و ( 200 ) مليون طفل ينامون دون طعام ، و ( 850 ) مليون أمي ، و ( 800 ) مليون جائع ، و ( 800 ) مليون محرومون من الخدمات الصحية ، ومليار محرومون من مياه الشرب النظيفة ، و ( 850 ) مليون أمي ، ومليار إنسان يعيشون على أقل من دولار في اليوم . أما في الوطن العربي ، حيث تحكم الأسر الملكية والجمهورية ، فإن معظم ثروات البلاد قد هربت والتي تقدر ب ( 2250 ) مليار دولار ، وأنفقت (16 ) دولة عربي على التسلح خلال أعوام ( 1986 ـ 1994 ) أكثر من ( 300 ) مليار دولار ، السعودية وحدها أنفقت ( 145 ) مليار دولار . بينما يوجد ( 10 ) ملايين طفل بلا مدارس ، و ( 15 ) مليون عامل عاطل عن العمل ، ونصف نساء البلدان العربية أميات ، والمجاعات منتشرة في أكثر بلد عربي ، وهناك عشرات الملايين إما محرومون من السكن أو أن أوضاعهم السكنية سيئة للغاية . والتدمير الشامل للإنسان والوطن جار على قدم وساق في فلسطين والعراق . وبناء على ما تقدم ، فإن هناك تناقضاً صارخاً بين تراجع الحركات العمالية والنقابية واليسارية وبين الواقع السياسي والاجتماعي الراهن عالمياً وعربياً ، الذي يصرخ مطالباً بحضور هذه الحركات ، بل وبزيادة فعاليتها وانتشارها ، بين التردد أو التراجع الإيديولوجي لدى قسم من هذه الحركات وبين تأكيد الحياة على أهمية الإيديولوجيا المواكبة لمتطلبات العصر في الصراع الطبقي .. بل وفي الصراع العالمي الآن ضد الرأسمالية الكونية . من هنا ، فإن أول أيار هذا العام يطرح ، أمام الطبقة العاملة وكل قوى الإنسانية المحبة للحرية والسلام والعدالة على اختلاف ألوان أطيافها السياسية والفكرية ، المهمة الملحة قبل أية مهام أخرى ، أن توحد صفوفها وتشكل جبهتها الموحدة في مواجهة الإمبريالية العالمية التي تمعن في سياساتها وحروبه لاستعباد الشعوب وترسيخ سيطرتها وامتيازاتها ولو أدى ذلك إلى سفك أنهار من دماء الشعوب . إن التفرد الرأسمالي الدولي ممثلاً بقمته الأمريكية في السيطرة على العالم جعل المليارات من البشر شعوباً ودولاً موضوعاً مفتوحاً للهيمنة والنهب ،فاتحاً بذلك مسرح الصراع العالمي على مداه ، ولم يترك أمام المستهدفين بالإذلال والعبودية خياراً سوى المقاومة . وإذ يفرض الرأسمال الدولي هذه الشمولية في الصراع يفقد قدرته باستخدام أسلحته الشمولية ويبدأ العد العكسي لنهايته . وهنا بالضبط مكمن ضعفه ، ومكمن قوة الكادحين والشعوب ، وليس للحركات العمالية والنقابية واليسارية والإنسانية إلا أن تنهض .. إلا أن تكون طليعة النضال والمقاومة .
ـ كاتب ونقابي سوري ـ هولندا
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
الطبقة العاملـة والعمل النقابي في فلسطين ودور اليسار في المر
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|