أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي الأسدي - الأستاذ سيار الجميل .. و - وطن المثقفين وافيون السياسيين -















المزيد.....

الأستاذ سيار الجميل .. و - وطن المثقفين وافيون السياسيين -


علي الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2688 - 2009 / 6 / 25 - 09:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



تعقيب على مقال البرفيسور سيار الجميل " وطن المثقفين وأفيون السياسيين "
المنشور يوم 20 الجاري في عدد من المواقع الصحفية.

يعتبر الاستاذ سيار الجميل واحدا من أكثر الكتاب اهتماما بالشأن الثقافي العراقي وأنشطهم سعيا لتخليص الثقافة العراقية من ما سماه التلوث السياسي الذي حل في بلادنا منذ عقود. مقاله القيم الأخير " وطن المثقفين وأفيون السياسيين " يحتل أهمية بالغة في ظروف بلادنا الحالية ، وذلك لأنه يوجه الأنظار نحو ظاهرة شديدة الغرابة والخطورة في آن واحد ، الاستهلاكية والارتزاق و التشظي وإذا ما استمر الحال هكذا وإذا لم يتخذ المثقفون والعلماء والأدباء والفنانون العراقيون النجباء في داخل الوطن وخارجه موقفا سريعا وحريصا لتحسين حالة المثقف والثقافة في العراق ، فإن أي محاولة متأخرة ستكون عسيرة ومكلفة وطويلة. إن الأفكار التي أوردها في مقاله تستدعي التأمل وإعادة التفكير بثقافتنا الذاتية وثقافة المحيط عموما ، وبضرورة البحث عن سبل الارتقاء بهما بعيدا عن الواقع السيئ السائد حاليا. وأنه لمن الموضوعية تماما أن يبدأ المثقفون بما فيهم الذين انخرطوا في مهنة الارتزاق البذيئة تحت سياط " الحرمان والفاقة " بإعادة تقييم ما هم عليه من فكر وقيم ، وما ينبغي عليهم عمله لابعاد الثقافة والمثقف عن تبعيتها لرجل السلطة والانغماس في التفاهة السياسية ، والسعي لإعادة الاستقلالية والتسامي لنهجها ونتاجها الذي عرفت به إبان خمسينيات وستينيات القرن الماضي الذي طالما وصفه الأستاذ الجميل ب " الزمن البديع ".

إن المقال يعكس في الوقت نفسه صورة قاتمة للمشهد الثقافي في الوقت الراهن معتبرا دون استثناء هيمنة الارتزاق والاستهلاكية على عمل ونشاط مدعي الثقافة وأنصاف المثقفين. لكنني لا أتفق معه تماما ، فالوجه الآخر للمثقف العراقي مازال مشرقا وواعدا ، ولنا من رواد الثقافة ورسلها برغم ندرتهم من قدم للعراق وللثقافة العالمية ما لم تقدمه حكومات العراق خلال نصف القرن الماضي. والأستاذ سيار وآخرون كانوا وما زالوا الوجه المشرق للثقافة الأصيلة والمثقف العراقي الملتزم مع اختلافنا في تعريف الالتزام. ومع أني شديد الإحباط مما يميز المشهد السياسي من غموض واضطراب غير أني متفائل بتلك الفئة القليلة التي تشق طريقها وسط العتمة والجهل والانتهازية لإعادة الإصالة إلى الثقافة العراقية وعزل ودحر ثقافة الابتذال الرخيصة.

و أرى في الوقت نفسه أن ليس المثقف من يلام ويحمل مسئولية ما يجري. فواقع حياة المثقف العراقي سيئة جدا ، حيث العوز والفاقة والجوع إذا لم نقل التجويع الذي هو الهم المطلق لكل من يعانيه. هناك مقولة لجان جاك روسو يقول فيها : "لكل إنسان الحق في المجازفة بحياته للحفاظ عليها. هل قال أحدهم يوما ما ، إن الشخص الذي يلقي بنفسه من النافذة هربا من النار، متهم بالانتحار؟
إن أزمة المثقف هي من أزمة المجتمع العراقي كله التي سببتها له عوامل عدة ليس العراق وحده من كان ضحيتها ومثالها المحزن والمؤسف. ومع فارق ضئيل نجد أن الظاهرة بينة في المجتمعات المحيطة بالعراق أيضا ، ولعل العامل الأساس في عدم استشراء ظاهرة الانكفاء الثقافي هناك كما في العراق ، هو الأحداث السياسية التي انفرد بها الأخير ولم تمر بمثيلها تلك المجتمعات خلال تاريخها الحديث.

لقد تفضلت وتحدثت عن الكثير من مساوئ السياسات الحكومية خلال العقود الستة الماضية. فتبعيث المجتمع وتسييسه وعسكرته خلال العقود الأربعة قبل 2003 كان لها ضررها القاتل المباشر على الثقافة وحملتها بصور مختلفة. لكن نظرة منصفة لواقع العلم والأدب والثقافة والمثقف العراقي في الوقت الحالي ، تتطلب منا عدم نسيان ما تركته تلك الفترة المظلمة في تكوينه النفسي وأخلاقه وخياراته وقيمه ، وكذلك ما يتعرض له حاليا من مفاهيم ثقافية تحت تأثير الدين والمذهب والطائفة والقبيلة. ولا ننسى أن هناك ميل بشري إلى السير مع التيار. فمن يقف ضد تلك الثقافة الوافدة إذا كانت أكثرية المجتمع تؤمن بها بصرف النظر عن عقمها وتخلفها وقبحها؟ ولا ينبغي لنا أن نتعجب من سهولة استدراج مواطنينا للتجاوب مع الأوضاع القائمة وتصديق الشعوذة والإيمان بالخرافات ، ويتقبلون الاستغلال والقمع والتجنيد للحروب الطائفية والقبلية والعنصرية ، ويصدقون دون اعتراض ما يقوله القادة السياسيون والدينيون والطائفيون.

كما لا يجب النظر إلى المثقف بمعزل عن ما يعانيه في حياته اليومي من انعدام الكهرباء في عز البرد وحر الصيف ، وعفونة البيئة المحيطة بمسكن المثقف نتيجة عدم معالجة مياه الصرف الصحي ، وانعدام الماء الصالح للشرب ، والفساد والرشوة وانعدام الضمير،وانعدام الأمن والخرق الفاضح لحقوق المرأة والطفل وكبار السن والمعاقين ،و مشاكل الترمل واليتم والتشرد. إن كل هذا يشكل بيئة غير ملائمة لقراءة كتاب ومتابعة التثقيف وتطوير الذات حيث يكون شراء الكتاب على حساب لقمة العيش. وظهور مثقف حقيقي يلتزم برسالة إنسانية في مثل هذا الواقع يعتبر ظاهرة ترفية ، فلقمة العيش وتأمينها في يوم الغد هي الهم اليومي لغالبية مواطني العراق.

لقد ربط الاقتصادي الألماني آرتور شوبنهاور 1860 – 1788 بين أثر الجهد البدني الذي يبذله الانسان وبين ثقافته الفكرية حيث يقول " الجمهور لا يهتم بالثقافة الفكرية في الوقت الحاضر، لأن الغالبية العظمى من بني البشر منهمكة بتأدية العمل المرهق. فالإرهاق ورهافة الشعور أمران متناقضان دائما وأبدا ، سواء تعلق الأمر بحالة فريدة أو بحالة عامة ، ويكمن تفسير ذلك في أن الحياة تستند إلى كلا الأمرين ، الإرهاق ورهافة الشعور ، ولكن وبما أن " الفنون تهذب السلوك " فإن هناك فرصة في أن يختفي عن العالم شبح الحروب الكبيرة والصراعات والمنازعات الجانبية ". ومع أن شوبنهاور معروف بتشاؤمه إلا أنه هنا يبدو متفائلا حيث يقول أيضا " أن بني البشر قادرون على تحويل الرفاهية الاقتصادية إلى رقي فكري وأخلاقي ايضا ".

أعتقد أننا قبل أن نسأل أين المثقف وعن دوره في دوامة الحياة الصعبة كما تفضل الاستاذ سيار الجميل ، علينا أن نساعده على الخروج من دوامة الحياة الصعبة ، مع أن كلمة صعبة لا تعبر بحق عن معاناته في حياته اليومية. ونحن هنا نعني المثقفون المبدعون الحقيقيون من العلماء والأدباء والفنانين المتعففون عن الارتزاق السياسي والتهافت على فتاة السياسيين المبتذلين.

أما كيف نساعده فهذا ما يجب أن نعمل عليه ، وهي مهمة كل الخيرين من أبناء شعبنا لحث مؤسسات الدولة من مجلس نواب ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء لتشريع القوانين التي تعني بالثقافة ومؤسساتها وبدعم تنظيمات المثقفين من جمعيات ونواد ونقابات وتسهيل طباعة ونشر إنتاجهم ، وحل مشكلة البطالة التي تؤرق غالبيتهم ، ودعم وحماية الفرق المسرحية وصيانة دور المسرح والسينما التي تعاني الإهمال بعد التخريب الذي قادته زمر جاهلة متخلفة في السنين التي تلت احتلال البلاد. إن ضمان لقمة العيش وتحسين البيئة المحيطة بالمثقف العراقي شرط لسلامته من التلوث الفكري الذي سقط ضحيته الكثير من مثقفينا إبان سياسات الاحتواء والحروب السابقة والحالية ، هناك قول مأثور لشاعر وحكيم الهند طاغور جاء فيه:
" أعطني بيتا سعيدا وخذ وطنا سعيدا "
أعتقد أننا يجب أن نبدأ من هنا. مع خالص تقديري لكم.
علي ألأسدي
البصرة 21 / 6 / 09




#علي_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرامل العراقيات ... بين شقاء البطالة والعوز وعذاب العنف ال ...
- ماذا يجري خلف الكواليس... يا وزارة النفط....؟؟
- عندما يناجي طارق حجي... طائر الفينيق... ؛؛
- البعثيون والمصالحة الوطنية ... ؛؛
- في عراق العجائب ... حتى اللصوص يمنحون رواتب تقاعدية ..؟؟
- هل يحتمل الشيوعيون والتقدميون العراقيون ... انتكاسة انتخابية ...
- مدينة الشعلة...نصب تذكاري ...لحكومات عراقية فاشلة...؛؛
- ماهي المشكلة...حكومة يقودها ائتلاف شيعي لا تنصف شعبا همش لمد ...
- ماهي المشكلة.... لماذا تحولت وزارة الهجرة إلى وزارة روافض ون ...
- ما هي المشكلة.....هل يجيز الإسلام سرقة المال العام بينما تحر ...
- ماهي المشكلة....يا رئيس وزراء دولة القانون ...؟؟
- لا توجد أزمة في المار كسية ... بل ماركسيون شبعى ومترفون ...؛ ...
- تغيير اسم الحزب الشيوعي العراقي .. إلى...؟؟
- ملاحظات حول مقال .. بعض خصائص تطور الماركسية التاريخي - المن ...
- الحزب الشيوعي العراقي.. وفتوى انقلاب القيم في فقه ..- ميثم ا ...
- ماذا لوسمح المالكي لحزب البعث مزاولة نشاطه السياسي ...؟؟
- على ضوء قمة 20 في لندن/ الرأسمالية لم تعد تجدي... نريد المسا ...
- شوكت خزندار وآهاته على.... ما تبقى من حزب فهد...؛؛ الجزء الث ...
- شوكت خزندار وآهاته على ... ما تبقى من حزب فهد...؛؛
- أراء حول مقال : ماذا تبقى من حزب فهد ؟


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي الأسدي - الأستاذ سيار الجميل .. و - وطن المثقفين وافيون السياسيين -