جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2688 - 2009 / 6 / 25 - 10:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مخطي أو يُخطي من يظن أنني لا أولي جسد المرأة إهتمامي , فللجسد طقوس وللروح طقوس وللأرض ولونها وتضاريسها علاقة بالمرأة , فمعظم النساء تدل أجسامهن على دولة المنشأ , أنظروا للسعودية ؟ أو للخليجية بشكل عام إننا نعرف من أين هي دون أن ننظر بجواز سفرها , أنظروا إلى العُمانية أو العُماني , أليس مميزاً؟ أنظروا أيضاً إلى الصينية أو الكورية إننا لا نستطيع أن نقول عن الصيني أو الكوري أو الكورية أو الصينية أنها هندية أو لبنانية , لأن تفاصيل الجسد تقول الحقيقة دون أن نسألها .
الجسد يعلمنا أن نقول الحقيقة , يعلمنا الصدق في التعابير , فلولا جسد معشوقتي ما كنتُ أنا صادقا في كل كلمة أكتبها ,يعلمنا أن لا نكذب على أنفسنا , الجسد يجعلنا مبهورين به , إنه يقلب التاريخ إنه يقهر الروح أو يسعدها , ألم تقرأوا قول الشاعر ؟
نظري إلى وجه المُحب نعيمُ.
ومخطي أيضاً من يظن أنني أستحي من هذه الإتهامات , فجسد المرأة بركان ينفجر في وجوه الرجال ويغير أمزجتهم وأفكارهم وعقائدهم , ويزرع الأرض بالحجارة السوداء , ونهد الأردنية مثل الرمان الأردني ونهد الهندية مثل حبة جوز الهند , ونهد الخليجية طعمه كطعم التمر .
جسد المرأة زلزال يفتت جسد الرجل ويقطّعه أوصالا , جسد المرأة زلزال بقوة 100درجة يغير العوالم الأرضية وملامح الوجوه , وجسد المرأة فاتن حتى للمرأة ومدهش حتى للمرأة قبل الرجال .
ألا تلاحظون أيضاً أننا أحيانا نستاء من الجلوس في بعض الأمكنة ونراها وعرة ومقرفة ؟, كذلك الجسد أحيانا يكون مثل الأرض التي خرج منها .
مهما بلغنا من قوة ومن عظمة لا يوجد أعظم ولا أفضل ولا أقوى من جسد المرأة , فهو يقطعني نصفين أو ثلاث أنصاف أو مائة نصف , جسد المرأة الأردنية يشبه الأرض الأردنية وجسد السعودية يشبه الربع الخالي الذي أموت به من شدة العطش , وجسد اللبنانية رطوبة وشمس معتدلة , وجسد المصرية مثل النيل إللي يشرب منه يرجعله تاني .
أنا لا أستحي من جسد المرأة , جسد المرأة ثقفني فأنا قبل أن تقع يدي على جسد المرأة كنت أعيش في مغارة كنتُ في غابة مع أنكيدو فجاءني جلجامش وبعث بالبغي لي ولصديقي أنكيدو , فطهرني جسدها من خبثي ومن نجاستي , طهرني من الثقافة التي إستبدت بي 1000 عام وأكثر .
جسد المرأة أرسله لي يوسف شاهين في فلم باب الحديد على يد (هند رستم ) ملكة الإغراء العربي ملكة الجسد العربي , وكنتُ لأول مرة ألاحظ جرأة المخرج حين يستمني يوسف شاهين بين يديه على الجسد الصورة , وحين يجوع ولا يشرب ُ من الجسد فيتحول إلى وحش بربري كاسر تكون نهايته عبارة عن مأساة شكسبيرية في مستشفى للأمراض العقلية (منخوليا) , ولو أن هند رستم أعطته جسدها لتحول المجرم إلى فنان أو شاعر , أو من الممكن أن يثمل جداً فيدعي النبوة ويقول أنا النبي المنتظر بعثني الله للجسد كافة , بعثني كي أهدي اليدين على موقع النهدين , وأهدي العيون على موقع الخصر الملتوي .
أنا فنان وحين أبدع أكون قبلها قد ثملتُ من الجسد, الجسد يبعث بي الروح , الجسد هو الأصل وروح شيء وهمي وخرافي , للجسد عندي قداسة للجسد عندي صلاة وصيام وعيد فطر وعيد أضحخى وعيد عمال وعيد وطني أرفع فوقه علمي .
يقول نزار قباني :
لم تبق زاوية بجسم جميلة
إلا ومرت فوقها عرباتي
أنا حين أكتبُ عن جسد المرأة فإنني لا أعني الظاهر بل أعني المعاني الكبيرة , وسبق وقلت ذات مرة أن الأمير الإنكليزي في القرن السادس عشر حين دخل على الأميرة الإسبانية سألوه في الصباح : وكيف كانت العروس؟
فقال:
لقد قضيتُ معها يوماً كاملاً في إسبانيا .
إنه بهذا الجواب رأى بجسدها صورة إسبانيا الكتلونية رأى المياه والينابيع , النهد الأسمر مثلاُ في الخليج ربما يدل على البترول الأسود أو الذهب الأسود , أنا صدقوني وبدون مجاملة أستطيع على الأغلب أن أحدد هوية المرأة من خلال تفاصيل جسمها , ومن خلال تفاصيل الجسم أعرف عنها أشياء كثيرة , أعرف عنها كيف تكتب وكيف تقرأ ومن تعشق من الرجال , لذلك أنا أعرف عشيقاتي , وأعرف اللواتي يتخذنني لاعب إحتياط , وأعرف اللواتي يردن أن يزرعن أمام بيتي شجرة زيتون ويطلقن حمامة السلام , حمامة السلام وشجرة الزيتون تطلع من كف محبوبتي لتنام على كتفي وأعصابي الهادئة .
جسد المرأة ليس سلعة ,أرفض أن يكون سلعة , ولكن أستحلفكم بالذي تصلون له , أن تأتوا معي هذه الليلة لترو جسد معشوقتي كيف إنقسم مثل الآلهة (تعامة ) إلى نصفين وأصبح هو الأرض والسماء , كيف أصبح الأرض التي أدوسها والسماء التي أتلحفها ومع ذلك تقتلني بالهجر والدلال وقلة الحظ والبخت المايل .
تعالوا معي وأقسم بالذي تقسمون به وإنه قسم لو تعلمون عظيم , تعالوا وانظروا إلى أصابع كفيها كيف بها ترسم بالنجوم على علمي الوطني وكيف تصنع بداخلي ثورة مثل الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين بن علي , تعالوا هذا المساء وتنفسوا معي الصُعداء واشتموا رائحة الأكسجين التي تنبعث من نهديها , أليس من الغبن أن لا أرتوي من ترابي الوطني , أليس من الظلم أن لا أستدير حول نهديها الأسمريين , الذيين يبدوان مثل عصابة بدوية جاءت من الساحل لتقتص من قلم الفلاح الأردني , تعالوا معي لأعطيكم درساً ومحاضرة في النهد وفي الخصر الذي يلتوي مثل المئذنة الملتوية أو مثل العمارة الملتوية التي تلتوي على الدوار الثالث في جبا عمان .
إن للجسد رائحة الثوار فهو يستفز الكبير والصغير والكاهن والراهب والراقص والعابد , لو نظرتم بوجه وبجسد حبيبتي لفتنتم مثلي بالنهد , وبالساق حين تلتف على الساق أو بأصابع اليدين حين تتشابك مع بعضهما البعض ليضربا حولي حصاراً وقفصاً حديدياً .
من لا يعشق في المرأة جسدها وروحها وظلها الذي يمشي على الأرض ليس بعاشق , من لم يجعل محبوبته مثلي قديسة تأبى الدنس والمراجعة والمصادرة فليس بعاشق , من لا يرى في وطنه النساء كما أراهن أنا فهو من المستحيل أن يكون وطني , من لا يعشق المرأة لا يمكن أن يعشق الأرض , الأرض والحجارة والعمارات السكنية كلها جسد واحد .
أنظروا للون البشرة الحلبية أو الكردية أو التركية أو المصرية , أنظروا إلى المصرية الفيومية كيف تثير حولنا الظلال كما هي الأرض المونوفية , أنظروا إلى الأردنية كيف تصنع من رحلتها السنوية إلى جرش وعجلون والعقبة درساً عميقاً في جغرافيا الجسد.
أنظروا إلى جسد ....كيف جعلني أتضور جوعاً وأضربُ عن الطعام والشراب والماء والشاي والقهوة , كيف جعلني أمتدُ بأخيلتي وأبني قصورا من الوهم , كيف قطعني وكيف فصمني وكيف مزجني بالألوان ؟ وكيف جعل من سواد عيوني سماراً مثل سمار نهدها , وكيف جعل ليلي طويلاً ووسيعاً مثل عيونها , وكيف رماني من فوق ناطحات السحاب , وكيف أغرقني بالمياه على خليج العقبة , جسمها قريب من شاطىء العقبة , والعقبة بعيدة عني وأنا عنها بعيد .
يا ذاك الجسد أعبدك وأقدسك حتى وإن قسوت عليّ أحياناً , حتى وإن هزمتني كهزيمة ال 67 حتى وإن إستنزفت قواي كحرب الإستنزاف , أعبدك وأقدسك وأشهد أنك وحدك الحق , أشهد أنك حبيبي حتى وإن جرفتني عيونك كحرب الخليج الأولى والثانية .
الجسد الذي يسيطر اليوم على مخيلتي بعثته لي الآلهة عشتار لكي يعذبني ويقلقني ويزرع بي الفتن والشرور , أشعر وكأنني أعاني من الشرور , كل الأشياء يا حبيبتي هربت من (صرة) (باندوره) ولم يبق فيها إلا جسدك فلا تجعليه هذه المرة يذبحني أو يشبقني .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟