|
من وحي الذكرى !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 821 - 2004 / 5 / 1 - 03:15
المحور:
الحركة العمالية والنقابية ودور اليسار في المرحلة الراهنة - ملف 1 ايار 2004
بين اليوم الاول من ايار سنة 1886 م ، وهو اليوم الذي تبنى فيه الاتحاد الامريكي للعمل الدعوة للاضراب من أجل يوم عمل ذي ثماني ساعات في جميع الصناعات ، وبين اليوم الاول من أيار سنة 2004 م تحققت للعمال مكاسب كثيرة ، على صعيد العمل ، والضمان الاجتماعي ، والحياة الاجتماعية ، وتطوير معلوماتهم الفكرية والثقافية ، والاكثر من ذلك فقد قامت باسمهم أحزاب ومنظمات كثيرة ، قادت نضالهم في ظروف بالغة القسوة ، فرضوا من خلاله وجودهم كطبقة سائدة ، جديدة ، منذ أن تحرك أول نول للثورة الصناعية في انجلترا ، معلنا فجر يوم جديد في تطور البشرية، ومنذرا ببداية تاريخ صراع طبقي أخر ، وذلك بعد أن خرج البشر من صراع سابق ، تمثل في الصراع الذي كان دائرا بين الفلاحين من جهة ، وبين ملاك الارض من جهة أخرى ، وقد حدث الصراع الجديد هذا بفعل تطور وسيلة الانتاج ، وظهور المعامل والمدن الصناعية ، حيث انقسم المجتمع الجديد فيها الى عمال اجراء، لا يملكون غير قوة عملهم ، وبين أرباب المعامل تلك ، الذين كانوا يستغلونهم أفضع استغلال من حيث الاجر ، وطول العمل اليومي الذي بلغ ثماني عشرة ساعة ، ولهذا فقد كان شعار المظاهرة ، التي انطلقت في اليوم الاول من ايار عام 1886م في مدينة شيكاغو الامريكية ، والتي ضمت وقتها اكثر من ( 34.) الف متظاهر ، ثماني ساعات عمل ، ثماني ساعات راحة ، ثماني ساعات نوم ، وكان الحال هذا لا يختلف كثيرا عنه في دول اوربا الصناعية ، حيث شهدت انجلترا أول اطلالة للثورة الصناعية الظافرة فيها ، حين ساهم تراكم الثروة فيها الى تطوير اداة الانتاج ، بفعل عدم مركزة تلك الثروة بيد حكومات مستبدة ، مثلما هو الحال في البلدان الشرق الاسلامية التي تجمعت لديها ثروات طائلة ، فيما عرف تاريخيا ببيت مال المسلمين، والذي هو في حقيقة الامر بيت مال الخليفة وحاشيته ، ذلك الرجل الذي ظل يبدد ثروات طائلة على ملذاته ، وساعات لهوه ، ولم ينفقها في نشاط اقتصادي يؤدي الى تطور الانتاج وادواته ، وهذا ما حدا بكارل ماركس ورفيقه فريدريك انجلس أن يطلقا على اسلوب الانتاج في بلدان الشرق : نمط الانتاج الاسيوي . هذا النمط الذي ظل الانتاج فيه في الشرق ، ومنذ عصور بعيدة ، يدور بشكل مختلف عن اسلوب الانتاج في اوربا القديمة-الحديثة ، وامريكا الجديدة ، وهو ذاته الذي عطل تطور أداة الانتاج فيه ، رغم أن الشرق كان مهيئا للثورة الصناعية ، من حيث التراكم المالي ، والمعارف العلمية ، اكثر من الغرب ، ومن هنا تظهر تقدمية البرجوازية الغربية التي تحدث عنها ماركس في انها دفعت العلم والتطور خطوات كبيرة الى الامام ، رغم ما كانت تمارسه من اضطهاد يومي ضد جيش من العمال الذين كانت تستغلهم كل يوم عمل ، وفي ظروف شاقة مرهقة ، ادت في النهاية الى ان يهب العمل مدافعين عن حقوقهم ، رافضين الظلم والحيف الذي ينزله بهم أرباب العمل ، وقد اتخذ هذا الرفض اشكالا متباينة من النضال ابتدأ بالمظاهرة والاضراب كما هي الحال مع عمال مدينة شيكاغوا الامريكية ، والذين سقط نفر منهم في المواجهات الدامية بينهم وبين ازلام ارباب العمل ، والشرطة سور البرجوازية الحصين ، ثم تصاعد هذا النضال ، فاخذ شكل الثورة المسلحة كما هي الحال في روسيا سنة 1917م ، التي قادها البلاشفة طليعة الطبقة العاملة الروسية ، وبالتعاون من الجنود التي سحقتهم حروب البرجوازية ، وحينها فزعت البرجوازية مذعورة في جميع انحاء اوربا وامريكا ، وهي ترى بأم أعينها كيف تهاوت حكومة برجوازية بضربات العمال، هؤلاء الذين كان يرى فيهم منظرو الماركسية الاوائل هم سادة الدول وحكامها الجدد ، حيث كان شعار : دكتاتورية البروليتاريا يطرز صدر برامج الاحزاب الشيوعية والعمالية ، وبثقة مفرطة اثبت التاريخ والتطور البشري بطلانها فيما بعد ، وذلك بعد ان تنبهت الحكومة البرجوازية في اوربا الرأسمالية وأمريكا الى الخطر الذي يشكله العمال كطبقة سائدة ، موثرة بشكل كبير في النشاط الاجتماعي والعمل ، فعمدت الى طريق الاستيعاب ، ولهذا لم يكن مستغربا أن تحتفل حكومة النازي ادولف هتلر في المانيا بالاول من ايار ، وبشكل رسمي ، بعد الاتحاد السوفيتي ، وعلى ذات المنوال حولت حكومات برجوازية كثيرة ذلك اليوم من يوم احتجاج واضرابات الى يوم استيعاب من خلال الاعتراف به كعيد رسمي للعمال ، ومن خلال سياسة ناجحة في ضمان اجتماعي ، وتحسين ظروف العمل ، والاهتمام برفع درجة ثقافة العمل لدى العمال بتطوير آلة الانتاج ، هذا بالاضافة الى تحسين حياة العمال من ناحية الدخل والمسكن والدراسة ، حتى عاد طريق الاشتراكيات الديمقراطية مزكى الان من قبل الحياة ، ومقبولا من لدن العمال، ومرضي عنه من قبل ارباب العمل ، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، ومنظومة الدول الاشتراكية، وفشل تجربة كان يراد منها أن تؤدي الى قيام دكتاتورية البروليتاريا ، وعلى أساس من هذا يبدو أن تخلص بعض برامج الاحزاب الشيوعية في الوقت الراهن، ومن بينها الحزب الشيوعي العراقي ، من هدف اقامة حكم دكتاتورية الطبقة العاملة ، منطقيا ، وينظر لعوامل التطور التاريخي للمجتمعات بعين الواقع ، مع الايمان بحتمية زوال طبقة البرجوازية ، واحلال نظام اكثر عدلا ، قد تلعب فيه الدولة دورا حاسما ، وباسلوب متمدن ، بعيدا عن الاحتراب ، والتطاحن الطبقي ، ومن خلال اسلوب حكم يقرر فيه صندوق الانتخاب من يحكم الدولة ، وفقا لاكثرية الاصوات، او وفقا لتكتلات حين لا تكون هناك اغلبيه مطلقة أو مريحة لاحد ، مثلما نلاحظه اليوم في دول الاشتراكيات الديمقراطية ، ذلك الطريق الذي طالما نفر الشيوعيون منه ، وعلى مدى سنوات خلت .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ظرف الشعراء ( 15 ) : إبن هرمة
-
الارهابيون العرب من الفلوجة الى الزبير !
-
حكومة عراقية !
-
ظرف الشعراء ( 14 ) : ذو الرّمة
-
مفلس من مفلسين !
-
صدام الصغير شيوعيا !
-
ما بين الفلوجة وكربلاء !
-
لن يكون العراق ورقة ضغط بأيديكم !
-
الصميدعي والمهمات المنتظرة !
-
كيف تفهم المواقف ؟
-
كاظمي قمي كان الشرارة !
-
صدام ارهقوا العدو . الصدر ارهبوا العدو !
-
شاهد من ايران !
-
ظرف الشعراء ( 13 ) : مطيع بن إياس
-
ظرف الشعراء ( 13 ) : مطيع بن إياس
-
أول من ظلمت من النساء عند المسلمين فاطمة الزهراء !
-
الناصرية : لا بالعير ولا بالنفير !
-
ظرف الشعراء ( 12 ) : إبن قيس الرقيات
-
الحاضر والغابر من حديث البصرة !
-
ظرف الشعراء ( 11 ) : مسلم بن الوليد
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
الطبقة العاملـة والعمل النقابي في فلسطين ودور اليسار في المر
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|