أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - بشير الحامدي - تونس المؤتمر الثالث والعشرون للنقابة العامة للتعليم الأساسي لمن ستكون الكلمة الأخيرة:لتطلعات القطاع أم لسياسة جهاز البيروقراطية















المزيد.....


تونس المؤتمر الثالث والعشرون للنقابة العامة للتعليم الأساسي لمن ستكون الكلمة الأخيرة:لتطلعات القطاع أم لسياسة جهاز البيروقراطية


بشير الحامدي

الحوار المتمدن-العدد: 2684 - 2009 / 6 / 21 - 08:40
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    



خلال يومي 24 و25 جوان الحالي ستشهد الساحة النقابية انعقاد مؤتمر تجديد قيادة قطاع التعليم الأساسي وهي مناسبة تكتسي أهمية بالغة في مسيرة هذا القطاع الذي يعتبر من أكبر قطاعات الوظيفة العمومية المنضوية في الإتحاد العام التونسي للشغل. أهمية هذه المناسبة تتأتى كذلك من طبيعة التحديات والرهانات المطروحة على هذا القطاع الآن في مواجهة الأخطار التي أصبحت محدقة بالمدرسة وبمصالح المعلمين على كل المستويات وبالعمل النقابي في ظل الأوضاع السياسية والنقابية السائدة الآن.

حول الأوضاع التي في ظلها سينعقد المؤتمر

يكاد يجمع كل المتتبعين للشأن العام في بلادنا على تواصل نهج الانغلاق والقمع ومصادرة الحريات وعلى تمادي السلطة في فرض سياسة القبضة الحديدية في مواجهة مطالب الحركة الديمقراطية والشعبية. ولئن انحصر جل نشاط الحركة الديمقراطية بالنضال على واجهة واحدة هي واجهة النضال الحقوقي و الإنساني برغم أهميتهما فإن الحركة الشعبية وأمام تعمق الأزمة الناتجة عن إفلاس السياسات الرسمية والتي لم تنتج غير احتداد الفوارق الطبقية وارتفاع نسب البطالة وتزايد وتيرة التفقير والاستغلال وسوء توزيع الثروة الوطنية وانتشار مظاهر الفساد والكسب غير المشروع قد عبرت عن رفضها لهكذا سياسات بالخروج للشارع وبالتظاهر ورفع مطالبها والمناداة بتحقيقها.
لقد عبرت انتفاضة البلدات المنجمية التي انطلقت بداية السنة الفارطة واستمرت أكثر من ستة أشهر ومازالت وإلي اليوم تلقي بظلالها على الوضع السياسي والحقوقي في البلاد ، ولو بشكل جزئي ولكنه أصيل عن هذه الحقيقة وعن هذا الرفض الكامن لدى مجمل الطبقات والفئات الفقيرة في بلادنا للسياسات القائمة. وأظهرت وبالملموس أن الجماهير الشعبية لم تعد تحتمل العيش في ظل الأوضاع السائدة المحكومة بالقمع ومصادرة الحريات وتحت وطأة أوضاع اجتماعية واقتصادية تسوء من يوم لآخر ولا مخرج منها .
وبرغم توقف احتجاجات أهالي الحوض المنجمي دون تحقيق أي من مطالبهم بفعل القمع الذي واجهتهم به السلطة فإن الأوضاع ليس في منطقة في الحوض المنجمي فقط بل في أغلب الجهات الفقيرة وفي المدن الكبيرة ذات أحزمة الفقر والتهميش مازالت تراكم و تختزن من الغضب والرفض للسياسات القائمة ما يمكن أن يتحول في كل لحظة إلى احتجاجات وتحركات شعبية خصوصا مع احتداد أزمة المجتمع على كل الواجهات بفعل مواصلة السلطة للامبالاتها بمطالب الجماهير وإمعانها في سياسة العصا الغليظة.
الأوضاع النقابية أيضا تعيش أزمة خانقة على كل المستويات. لقد تحول الإتحاد العام التونسي للشغل في العشريتين الأخيرتين وعلى أيدي بيروقراطيته المتنفذة والمستندة على إطار قانوني بيروقراطي [النظام الداخلي والقانون الأساسي للإتحاد] وعلى وضع عام بالبلاد موغل في الانغلاق والقمع ومصادرة الحريات من أداة بيد الشغالين إلى أداة بيد الرأسماليين والدولة. لقد تحول إلى أداة مساهمة ومشاركة في تنفيذ سياسات الاستغلال والتفقير تحت راية السلم الاجتماعية الزائفة. فبموافقته وقع خوصصة أغلب قطاعات الوظيفة العمومية كما وقع مراجعة وتغيير تشريعات الشغل لصالح المشغلين و ضرب الحق النقابي وتسريح عشرات الآلاف من العمال وإقرار الأشكال الهشة للتشغيل... وبمساهمته كذلك حُمِّل الشغالون تبعات برنامج الـتأهيل وتبعات أزمة الصناديق الاجتماعية. وبمشاركته أيضا وقع بعث آلية تقنين التفاوض حول الأجور كل ثلاث سنوات والتخلي عن آلية ربط الأجور بالأسعار... وهو وضع أدّى بفعل ارتفاع وتيرة الأسعار وتحررها إلى تدهور كبير للقدرة الشرائية للأجراء وفاقم من ظاهرة التفقير.
هذا من حيث التوجهات العامة أما من حيث التسيير والحياة الداخلية للمنظمة فحدث ولا حرج. فبيروقراطية الإتحاد وتماشيا مع توجهات المشاركة الملتزمة بها مع السلطة والأعراف أطلقت يديها في كل ما يهم الشأن النقابي فقد قضت على كل نفس ديمقراطي وعلى أي محاولة للدفاع عن استقلالية المنظمة. لقد أصبحت الحياة الداخلية لهذه للمنظمة النقابية حياة تنعدم فيها أبسط الحقوق و أشبه ما تكون بحياة إدارة من الإدارات.
الإتحاد العام التونسي للشغل اليوم يمسك به جهاز بيروقراطي فاسد يتمتع أعضاؤه بامتيازات مالية كبيرة و منفصلون عن واقع العمال والعمل ولا تربطهم بهم وبواقع الحركة غير بعض الشعارات التي يرددونها في كل مناسبة لذر الرماد على العيون وللدمغجة وللتغطية على الانتهاكات والتجاوزات والفساد الذي يأتونه.
بيروقراطية الإتحاد وعبر جهازها التنفيذي هذا أصدرت عديد المناشير التي تمنع التجمعات والإضرابات العمالية وكل أشكال التعبئة النضالية . الجهاز البيروقراطي التنفيذي الذي يجمع بين يديه كل الصلاحيات كما يشرع لذلك النظام الداخلي للمنظمة يماطل في عقد مؤتمرات الهياكل وفي الموافقة على عقد الهيئات الإدارية القطاعية لفك كل تعبئة ممكنة ويفاوض باسم الهياكل القطاعية ويمضي الاتفاقيات الهزيلة مع الأعراف والسلطة عوض هياكل القطاعات المعنية. بيروقراطية الإتحاد جردت القطاعات من حق أخذ القرار باستقلال عن جهازها التنفيذي المركزي. وهي كذلك وعبر أداتها لجنة النظام تجرد وتجمد كل من يخالفها الرأي ولنا في حملة التجريد التي استهدفت قطاع التعليم الأساسي قبل سنة وما أتته في حق المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي بتونس وقبله مكتب بنزرت خير دليل. بيروقراطية الإتحاد وعبر جهازها التنفيذي تناور على النضالات وتفككها وتتصدى لكل المبادرات الكفاحية تشكك فيها وتفرغها من محتواها وتمنعها. بيروقراطية الإتحاد شنت سنة 2007 حملة جردت بموجبها أكثر من 50 نقابيا من قطاع التعليم الأساسي فقط لأنهم خالفوها الرأي ورفعوا أصواتهم عالية مطالبين جهازها التنفيذي بالالتزام بمواقف القطاع. بيروقراطية الإتحاد تبرأت من النقابيين الذين ساهموا وقادوا نضالات أهالي الحوض المنجمي وبلغت بها خيانتها حدّ تجريد هؤلاء من مسؤولياتهم النقابية في إشارة واضحة للسلطة للإعتقالهم والتنكيل بهم وهو ما وقع بالفعل. بيروقراطية الإتحاد وعبر جهازها التنفيذي تتصرف في أموال الإتحاد في شراء الذمم وفي الإرشاء... وفي إشاعة كل ضروب الفساد والإفساد.
لئن كانت هذه هي حقيقة الأوضاع داخل الإتحاد العام التونسي للشغل فإن أوضاع القطاع وفي علاقة بوزارة الإشراف ليست بأحسن حال وهي مافتئت تسوء من يوم إلى آخر. فوزارة الإشراف أصرت ومنذ الانطلاق في تطبيق منظومة تعليم الكفايات على الانفراد بكل القرارات ولم تستجب للنداءات التي رفعت وترفع كل مرة حول ضرورة تشريك المعلمين عبر هياكلهم النقابية القطاعية المنتخبة في كل القرارات التي تخص الشأن التربوي.
لقد أنتجت سياسة الإنفراد بالرأي والقرار وتغييب المعلمين وعدم تشريكهم في كل ما يخص شؤون التربية والتعليم إختلالات عميقة أثرت سلبا على أداء المؤسسة التعليمية وعلى أوضاع القائمين بالعملية التعليمية وعلى المتعلمين ولم تؤد لغير الفشل.
لقد عارض المعلمون ومنذ البداية مشروع مدرسة الغد. وها هو اليوم وبعد أكثر من عقد من الزمن تتكشف إختلالات هذا المشروع وتظهر للعلن سلبياته. ويتجلى ذلك في المستوى المتدني الذي أصبح عليه خريجو منظومة تعليم الكفايات. هذا الرأي ليس رأيا انطباعيا أو شخصيا إنه واقع تؤكده نتائج التقييمات التي يشارك فيها تلاميذتنا وطلبتنا على المستوى الدولي والذين يحصلون دائما على المراتب الأخيرة وهي نتائج ينشرها ويرددها المشرفون على التعليم ولكنهم لا يحركون ساكنا في معالجتها المعالجة المنشودة .
سياسة إقصاء المعلمين عن تدبير شأن التربوي أدت كذلك إلى جعل العلاقة بين المؤسسة التعليمية والمشرفين عليها من مديري المدارس ومن تفقديات وإدارات جهوية ووزارة علاقات عمودية بيروقراطية تسلطية وهو وضع أدّى إلى إضعاف مردودية التعليم وتسبب في إحباطات عديدة لكل المنتمين للمؤسسة التعليمية ونمى داخلها ظاهرة عدم التواصل. لقد أنتج هذا الواقع الظاهرة الخطيرة التي أصبحت تهدد اليوم كل المنظومة التربوية والتي تسارعت وتيرتها وتكررت في السنوات الأخيرة وفي الكثير من المؤسسات مهما كان الوسط الذي تنتمي إليه ألا وهي ظاهرة العنف سواء من المتعلمين تجاه معلميهم وأساتذتهم أو من الأولياء تجاه معلمي وأساتذة أبنائهم.
كذلك لابد من الإشارة إلى تقهر وتردي أوضاع الفضاء المدرسي. فمؤسساتنا التعليمية قد أصبحت اليوم وبعد أن تراجعت ميزانياتها بفعل تفصّي الدولة من مسؤولية تمويلها فضاءات فقيرة لأبسط الضروريات المادية للعمل بالنسبة للمتعلم وللمعلم على حدّ السواء. لقد أصبحت المؤسسة التعليمية بيئة كئيبة فقيرة الإمكانيات أغلبها يشكو من الإكتضاض والنقص في الوسائل التعليمية ويفتقر إلى التعهد والصيانة. لا بل أن هناك كثير من القاعات في بعض المدارس مهددة بالسقوط على رؤوس مرتاديها ورغم ذلك فالوزارة لا تكلف نفسها حتى عناء ترميمها أو هدمها قبل أن تتسبب في كوارث يمكن أن يذهب ضحيتها المعلمون والتلاميذ.
أخيرا لابد أن نشير إلى أن وزارة الإشراف وبقدر ما تمعن في الإنفراد بالرأي وفي فرض السياسة التعليمية والتراتيب التي تريد فإنها كذلك لا تتوان في نسف مكتسبات عديدة للقطاع ولنا هنا أن نذكر بتغيير الوزارة لمقاييس الحركة النظامية دون تشريك الطرف النقابي وتراجعها في عديد الاتفاقيات التي أمضتها مثل تراجعها في اتفاقية الساعتان والنصف وغيرها... ورفضها تمتيع أبناء رجال التعليم بالمنح الجامعية. ولا يفوتنا أن نذكر أيضا بإصرارها وتمسكها حول منع ممارسة الحق النقابي.

أهم الملفات المطروحة على مؤتمر التعليم الأساسي

مؤتمر قطاع التعليم الأساسي ونظرا لطبيعة الأوضاع التي سبق وفصلناها ولخطورة وتعدد المشاكل التي أصبح يتخبط فيها القطاع مطروح عليه أن يضع على جدول أعماله جملة من الملفات التي لم تعد تحتمل التأجيل ونوابه مطالبون بالانطلاق من تشخيص موضوعي لكل ملف من هذه الملفات والخروج بمواقف واضحة يمكن ترجمتها في خطة نضالية عملية تستجيب لتطلعات القاعدة العريضة من رجال التعليم الأساسي وتضع حدا لهجوم وزارة الإشراف المنظم على القطاع وللتخريب الذي تأتيه قيادة الإتحاد الفاسدة في حق العمل النقابي وخصوصا في قطاع التعليم الأساسي والذي تضرر منه كما كل القطاعات أيما ضرر. وإجمالا يمكن تحديد هذه الملفات في:
ـ ملف السياسة النقابية وتوجهات الإتحاد الحالية واستقلالية القطاع.
ـ ملف الديمقراطية النقابية.
كما لا يمكن أن نغفل المسائل المتعلقة بالجانب المهني والتربوي والتي يمكن أن نلخصها في:
ملف فشل السياسة التعليمية ومسألة الحق النقابي والوضع المادي للمعلمين.

1 ـ ملف السياسة النقابية وتوجهات الإتحاد الحالية واستقلالية القطاع

بدون مبالغة يمكن القول أن قطاع التعليم الأساسي كان من أكبر القطاعات التي تضررت من التزام قيادة الإتحاد بنهج المشاركة وبسياسة السلم الاجتماعية. وبهذا الصدد يمكن التذكير بأهم بما قامت به البيروقراطية النقابية وعبر جهازها التنفيذي في حق نضالات القطاع في السنتين الأخيرتين
ـ إرباك عمل النقابة العامة بالمماطلة في الموافقة على عقد الهيئات الإدارية القطاعية لشل كل إمكانية لتعبئة القطاع للدفاع عن مطالبه ولتمكين وزارة الإشراف من ربح الوقت للمناورة وفرض سياسة الأمر الواقع وهو ما حدث في أكثر من مناسبة نضالية.
ـ استغلال الإشراف على الهيئات الإدارية من قبل عضو الجهاز لعرقلة كل قرار لا يرضى عنه وحبك المناورات والضغط وبكل الطرق لفرض توجهات الجهاز.
ـ التفاوض باسم القطاع وفرض الصفقات عليه دون الرجوع إلى النقابة العامة والهيئة الإدارية بتعلة علوية سلطة المكتب التنفيذي على سلطتهما. [إمضاء عبد السلام جراد على منحة العودة المدرسية ـ إمضاء الجهاز للاتفاقية الأخيرة حول الحق النقابي دون الرجوع لهياكل القطاع]
ـ المؤامرة التي حيكت مع وزارة الإشراف بعد إضراب 29 ماي 2007 والإصرار على عدم تمكين القطاع من عقد هيئة إدارية لمواصلة النضال من أجل الضغط على الوزارة للتراجع في قرار تغيير مقاييس حركتي المديرين والمعلمين وهو إجراء مكن الوزارة من تمرير مشروعها ونسف أهم مكسب تاريخي للمعلمين ومديري المدارس.
ـ مسلسل المؤامرة المشهور الذي انطلق مباشرة إثر هذا الإرباك والذي انتهى بفرض إمضاء تلك الاتفاقية المخزية في أوت 2007 والتي يتحمل المكتب التنفيذي القطاعي مسؤولية كبيرة في إمضائها برضوخه وانحنائه لضغط البيروقراطية النقابية وقبوله بسياسة الأمر الواقع.
ـ حملة التجريد التي شنها الجهاز في نفس الفترة على مناضلي القطاع والتي تم بموجبها تجريد العشرات منهم.
ـ غلق دور الإتحاد في وجه النقابيين ومنع الاجتماعات والإعتصامات وكل أشكال التعبئة أثناء انتفاضة الحوض المنجمي للحؤول دون كل مساندة ممكنة لأهالي البلدات المنجمية.
ـ تجريد أبناء القطاع ممن قادوا وكان لهم دور فاعل في تحركات الحوض المنجمي من مسؤولياتهم النقابية وهو ما سهل على السلطة قمع الانتفاضة والانتقام من قادتها والفاعلين فيها من أبناء القطاع بتلك الأحكام الترهيبية التي يعرفها الجميع.
لذلك واعتبارا لكل ما تقدم يمثل ملف السياسة النقابية وتوجهات الإتحاد الحالية واستقلالية قرار القطاع أحد أهم الملفات التي يجب على مؤتمر القطاع أن يطرحها من أجل بلورة موقف معارض لهكذا توجهات. إنها في تقديري المهمة الأكثر أولوية والنقطة التي يمكن أن يقع عبرها الفرز.لقد آن الأوان لقول الحقيقة كاملة ولكشف مؤامرات وخيانات هذه الزمرة المتنفذة الفاسدة من أجل رسم سياسات نقابية تقطع مع المشاركة وتعيد للعمل النقابي طبيعته الكفاحية المناضلة وللقطاع حقه في تقرير سياسته النقابية دون وصاية من أي كان. لابد أن يرفع نواب المؤتمر شعار لا لسياسة المشاركة ولا للوصاية على القطاع ولابد أن يُضَمّن ذلك في اللوائح التي سيقع إقرارها. إنها الخطوة الأولى نحو تصحيح المسار.

2 ـ ملف الديمقراطية النقابية

ملف الديمقراطية النقابية واستقلالية القطاع هو الآخر ملف لابد من طرحه وتناوله بالنقاش والخروج منه بمواقف تضع حدّا للانتهاكات التي يأتيها جهاز البيروقراطية. في الحقيقة إن مسألة الديمقراطية النقابية ليست ملفا مطروحا فقط على قطاع التعليم الأساسي إنه ملف أصبح يهم كل القطاعات المنتسبة للإتحاد العام التونسي للشغل خصوصا بعد تعدد وتكرّر الانتهاكات. والتي كان آخرها ما قام به جهاز البيروقراطية التنفيذي من تجاوز في حق قطاع التعليم العالي وما أتاه أخيرا عند إمضائه لاتفاقية هزيلة تهم الحق النقابي دون استشارة هياكل التعليم الثانوي والأساسي. لن نذكر هنا بكل الانتهاكات والتجاوزات والتي هي معروفة من الجميع بل سنتجاوز ذلك للبحث في أصل هذا الداء والذي هو أنظمة وقوانين هذه المنظمة نفسها [القانون الأساسي والنظام الداخلي].
إن النظام الداخلي والقانون الأساسي للإتحاد هما في حد ذاتهما قانونان بيروقراطيان إن النظام الداخلي مثلا يشترط مسبقا موافقة المكتب التنفيذي المركزي على كل قرار تتخذه الهياكل القطاعية كما ورد بالفصل 49 منه وكما جاء في المنشور 83 الذي صدر في مارس 2008 والذي منع كل مبادرة نضالية وجرد كل الهياكل من اتخاذ أي قرار دون الرجوع للمكتب التنفيذي. القانون الأساسي أيضا يخول للهيئة الإدارية للإتحاد إضافة ما تريد من بنود وتحوير فصول النظام الداخلي.لقد جاء بالفصل السادس والثمانون من القانون الأساسي ما يلي « يمكن للهيئة الإدارية الوطنية إضافة أو توضيح بعض الفصول في النظام الداخلي حسب الوضعيات والإشكاليات التي لا يوجد لها نص واضح في الغرض...». لن نتعرض لكل الفصول التي تشرع لمصادرة وانتهاك الديمقراطية فهي كثيرة ولا يسمح المجال لإدراجها كلها. فقط نؤكد على أن هذه القوانين هي التي سهلت موضوعيا للبيروقراطية ولجهازها التنفيذي الاستمرار في انتهاك الديمقراطية. وعليه فإن كل محاولة للدفاع عن الديمقراطية النقابية لا بد أن تتصدّى في الأساس لهذه القوانين وتطرح تغييرها ولا تلتزم بها وترفضها. لذلك على مؤتمر قطاع التعليم الأساسي وتمسكا منه بديمقراطية العمل النقابي أن يُضَمّن في لوائحه تصورا لتكريس هذه الديمقراطية و يلزم بها قيادته القادمة ولن يكون ذلك إلا بـ:
ـ التمسك بحق قيادة القطاع في الدعوة لعقد هيئاتها الإدارية دون الرجوع للمكتب التنفيذي المركزي وعدم القبول بإشرافه عليها.
ـ الحق في تقرير الشكل النضالي الملائم والذي يقره القطاع دون توقيف ذلك على موافقة المكتب التنفيذي المركزي.
ـ عدم السماح للمكتب التنفيذي بالتفاوض أو بإمضاء الاتفاقيات باسم القطاع أو بالتدخل في شؤونه.
ـ رفع وصاية المكتب التنفيذي على الأموال العائدة من إنخراطات المعلمين والتوقف عن طريقة الانخراط عبر الحجز عن المرتب وجعل الانخراط مباشرا ومن مهام القطاع عبر هياكله الأساسية وتنزيل المبالغ في حساب خاص بالنقابة العامة وانتخاب لجنة قطاعية مهمتها مراقبة صرف هذه الأموال.
هذه بعض الإجراءات التي يمكن أن تضمن ولو نسبيا ديمقراطية الممارسة النقابية في قطاع التعليم الأساسي ويبقى الرهان الأكبر هو في المراكمة نحو مبادرات أنضج يمكن أن تتحقق في أفقها ديمقراطية أوسع.
بقي أن نشير كذلك إلى أن مؤتمر قطاع التعليم الأساسي مطالب أيضا بموقف واضح من السياسة التعليمية التي تصر وزارة الإشراف على مواصلتها برغم تبين فشلها موقف يتجاوز المواقف السابقة التي لم تتجاوز التشخيص. إنه مطالب برسم خطة نضالية عملية تتضمن مطالب لتحسين الوضع المادي والمعنوي للمعلم وتتصدي لسياسة تهميش المدرسة وتعيد للمؤسسة التعليمية الابتدائية المكانة التي يجب أن تكون عليها والتي فقدتها مع مشروع مدرسة الغد الفاشلة. لذلك لابد أن تتضمن خطتنا النضالية:
ـ المطالبة بالتخلي عن منظومة تعليم الكفايات.
ـ الدفاع عن مجانية التعليم.
ـ مساواة المدارس الابتدائية من حيث التمويل بالمدارس الإعدادية والترفيع في نسبة هذا التمويل بما يمكن مؤسساتنا التعليمية من تلبية متطلبات واحتياجات العملية التعليمية.
تمكين مؤسسات التعليم الابتدائي من إطار إداري مثلما هو الشأن في المدارس الإعدادية والثانوية بما ييسر تنظيم العمل ويجعل المعلم متفرغا لعملية التعليم مثلما ينصص على ذلك القانون.
ـ الدفاع عن المدرسة العمومية والمطالبة بوقف خوصصة التعليم.
ـ التمسك بضرورة تشريك المعلمين في كل ما يخص الشأن التربوي ومعارضة كل القرارات التي لا تحترم هذا المبدأ.
ـ المطالبة بإلغاء ومراجعة كل القوانين والترتيبات التي وقع إقرارها فوقيا [ شبكة التفقد الجديدة ـ سلم الترقيات ـ كل التراتيب الخاصة بالارتقاء في الخطط ...إلخ]
ـ المطالبة في الترفيع في أجر المعلم وفي قيمة المنح المسندة إليه بما يمكن من الحد من تدهور مقدرته الشرائية.

كلمة أخيرة

في الحقيقة لقد طرحنا هذا التصور وربما وبشكل جدّ مفصل على مؤتمر قطاع التعليم الأساسي لأننا أردناه أن يكون نداء موجها لنواب المؤتمر ولمناضلي القطاع لمزيد توضح الرؤية لأننا واعون بأن البيروقراطية النقابية ستستغل هذا المؤتمر لاستكمال خطتها التي بدأت تنفيذها منذ مدة طويلة والتي تستهدف السيطرة عل القطاع وإفراغه من كل نفس نضالي انسجاما مع سياستها العامة الموكولة لها كحارس لسياسة السلم الاجتماعية. ولأننا نعرف أيضا أن البيروقراطية ستستغل إشرافها على المؤتمر لممارسة التسلط ولمنع الأصوات المناضلة من النواب من التعبير عن مواقفهم الناقدة والمنددة بالانتهاكات والمدينة لسياسة المشاركة والرافضة لسياسة الإستشلام والمنادية باستقلالية وديمقراطية العمل النقابي. إننا نعرف كذلك أن البيروقراطية وصنائعها سيعملون ما في وسعهم ليكون المؤتمر مؤتمرا انتخابيا وشكليا ولتسير أشغاله كما خطط لها من قبلهم حتى يتمكنوا من تمرير صنائعهم وأدواتهم إلى قيادة القطاع. إلا أن كل ذلك لا يمنعنا من القول أنه بمقدور مناضلي القطاع ممن لا يسيرون في نهج البيروقراطية التصدي لكل المناورات والألاعيب التي ستظهر والدفاع عن تطلعات القطاع في وجه الآلة البيروقراطية وصنائعها لأن الأزمة التي يمر بها العمل النقابي في الإتحاد العام التونسي للشغل وفي قطاعنا تفترض منا النضال على قاعدة مستقلة عن البيروقراطية ووعيا يتجاوز أوهام الاصطفاف من أجل الحصول على مقعد في القيادة في اتجاه تصليب عود معارضة نقابية قادرة على تكريس طموحات منتسبي القطاع في عمل نقابي مستقل وديمقراطي ومناضل.

ـــــــــــــــــــ

بشير الحامدي
تونس في 20 جوان 2009



#بشير_الحامدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درس من الواقفات على الجمر نساء منطقة الحوض المنجمي في تونس
- إلى متى سيظل الأجراء في تونس يموّلون نقابة تقمعهم وتصادر قرا ...
- الحركة النقابية التونسية وإمكانيات النضال من أجل بديل نقابي
- أساتذة الجامعة التونسية ومهمة التنظّم خارج الإتحاد العام الت ...
- الحرب على الشعب الفلسطيني في غزة وتحركات الجماهير العربية : ...
- الحرب على غزة حرب إبادة على المباشر وحرب عل كل مشروع مقاومة ...
- محاكمة قيادات انتفاضة الحوض المنجمي في تونس محاكمة غير عادلة ...
- الحوار المتمدن بوابة للإعلام الحر
- لا... لن تنسينا بيروقراطية الإتحاد العام التونسي للشغل موقفه ...
- أوضاع الأجراء في تونس في ظل تصاعد هجوم رأس المال وسياسة السل ...
- حول نظرية الثورة الدائمة - الجزء الثالث من كتاب حول تاريخ ال ...
- كيف تعاطت قوى اليسار في تونس مع انتفاضة الحوض المنجمي
- الإتحاد العام التونسي للشغل في ظل هيمنة بيروقراطية فاسدة ومش ...
- الجزء الثاني 2 من كتاب حول تاريخ الثورة الروسية وتناقضات نظر ...
- الجزء الثاني1 من كتاب حول تاريخ الثورة الروسية : تناقضات نظر ...
- هذا ما يحدث في تونس
- النقابي التابع
- رسالة مساندة إلى الجبهة الوطنية للدفاع عن المدرسة العمومية ف ...
- التعليم في عصر ثورة الاتصالات لصالح من؟
- تعليم الكفايات لصالح من؟


المزيد.....




- وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر ...
- يوم دراسي لفريق الاتحاد المغربي للشغل حول: تجارة القرب الإكر ...
- وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر ...
- الهيئة العليا للتعداد العام للسكان تقرر تمديد ساعات العمل لل ...
- واشنطن توسع عقوباتها ضد البنوك الروسية و العاملين في القطاع ...
- وزارة المالية العراقية تُعلن.. جدول رواتب المتقاعدين الجديد ...
- The WFTU statement on the recent development in the Ukraine ...
- بيان اتحاد النقابات العالمي حول التطور الأخير في الحرب الأوك ...
- مزارعون يغلقون ميناء في فرنسا احتجاجا على محادثات مع ميركوسو ...
- “وزارة المالية العراقية”.. استعلام رواتب المتقاعدين شهر ديسم ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - بشير الحامدي - تونس المؤتمر الثالث والعشرون للنقابة العامة للتعليم الأساسي لمن ستكون الكلمة الأخيرة:لتطلعات القطاع أم لسياسة جهاز البيروقراطية