|
دلالات الرموز في أعلام دول العالم
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2684 - 2009 / 6 / 21 - 08:40
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كنّا تناولنا في دراسة سابقة دلالات اللون في أعلام دول العالم . ونخصص هذه الدراسة لدلالات الرمز في هذه الأعلام ، لتكتمل الفائدة لدى المهتمين بهذا الميدان والمعنيين بتصميم الأعلام الوطنية ومتخذي القرار بشأنها من السلطتين ، البرلمانية والتنفيذية ، ولتشكل مع سابقتها اول دراستين في هذا الميدان ، بحسب علمنا . شملت الدراسة الحالية (192) علما لمائة واثنتين وتسعين دولة الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة . تتحدد أهداف الدراسة بمعرفة الآتي : أولا. أنواع الرموز في أعلام دول العالم. ثانيا. مواقع الرموز في الأعلام. ثالثا. عدد الرموز ونوعيتها من حيث البساطة والتعقيد. رابعا. مقارنة بين أعلام قارات العالم لمعرفة اكثرها استخداما للرموز.
تحديد مصطلح . يقصد بالرمز في هذه الدراسة ، أي شكل كان : حيوان ، نبات ، كوكب ، تجريد ...موجود في أعلام دول العالم ، مستثنى منها اللون لتناولنا اياه في دراسة سابقة . ويستخدم الرمز في العلم الوطني للدولة لتحقيق وظيفتين ، الأولى : وطنية اجتماعية بمضمون سيكولوجي موجهة الى شعب ( شعوب ) تلك الدولة بهدف تعزيز الانتماء للوطن والوحدة بين أبنائه . والثانية : دالة تعريفية موجهة الى الخارج لتمييزه عن أعلام الدول الأخرى ، أوالتعريف بهوية تلك الدولة .
النتائج
أولا. أنواع الرموز في أعلام الدول. بعد أن تم احصاء كل الرموز المستخدمة في أعلام دول العالم وعددها (143) علما من مجموع (192) علما ، جرى تصنيفها على أنواع فكانت على النحو الآتي : 1. الرموز النباتية استخدمت (15) دولة رموزا نباتية في أعلامها ، هي : لبنان ، كندا ، قبرص ، غينيا الاستوائية ، سان مارينو، البيرو ، بوليفيا ، غواتيمالا ، جزر فيجي ، الدومنيك ، المكسيك ، بيليز ، غرينادا ،الاكوادور، واريتيريا. وتتباين هذه الرموز من شجرة كاملة ( الأرز في علم لبنان ) الى جزء أو اجزاء من نبتة ( سنبلة ، أو سعفة كما في علم المكسيك وعلم البيرو ). وقد يعني توظيف الرمز النباتي في علم الدولة التعريف بما تشتهر به تلك الدولة من محصول أو نبات معين . أو أنها تهتم بالزراعة وديمومة الخضرة ، وأنها محبة لوفرة الخير والسلام. 2. الرموز الحيوانية جرى توظيف الرموز الحيوانية في (13) علما من أعلام دول العالم ، هي :سري لانكا – حيوان خرافي ، أوغندا – طائر خرافي ، زمبابوي – كلب ، زامبيا – نسر ، البانيا – طائر خرافي ، الدومنيكان – ببغاء ، المكسيك – طائر خرافي ، مصر – تجريد لطائر نسر ، الاكوادور – طائر خرافي ، كازاخستان – نسر ، مملكة بوتان – حيوان خرافي ، غينيا الجديدة – طائر خرافي ،ومملكة ليسثو – تجريد لانسان . وقد يشير توظيف النسر في العلم الى قوة تلك الدولة ، وأنها محلّقة في السماء ولا تستطيع أية دولة النيل منها . وفي هذا تشبيه لنفسها على أن دول العالم كلها طيور وأنها النسر الذي هو أقواها . وفي هذا التشبيه شيء من وهم القوة وتقليل من شأن الدول الأخرى .وقد يكون تعبيرا عن الشعور بالاضطهاد ، أو أن الدولة ترى نفسها أنها مستهدفة فتوحي لمن تعتقد أنها تستهدفها بأن ما تفكر به يشبه تفكير العصفور الذي يريد النيل من النسر . وقد يحصل العكس على صعيد الواقع . فجمهورية مصر التي وظفت النسر في علمها ، تعرضت الى هزيمة قاسية وانهارت قوتها العسكرية في ستة ايام أمام الجيش الاسرائيلي عام 1967. أما رمز الطائر أو الحيوان الخرافي في العلم فقد يعني أن الدولة التي تستخدمه تريد أن تقول للدولة التي تفكر بالنيل منها ، أن ما تفكري به هو نوع من الخرافة ..وهو رمز مبالغ في معناه في واقع أصبحت فيه القوة سيد الموقف . وقد يعني ايضا شيوع حيوان خرافي في الثقافة الشعبية لتلك الدولة وما تحمّله تلك الثقافة من معنى لشعبها ، ودالة تعريفية للشعوب الأخرى .أما طائر الببغاء فقد يرمز الى الحكمة بحسب ثقافة تلك الدولة ، التي تريد أن تقول للآخرين أنها تعتمد الحكمة في سياستها .
3.رمز النجمة بلغ عدد الدول التي استخدمت النجمة في اعلامها ( 53)دولة . وتنوعت أشكال هذه النجمة من حيث عدد رؤوسها ، فقد كانت خماسية في (47 ) علما لكل من : العراق-العلم السابق ،سوريا ،الجزائر ،تونس ،المملكة المغربية ،موريتانا،الصومال، جيبوتي ،جزر القمر ، أوزبكستان ، تركمانستان ،باكستان ،تركيا ، سنغافورة ، فيتنام الاشتراكية ، الصين الشعبية ، الفلبين ، مانيمار ،اثيوبيا ، أنغولا ،غانا،غينيا بيساو،غينيا الجديدة ،السنغال ،الكاميرون ،ليبريا، بوركينا فاسو ، توغو ،كوريا الشمالية ،ساوتومي ،الرأس الأخضر ،البرازيل ،بنما ،نيوزلاند، مايكرونيزيا الاتحادية ، اليونان ، سورينام ، تشيلي ،الهندوراس،توفالو ، سان كيتس ،كوبا ، غرينادا، جمهورية ساموا ، جزر سولومون ،بوروندي ، والولايات المتحدة . وكانت سداسية في علم اسرائيل فقط . وسباعية في علم المملكة الأردنية وعلم أستراليا، وثمانية في علم اذربيجان ، وباثني عشر رأسا في علم مملكة نيبال ، وبأربعة عشر رأسا في علم ماليزيا . وتشير النجمة الى أنها معلّقة في السماء لا يمكن أن يصلها أحد ، وأنها جميلة ، متألقة ، تشع ضياء مريحا بلون ذهبي على من حولها ، وأنها مسالمة ومحببة للجميع، وأن الجميع يراها . كما تشير ايضا الى الديمومة والبقاء الكوني . والنجمة توظّف في العلم اما رمزا لأفكار تتبناها سلطة الدولة ، كما في علم النظام العراقي السابق ، أو معنى تراثيا كما في العلم الجمهوري الأول للعراق الذي كانت تتوسطه النجمة الثمانية ، أو رمزا لمكونات الدولة كما في العلم العراقي الملكي الذي كانت فيه نجمتان بسبعة أضلاع رمزا لعدد ألوية (محافظات ) العراق ، أو عدد ولايات الدولة كما في علم الولايات المتحدة الأمريكية.
4. رمز الشمس جرى توظيف الشمس في (13)علما من أعلام دول العالم ، هي : تايوان ، كيرغيزستان ،كازاخستان، ناميبيا ، الأورغواي ، مقدونيا ، كريباتي ، جزر المارشال ،الأرجنتين ،ناورو،مالاوي،مملكة نيبال،وأتيغوا وباربودا . واختلفت الأعلام من حيث رسم أشعة الشمس وموقع الشمس في العلم وشكل الشمس ما اذا كانت كاملة أو نصفها بوضع الشروق . .فقد كانت الشمس تتوسط علم جمهورية مقدونيا بأشعة ذهبية في ثمانية أقطار تتوزع على العلم بكامله الذي كان باللون الأحمر . وتوسطت الشمس ايضا أعلام : الأرجنتين وجمهورية كازاخستان وانتيغواوباربودا ومالاوي . وجاءت في الزاوية اليسرى العليا القريبة من السارية في أعلام : ناميبيا ومملكة نيبال وجمهورية الأوروغاي وتايوان وجمهورية جزر المارشال . وباستثناء علمي الأرجنتين والأوروغواي اللذين رسم على قرص الشمس فيهما وجوه بشرية تجريدية ، فان قرص الشمس في اعلام الدول الأخرى جاء خاليا من أي رسم . وتعني الشمس : التجدد الدائم والحياة والخلود والخير والسلام والنور وحب العلم والمعرفة . ويوحي بأن الدولة التي تستخدمه في علمها تبعث بهذه المعاني الى دول العالم الأخرى ، فضلا عن شعوبها .
5. رمز الهلال استخدمت (12) دولة رمز الهلال في أعلامها . وبرغم أن جميعها تقريبا رسمته بنفس الحجم الذي كان أكبر قليلا من نصف دائرة ، الا أن أوضاع الهلال جاءت مختلفة. ومع أن فتحة الهلال كانت في معظم الأعلام متجهة نحو اليمين ، فانها اتجهت الى اليسار ( نحو السارية ) في علم جمهورية تركمانستان ، وألى الزاوية اليمنى السفلى في علم جمهرية القمر الاتحادية الاسلامية ،والى الزاوية اليمنى العليا في علم جمهورية باكستان ، والى الأعلى في جمهورية موريتانيا . وتوسط الهلال أعلام كل من : جمهورية اذربيجان والمالديف والجزائر وتونس وجمهورية القمر وموريتانيا ، فيما وضع في الزاوية اليسرى العليا في أعلام جمهورية أوزبكستان وسنغافورة ومملكة ماليزيا ، وقريبا من السارية في علم الجمهورية التركية . وباسثناء علم جمهورية المالديف الذي لم توضع أمام فتحته نجمة ، فان أعلام الدول الأخرى وضعت أمام فتحته بين نجمة واحدة :( اذريبجان ، تركيا ، باكستان ،تونس ،الجزائر، وموريتانيا )،وأربع نجوم (جمهورية القمر )،وخمس نجوم :(تركمانستان وسنغافورة )،واثنتا عشرة نجمة (اوزبكستان ). ورسم الهلال باللون الأبيض في سبعة أعلام ،وباللون الأحمر في علمين ، وباللون الأصفر في علمين ايضا . ويستخدم رمز الهلال في أعلام هذه الدول كدالة تعريفية على أنها دول اسلامية وأن دينها الرسمي هو الاسلام .
6. رمز الصليب بلغ عدد الدول التي استخدمت الصليب في أعلامها (16) دولة هي كل من :المملكة المتحدة ، سلوفاكيا ، الدنمارك ، السويد ، النرويج ،آيسلاند ،نيوزيلاند،سويسرا ،فنلندا،اليونان،استراليا ، توفالو ،تونغا ،الدومنيك، الدومينيكان، وجزر الفيجي. واختلفت الأشكال والأوضاع والألوان التي رسم فيها الصليب. فقد احتل خطّاه المتعامدان مساحة العلم كلها في علم المملكة المتحدة، وكان خطه العمودي في الثلث القريب من السارية في أعلام كل من :السويد والدنمارك والنرويج وآيسلاند وفنلندا . فيما وضع في الزاوية اليسرى العليا في اعلام كل من :نيوزيلاند واستراليا وتوفالو وجزر الفيجي، واليونان . وكان علم المملكة المتحدة هو الوحيد الذي توسطه الصليب على مساحة العلم بكامله ، فيما توسطه بشكل صغير في علم سويسرا . وقد تباينت ألوان الصليب اذ كان باللون الأحمر في ستة أعلام ، وباللون الأبيض في ثلاثة أعلام ، وباللون الأزرق في علم واحد ، وباللون الشذري في علم واحد ، وبثلاثة ألوان – أصفر أزرق أبيض – في علم واحد . وكما هو الحال في اعتماد الهلال رمزا للدولة الأسلامية ، فان استخدام الصليب في اعلام هذه الدول يشير الى أنها مسيحية ، وأن دين الدولة الرسمي فيها هو الدين المسيحي .
7. الرموز الدينية ثلاثة أعلام جرى تضمينها عبارات دينية اسلامية لثلاث دول هي : جمهورية العراق الذي توسطته عبارة ( الله أكبر ) ، والمملكة العربية السعودية الذي توسطته عبارة ( لا الله الا الله محمد رسول الله )، وجمهورية ايران الاسلامية التي توسط علمها عبارة ( لا الله الا الله ) رسمت بتشكيلة فنية . وتعني هذه العبارات ، فيما يخص السعودية وايران ، أنهما أكثر الدول الاسلامية التزاما بالدين الاسلامي الذي تعلنه للعالم كله .
8.رموز تجريدية بلغ عدد الأعلام التي تضمنت رموزا تجريدية (58) علما . ويقصد بالتجريد هنا أن شكل الرمز غير واضح ،أو محوّر ، أو أنه رسم ليس كما هو في الواقع بل في تجريد دال عليه . وهذه الدول هي :افغانستان ، ايران –عبارة لا اله الله ، جورجيا،تركمانستان-زخارف تجريدية وهندسية ،سري لانكا – أسد بوجه بشري ماسك سيفا ،سلطنة عمان ،قطر والبحرين – زكزاك بتداخل اللونين ،بروني – شكل تجريدي متعدد الأجزاء ،منغوليا ،ميانمار،ارتيريا،اثيوبيا- مثلثان على شكل نجمة خماسية وخمسة خطوط من الزوايا،انغولا،أوغندا ،بوروندي ،جنوب افريقيا،كوريا الجنوبية،كمبوديا-شكل لبناء معماري،كيرغيزستان،جزر سيشل،غينيا الاستوائية،كينيا،ليسوثو،زائير- شعلة الحرية،رواندا ،زيمبابوي،سوازيلاند ،سلوفينيا،سان مارينو،سلوفاكيا،بيلاروسيا-زخارف متنوعة من جهة السارية،البوسنة والهرسك – زخرفة نباتية متكررة على واجهة درع ،البرتغال،امارة اندورا،موزامبيق،اسبانيا،البرازيل،الاكوادور،امارة ليشنستين – شكل تاج ملكي،كرواتيا،دولة مدينة الفاتيكان –مفتاحان بلونين وثلاثة اشكال تجريدية،البيرو،بوليفيا- تجريد متعدد الاشكال بداخله اسم بوليفيا باللغة الانجليزية،نيكاراغوا،هاييتي،بربادوس،بيليز،الدومنيك،الدومينيكان،سان فنسنت والغريناديز- ثلاثة معينات خضراء،غرينادا،السلفادور،غواتيمالا،المكسيك،جزر الفيجي،جمهورية كريباتي،وجمهورية فانواتو. ان اعتماد أسلوب التجريد بتوظيف الرمز في العلم الوطني للدولة لا يتمكن منه الا فنان تشكيلي متمكن يقوم بالتقاط مفهوم تراثي ، او التوجه العام للدولة ويحوره بطريقة فنية . وينجح بعض المصممين في تبسيط التجريد على طريقة السهل الممتنع ، ويجعل عملية أدراكه من قبل الناظر له سهلة وممتعة ودالة على ذوق فني ونباهة وذكاء . غير أن الرسوم التجريدية المعقدة في العلم الوطني لا تكون ناجحة – بتصورنا - في نقل الرسالة الاعلامية للآخرين ، فضلا عن أنها لا تعزف على الوتر النفسي الجمعي لشعب تلك الدولة .
9.رمز خارطة البلد كانت قبرص هي الدولة الوحيدة التي وضعت خارطة بلدها في علمها الوطني . ويعني ذلك توكيد هويتها للعالم وحدود بلدها ، ربما بسبب النزاع بينها وتركيا .
ثانيا .مواقع الرموز في الأعلام
توزعت مواقع الرموز في الأعلام على النحو الآتي : أ. بلغ عدد الأعلام التي كانت الرموز في وسطها (78) علما ، مثل أعلام : العراق ، لبنان ، السعودية ، مصر، ايران ، اليابان ، المملكة المتحدة ، و سويسرا . ب. احتلت الرموز الزاوية اليسرى العليا في ( 27) علما ، مثل أعلام : الصين الشعبية ، سنغافورة ، تايوان ، الولايات المتحدة ، واليونان . ج. وضعت الرموز في وسط الثلث القريب من السارية في (15) علما ، مثل أعلام : تركيا ، ارتيريا ، كوريا الديمقراطية ، سلوفاكيا ، وجمهورية الرأس الأخضر . د . وضعت الرموز بمحاذاة السارية في ثلاثة أعلام : بيلاروسيا ومنغوليا ومملكة نيبال ، وفي اليمين البعيد عن السارية في علمين : زامبيا وبابوا غينيا الجديدة . ان موقع الرمز في العلم له دالة بصرية . ويبدو أن معظم مصممي أعلام الدول اختاروا وسط العلم مكانا للرمز بوصفه مركز النظر ، يليهم الذين اختاروا الزاوية اليسرى العليا بافتراض أن فرص رؤيته تكون أكثر . ولهذين الموقعين دالة سيكولوجية ايضا ، فموقع الرمز في الوسط يعني احتضان معاني هذا الرمز ، كالقول أنه في موقع القلب ، فيما يتضمن موقع الرمز في الزاوية اليسرى للعلم اعلاء معنى الرمز .
ثالثا .عدد الرموز في الاعلام ونوعيتها تباينت دول العالم في استخدام رمز او اكثر في أعلامها، فمنها من وضعت رمزا واحدا ، مثل : علم الأردن وعلم جمهورية فيتنام الاشتراكية ( نجمة واحدة )، وعلم لبنان ( شجرة الأرز ) ، وعلم المالديف ( هلال ) ، وأعلام الدنمارك والنرويج والسويد ( الصليب). ومنها من استخدمت رمزين ، مثل : علم تركيا ( هلال ونجمة ) ، وعلم السعودية ( عبارة لا اله الا الله والسيف ) ، وعلم ماليزيا ( هلال وشمس ) . ومنها من استخدمت أكثر من رمزين ، مثل : علم تركمانستان ( هلال وخمس نجوم وزخارف )، وعلم سري لانكا ( أسد وسيف وزخارف ). وكان أكثر الرموز تكرارا هو النجمة الخماسية التي استخدمتها (48) دولة في أعلامها ، بما يعادل (25%) من مجموع دول العالم . وتراوحت أعدادها بين نجمة واحدة الى خمسين نجمة ( في علم الولايات المتحدة ). وتباينت الرموز في نوعيتها فبعضها جاء بسيطا وواضحا ومفهوما للجميع ، وبعضها الآخر كان معقدا مثل أعلام : افغانستان ، منغوليا ، البرتغال ، وسوازيلاند. وسيكولوجيا : اذا كان الرمز في العلم الوطني واحدا وبسيطا كان ادراك معناه سهلا ومفهوما لدى الناظر له ، فضلا عن أنه يستقر في الذاكرة وتسهل عملية تمييزه من بين أعلام الدول الأخرى ، مثال ذلك أعلام : لبنان وكندا واليابان . وحين يكون في العلم رمزان واضحان ومفهومان ومترابطان في المعنى كان ادراكهما سهلا من قبل الناظر للعلم ،وقد يوليه اهتماما أكبر بالمعنى الذي تريد الدولة المعنية ايصاله لشعبها وشعوب العالم الأخرى .غير أن تعدد الرموز في العلم الواحد قد يؤدي بالناظر له الى العزوف عن رؤيته . أما اذا كان الرمز في العلم معقدا فانه يكون مثل علامة مشوشة لمن ينظر له ، فضلا عن أن الأنسان يعزف سيكولوجيا عن اطالة النظر في الأشكال الغامضة . ولقد لاحظت في أعلام بعض الدول رموزا غاية في التعقيد ، أشك في أن شعوب تلك الدول تفهم دلالاتها أو معانيها . رابعا. مقارنة بين أعلام قارات العالم . احتلت أفريقيا المرتبة الأولى من حيث استخدامها للرموز بانواعها المتعددة . وكانت أكثر القارات استخداما لرمز النجمة الخماسية في أعلامها، اذ بلغ عدد الدول فيها 20 دولة ، تليها قارة آسيا بواقع 12 دولة ، فقارة أمريكا الشمالية بواقع خمس دول ، ثم استراليا بواقع دولتين .
خلاصة واستنتاجات * بلغ عدد الدول التي استخدمت الرموز في اعلامها (143) دولة ،مقابل (49) دولة وظفّت الالوان رموزا في أعلامها ولم تستخدم أشكالا، وهذا يعني أن الرموز بمختلف أنواعها قد تم استخدامها في أعلام دول العالم بما يعادل 74% مقابل 26% اكتفت باستخدام الألوان رموزا . مع ملاحظة أن اللون ايضا جرى توظيفه الى جانب الرمز في تلك الأعلام . * احتلت الرموز التجريدية المرتبة الأولى بنسبة (40.5%) ، تلاها رمز النجمة بنسبة (37% ) ، فالرموز النباتية ورمز الصليب بنسبة ( 11%) لكل منهما ، فالرموز الحيوانية ورمز الشمس بنسبة (9% ) لكل منهما ، فرمز الهلال بنسبة ( 8% ) ، وأخيرا العبارات الدينية بنسبة ( 2.8%) . مع ملاحظة أن بعض الأعلام استخدمت أكثر من رمز. * بلغت نسبة الأعلام التي استخدمت رموزا دينية ( هلال ، صليب ) ، او عبارت دينية ( 21.6%). * وظّفت بعض الدول ما تنفرد أو تشتهر به رمزا في أعلامها الوطنية ، مثل أعلام : لبنان ، كندا ، جمهورية البيرو ( حيوان اللاما ) بابوغينيا الجديدة ( طائر يعيش فيها) ، ومملكة بوتان ( حيوان خرافي شائع في ثقافتها الشعبية ). وهذا يعني أنها استخدمت وظيفة واحدة للرمز هي الدالّة التعريفية ، فيما عمدت معظم الدول الى استخدام الوظيفة الوطنية الاجتماعية في أعلامها .
لقد تبين لي أن السلطة التنفيذية في بعض الدول تقوم بتكليف عدد محدود من الفنانين لتصميم أعلامها الوطنية ، فيما تعمد دول أخرى الى اجراء مسابقة مفتوحة لهذا الغرض ، كما حصل في دولة الامارات العربية المتحدة ، اذ شارك المواطنون في تصميم (1030)أنموذجا ، تم اختيار واحد منه هو علمها الحالي ذو الألوان الأخضر والأبيض والأسود ( بالعرض) والأحمر (بالطول). وحصل الشيء نفسه فيما يخص العلم العراقي الجديد ( لم يعلن عنه لحد الآن ). اذ شارك الفنانون والمواطنون في تصميم أكثر من ( 600)أنموذجا ، وقامت لجنة تحكيم مؤلفة من ثلاثين محكما في تشرين الثاني (2008) باختيار ثلاثة نماذج أولى وثلاثة نماذج ثانية لعرضها على البرلمان العراقي لاختيار واحد منها. والمفاجأة – التي لم تعد سرّا – أن الأنموذج الذي فاز بالمركز الأول هو العلم الذي صممه الفنان الراحل جواد سليم واعتمدته الدولة العراقية علما وطنيا لها في الأعوام 1959-1963. وجاء بالمرتبتين الثانية والثالثة تصميمان جميلان لا يصح الاعلان عنهما بوصفي أحد أعضاء لجنة التحكيم . ان الرمز الناجح في العلم الوطني للدولة هو الذي يؤدي وظيفتة السيكولوجية بأن يعزف على أوتار اللاشعور الجمعي لشعب ( أو شعوب ) تلك الدولة ، لاسيما وتر الشعور بالانتماء للوطن ووتر الشعور بوحدة أبنائه . والرمز الناجح في العلم الوطني للدولة هو الذي يقدم دالّة تعريفية واضحة ومميزة لدول العالم الأخرى وشعوبها ، وتسهل معرفته حين يرفع بين أعلام الدول. وكلما كانت هذه الدالّة التعريفية تحمل معاني انسانية كانت أكثر قبولا من تلك التي تحمل معاني دينية أو قومية . وكلما كان الرمز بسيطا ومفهوما كان ادراكه لدى الناظر له اسهل من الرمز المعقّد واكثر استقرارا في الذاكرة . كما أن الاكثار من الرموز في العلم يؤدي بالناظر له الى العزوف عن رؤيته. وكلما كان الرمز في العلم الوطني للدولة واقعيا ، ولا يحمل معاني القوة ، أو وهم القوة ( استخدام النسر مثلا ) الذي يدل ضمنا على استضعاف دول أخرى واستعلاء على شعوب أخرى ، كان ذلك أكثر قبولا لدى الناظرين له . وقد لا يكون استخدام الرموز التراثية ( قصر ملكي مثلا ) ناجحا في العلم الوطني للدولة ، لكونه يرتبط بالماضي في موضوع معين او منجز ما عاد يعني شيئا في عالم صار يهتم بالحاضر والمستقبل ويعتمد التجديد أسلوبا في الحياة . وكانت هنالك أعلام لدول تحمل رموزا دينية مع أن تلك الدول غير ملتزمة أو غير متشددة في تعاليم دينها ، ومثال على ذلك الدول الاسكندنافية ( الدنمارك ، النرويج ، السويد ). فهي دول متحررة تحمل معان أنسانية ، وموقفها من الدين ليس كموقف دول أخرى حملت أعلامها رموزا دينية مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية ايران الأسلامية . وعليه فقد يكون مناسبا للدول التي تنطبق على أعلامها الوطنية هذه الملاحظات ( وهي كثيرة للأسف ) أعادة النظر في تصميم أعلام جديدة لها ، على أن يكون ذلك في مسابقات مفتوحة ، وأن يكون اقرار التصميم الفائز من مسؤولية برلمان تلك الدولة لا من مسؤولية السلطة التفيذية أو رئيسها .
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحب في زمن الكوليرا
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة السادسة - سيكولوجيا الدين
...
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الخامسة -سيكولوجيا الدين :
...
-
تساؤلات محرجة .. في الدين - الحلقة الرابعة - سايكولوجيا الدي
...
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الثالثة - الدين والصحة الن
...
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الثانية - التطرفان الديني
...
-
تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الأولى -
-
خذوا الحكمة من جلجامش
-
دلالات اللون في اعلام دول العالم
-
في سيكولجيا المجتمع العراقي بعد نيسان 2003
-
في سيكولوجيا الحزب الشيوعي العراقي
-
الصحافة : مهنة المتاعب ..والنفاق ايضا !
-
علي الوردي ..وازدواج الشخصية العراقية
-
كلنا مصابون بحول في العقل !
-
ضمير..سز
-
عبود ..والشطره ..وحال ما تغير
-
في سيكولوجيا الناخب العراقي- قراءة نفسية سياسية -
-
اسطورة أوباما ..هل ستنتهي بانتصار الوطن ام بموت البطل ؟!
-
ثقافتا الفرد والدور ..واشكاليه السلوك
-
في سيكولوجيا تصرّف منتظر الزيدي - ثقافة التعليق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|