|
منظمات اليسار الفلسطيني وضرورات الوحدة البينية
سليمان الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 2682 - 2009 / 6 / 19 - 08:38
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
إذا كانت المنابع الفكرية التي رست عليها منظمات اليسار الفلسطيني الأبرز: الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب، واحدة، أو مرجعياتها متقاربة، كما أن مواقفها السياسية ومعالجاتها والتعاطي مع مشكلات القضية الفلسطينية وتعقيداتها ومعضلاتها، فيها الكثير من الفهم والتعاطي والتعامل المشترك والمتقارب، وكذلك يمكن القول نفسه عن برامجها وسياساتها المرحلية، مع وجود فوارق ليست جوهرية، أو على الأصح ليست متناقضة، إنما فيها بعض التعارضات الهامشية أحيانا أو الجزئية في أحيان أخرى. رغم كل ذلك، فإن ما يجمع بينها أكثر بكثير مما يفرّق، وأن حصيلة ذلك وحمولته الإستراتيجية يمكن أن يتعدى ويتجاوز الخلافات التكتيكية والجزئية، إذا ما خلصت "النوايا" وتم تغليب الإستراتيجي على ما عداه.
وإذا كانت "كيمياء" القيادات فيها من العناصر الإيجابية والتفاعلية وتقدير المصلحة المشتركة وتجاوز آنيات.. وأنانيات التعقيدات والرواسب الذاتية التاريخية، وتغليب الرؤية والنظرة الحاضرة والمستقبلية، خصوصا وأن تحديات الواقع ومشاكله، والمواجهة اليومية مع الصعوبات والمصاعب التي يخلقها ويفتعلها العدو الصهيوني، لا تترك كثيرا من ترف الخلاف، أو الدلع أو الكسل والتعالي والتشاوف الاستعلائي لهذا التنظيم على ذاك الآخر، ولا يترك لهامش الادعاءات ما يمكنه أن يصمد أمام هول وبشاعة ممارسات العدو، ومخططاته المطبقة على أرض الواقع لابتلاع الأرض، وتهجير أكبر عدد ممكن من المواطنين الفلسطينيين، خصوصا وأن الإرباك وتجريبية السلطة وخطلها وتصوراتها تحتاج دائما إلى وازن، يمكنه أن يعدل ويفيد وينصح ويقوم ويشارك في تحمل مسؤوليات، ويواجه تحديات يومية ومستمرة.
لقد دخلت منظمات اليسار الفلسطيني في تجارب جبهوية أو توحيدية عدة سابقا، إلاّ أن الحصيلة لم تشفع للنوايا الطيبة ولم تساعدها على الصمود والاستمرار، وبرز في الحصيلة أن "كيمياء" بعض الأشخاص القياديين الأساسيين، لم يجد ما يمكنه أن يتغلب على الشخصانية والذوات المتضخمة، والنرجسية التي لم تر في نهر الحياة، وفي نهر الدماء التي يهدرها ويواصل العدو الصهيوني في إزهاق أرواحها، إلاّ ذواتها وأشخاصها ومصالحها الآنية التي تؤثر العرض والاستعراض، والإكثار من إطلاق مقولات وتنظيرات لا تزكي وتعلي إلاّ من ذواتها أو من ذات تنظيمها وتعظيم دوره.
والمحاولة التي تم ترتيبها وعلى عجل أثناء انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، وذلك بإنشاء "جبهة البديل" (شعبية، ديمقراطية، حزب الشعب، فدا ومجموعة أخرى من المستقلين) انتهت بفعل الخلاف على الحصص، والاختلاف على "جلد الدب" قبل اصطياده، إلى أن انسحبت الشعبية من "البديل" لتبقى المنظمات الأخرى فيه، وليكون الحصاد للجميع هزيلا، وغير متوافق تماما مع الأدوار التاريخية النضالية التي سطرها مناضلو تلك التنظيمات.
رغم ذلك، فإن القواعد الشعبية لتلك التنظيمات، وكوادر مهمة فيها، وأساسا نظرا إلى تحديات الواقع وإشكالاته المعقدة، عادت لتدفع إلى تكوين جبهة لبعض منظمات اليسار الفلسطيني – ديمقراطية، شعبية، وحزب الشعب - عام 2007، وتتالي محاولات الإنشاء والتقريب بين منظمات تلك التنظيمات في الضفة الغربية وغزة، وفي بلدان الشتات عربيا وعالميا، وتم القيام بالعديد من النشاطات والفعاليات، وتم التوافق على القيام بنضالات وبرامج مشتركة في أكثر من موقع ومكان. ما أحيا منسوب الآمال من أن جبهة لليسار، قد قامت وترسخت واستمرت، إلى أن تم الدخول في العام الثاني من قيام الجبهة، أي عام 2008. وبدلا من تعزيز الآمال باستمرار الجبهة، وتعزيز الأواصر والبرامج التوحيدية، والنضال المشترك بين أعضاء وكوادر تلك التنظيمات، فإن وتيرة ومنسوب السلبيات أخذ في التعاظم والازدياد، ليتم الوصول في نهاية ذاك العام تقريبا إلى انتكاسة وإلى سكتة في العمل المشترك، وإلى العودة بالمعنى التراجعي إلى العمل كتنظيمات مستقلة منفردة، ليصيب ذلك إحباطا لدى جهات عدة في تلك التنظيمات، وفي غيرها من التنظيمات عربيا وعالميا.
ومهما قيل عن وجود اختلافات على جزئيات في بعض البرامج والسياسات والتكتيكات، فإن ما هو غير معلن من "اختلاف كيمياء" العلاقات الشخصية بين أفراد من قيادات تلك التنظيمات، وإعادة بروز بعض العقد التاريخية الذاتية، وسلبيات في علاقات هذا الفرد أو ذاك من القيادات، وبروز الشخصانية من جديد، والنرجسية الطاغية في سلوك بعض القيادات، كل هذا عطّل المحاولة الجبهوية الجدية بين تنظيمات من اليسار الفلسطيني المنوه عنها من قبل، وأوقف مد التفاؤل لدى أعضاء وقيادات من تلك التنظيمات ومن غيرها، والمؤمل أن يكون ذلك التعطيل إلى حين، تنضج خلاله الظروف الموضوعية والذاتية بصورة أكثر إلحاحا وضرورة، مع أن الظروف الموضوعية مليئة بالتحديات المعقدة، وبحاجة إلى أذهان وسواعد أكثر قربا ووحدوية، حتّى مع تنظيمات أخرى من قوس قزح الأطياف الفلسطينية.
#سليمان_الشيخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
مباشر: حزب النهج الديمقراطي العمالي يخلد ذكرى شهداء الشعب ال
...
-
مظلوم عبدي لفرانس24: -لسنا امتدادا لحزب العمال الكردستاني وم
...
-
لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا
...
-
متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت
...
-
التصديق على أحكام عسكرية بحق 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ«
...
-
تنعي حركة «الاشتراكيين الثوريين» ببالغ الحزن الدكتور يحيى ال
...
-
الحزب الشيوعي يرحب بمؤتمر مجلس السلم والتضامن: نطلع لبناء عا
...
-
أردوغان: انتهت صلاحية حزب العمال الكردستاني وحان وقت تحييد ا
...
-
العدد 584 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بوتين يعرب عن رأيه بقضية دفن جثمان لينين
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|