|
ايران : الصراع بين الاصلاح التطهيري والاصلاح التجديدي
حارث الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 2681 - 2009 / 6 / 18 - 10:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في وصف منتقى لاحدى مظاهرات انصار المرشح الاصلاحي موسوي ضد ما اعتبروه تلاعبا بنتائج الانتخابات الايرانية ، استخدم الموقع الالكتروني الاشهر في الولايات المتحدة (هوفنغتون بوست ) العبارة التالية كمانشيت رئيسي : الى أبعد ماتراه العين ، اشارة الى حجم المظاهرة والى ان عدد انصار موسوي والمحتجين كبير جدا . النيويروك تايمز لم تبتعد عن هذا الميل في تغطية الاحداث التي شهدتها ايران بعد اعلان نتائج الانتخابات فمعظم الاخبار والصور المنقولة فضلا عن مقالات الرأي لاتخفي انحيازها للمحتجين وميلها الى ابراز نشاطاتهم وكذلك "القمع" الذي يواجهونه من شرطة النظام ، وفي شريط فيديو توفره خدمة النيويروك تايمز على هامش نقلها للاخبار تجري المذيعة لقاءا مع المراسل المتواجد في طهران وتطرح عليه السؤال بالصيغة التالية : لقد مضى لك عدة سنوات في ايران هل سبق وان شاهدت احتجاجات ومظاهرات بهذا الحجم الكبير ؟؟ هذا النوع من الاسئلة هو مايطلق عليه في الدراسات الاكاديمية بـ"التأطير" ، فهو يحمل ضمنيا اتجاها معينا وترجيحا للجواب الذي كان بالتأكيد : كلا . ثم تسترسل المذيعة بطرح السؤال الذي هو في حقيقته تعليقا لاقرار ماتعتقد انه يحدث وتصويره على انه يحدث فعلا : من الواضح ان المتظاهرين يلبسون الاقنعة خشية من ان تتعرف عليهم شرطة النظام ومخبريه المندسين في المظاهرة ، اليس كذلك ؟؟ هل كانت المذيعة مخطئة ؟ ، ليس بالضرورة كما انه ليس بالضرورة ان النيويورك تايمزوغيرها من وسائل الاعلام الامريكية قد نقلت احداثا لم تحدث او انها كذبت بشان مايحدث ، مايحصل في الحقيقة ان وسائل الاعلام تشارك بصناعة الحدث عبر تأطيره وصياغته من خلال وسائل أعقد بكثير من ادوات الدعاية الساذجة التي تستخدمها الانظمة التوتاليتارية شبه المنقرضة ، فالاعلام الخبري هنا لايقوم بالدور الذي تفترض المدارس الكلاسيكية الساذجة انه يلعبه : اي ان يكون مرآة للحقيقة ، فهذا المفهوم لم يعد احد يصدقه ولم يعد يستخدم الا في الدفاع الساذج من قبل بعض الاعلاميين المبتدئين عن سلوكهم ، الاعلام هنا يلعب دور الشباك لا المرآة ، فهو يسمح لك بان ترى من "الحقيقة" القدر الذي يريدك ان تراه ، ولذلك انتشرت كاميرات وسائل الاعلام الغربية في ضواحي طهران الغنية حيث تتركز قاعدة الدعم التي يتمتع بها مير حسين موسوي وتعيش الطبقة الغنية والوسطى الراغبة بالتغيير ، لكن المظاهرات الضخمة التي نظمها اتباع نجاد والتي كانت بمئات الالاف وفي الغالب باعداد اكبر من اعداد المحتجين فقد اشير اليها على انها حدث هامشي ، لايساوي في قيمته بتشكيل الحقيقة قيمة المظاهرات الاحتجاجية ضد نجاد . بالصدفة كان لدي صديق له خبرة انتخابية جيدة متواجد في طهران وطلبت منه ان ينقل لي روايته لما يحدث ، وقد بعث لي برسالة عبر بريده الالكتروني ردا على استفساري قائلا انه اجرى استفتاءا في اوساط من احتك بهم قبل الانتخابات ويعتقد بان النتائج تعكس الواقع ، وعندما واجهته بالاتهامات الموجهة للنظام في وسائل الاعلام الغربية لاسيما الاجراءات التي اتخذت قبيل الانتخابات كتعطيل نظام الرسائل عبر الموبايل وامكانية الوصول الى الفيس بوك وبالتالي منع المعارضة من استخدام وسيلة التواصل والتنظيم المتاحة في ظل سيطرة الطرف الاخر على الاعلام الرسمي ، قال ان مايراه فعلا في طهران هو بضع مئات من الشباب الموتورين في شوارع معينة يحاولون "استفزاز " الشرطة ، وان " الناس هنا ، اكثريتهم ، بما فيهم جزء من جماعة موسوي استهجنوا هذه الاحتجاجات وكيفية ادارتها .. انا كنت البارحه في قلب احدى المظاهرات اكثر من ساعتين وكانت الشرطه تتوسل بالشباب كي يستخدموا وسائل سلميه بالتعبير عن الرفض ولم يتم استعمال الهراوات الامابعد ماقطعوا الشوارع ولم يطلق الرصاص بالهواء الامابعد ماحرقوا الباصات " (اقتباس من اجابة صديقي ) . لدينا هنا صورة مختلفة تميل الى نقل "حقيقة" مختلفة عبر ذات المنطق ، اعادة تشكيل الصورة وفهم العلاقة بين السبب والنتيجة ، كل عملية نقل هي اسقاط لوعينا ومنطلقاتنا الفكرية على الحدث لاعادة انتاجه وفق محددات منظومتنا الذهنية والثقافية وميولنا . وهذا هو الدور الذي يلعبه الاعلام تحديدا ، فالادعاء بان الخطاب الاعلامي خال من القيمة الايديولوجية هو ادعاء ساذج ، او سطحي في اضعف الاحوال . ان "الحقيقة" التي يريد الاعلامي ان يكون مرآة لها هي تعبيره عن اهتمامات وعي محيطه الاجتماعي بطريقة تجعل نقله لما يجري عملية تمثيل اكبر مما هي عملية توصيف محايد . ومن هنا يأتي التأطير الاعلامي ، فهو بحسب ايتمان (1993 )عملية "اختيار بعض الجوانب من واقعة معينة وابرازها في الخطاب الاعلامي بطريقة تستهدف تمرير تفسير معين للمشكلة وللعلاقة السببية ولمضمونها الاخلاقي ولطبيعة معالجتها ..". اننا نخطئ ان تصورنا ان النص الاعلامي مستقل عن اطاره ومحيطه وعن المنظومة السياسية والثقافية والفكرية المهيمنة على العقل المنتج له ، فضلا عن علاقات القوة والمصلحة المتضمنة في عملية انتاجه ، والاعلام لايسعى فقط الى تأطير الحدث ضمن اطار تفسيري وتعليلي معين بل وايضا الى الى ادراج خطابه في اطار صراع مع الرؤى المغايرة ، وتصادم الرؤى يعكس صراعا غاطسا للمصالح ونمطا من علاقات القوة ، ودائما هناك " من يمتلكون موارد اكبر ، وسلطة – (ذهنية) - اكبر ، لتمرير وفرض تعريفهم لما يحصل " (توتشمان 1978) . ان "الحقيقة" هي مورد نادر ، وامتلاك القوة اللازمة لتعريفها واظهارها هو جزء من صراع السلطة داخل الحيز السوسيو- سياسي (ريس 1995) . اذن هل نحن بمواجهة نسختين مختلفتين من "الحقيقة" عما يجري فعلا في ايران ، بالتأكيد ، فعملية نقل مايجري هو جزء من الصراع الكلي الشامل الذي لايسعنا بمواجهته الا محاولة تفسيره ونقده وتفكيكه في اطار تصورنا لاليات اشتغال الصراع الاجتماعي والعلاقة بين النظام السياسي ومحيطه الخارجي ، وكيفية ادارة التفاعل بين ديناميكيات التحول الداخلي وبين النظام العالمي كنمط من توزيع السلطة وهرميتها . اننا هنا بصد حدث مشابه نوعا ما لاحداث سبقته في ايران وغيرها من البلدان النامية ، وربما كانت امريكا اللاتينية مختبرا غنيا لهذا النوع من الصراع ، وهو صراع ذو بعدين رئيسيين ، الاول هو البعد الطبقي من حيث كونه يجري بين البرجوازية المتمثلة بموسوي وانصاره وبين الطبقات الرثة التي وجدت في احمدي نجاد تمثيلا لها ، اما البعد الثاني من الصراع فهو بين المشروع الراديكالي الاصولي للنظام والمتمثل برؤية نجاد الايديولوجية والى حد ما بعلاقة خامنئي – نجاد وبين المشروع البراغماتي المتمثل بالطرف الاخر وبشكل خاص علاقة رفسنجاني – خاتمي – موسوي . البعدين متداخلين الى حد كبير وبدون هذا التداخل يتعذر فهم الصراع بطريقة اكثر وضوحا ، كما يتعذر فهم بعده الخارجي المتعلق بشكل العلاقة التي يجب ان تربط ايران بالنظام العالمي ، علاقة الاستتباع او المواجهة . سنجد في فنزويلا شافيز نمطا مشابها من الصراع ، فالزعيم الشعبوي المقرب من الفقراء والذي اجرى مشاريع صحية وتعليمية واجتماعية كبيرة في مناطق الفقراء فحصل على دعمهم الانتخابي ذي الكتلة التصويتية الهائلة يواجه البرجوازية الجامعة بين الوطنيين المتنورين الراغبين بحريات اوسع وبتمثيل اكثر اعتدالا لفنزويلا وبمشروع تنموي مندرج في اطار التفاعل الايجابي مع النظام العالمي ، ولكن ايضا اولئك المنخرطين ارادة او قسرا مع البرجوازية الانتهازية التي تمثلت زمنا ببعض ضباط الجيش المتحالفين مع قوى خارجية والراغبين بالانقضاض على السلطة كمشروع وحيد . في ايران نجح نجاد في ان يمد جذورا قوية في مجتمعات الهوامش والاطراف ، كان رجلهم الذي اتى من بينهم والذي يشابهم بسلوكه و ردائه "السترة الرمادية الشهيرة " وبافكاره "الايديولوجية الدينية المتزمتة" ، تبنى نجاد خلال السنوات الماضية سياسات هدفت الى دعم الطبقات الفقيرة واغضاب البرجوازية الاكليركية التقليدية التي فرخها تحالف غير مقدس بين طبقة من رجال الدين ورجال البازار وانتجت مصالح طفيلية داخل النظام ، والمشكلة انه في اطار هذا النمط من الاستقطاب الطبقي – الايديولوجي المحكم ، ينبثق تحالف برجوازي يجمع بين رموز راغبة بالاصلاح والتغيير والانفتاح واعادة تأهيل المشروع البرجوازي الوطني من داخل النظام كممكن معقول في اطار الصراع مع وضمن النظام العالمي بدل الجنوح الايديولوجي ذي الاثمان المكلفة ، وبين مع طبقات ممقوتة شعبيا بسبب تراثها في الفساد والاثراء غير المشروع ، ثم تأتي الاستعارات الايديولوجية ضاغطة على هذا الاستقطاب مانحة ترميزا للمواقف يكرس صراعا بين الرؤية الاصولية والرؤية الاصلاحية ، بين السعي الى الاغلاق الايديولوجي للنظام عبر احياء فهم تطهيري يتولى التصحيح القائم على فكرة ازاحة المفسدين داخل النظام لاعادة شرعنته في عيون المتضررين من افسادهم ، بمعنى اخر ان الرؤية النجادية التطهيرية هي نمط من الشعبوية التي تستهدف مزيجا من الادماج للطبقات المهمشة داخل النظام عبر احياء الروح التأسيسية ومبادئها وعبر الخطاب الاسطوري الذي يمكن فهمهه واستيعابه شعبويا ، في مواجهة الرؤية الاصلاحية التي تهدف ايضا الى توسيع رقعة النظام عبر ادماج البرجوازية والشرائح المتعلمة في بنيته والانفتاح على الخارج بدل الاغراق في شعبوية تكرس عزلة ايران عن محيطها الخارجي . اننا هنا بصدد تيارين منبثقين داخل النظام يحمل كل منهما رؤية اصلاحية مغايرة ، تيار نجاد القائم على مبدأ الاصلاح التطهيري عبر العودة للقيم التأسيسية للخمينية ، وتيار موسوي- خاتمي القائم على فكرة تجديد مبادئ النظام عبر الابتعاد عن التفسير الراديكالي واعتماد مرونة ايديولوجية كوسيلة للتكيف مع التحولات الاجتماعية التي عرفتها ايران منذ الثورة . لكن التطهيرية النجادية اضطرت الى بناء تحالف مع المؤسسة المحافظة وجهاز الحرس الثوري والباسدران ، وبالتالي سمحت لنفسها بالتماهي مع اجهزة تعرضت بدورها لاختراق الفساد والمصالح الخاصة ، كما انها أجهزة محمية من قبل رأس النظام ، المرشد الاعلى ، الامر الذي يوحي افتراضا ان الذهاب بالنجادية الى ابعد نقاطها سيفرض في مرحلة معينة التصادم مع المرشد نفسه ، او القبول بتنازلات ايديولوجية تجعل الاصلاحات النجادية موجهة نحو شريحة محددة داخل النظام ، اي التيار البراغماتي او الليبرالي ، لاسيما ذلك الذي مثله فعليا ورمزيا الرئيس السابق رفسنجاني . وهذا ماحصل فعلا في السنوات الماضية ، لقد انتهت التطهيرية النجادية الى اقصاء واسع النطاق للتيارات البراغماتية او الليبرالية في خلط متعمد بين الخصم الايديولوجي والخصم السياسي ، هذا النهج الاقصائي على مستوى النخبة رافقه نهج احتوائي على مستوى القاعدة عبر الدعم للنخب غير التقليدية والتقرب من فقراء العاصمة والاطراف الذين بدورهم مثلوا خزينا بشريا هائلا رفد مؤسسات النظام الامنية وميليشياته بشباب متحمس يدين كثيرا الى احمدي نجاد ومستعد لمحاربة اعدائه وخصومه من ابناء الطبقات الوسطى والمترفة او اصحاب التعليم الحديث الذين صار التيار النجادي يسوقهم على انهم مشروع ارتداد عن اصلاحاته في اقل الاحوال او مشروع عملاء للاعداء في اسوأها. الامر الذي انتج تدريجيا هذا التحالف المقابل العريض بين البراغماتيين والليبراليين ، بين البرجوازية الانتهازية والبرجوازية الوطنية ، التحالف الذي يبشر هو الاخر في حالة تسلمه مقاليد الامور بمواجهة من نوع اخر تسعى الى الارتداد عن السياسات "الاقصائية" التي استهدفت اساسا تيار رفسنجاني ورجال الدين الذين تم تهميشهم في المرحلة السابقة ، ثم الانفتاح على الشرائح الاقل ايمانا بالمبادئ التأسيسية لولاية الفقيه والراغبين بتحديث شكل النظام وتخفيف صبغته الايديولوجية وتأهيله لعلاقة تعايشية مع المحيطين الاقليمي والدولي ، وهذا التيار سيكون بمواجهة خصوم لايستهان بهم قادرين كما فعلوا في العهد الخاتمي على افراغ سياساته من محتواها ، وفي المقدمة جهاز الحرس الثوري الذي بحكم علاقته العضوية بالمرشد الاعلى مازال أقرب الى تفضيل النهج المحافظ والاصولي لاسيما وانه نهج يمده بمزيد من عناصر القوة والفعالية عبر ماينتجه من خطاب تصادمي مع الخارج ومايفرضه من ضرورة التأهب الدائم لمعركة محتملة ، وفي الحقيقة ان ثقل الحرس الثوري قد يفسر بقدر ما ميل المرشد الاعلى الى احمدي نجاد بدل القيام بدور الحكم المحايد ، فالنظام يسعى الى مراكمة عناصر القوة التي تقود حتما الى مراكمة وتعزيز نفوذ المرشد في الوقت الذي يوحي الاتجاه الثاني بميل الى تعزيز الصراعات الداخلية عبر فتح مجال اوسع للحراك السياسي وللجدل الايديولوجي الذي يهدد مسلمات النظام الراهنة ويعزز عناصر التشكيك من داخل النظام وبالتالي يقود الى انكفائية سياسية يرشدها سلوك غير صدامي مع الخارج . المثير في مايحدث من تطورات ، والمفسر للمقدمة التي تناولت دور الاعلام ، هو ان طبيعة ادارة الصراع منذ اعلان الحكومة عن انتصار احمدي نجاد الساحق قد غيرت تدريجيا من قواعد اللعبة وفرضت بطريقة لاواعية التزامات جديدة ، في المقدمة من ذلك كان وقوف الاعلام الخارجي ولاسيما الغربي لصالح رواية المعارضة وتسويقه لموسوي كزعيم اصلاحي ولاتباعه كحركة شبابية ساعية للديمقرطية والانفتاح ، مما سمح بانتاج عناصر جديدة في بنية الصراع ، فموسوي قد ادرك ان الغرب يتوقع منه سلوكا معينا كثمن لهذا الدعم كما ادرك ان اتساع رقعة الاحتجاجات تدريجيا وتحولها احيانا الى صدامات قاتلة مع الامن قد صار يحتم عليه ان يلعب دورا اكبر من الذي تخيله لنفسه قبل الانتخابات ، خصوصا انه صار يمثل فرصة لتجديد شرعية النظام في علاقته مع الخارج ، تلك الشرعية التي مثلت هاجسا رئيسيا فيما سبق وسببا في خوف مضمور من تآمر الخارج . بالمقابل بقدر مابدا ان حجم الاعتراض داخل العاصمة اخذ بالتنامي بل وبالاتساع نحو افق جديد وضم قوى ماكانت اصلا مؤيدة لموسوي ، بقدر ماتأخذ وثوقية التحالف بين خامنئي ونجاد بالتفكك عبر شعور الاول بأن هناك ضرورة للتمييز بين بقاء النظام وبين بقاء الرئيس ، وان هذا الزخم الرافض والمتسع اضطرادا صار يفرض استحقاقا مختلفا بالنسبة للمرشد الذي يصعب عليه التحول الى قناة شرعنة للقمع البوليسي مما سيحيل دوره التحكيمي والمحايد الى تقاعد نهائي ويحوله صراحة الى عنصر في بنية التحالف الراديكالي وبالتالي يسحب عنه "قداسة" الولاية على المؤمنين ، وان كان هذا السيناريو وارد في اي حال لان النظام صار يدرك ان تحديا اساسيا غير مألوف قد أخذ بالبروز وان الميول الاقصائية داخل بنية النظام قد تتسع لاسيما لحظة البدء بتأطير الدعم الغربي للتيار الاصلاحي اعلاميا على انه دعم سياسي وهو سبب كافي لتخوين الاصلاحيين والتعاطي معهم كـ "عملاء" ، وهو تعاطي سيكون القمع عنصره الاساسي . لكن احتمالية هذا السيناريو لاتعني ترجيحه لان النظام يدرك ان الامور قد بلغت نقطة حرجة وان الانقسام الداخلي الذي ابرزته الانتخابات جعل احشاء البلاد اكثر وضوحا للرائي الخارجي لاسيما اذا كان هذا الرائي اعلاما متمرسا بتسويق قصته مدعوما بتحالف امريكي – اوربي ودعم شرق أوسطي ، وسيتم تفسير اي خطوة للتشويش على الصورة او ابعاد الاعلاميين او وسائل الحجب التي تم اعتماد بعضها قبل الانتخابات لتمهد الارضية لاتهامات مابعد الانتخابات ، اقول سيتم تفسير هذه الاجراءات بطريقة سلبية وسيجد النظام نفسه بين كماشة تمرد داخلي لايستهان به وتربص دولي زودته الاحداث الاخيرة باداة تأثير مهمة ، في الوقت نفسه سيكون النظام اقل حكمة لو لم يستثمر البعد الاخر للاحداث الراهنة ، بوقوف الخارج مع التيار الاصلاحي فانه تم الاعتراف ضمنيا باليات النظام السياسية وصار ذلك يفترض استحقاقا اخرا على الغرب يتمثل بتأهيل النظام في حالة تحقيق تسوية ترضي الاصلاحيين وهي فرصة لم تلح من قبل ، الشئ الاخر ان هذا الاقبال التصويتي العالي وهذا الزخم الاحتشادي اعتراضا وقبولا يعني ان القاعدة المجتمعية للنظام وشرعيته قد تم تاكيدها بل وقبولها كالية لادارة الحراك الاجتماعي في مقابل الصورة التي يروج لها الخصوم الراديكاليين باعتبار النظام ثيوقراطية سلطوية ، وما يجب ان يحصل هو اصلاح الاداء التقني وطبيعة الصراع داخل النظام بشكل يحول التجربة الى مكسب في مواجهة الداخل والخارج ، من هنا نعتقد وببساطة ان خيارات المرشد الاعلى ستكون هي الحاسمة في تقدير شكل تجاوز المرحلة الراهنة الذي لن يكون باي حال من الاحوال خال من الاثمان ، والمخرج هو في ادراك الخيار الذي يحمل اقل الاثمان تكلفة .
#حارث_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مزرعة الحيوانات ومصير العراقيين
-
اعتزال الرجل الوطواط : عندما تقول السينما ما لاتريد قوله
-
ماذا تبقى من التعليم في العراق : الاسلاميون يكملون مابدأه ال
...
-
هل يصلح الجدل الاخلاقي لفهم الاتفاقية الامنية : ملاحظات على
...
-
العرب وعراق مابعد صدام : عودة خطاب-العروبة- السياسية
-
الى وزرائنا ومسؤولينا : هل سمعتم بوزير الثقافة البرازيلي!!
-
التيار الصدري: بين الشعبية والشعبوية
-
هل يقترب العالم من الحروب الدينية مجددا؟؟
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|