الاستفتاء..تأجيل أم إلغاء؟

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 07:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عندما رفضت بعض القوى السياسية مسبقا توقيع أي إتفاقية بين العراق والولايات المتحدة، كانت تظن إنها بذلك سوف تحرج الحكومتين العراقية والامريكية وتضع العملية السياسية برمتها في زاوية حرجة، ولكن عندما إسقط في يد هذه القوى وتحولت الاتفاقية من إتفاقية تنظيم وجود الى اتفاقية سحب قوات لم تغير القوى الرافضة للاتفاقية موقفها ولم تتح لنفسها فرصة قراءة مسودة الاتفاقية بشكل دقيق بل استمرت في صخبها الرافض لأي شيء، أو إنها راحت تستغل حاجة الحكومتين العراقية والامريكية للغطاء القانوني الذي توفره الاتفاقية لوجود القوات الامريكية في العراق لتفرض شروطها أو تحقق بعض المكاسب الفرعية.
حدث الكثير من الصخب لرفض اتفاقية سحب القوات كما قيل الكثير عن صفقات ترضية لكن النتيجة العلنية كانت ربط تمرير الاتفاقية بتنظيم إستفتاء شعبي عليها نهاية تموز 2009 وتنفيذ وثيقة للاصلاح السياسي التي لم يعرف أحد موعدا أو آلية لتنفيذها، وبدا الشرطان وكأنهما جزء من مناورة لأهداف اعلامية لا اكثر وايقن المطالبون بالشرطين عدم جدواهما لذلك ضاع الشرطان في أروقة الازمات العراقية وبقي موعد الاستفتاء هاجسا مؤرقا يطفو على سطح الاهتمامات من وقت لآخر.
في الاسبوع الماضي قررت الحكومة تقديم مقترح للبرلمان بتأجيل إجراء الاستفتاء ورجح الكثيرون ان يلقى الاقتراح تأييدا في مجلس النواب خاصة وإن مفوضية الانتخابات أشارت الى عدم كفاية الوقت المتبقي لإنهاء التحضيرات الضرورية لإجراء الاستفتاء مع العلم إنه لا يوجد حتى الآن قانون ينظم الاستفتاء ولا موازنة له، الحكومة إقترحت اجراء الاستفتاء بالتزامن مع الانتخابات النيابية وتذرعت بحجم التكاليف وقال بعض خبراء القانون إنه لا مانع تشريعي من التأجيل، والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا لماذا لا يتحول طلب التأجيل الى طلب إلغاء الاستفتاء برمته ولنحفظ على العراقيين الكثير من الجهد والنفقات في امر لن يقدم او يؤخر شيئا؟.
من جهة أخرى، لابد من تقييم خطوة تأجيل الاستفتاء، بغض النظر عن مبرراتها، كحالة من حالات الفشل إذا ما قسناها بالمرات السابقة التي أصرت فيها القوى السياسية العراقية على تنفيذ الاستحقاقات في مواعيدها وإعتبرت الالتزام بتلك المواعيد معيرا لنجاح العملية السياسية وتحديا في وجه رافضيها، بينما تبدو خطوة التأجيل هذه وكأنه تؤشر على وصول القوى السياسية الحاكمة الى مرحلة من الثقة والاستقرار تنتفي معهما الحاجة الى تنفيذ المزيد من الاستحقاقات .
الفشل في تنفيذ الاستفتاء في وقته لا تتحمله الحكومة لوحدها بل يتحمله بشكل اساسي الذي تبنوا مطلب إجراء الاستفتاء كشرط لتمرير الاتفاقية ثم تناسوا شرطهم هذا بعد أيام قليلة سواء لأنهم شعروا بعدم أهميته أو لأنهم أرادوا الانتظار حتى اللحظة الاخيرة واستخدام الموضوع في السجالات السياسية والتنابز الاعلامي.
سكت الجميع تقريبا عن تنفيذ الاستفتاء او تأجيله وتحولت الكثير من المواقف منذ تمرير الاتفاقية مع الولايات المتحدة واصبح بالامكان تعديل قانون الاتفاقية لتغيير موعد تنفيذ الاستفتاء لكن الاكثر جدوى هو إلغاء بند الاستفتاء برمته، ومع ذلك تبقى مساحة فارغة لم تتحدث عنها الحكومة حتى الآن وهي تنفيذ إنتخابات مجالس الاقضية والنواحي، أم إننا سنشهد في الايام المقبلة دعوة جديدة لتعديل قانون إنتخابات مجالس المحافظات بما يؤدي الى تأجيل إنتخابات مجالس الاقضية والنواحي مع وجود الذريعة الاقتصادية في عام الشح هذا وانخفاض الاقبال على الانتخابات السابقة، والاجهاد الذي تتحمله مفوضية الانتخابات والخلافات الدائرة فيها وعليها، ولكن هناك ملاحظة مهمة لابد من أخذها بالحسبان عند التفكير في تأجيل إنتخابات مجالس الاقضية والنواحي، وهي إن أبو عمر البغدادي كان رئيسا لأحدى هذه المجالس وما خفي أعظم.

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات