أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمنى - أوباما تحليل الخطاب وردود الفعل 2 من 2















المزيد.....


أوباما تحليل الخطاب وردود الفعل 2 من 2


سيد القمنى

الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 09:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن الاستخدام الانتهازى للإسلام لتحقيق مصالح ومنافع مادية دنيوية بحت شأن عرفناه فى مشايخ الصحوة الذين أساءوا للمشيخة الرصينة الراسخة وللإسلام نفسة ، قياساً على احترام هذه المشيخة وتبجيلها قبل ظهور مشايخ الصحوة فى نظر كل الناس . ويبدو أن الرئيس الأمريكى بعد أن ولد فى ثقافتنا وعاش بيننا وعرف طرائقنا وفهم أقصى أمانينا ومنطقنا فهو ابن منطقتنا التى هى جذوره ونسبه ، من هنا لبس مولانا بارك بن حسين آل أوباما ثياب الواعظين رعاه الله وحفظه ، آمين ، ولجأ لطرائقنا ومناهجنا فى التفكير للمصالحة وتجميل الوجه الأمريكى للمسلمين ، ومن ثم بدأ بالسحر الإسلامى الذى ينتشى له المسلمون ليشعرهم أن إسلامهم قد غزا البيت الأبيض فى فتح ميمون ، وعليه فلا داعى لإعادة الفتوح والغزوات المباركة على أمريكا مرة أخرى . لقد طمأن المسلمين رغم إعلانه مسيحيته فى بداية الخطاب أنه يفهمهم بل إنه منهم . الرجل يعلم جيداً مفاهيم شعبنا مسلوب الوعى الذى يتصور أن المسيحيين يعلمون جيداً أن الدين هو الإسلام كأصح الأديان لكنهم لا يعلنون ذلك كيداً وغيظاً ويعضون علينا الأنامل حسداً وكمدا ، مع الهمس اليقينى بين المسلمين أن (معظمهم مسلم بس فى السر ) !!! فلماذا لا يكون أوباما هكذا وأنه إنما يمارس قاعدة إسلامية وعقيدة راسخة هى التقية ؟ وهى المبدأ الذى لخصة وشرحة المثل الشعبى المصرى ( إن نزلت بلد بتعبد العجل حش برسيم وإرميلة / يعنى ضعة أمامة ) وهو ما يعنى أنة ربما يمارس التقية معنا وليس معهم ، بيحش البرسيم لنا وليس لأمريكا.
ولأن الرئيس الأمريكى قد اختار لخطابه هذا المستوى ، فقد فتح بذلك القول لأهل الدين فيه ، وفيه أكثر من طرفة وفيه أيضاً أكثر من كارثة . على سبيل المثال : لم ير الأيرانى الدكتور محمد على مهتدى (قناة الجزيرة ) فى أوباما أكثر من مسلم مرتد ، وهو ما يعنى أنه لو كان إسلامنا كمصريين صحيحاً لانتهزنا الفرصة للقبض على أوباما فى القاهرة مع استتابته ثلاثة أيام فى سجن الواحات أو القناطر مثلاً أو ربما فى لاظوغلى ليتعرف على سلومة الأقرع ، أو يفىء إلى اللة ويعود عن غيه المفتون إلى رشده ويتوب ، أو نطيح برأسه على ملأ من عامة المسلمين وخيار علماء الأزهر ودار الإفتاء ، وليكن فى ميدان التحرير مثلاً ، لأن ذلك حق الله والأمة الشرعى ، وكونه على أرضنا فهو ما يعنى خضوعه لقوانيننا وهى قاعدة دولية متعارف عليها ، إضافة إلى مكسب تفعيل المادة الثانية بالدستور مما يؤكد تمسكنا بالقيم الدستورية وبالإسلام فى آن معا ، أم نحن فقط قادرين وفاجرين وأسود ضوارى مع بنى مصر وأهلها من أقباط وشيعة وبهائيين وقديانيين وحقوقيين وليبراليين ولادينيين ..إلى أخر الأقليات المصرية المتناثرة .
إيرانى أخر يعيش فى المهجر هو أمير طاهرى عرف لغز أوباما بعد بحث دقيق فى التراث الشيعى ، فعثر فى كتاب بحار الأنوار لمحمد باقر المجلسى الصفوى على حديث للإمام على عن علامات ظهور المهدى المنتظر ، ومن تلك العلامات أن رجلاً أسوداً سيملك فى جهة الغرب ، وسيقود أقوى جيش فى الأرض قبل ظهور المهدى مباشرة ، والإسم باراك هو بارك، فهو بارك حسين أوباما ، وتعنى فى العربية والفارسية والعبرية ( مبارك الحسين ) ، أما (أوباما ) بالفارسية فتعنى ( إنه معنا ) ، وإعمالاً لذلك فلاشك أن الرئيس أوباما هو أحد الأوتاد التى تظهر قبل المهدى نبوءة بقرب ظهوره ، وأنه قريباً سيكون معنا ، فرج اللة كربة وعجل ظهورة !! .
لأهل السنة رأى آخر ، فقد روى عن الصحابى تميم الدارى وهو من بيت لحم بالخليل ، أنه طلب من النبى إن فتح الله فلسطين للمسلمين أن يعطيه مسقط رأسه بيت لحم ومقام إبراهيم ، وفى خلافة عمر نفذ له عمر وعد النبى ، وعاش آل تميم فى الخليل حتى اليوم ( التمايمة ) . وقد حدث هذا الصحابى أن جفاف بحيرة طبرية وجفاف نخل بيسان يؤذنان بقرب ظهور المسيخ الدجال ، ومن صفاته فى الحديث النبوى أنه أجعد الشعر ويقيم فى جزيرة بعرض البحر ، وباراك أوباما مولود فى جزيرة وهو أجعد الشعر ويستطيع الزعم أنه مسلم ومسيحى ويهودى ، فأبوه مسلم ، وباراك تنصر ، ثم لبس القبعة اليهودية فى زيارته للقدس . كذلك جاء فى قدرات المسيخ الدجال أن بإمكانة أن يطأ الأرض جميعاً ،وهى قدرة أى رئيس أمريكى بجيوشه ، وعليه فإن بارك حسين أوباما هو المسيخ الدجال عدو المهدى المنتظر الذى سيخرج من بلاد المسلمين ليقتل المسيخ الدجال ويكسر الصليب ويذبح الخنزير. ، و كسر الصليب يحدث الآن كل يوم فى العراق ومصر وباكستان وغيرها بحمد من اللة ونعمة ، وإن ذبح خنازير مصر قبل وصول أوباما مباشرة ، يشير إلى قرب تحقق هذا كله ، وبعدها تقوم القيامة .
ولو بحثنا عن رد مشيخى بعبد عن فانتازيا الخيال الدينى يقرأ الموقف برصانة ، فلدينا من وقف مع الآية التى دلل بها أوباما على سماحة الإسلام " من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " ، وقال هؤلاء إن أعمدة كتب التفسير تتفق على أن أول الفساد هو الكفر بدين الإسلام ، ومن ثم فإن الآية التى استشهد بها اوباما ليدلك غرائز المسلمين ، توجب أول ما توجب قتل أوباما وكل من لم يدخل الإسلام ، خاصة بعد أن أعلن الإسلام عن نفسه وبلغ الناس كافة بحجة بليغة عليهم بأحداث 11 سبتمبر 2001 ، ولا حجة لأحد بعد أن وصله البلاغ مصحوباً بالدمار والخراب والدم والبينات الحارقات ، فهذه رسلنا قد أبلغتهم بديننا الحنيف ، وبعدها لا حجة ولا عذر لكافر بالإسلام على كفره ، وهو ما أكد عليه علم مشايخ الخليج الشيخ المنيع الذى رأى فى سبتمبر 2001 بلاغاً مبيناً وواضحا للعالم كله بوجوب الخضوع للإسلام ، ولفتة إلهية من علاماته البواهر .
هذا مع ملاحظة ظللت أؤكد عليها سواء فى كتاباتى أو محاضراتى وهى أنه رغم كل ما فعلت القاعدة وابن لادن ، فإنه لا يوجد مجمعاً أو هيئة أو مؤسسة أو رابطة أو فردا من المؤسسة الدينية أعلن تكفير بن لادن أو الزرقاوى وخروجه على الإسلام مهدور الدم كما يفعلون مع غلابا الوطن أمثالنا ، لأنهم جميعاً فى طواياهم لا يرون فيه سوى نموذج البطل الملحمى الإسلامى القديم بن الوليد وبن العاص وبن القاسم والقعقاع وغيرهم ، وأنه يجاهد فى سبيل الله وقام بتفعيل فرض الكفاية الجهادى نيابة عن الأمة كلها وله بذلك السابقة والفضل المبين . ومع عقيدة التقية فإنهم يستهجنون مع كل مجزرة بنلادنية أو زرقاوية أو قاعدية يمنية أو صومالية أو جهادية ... قتل الأبرياء والمدنيين ، ويستتبعونها دوماً بأن أمريكا وإسرائيل والحكومات الإسلامية كلها تفعل نفس الشئ ، كمبرر لما تفعل القاعدة والجهاد وحماس.... يستهجنون من طرف اللسان لكنهم
لا يكفرون الذين يقتلون الأبرياء المدنيين بيد القاعدة سواء كان الضحايا مسلمين فى بلاد مسلمين أو غير مسلمين ، لسبب بسيط وهو أنهم الأساتذة الذين علموهم ذلك فى معاهدنا الدينية فى مواد تدرس ولازالت بعد التجديد والتحديث تحدثنا عن عقيدة الولاء والبراء وفريضة الجهاد وملك اليمين ، وأصول التعامل النبيل مع العبد والفرس والبغل والمرأة والحمار بحنان ورفق إسلامى لا شبيه لة ولا نظير .
****
صحيقة المصرى اليوم حضرت مؤتمراً صحفياً مع أوباما إثر خطابه مباشرة ، وعقبت بتعبير شديد الأهمية وشديد الدلالة : " فالرجل لو صدق ، فسوف يتغير العالم من جامعة القاهرة " !!
أما العبد الفقير إلى الله فيرى أن هناك أشياء ستتغير بالطبع ، وسيتم حل المشكلة العزيزة على نفوس المسلمين فلسطين الغالية مسرى الرسول وأولى القبلتين بالسرعة الممكنة ، بالتزامن مع الخروج العسكرى من العراق ، وهو المتوقع خلال عامبن ، فهذه هى هموم المواطن حتى الجائع الحافى العارى المريض لا يجد قوت يومه ويخرج فى المظاهرات من أجل فلسطين والبوسنة والشيشان وبلاد تركب الأفيال ، ولا يخرج ليطالب بحقه فى الكرامة الإنسانية من حقوق وحريات . لذلك فإن من سيعانى هو تيار الحريات الحقوقى مع مزيد من العسر والتأخر فى قدوم التغيير المرتقب إصلاحاً وتهذيباً وتحديثاً ، فى ظل التحالف الذى يبدو أنه قد قام علناً وجهاراً نهاراً بين أمريكا والمسلمين ، فالخطاب كان للمسلمين بالتحديد ، وأن النتيجة هى شرعية وبقاء الأنظمة والشعوب والأوضاع على ما هى عليه ، فهى حليفة ، وإن جاء نظام مختلف عن الحالى فهى حليفة ، ولو جاء جمال مبارك أو على مبارك أو حتى زكى جمعة فهى حليفة ، ولو جاء الأخوان المسلمون فهى حليفة ، وتبقى الشعوب خارج الموضوع لأنها الفريسة لأى مفترس حليف ، ويبقى الباب بذلك مفتوحاً لمختلف الاحتمالات . وستقوم الحكومات فى بلادنا : إسلامية صريحة ، أو إسلامية بزى مدنى كالحادث عندنا ، بدور الحارس الأمين للمصالح الأمريكية ، مقابل الصمت الأمريكى عن حقوق الشعوب فى هذه البلاد ، وتقوم أمريكا بدعم النظم الحاكمة القائمة بمنحها الشرعية والاعتراف ، وعلى هذه النظم أن تساعد أوباما لأنهاء ملفات أمريكا العالقة فى المنطقة وخروج عسكرها بكرامة وبخسائر بأقل قدر ممكن ، مع الحفاظ على مصالحها أينما كانت .
بالأمس القريب ( وما أسرع متغيرات خطى التاريخ فى زماننا ) كان إعلان أمريكا بغزوها للعراق ، أنها خطوة البداية لإصلاح المنطقة وجرها جراً إلى الحداثة للقضاء على الثقافة المفرزة للإرهاب بالديمقراطية وإسقاط النظم الاستبدادية التى أفرزت الإرهاب الدينى . بلسان بوش الإبن ورايس وباول ورامسفيلد وكل الفرقة الراحلة ، وحينذاك التقيت ببعض الدبلوماسيين الغربيين بناء على طلبهم وبمعرفة الأمن المصرى ، ضمن لقاءاتهم الأخرى لاستيضاح وجهات النظر ، وقد حذرت حينها من أخذ خطوة عسكرية تجاه العراق ، لأن الحرب على الإرهاب يجب أن تبدأ على المستوى الثقافى وليس العسكرى .
لا أنسى وزيراً مفوضاً لدولة كبرى راهننى - أدبياً ومعنوياً فقط - على أن مجرد إسقاط طاغية بغداد وإطلاق الحريات فى العراق ، فأنه كفيل بتحويله إلى واحة للديمقراطية وقاطرة ستقطر وراءها المنطقة كلها ، بالضبط كالمسيحى المؤمن الذى يتصور أنه بمجرد أن يعرض آيات الإنجيل على إنسان ، فإن ذلك كفيل وحده بإقناعه بالمسيحية ليعتنقها ، بالضبط كالمسلم الذى يتصور أنه لو قرأ القرآن على إنسان لرأيته خاشعاً كالجبل الذى يتصدع من خشية الله ، أيامها وخلال الشهور الأول لغزو العراق بدت رؤية السيد الوزير هى الواقعة وكسب الرهان الأدبى بصدق توقعاته وسافر لبلاده ، وبعدها بشهور حدثت تحولات كان يجب معها أن يكون كاسب الرهان هو أنا وليس هو ، لأن الحريات إن ام تتأسس أولاً على ثقافة حريات وعقد اجتماعى ينافح عنه أهله ، فإن الحرية تتحول إلى فوضى طائفية وعنصرية وهو ما حدث فى العراق الجميل ، وهو الدرس الذى خرجت به أمريكا من المنطقة ، فتراها كيف استفادت منه ؟
هنا علينا أن نرهف السمع جيداً لأوباما وهو يقول بقولين لا يلتقيان ، القول الأول هو :
" ينبغى ألا تستخدم الدول العربية الصراع بين العرب وإسرائيل لإلهاء الشعوب عن مشاكلها الأولى " يعنى خدوا بالكم يا حكام العرب أننا فاهمين لعبتكم من زمان بإلهاء الشعوب عن حقوقها بالقضايا القومية والدينية ، هو قول موجه للحكومات ، يفصح عن كون العملاق الأمريكى ليس أهطلاً ، بل انه يعرف أساليب حكوماتنا كذلك يعرف شعوبنا معرفة دقيقة وكيف يمكن صرفها عن مصالحها وحقها فى حياة كريمة ، بسلبها عقلها ووعيها اعتماداً على غرائز دينية وقومية يتم شحنها طوال الوقت . لصرف النظر عن قضايا الداخل إلى الإسلام الذين يهان فى الدانيمارك أو فى البوسنة أو الشيشان أو غزة أو أى بلادستان ، المهم صرف النظر إلى منور أى جيران قريبين أو بعيدين ، لبحث عيوبهم والمآخذ عليهم والهتاف والتظاهر ضدهم والانشغاال بهم عما يحدث فى الداخل .
وقول كقول أوباما هنا يفترض أن يؤدى إلى اطمئنان التيار العلمانى ، لأنه لو تم حل المشاكل الأساسية العاطفية الدينية القومية مثل فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها ، سيعطى الشعوب الفرصة للانتباه للداخل لبحث عن حلول لمشاكلها مع حكوماتها .
****
هنا يأتى القول الثانى الذى لا يلتقى مع قوله الأول ، وقد جاء إجابة على سؤال أوباما فى المؤتمر الصحفى " س: إذن كيف ترون مسألة نشر وترويج الديمقراطية وحقوق الإنسان فى المنطقة والشرق الأوسط ؟ ج : أنا أؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان والخطاب الاجتماعى العالمى ، لكن يجب أن نعلم أن هناك شعوباً مختلفة ، وأشخاصها مختلفين ، وأفكاراً مختلفة ، وعادات مختلفة ، وتقاليد مختلفة بشأن هذه المسألة . وبالتالى على أن أؤكد من أعماق قلبى وروحى ضرورة احترام الآخر والتعايش مع بعضنا البعض ، وأننى لا يمكننى فرض معتقداتي على الآخر ، ولا يمكننى أن استغل أغلبيتى للعمل ضدك ، ولا استطيع أن أفرض معتقداتى الدينية وأقول لأحد عليك أن تتبع معتقداتى نفسها . وقضية حقوق الإنسان والديمقراطية مهمة جداً للإسلام ، لأنه يمكنه أن يعالجها ، فأنا أعلم أنه ليس كل المجتمعات الدينية متشابهة فى تنفيذها السياسى ، فالشريعة مثلاً يمكنها أن تحمل تفسيراً متشدداً أو حديثاً تجاه قانون وضعى . أنا لا اتخذ ولا أفرض قراراً يتعلق بهذا الأمر على أى دولة أو مجموعة من الناس ، ولكننى لا أوافق على أن مبدأ يلزم الأخرين باعتقاد ما ، فنحن فى الولايات المتحدة نرى أن فى ذلك مناهضة للحقوق ، ويتنافر مع روح الديمقراطية ويجلب الصراع فى النهاية ، مما يجعل خلق هذا الحوار مهماً داخل الإسلام " .
فى ظنى أن هذه الفقرة بالمؤتمر الصحفى هى الأهم في كل ما قال أوباما بالقاهرة ، فهى تلقى بالكرة فى ملعبنا تنتظر ردنا ، فيها لغز علاقة المسلمين بالغرب وحداثته ، وفيها حل اللغز . فقد ننساق وراء تدليكه غرائزنا ونحتسب خطابه بالقاهرة تشجيعاً لحكوماتنا ولشعوبنا معها على الاستمرار كما هى دون بحث أى أخطاء من جانبنا لنصلحها ، مع عدم الاعتراف بأى خطأ حاضراً أو ماضياً ، بل ربما تقديس الخطأ والاستمرار فيه على عادتنا التاريخية المتواترة وتظل الأوضاع على ماهى علية ، لكن ذات الفقرة على استعداد للتعامل مع نظام ديمقراطى حقوقى أيضاً لكن دون أى تدخل أمريكى لفرض هذا النظام بعكس ما قال بوش الإبن من قبل ، وهنا المعادلة الصعبة التى تترك الليبراليين العرب عرايا أمام ترسانة مدججة بشارع مسلوب الوعى وبماض تليد وحكومات قامعة ومأثور عنيد هو الأعز على قلوب الشعوب ، التى تدعو من مساجدها أهم دعاء لها : " اللهم لا تجعل مصيدتنا فى ديننا " ، وما عدا ذلك من مصائب فليس من المشاكل الملحة ، وتصبح المشاكل التى تشغل العلمانيين ليست من نوع المشاكل التى تشغل بال رجل الشارع المسلم .
قال أوباما إن الإسلام دين تسامح ومساواة ، وأنه يدافع عن حقوق الإسلام الحقيقية وليس الصورة النمطية المسيئة للإسلام ، وركز على مشتركات بين الأديان هى مبادئ العدل والتقدم والتسامح وكرامة كل بنى البشر ، وأنه فى كل دين مبدأ : عامل الآخرين كما تحب أن يعاملك الآخرون ، وأن الأيمان بالآخرين هو ما دفعه للمجيء للقاهرة لمخاطبة المسلمين .
الفقرة السالفة لها أهميتها لتجميل خطابه هو أمام أهل الغرب بدورهم ، الذين قرعوه على هذه الزيارة وذلك الخطاب فى وسط استبدادى ، أما بقية الخطاب فهو تجميل لأمريكا فى نظر المسلمين بالتسلل عبر ما هو عزيز علينا ومخاطبتنا على قدر عقولنا ، بدأ بالسلام عليكم ( تصفيق حاد بالقاعة ) وشرح أنه رغم مسيحيته فهو من أب مسلم وأنه تعرف على الإسلام فى المواطن الثلاث التى عاش فيها ، وقال انه سيتبع فى كلامه نصح القرآن الكريم : اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ( تصفيق حاد بالقاعة ) ، وأنه أمر بإغلاق سجن جوانتنامو ( تصفيق حاد / عقبال عندنا قادر ياكريم ) ، وأكد أن حربه موجهة ضد القاعدة فقط ، وهى عنده كما هى بالضبط فى خطابنا الدينى والرسمى المخاتل ، هى مجموعة من شواذ المسلمين من قلة منحرفة فهم حسب قوله : " مجرد حفنة شاذة من المسلمين وتصرفاتهم
لا تتماشى مع حقوق البشر وتعاليم الإسلام بدليل آية من قتل نفساً بغير نفس ( تصفيق حاد ) ، وأن أمريكا لن تكون فى حرب مع الإسلام ( تصفيق حاد ) ، وأن المحاكم الأمريكية أعطت المرأة المسلمة حق الحجاب وعاقبت من ينكره عليها ( تصفيق حاد ) وحتى يبدو مثلنا يردد ببغائياتنا التاريخية التى هى محفوظاتنا الأثيرة ، وشعاراتنا الغالية ، قام يردد مقولاتنا الخوالد مثل أن الأزهر قد حمل مشعل التنوير والحضارة للعالم ( ؟؟ !!! ) ، وأن المسلمين هم من اخترع البوصلة وعلم الجبر والملاحة ( ؟؟ !! ) والطباعة ( لا أدرى من أعطاه هذه المعلومة الخاطئة لأن الطباعة جاءتنا مع نابليون وكفرها مشايخ الأزهر كبدعة شيطانية ) ، إضافة إلى شعرنا فى الفخر والهجاء والشحاته والتسول بألاطة ( ولا زلنا ) ، وخطنا العربى اللهلوبة بين كل كتابات وخطوط الدنيا .
لاشك أن رد الفعل بالتصفيق الحاد مع بعض أقوالة ، أو بالوجوم التام مع أقوال أخرى ، هو معيار لقياس رد الفعل ، فحديثه عن الهولوكوست والعنف الفلسطينى الذى سيؤدى لطريق مسدود ، ووجوب اعتراف حماس بحق إسرائيل فى الوجود ، كلها مما قوبل بالصمت والوجوم التام وهو ردنا الأول على بعض خطابه فيما لا نحب ولا نشتهى .
أما قوله أن الوضع الفلسطينى لا يحتمل وأن أمريكا لن تدير ظهرها للفلسطينيين ، فقد قوبل بالتصفيق الحاد بذات الشدة الاستحسانية لتصفيقهم للآيات القرآنية العشر التى تلاها.
****
إذن ردنا الأول بالقاعة هو أننا نحن كما نحن على قواعدنا ثابتون دون تغيير ، وأننا لن نناقش ولن نحاول حتى مجرد إعادة النظر فى قضايا مهمة ومحسومة لدينا لأننا الحق التام وغيرنا الباطل التام .
أما الرد العملى فقد جاء سريعاً من الأزهر رائد الحضارة وحامل مشعل الحريات والتنوير( ؟ !!! ) ، بإعلانه ثانى يوم للخطاب الأوبامى الموقف من المصريين البهائيين ، وبالتالى هو موقف من الخطاب الأوبامى ، بالعودة لبيان شيخ الأزهرالأسبق جاد الحق وإعادة توزيعه للإعلان عن موقف الأزهراليوم من البهائيين ، ومضمونه نصاَ " إن البهائية ليس لها صلة بالأديان السماوية ، بل هى دين مخترع جديبد ظهر أواخر القرن التاسع عشر الميلادى ، وحظى برعاية ومباركة الاحتلال الإنجليزى ، ويهدف إلى تفتيت وحدة المسلمين ، وإنكار فرائض الإسلام " ، وقبله بأيام جاءت مطالبة أعضاء مجلس الشعب (حزب الحكومة الوطنى والإسلاميين ) بإصدار قانون يجرم الفكر البهائى ويحاكم المروجين له ، مع وصف البهائيين بالخطر الداهم على الأمن القومى المصرى ، لافتين إلى ميل البهائيين إلى الصهيونية لاعتقادهم بضرورة إلغاء فريضة الجهاد فى الإسلام ، ومن جهته حذر الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب من شيوع الرذيلة فى ضوء انتشار الفكر البهائى بين الشباب المصرى / صحيفة اليوم السابع !!
وهو كلة ما جاء بعد مطالبة البهائيين بحقهم كمواطنين بتسجيل ديانتهم بالبطاقة الشخصية وانتهى الموضوع إلى شرطة بدل الديانة ، ثم هياج قرية الشارونية وحرقها منازل البهائيين وطردهم منها ، مع ظهور صحفى مثقف ( أو يفترض أنة
هكذا ) فى التلفاز يطالب بقتلهم علناً ، ولا تفهم كيف استمر صحفيا بعدها ، لماذا لم يثنى على قولة بالفعل ، ويروح يقتلة كام بهائى فيضمن الجنة والنكاح الأبدى ، أم أنة غير واثق من النتائج ؟ أم أن دورة يقتصر على إصدار الأحكام لطلب من ينفد ؟ وكلة تحريض على ارتكاب أشنع الجرائم ، ولا يجد من يعاقبة .
إذن هذا هو ردنا بمجلس الشعب بالحزب الوطنى بالأخوان .. يالصحافة بالتلفزيون ( دون تعميم ) والأزهر( مع التعميم ) بعد ذلك ظهيراً ، ردنا هواستمرار الجهاد وقتل الذين يدعون إلى إيقافة وحرقهم إن أمكن كما حدث مع البهائيين، والجهاد يعنى استمرار المسلمين فى حالة حرب مع العالم كله حتى يسلم أو يدفع الجزية عن يد وهو صاغر !!!، فالدعوة للسلام كفر حتى لو كانت للسلام الوطنى داخل الوطن يبن مواطنيه عناصراً وأدياناً ، وأننا لن نتعامل مع الآخرين كما نحب أن يعاملونا كما قال أوباما ، فهذا هو الكفر عينه لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، وأن أوباما يهرف بما لا يعرف ، فلا عندنا تسامح ولا كرامة لكل بنى البشر ، إذا كانت كرامة مواطنين مصريين مهدوره بلا كرامة وبلا تسامح لأنهم يخالفون المسلمين العقيدة . فلدينا تصنيف فى توزيع الكرامة حسب الدين والمذهب والطبقة القبلية والجنس ، لذلك فقول أوباما أنه يفهم صورة الإسلام الحقيقية هو افتئات على الإسلام الحقيقى ، فكيف يكون ما قاله هو الإسلام الحقيقى مقابل ما قال مجلس شعبنا الموقر وأزهرنا وتلفازنا الملتحى ، وشارعنا الإسلامى الذى يحرق ويسلخ وهو مطمئن لسلامة دينه وصدق إيمانه .
بهذا الشكل سيقف دعاة العلمنة والمدنية الدستورية والحقوق الليبرالية عرايا من أى غطاء ، أمريكا ستتعامل مع أوضاعنا كما هى ، أو إن تغيرت للأسوأ أو للأفضل ، أوباما يعرفنا لذلك أعلن ترك لنا الحبل على الغارب دون تدخل لترك الفوضى الخلاقة تحرق بذريعة عدم فرض الديمقراطية الحقوقية لأن هذا الفرض ضد قيمها ومبادئها ، وهو ما يعنى أيضاً أننا سنستغيث بلا مغيث ، فى ظرف حرج ومنعطف تاريخى سنخرج معه خارج دائرة البشرية كلها ، والغوث المعنى هنا هو الغوث المعنوى وضغوط المجتمع المدنى الدولى وكل قوى الضغط الداعم والمؤرق الذى لا يهدأ ولا يتواطأ ، وهو ما يبدو أنه ابتعد بعد أن بدا لنا قريباً مع ضرب منهاتن ، ابتعد مرة أخرى بحسابات المصالح الأمريكية الجديدة بغض النظر عن مصير شعوبنا ، وأنه على العلمانيين العرب أن يعيدوا تقييم المواقف ، من أجل توحد وتضافر بعضهم على خريطة المنطقة بحيث لا يتم تجاهلهم بحسبانهم نخباً تمثل جزراً منعزلة عن بعضها ، وكلهم والحمد للة أو معظمهم أسماء كبيرة تتسم بالطهارة ونظافة الذمة فيمن أعرفهم على الأقل ، ويمكنهم أن يكونوا ذوى أثر فاعل فى الساحة بحيث لا تبقى فارغة إلا من خيارين أحلاهما مر : الاستبداد السياسى المستمر أو الاستبداد الدينى المرتقب ، بخيار ثالث هو المواطنة أولاً ، والإصرار على رفع المواد الدينية من الدستور ، وخانة الديانة من البطاقة الشخصية ، والتعايش السلمى بين المواطنين وفق عقد اجتماعى تحدوه المصلحة العامة وليس مصلحة أتباع دين من الأديان أو مذهب من المذاهب ، وألا يخرج الدين من الكنيسة أو المسجد الى المجال العام صونا له من العبث البشرى ، ولتفعيل دوره فى تربية ضمير المواطن وتعليمة كيف يدخل الجنة .. وليس أبعد من هذا ولا مليمتر واحد ، من أجل وطن أفضل للأجيال المقبلة ، مع التواجد الليبرالى الواضح دون أى تراجعات ، التواجد المستمر والفاعل على الساحة عبر كل السبل السلامية الممكنة ، لإثبات هذا الحضور .
وبعد أتمنى أن يخيب هذا التحليل برمتة ، وأن يكون أحد هناتى وسقطاتى النشاؤمية ، وأن تكون القوادم خيرا من السوالف ، على ألا نكتفى بالقعود حتى يأتينا الفرج مع مخلص منتظر أو ديكتاتور مسنير ، وسواء كان هذا المنتظر هو أوباما أو المهدى أو المسيخ أو المسيح أو جودو ، لأن (جودو) هو مسرح العبث ، هو مجرد وهم وأمانى غير متحققة ، لذلك لن يأتى مهما طال الانتظار .







#سيد_القمنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوباما تحليل الخطاب وردود الفعل 1من2
- فلما اشتد ساعده ......... رمانى !!
- الوطن والمواطنة عند الإسلاميين4 من 4
- الوطن والمواطنةعند الإسلاميين3 من 4
- الوطن والمواطنة عند الإسلاميين 2 من 4
- الوطن والمواطنة عند الإسلاميين 1 من 4
- 2 من 2 التغيير اللاعنيف أم الخراب العاجل ؟
- التغيير اللايف أم الخراب العاجل ؟ 1 من 2
- مشايخنا يصلحون ؟؟؟
- نسخة جديدة بعد التصويب دولة الحداثة الفقهية
- دولة الحداثة الفقهية 1
- هلوسات صحوة الموت الإصلاح حسب فقه النصر و التمكين
- البيعة ليست هي التصويت 3من3 البيعة كعقد اجتماعي
- البيعة ليست هي التصويت 2 من 3
- وللأستاذ حمودى كل الحق
- البيعة ليست هي التصويت1 من 3
- فلسفة القيم 5 لا حريات إذن لاقيم
- فلسفة القيم 4 - نحو تأسيس ثقافة للقيم التحريم بالأمر والنهى ...
- سلسلة فلسفة القيم 3 من هو صاحب القيم ؟ اللة أم الإنسان ..... ...
- سلسلة فلسفة القيم - فلسفة القيم إبداع إنسانى لا إلهى


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمنى - أوباما تحليل الخطاب وردود الفعل 2 من 2