|
وعد أوباما بالتغيير و ازدواجية السياسة الأمريكية
خيام محمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 09:10
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
إن الولايات المتحدة الأمريكية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، حاولت إيهام العالم بأنها في حالة حرب ضد الإرهاب ، حتى تعطي لنفسها الفرصة لتحقيق مصالحها بتنصيب نفسها الزعيم الأوحد على العالم ، كذلك قامت تكريس سياستها الخارجية التي بدأت تتضح ملامحها منذ الحرب على أفغانستان ، للدفاع عن ذلك الهدف . وبالتالي فإن المحافظون الجدد لا يرون العالم إلا من منظور أحادي متشدد ، فإنه لذا غالبًا ما يتسم خطابهم السياسي باستخدام المصطلحات الجذرية المتعسفة ، ولعل خطورة التوجهات الفكرية لا تكمن فقط في تلك الرغبة المتقدة لدى منظّري لإيديولوجية الحركة لتأجيج حالة الصراع الدولي الجديد بحجة الحرب على ما سموه بقوى الشر ، بل تكمن في تبني مفهوم أحادية القوة الأمريكية فضلاً عن الدعوة إلى عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية من خلال الاعتماد على القوة العسكرية في السياسة الخارجية الأمريكية باعتبارها خيار أول لا خيار أخيرًا . اليوم تنهال الاستراتيجيات على الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما بهدف التأثير في التغيير الذي وعد به كعنوان لسياسته الخارجية ، وهذه الدعوات تأتي من هؤلاء الذين عملوا في إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون ، فيعطون بنصائح بعضها بعيد كل البعد عن التغيير الضروري في السياسة الأمريكية الخارجية وخاصة نحو منطقة الشرق الأوسط ، فبعضهم يروّجون للمكافأة كأداة من أدوات الترغيب بإعادة صوغ تحالفات استراتيجية جديدة وخاصة مع إيران وسورية ، والبعض الآخر يروّجون لأداة المحاسبة والمكافأة وخاصة السودان ، والبعض الآخر يدعون إلى المحاسبة وتصعيد اللهجة تجاهها والسبب الرئيسي هو إسرائيل العنصرية التي لها أهداف استراتيجية في كل من السودان وفلسطين وسورية ولبنان وإيران . فأخطاء المرحلة السابقة عديدة منها على سبيل المثال ما تمثل في لوم الفلسطينيين وحدهم وإعفاء الدولة العنصرية "إسرائيل" من أي لوم كما حدث في عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون الذي ترك فريقه سبع سنوات لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط يتخبط بين المسارات السورية واللبنانية والفلسطينية بعيدًا عن اهتمام ورعاية الرئاسة . ويمكن القول هنا إن عمل الفريق كان وظيفته إدارة عملية السلام وليس الوصول إلى نتيجة بغية حل الصراع العربي الصهيوني في المنطقة . وهنا لابد من الإشارة إلى أن الخلافات بين حماس وفصائل فلسطينية أخرى وتقويض السلطة الفلسطينية بسبب النزاع على السلطة ساهم ذلك في إلصاق تهمة الإرهاب بهم . والفارق الرئيسي هنا هو أن الفلسطينيين يدفعون ثمن الأخطاء وثمن اللوم الموجه حصيرًا لهم ، فيما أن الإسرائيليين يعاملون دومًا وكأنهم الضحية الدائمة بلا محاسبة على استمرارهم في الاحتلال ، وكذلك إفلات دائم من العقاب على تجاوزات المعاهدات والمواثيق الدولية وممارسات تتنافى مع واجبات احترام حقوق الإنسان وذلك من خلال ارتكاب أبشع الجرائم ضد السكان الفلسطينيين العزل ، كل ذلك بحماية الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعمها بكل الإمدادات العسكرية والمادية . واليوم يبدو أن العالم العربي هو الساحة الوحيدة لتطبيق الشرعية الدولية الجديدة بعد أن فقد أهلية اللاعب حتى في قضاياه القومية ، فاستبيح الوطن العربي ، وتم تفكيك المواقف العربية بحيث لم يعد هناك قضية قومية واحدة ، على عكس ما كان العالم العربي يشير حتى ثمانينات القرن الماضي إنه جسد واحد تنتفض كل أعضائه إذا مس عضو فيها ، وانشغل كل وطن بعلاقاته ومصالحة الفردية فتراجعت الروح الجماعية ، فازدهرت العلاقات الإسرائيلية مع بعض الدول العربية ، ناهيك عن أعمال الإبادة التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين ، فقد كان من نتائج مواقف بعض الدول العربية المتواضعة في فلسطين ولبنان والعراق والسودان إزاء إسرائيل ، أن توحشت إسرائيل ولم تعد تطيق مجرد النقد ، ناهيك عن إلزامها بقواعد السلوك القويم وتجسيد آثار التحالف الإسرائيلي الأمريكي وموضعه عوامل القوة الإسرائيلية بتوليد عشرات العوامل الداخلية والإقليمية لتحجيم القوة الإسرائيلية . فالرهان على رئاسة باراك أوباما في رفع راية العدل والعدالة ليس رهانًا اعتباطيًّا ، وليس هو ناتج عن لون البشرة كإفريقي بجذور إسلامية ، بل إنه الرهان على شخصية ووعد أوباما ، ولذلك لابد من التنبّه لإبعاد خسارته ، فإذا كان الرئيس الأمريكي أوباما يريد أن ينفذ تعهداته في دارفور على سبيل المثال ، فهو بحاجة إلى حشد أكبر قدر من الدعم العربي والإفريقي والإسلامي وراء ضمان مبدأ عدم الإفلات من العقاب وخاصة إذا كان الجاني رئيس دولة أو رئيس ميلشيات ، لذلك يجب عليه رفض الازدواجية والالتزام بالعدالة لتحقيق مبدأ الإفلات من العقاب أينما كان ومهما كان . وهذا يعني رفض الصفقات السياسية على حساب هذا المبدأ ، أو يريد أن ينفذ التزاماته تجاه الحرب على الإرهاب فإنه يحتاج إلى مكافحة الازدواجية والنفاق ومحاسبة الدولة الصهيونية بما اقترفه من جرائم ومجازر بحق المدنيين في فلسطين ولبنان وغيرها من الدول العربية . وهنا فإن السياسة المبنية على العدالة هي شرط أساسي وضروري من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة . اعتقد أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تقفان على أرضية واحدة لأن الأهداف مشتركة والاستراتيجية متناغمة للهيمنة والوصاية على المنطقة العربية ، بالرغم من أن المجتمع الدولي يرفض التوجهات الإسرائيلية لاستهداف الأرض والشعب الفلسطيني ، إلا أن النفوذ الإسرائيلي داخل المجتمع الدولي قد قوَّض إرادة المجتمع الدولي للوقوف ضد المشروع الصهيوني . وأخيرًا فإن الضعف العربي الحالي والانحياز الأمريكي والغربي لن يغير حقيقة ولن يضيع حقًا ، إن فرطنا فيه فلن تقبله الأجيال القادمة ، قد نضعف وقد نختلف وقد نهزم عسكريًا ، ولكن الأهم من ذلك كله ألا ننهزم نفسيًا أو نقبل مما يريده لنا العدو أن نقبله ، لن نكون هنودًا حمرًا كما فعل المستعمر الغربي في الأمريكيتين ، نعم لن تحرر المقاومة الفلسطينية بمفردها فلسطين ولا يطلب منها أكثر من ذلك . ولكنها ستظل رأس حربة في وجه إسرائيل تستنزفها ، وتشكل خبرة لأجيال قادمة أكثر عمقًا في النظام العربي ، فمقاومة دون ظهر قوي لن تنجح ، وعمق دون ذراع لن ينجح أيضًا . فالمقاومة تدافع عن محيطها وعمقها قبل أن تدافع عن نفسها وأمن الدولة لا يبدأ عند حدودها ولكنه يبدأ أبعد من ذلك بكثير . لذلك يمكن التغلب على التهديدات بالمواجهة العربية الجماعية والتنسيق وإدراك المخاطر من جانب صانعي القرار ، ووضع الخطط الطويلة الأمد لمواجهتها والتغلب عليها للمحافظة على كيان هذه الأمة وأمنها وسلامتها .
#خيام_محمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|