أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رضا الظاهر - تأملات - بلاد مبتلاة بقصص النوائب !














المزيد.....

تأملات - بلاد مبتلاة بقصص النوائب !


رضا الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 09:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تأملات
هذه بلاد الأشياء النادرة .. بلاد لا نظير لها .. فـ "محرروها" جهلة متغطرسون، و"مقرروها" على الامتيازات يتصارعون .. وأهلها بالمصائب منكوبون .. أما مشاهد لوحة الغرائب والمآسي فلا تكاد تتوقف.
أنظروا: مريض يدخل الى المستشفى حاملاً مروحة كهربائية وبطانية ووسادة وطعاماً، ليتفاجأ بنقص الأدوية التي يضطر الى شرائها من صيدلية "أم دعيّر". ويضطر هذا المريض "النموذجي" الى إحضار مرافقين يعتنون به، فيفترشون الأرض للنوم داخل الردهات وبين الأسرة، في وقت يُمنع فيه صحفيون من التصوير داخل مستشفيات خشية الكشف عن الفضائح والمآسي.

أما صيدلية أم دعيّر، التي دفعتها الحاجة الى أن تصبح "دكتورة صيدلانية"، فقصتها معروفة، وهي صاحبة الشهادة المختومة، شأن شهادات "أخصائيين" آخرين، من جامعة سوق مريدي، وهو سوق طبقت شهرته الآفاق، إذ لا نظير له في أي من بلاد الله الواسعة. وأما ممولو صيدلية الرصيف هذه، المليئة بالأدوية الرخيصة الفاسدة، فمذاخر الأدوية، حيث ابتدأت "التجارة" في حي الشعلة، لتحتل مواقع أخرى، ملحقة الهزيمة بوزارة الصحة. وهكذا، إذن، أخلى ابن سينا مكانه لأم دعيّر لا لسبب إلا ليبرهن على أن العراق "جديد" !

وفي مستشفى الرشاد، المؤسسة الوحيدة التي تقدم الرعاية الصحية لمن يعانون من أمراض نفسية وعقلية في البلاد التي ارتفعت فيها حالات الاضطراب الذهني بسبب الحروب والعنف، ولا يوجد في طولها وعرضها أكثر من 70 من أخصائيي الطب النفسي، يقبع 1200 نزيل وراء القضبان، حيث الأقفال المرعبة مغلقة على أبواب معدنية في مبنى كئيب ذي نوافذ محصنة.

وبينما تكفل "المحررون"، وسط لامبالاة "المقررين"، في استكمال تدمير النظام الصحي في البلاد، حيث دفع العنف آلاف الأطباء الى الفرار، مخلفين وراءهم مستشفيات باتت رمزاً للخراب، لاذ المئات من مرضى "الرشاد" بالفرار أيضاً، وانطلقوا هائمين على وجوههم في شوارع "دار السلام"، بعد أن أرغم العنف ذاته طاقم الموظفين على الفرار قبلهم، وتعرض المبنى الى النهب.

ولم يعد سرأ وجود شبكات مافيا إجرامية متخصصة في البحث عن الأعضاء البشرية، وخصوصاً الكلى التي يتبرع بها البعض ممن يضطرهم العوز المادي. وليس من العسير الوصول الى هذه الشبكات عبر عاملين في المستشفيات ووسطاء. وقد ساعدت "بركات التحرير" على انتشار هذه المافيات التي نشأت في عهد مهندس المقابر الجماعية.
وفي أواخر الشهر الماضي كشف باحثون في بابل عن وجود ما يقرب من 14 ألف مدمن على المخدرات في البلاد التي تحولت الى مركز لنقلها من "المثلث الذهبي"، أي إيران وأفغانستان وباكستان، الى دول الجوار، ناهيكم عن ترويج تجارة حبوب "الكبسلة" بين الشباب في ظل غياب الرقابة الصحية.

أما وزارة الصحة العتيدة فقد صحت من غفوتها بعد أن صرنا في العام السابع لـ "التحرير". والآن، حسب، تذكرت أن تصدر قائمة بأسماء منتجات المياه المعدنية غير الصالحة للاستهلاك البشري. فكيف استمرت هذه الفضيحة المأساة، ومن المسؤول عنها، ومن المستفيد منها ؟ ... وأسئلة أخرى تبدو بلا نهاية، مثل قصص هذه البلاد منذ أن روتها شهرزاد، وربما منذ جلجامش، والله أعلم !

وبحلول صيف قائظ راحت مخاوف الناس تتصاعد من احتمال ظهور إصابات بالكوليرا، بينما كشف أخصائي بالأمراض الباطنية في مستشفى الصدر العام بمدينة العمارة، الأسبوع الماضي، عن ارتفاع نسبة حالات الاسهال الصيفي الى 60 في المائة من مجموع مراجعي المستشفى بسبب شحة المياه واستخدام مياه الأنهار.
* * *
في بلاد مرضاها مهمَلون ومنتَهكو حقوق، وربع أطفالها يعانون من سوء التغذية، وهياكل مؤسساتها الصحية متدهورة، وخدماتها الصحية لا تتوفر إلا لمتنعمين قادرين على دفع المال، وأكثر من نصف كوادرها الطبية، الذين تعرض آلاف منهم الى القتل والاختطاف والتهديد، مرغمون على العيش والعمل بعيداً عن موطنهم ..
في بلاد ما بين النهرين العطشى .. بلاد دجلة الخير والفرات العذب، اللذين باتا شحيحين وملوثين .. بلاد أنظمة الري القديمة، المحرومة، اليوم، من التصريف الصحي ..
في هذه البلاد أطفال ومراهقون، أيتام ومشردون، ينطلقون في الفجر بحثاً عن نفايات. ومن مفارقاتها أن هؤلاء يزاحمون آلافاً من النساء الأرامل على البحث عن النفايات، ولا يدرك الجميع عواقب التلوث البيئي الذي يعم بلاد الرافدين ..

وفي هذه البلاد أغلبية صامتة تتفاقم معاناتها، بينما "المقررون" مشغولون بـ "قصصهم" التي لا تنتهي، هي الأخرى، وعاجزون عن سماع صرخات أهالي الضحايا المفقودين. ووسط هذه المعاناة تتعاظم مصائب النساء .. أفواج تبحث، متنقلة بين المشارح والسجون والمقابر، عن جثة أو دليل .. ونائحات، أمهات وزوجات وشقيقات مفقودين، يلهثن وراء سراب العثور على قبور أحبة يبكين عندها. وقد يهدّهن إنهاك البحث المضني، فيتوقفن عند قبور "مجهولة"، ليبدأن البكاء على الضحايا "الضائعين"، في مشهد يأس نادر مروع يصعب أن يراه المرء إلا في عراق "جديد" !

عشتار ظلت تنوح أبد الدهر على تموز .. أفمبتلاة هذه البلاد بقصص النوائب !؟


طريق الشعب - 16/6/ 2009



#رضا_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات - التباس مفاهيم .. تباين امتيازات
- تأملات : جمرة واهبات الحياة .. متقدة أبداً !
- تأملات : مصباحك يضيء الينابيع والرايات !
- في الذكرى التسعين لاغتيال روزا لوكسمبورغ تفاعل -البعد النسوي ...
- الانتخابات.. دروس.. ودلالات
- 90 عاماً على اغتيال روزا لوكسمبورغ - ناقدة الرأسمالية .. مجا ...
- متى تقرع أجراس المحرومين !؟
- تأملات - جديرات بالاصغاء الى أصواتهن العادلة
- تأملات -اجتهاد- اقصاء النساء


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رضا الظاهر - تأملات - بلاد مبتلاة بقصص النوائب !