|
زيتونة اللغة العربيّة تنتظرُ التشذيب
زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 09:14
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
كثيرًا ما أبديت إعجابي بلغة الضّاد ، ولوّنت أفكاري وخواطري وإبداعاتي بسِربالٍ قشيب من مفرداتها وتعبيرها ، فهي بحر وسيع إن لم تكن محيطًا يعجّ بالجَمال والذّوق والمفردات الهامسة حينًا ، الضّاجّة حينًا آخر ، والوثّابة أحيانًا أخرى ، فكلمة " همس " توحي اليك بالوشوشة فعلاً ، وكلمتا "فرح" و "مرح " لا تخلوان من وقع السعادة وطعم البهجة ، أمّا الكلمات مثل " ألاشمئزاز " ، الضَّجَر ، التّقزّز ، البرطمة ، والكثير من أمثالها فهي تأخذك على مركب من الاشمئزاز إلى محيط يعجّ بالتَّقَزُّز !!.
حقًّا انها لغة جميلة ، ولكنها أضحت مع الأيام زيتونة هرمة لا تتماشى والألفية الثالثة ، ولا تواكب الاختراعات المتسارعة يوميًا ، بل وفي كلّ ساعة . والزيتونة الهرمة ، لا تحتاج الا إلى تشذيب وتقليم وقطع الأغصان الجافّة ، والفروع اليابسة ، حتى تخضرّ وتدبّ فيها الحياة من جديد.
سبق وقلت في مقال سابق ، أن محاولات مجامع اللغة العربية في بغداد ودمشق والقاهرة ، لم تفِد لغتنا بالشيء الكثير ، فالمحاولة البائسة في تعريب الاختراعات في شتى النواحي قد فشلت ، والكلمات التي جاءت بها قليلة ، وقد فشلت في امتحان الزمن ، فالكثيرون لا يعرفون الكظيمة ولا المرآب ولا الناسوخ ولا الشّاطر والمشطور ولا...وألف ولا..، رغم أنّ هناك من سمع بها ولكنه وجدها بعيدة عن الواقع ، بعيدة عن اللسان.
كانت عروساً ترفل بالثياب البيض الجميلة . كانت عروساً تتجلّى يوم كانت الاختراعات لا تزور الكون الا فيما ندر. كانت عروساً قبل ان تصبح الدنيا برمتها قرية صغيرة ، تطفو مئات المصطلحات العلمية والأدبية والسياسية والاجتماعية ، تطفو فوق صفحات مائها.
ألمْ يحن الوقت لنُهذّب ونُشذّب ونُقلّم ؟؟ ألم يحن الوقت لنقلع اليابس والجافّ وأوابد الكلمات ، والمُتحجّرات من مفرداتها ؟ ألمْ يحن الوقت لنُنخِّل ألـ أكثر من مئة مرادف للأسد والسّيف ؟ ألمْ يحن الوقت أن ننسى أيام الناقة وننظر الى السفن الفضائية والانترنت؟
لقد حان ...والا فستجمد هذه اللغة الجميلة عند القرن التاسع عشر ، ولن تخطوَ الى الألفية الثالثة ، بل ستبقى تتلعثم وتتعثّر على عتبات الأيام. قد يقول قائل : انّك تريد أن تُدمّر لغتنا ، لغة الحضارة والمقدسات والاعتزاز القوميّ . لا لستُ أريد ذلك ، ومع هذا سأقول رأيي وأمشي ، وأنا على يقين مُسبقًا ، بأنّ هناك من سيهاجمني ، والأسباب كثيرة ومعروفة ، فنحن ننظر لا الى الفحوى والموضوع ، بقدر ما ننظر الى اسم الكاتب ولونه !!!! وها أنا ببساطتي المعهودة أقترح ما يلي : - 1- لا حاجة بعد اليوم أن نُعلّم أولادنا مصطلحات ومفردات حول ابن الضفدعة والفيل والبعوضة ، فإنّ حشو مثل هذه المفردات في الرؤوس تُعكّر وتُشوّش الفكر ولا تفيد شيئًا ، فهيّا نقول : سارت الغزالة وصغارها ، وليس هناك ضرورة لِ : الدَّغفل ولد الفيل أو الفُرعل ولد الضّبع ، أو الديسم ولد الدٌّبّ والهِجرس ولد الثعلب وما اليه. 2- ما هي الفائدة المرجاة من أن نقول هاذا ونكتب هذا ، ونلفظ لاكن ونكتبها لكن ، ونقول مئة ونكتبها مائة ، في حين أنّ زمن اللا تنقيط قد ولّى وانقضى منذ زمن الحجّاج بن يوسف الثقفيّ. 3- اقترحَتْ قبل عشرات السنين الكاتبة المبدعة مي زيادة ، أن نترك نون النسوة ونستعمل للمذكر والمؤنث واو الجماعة مع الألف الفارقة ، حتى نُظهر المساواة التى نتشدّق بها ليلا ونهارًا .....فكّروا معي لماذا اختار اجدادنا نون النسوة للإناث والواو والألف الفارقة احيانًا للذكور !!! وعندها قد نتخلّص من الإحراج ، فالعرب تؤمن أنّه اذا اجتمعت ألف من نسائها في مجمع ما ، وكان بينهنّ رجل واحد بل طفل واحد ، بل هناك من يبعد ويقول جنين واحد ، وجب أن نتوجّه لجميعهن بصيغة المُذكّر ، فهناك بينهنّ فحل!!!وها أنا اتبنّى اقتراح مي الذي رُفِض آنذاك . 4- جمع المؤنث السّالم : يُرفع بالضّمّة ويُنصَب ويُجرّ بالكسرة ...يا الهي ما الحكمة من النصب بالكسرة وبلبلة الأفكار والأخيار والأغيار ، ألا يمكن أن يكون طبيعيًا فيرفع بالضمّة ، ويُنصب بالفتحة ويُجرّ بالكسرة ، أليس هذا " وجع دماغ "!!!وأنا لا أرى مانعًا أبدا. 5- الممنوعات من الصَّرف ....فأنا وُلِدتُ في شُباطَ( بالفتحة على الطّاء) يستغرب العربيّ والأجنبي ، ف."في" حرف جرّ يجرّ الجبال وحتى السّماء بالكسرة ألا يقدر على شباط ونيويورك ومفاعل .
حان الوقت أن نُغيّر هذه المُتحجِّرات ، بل حان الوقت أن نقبل في لغتنا العربية المُصطلحات العلمية والطبيّة والاختراعات كما هي ، والا فقد نفقد البوصلة ان لم نكن قد فقدناها أصلًا ، فيضحي المواطن البسيط مثلي في وادٍ وأتباع التجمُّد والانجماد في وادٍ آخَر .
لماذا لا نقبل مثل هذه الكلمات تسرح في لغتنا ، علما ان هذه اللغات العالمية أخذت بعض كلماتنا ولوّنت بها صدرها ، فاليوم كلمة انتفاضة تكوكب في كلّ لُغة وكذا الأمر مع كلمة هُدنة وجِهاد و.....
إنّه اقتراح او بعض اقتراح ، والنيّة طيّبة ، والتنفيذ ليس سهلا ، ولكنه مستطاع ، لذا أرجو أن ننظر الى الموضوع نظرة واقعية واقتراحًا ليس الا ، بعيدًا عن المشاعر والعواطف.
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإجهاض كلمة خشِنة الوقع
-
أنتَ الوطن
-
لا للشذوذ الجنسيّ ...ولكن
-
النعمة الغنيّة
-
مَجْمع اللغة العربية في اسرائيل ، يجب ان يُدفن قبل ان يزكم ا
...
-
الأطفال الجِياع جُرحٌ ينزِفُ
-
عبوديتكَ حُريّة
-
محبّة
-
ُهُنا وهناكَ
-
يا أحلى إله
-
كَروان
-
آلامكَ فوق طاقتي
-
العنزة ُ الذكيّة- قصّة للأطفال
-
الأحدُ العظيم
-
المُزنَّر بالحياة
-
فصحُ الحياة
-
وتهاوى الموتُ خوْفًا
-
كيتساف والقاضي العربي جورج قرّا
-
حديثُ النَّهر
-
آه منك يا زمن
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|