بسام الهلسه
الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 05:44
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
* نجح اللبنانيون في عبور مخاض الاستحقاق الانتخابي العسير بجدارة تستحق التقدير من الجميع وخصوصاً من أشقائهم العرب الذين لا زال يتعين عليهم التأكيد على الخيار الديمقراطي وممارسته في عموم أقطارهم.
ومع التقدير والتحية، ينبغي التذكير بداء "الديمقراطية اللبنانية" العضال: أي قيامها على نظام المحاصصة الطائفية الذي لا ينتج مواطنين في وطن بل رعايا لطوائف تتموضع في حلقات مغلقة تسد الأفق أمام إمكانات التغيير، وتعيد انتاج دورات التأزم والصراع الذي قد يتحول في ظروف معينة إلى حرب أهلية. وهو ما سبق وأن تناوله الباحثون والمتابعون للوضع اللبناني، وعرضنا له في مقالة خاصة بعنوان "فخامة لبنان: أسيرة.. وطليقة".
وفيما يخص الانتخابات النيابية الأخيرة، يجب التنبيه على ثلاث ظاهرات تجلت فيها بقوة وسطوع: التجييش الطائفي، والمال الانتخابي المخصص لشراء الأصوات، والمداخلات الأجنبية.
وهي ظاهرات لازمت جميع الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت سابقاً، لكنها لم تصل في أي وقت إلى ما وصلته من تأثير حاسم في هذه الانتخابات، مما يشرع الأسئلة حول جدية ما يجب أن تعنيه وتترجمه الانتخابات كآلية للتعبير عن إرادة الناخبين الحرة المستقلة.
فالذي يبيع صوته، والذي يتحزب لطائفته أو عائلته، والذي يخضع للإرادات الأجنبية، لا يمكنه الحديث عن المساواة مع الآخرين في وطنه، ولا الحديث عن الاستقلال، ولا إدعاء القدرة بممارسة الاختيار التي هي شرط الحرية ومعناها العميق كما نعرف.
أما من يفوز باستخدامه لهذه الأدوات، فهو أدرى الناس بما يطبع فوزه من إدعاء زائف يتكشف عند حدوث أي تغيير أو منعطف.
أقول هذا الكلام وأنا مدرك أنه سيبدو كوعظ أخلاقي لا ينصرف في عالم السياسة "الذرائعي" وخصوصاً في لبنان. لكن تبيانه ونقده ضروريان لأولئك الذين يريدون أن يروا تجسيداً حقيقاً (في الوعي، والقوانين، والممارسة الحية في الواقع) للاستقلال، والحرية، والمساواة والمواطنة في وطن سيِّد حقاً. فبغير هذا ستظل العصبيات المغلقة اللاسياسية (الطوائف، العائلات، القبائل، المناطق ...) والأموال، والمداخلات الأجنبية، هي صاحبة اليد العليا في الصناديق الانتخابية، وفي تقرير المصائر.
وهو ما ينبغي على اللبنانيين والعرب عموماً النضال ضده في سعيهم لإحراز الديمقراطية.
#بسام_الهلسه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟