|
ألرشوة حلال .. والمرتشي له ثواب القبول .
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2679 - 2009 / 6 / 16 - 09:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خذوها عني فتوى لا يرقى اليها الشك ، ولا يقترب منها الا اليقين ، الراشي غير مذنب والمرتشي له ثواب القبول ، وان كان قد سبقني لهذه الفتوى أحد فنحن ( شراكه ) والربح ( بالنص ) .. وما ينفعني هنا في اثبات صحة فتواي هذه ، هو ما آلت اليه الآلاف من حالات الرشوة في بلادي العراق ، من نتائج أدت في احيان كثيرة الى حصول مقدميها على مكان شاغر في سلك الشرطة او الجيش ، او نيل شرف التعيين بموقع بواب في دائرة البلديه ، بعد ان لم تنفع عشرات المراجعات بدون رشوة ومن غير فائدة ترجى .. وان كان لكل فتوى استثناء حسب فقهي أنا .. فان الرشوة ان كانت مقدمة لاحد اقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فان الذنب هنا يسقط عن الطرفين ، الراشي والمرتشي مع مضاعفة الاجر يوم الحشر الاعظم .
وأزيد اتباعي علما ، بأن من يبقى متمسكا بقيم الفضيلة حسبما يعتقد ، ولا يبادر بحمل رشوته ليقدمها لاولي الامر ، ممن لهم صلاحية القرار بحل عقدته ، سيكون مذنبا امام استمرار جوع عياله وتشرد اطفاله واحتمال تحولهم الى اطفال الشوارع ، ونصيحتي هي أن لا يتوانى محتاج في أن يهرع فورا ، وحينما تبلغه فتواي هذه ، الى خلع عقدة الخوف من نار الله الموقده ، ويقدم ما يتيسر لديه من مال أو سواه لمن يستطيع تقديم يد العون له بالحصول على وظيفة حتى ولو كانت بعقد مؤقت
الجوع كافر كما يقولون .. وقد صرح الاسلام لمن يهدده الجوع بالموت، أكل الميتة ولحم الخنزير والارتواء بالدم من العطش ، وحتما- كما أرى- فان الرشوة لقتل الجوع والتشرد هي أقل اثما من سواها ان كان الامر يتعلق بدفع ضرر الفناء .
لقد سخروا منا – نحن المساكين – طويلا حينما استغفلونا واقنعونا بأن الرشوة حرام واليتم حلال ، والجوع عباده ، وتشرد اطفالنا خدمة للصالح العام .. وضحكوا علينا عندما ساروا بنا الى غايات في نفوسهم ليصيبهم الثراء بحجة تمثيلهم كنواب عن كرسي الجلالة الربانيه ، وطالبونا بالخضوع لارادتهم ردحا طويلا من الزمن ، ليجعلوا منا أتباع ، عمي خرس لا نرى ولا نسمع غير وعظهم وروياتهم لاحاديث نبوية اخترعوها وصاغوها تبعا لاراداتهم هم ، وقد يكون النبي الكريم منها براء ، جردونا من اراداتنا كبشر، حينما زنوا في آذاننا وعقولنا دهرا طالت سنينه ليجعلوا منا دمى تسير كما تهوى شهواتهم ، حتى خلت بيوتنا من كسرة خبز لتزداد بيوتهم أبهة وثراء .. كل هذا ليعلمونا بأن الله هو من حصتهم لوحدهم واننا لسنا من خلقه .. فهم السادة ونحن العبيد ، ونساؤهم أميرات ونساؤنا جواري ، ابناؤهم يصولون ويجولون على رمال شواطيء الدنيا الجميله ، ونحن وصمونا بالزندقة عندما نشتهي اللهو البريء فنستمع لاغنية أو يشط بعضنا فيشرب قليل من ( زحير ) .. صنعوا لنا تاريخا لا يخشون حينما يبدو في بعض مفاصله ضد رغباتهم فيقولون عنه وبكل وقاحه انه تاريخ مزيف ، وتبلغ وقاحتهم احيانا بانهم يجعلون من حروب الردة امر غير مؤكد ، او أن بدر الكبرى لم تكن هكذا كما روت لنا بطون الكتب ، كل ذلك على حساب رهاب فكري وجسدي أصبنا به من جراء تذبذب اهوائهم في صنع التاريخ المستند على رواة الحديث وفلاسفة تفسيره ، وقراءة فصوله من قبل اسلاف جعلوهم قيمين على اعمارنا منذ زمن ليس بالقصير .
لقد استباحوا فروجنا وسيطروا على شهوات بطوننا ، ورسموا لنا غذاء ودواء وطرق علاج ونهونا عن الاعتماد على مخترعات الطب ومراجعة الصيدليات ، لان الطب النبوي موجود ، والمقربين اليه على استعداد دائم لتقديم المشورة في كل شيء حتى في تلافي ظواهر العجز الجنسي .. لم يعد للملايين منا أن نعاشر نسائنا كما نريد وكما يردن ، فكيف لنا ذلك وطرق الاستلقاء على الفراش مقسمة الى ثلاث ، منها ما نسب للنبي ومنها ما هو من عادات الشيطان . حتى بلغت مظالمهم لنا بأن حرمونا من تقديم ما تجود به بيوتنا من بقايا مال قليل كهدية لسادتنا ،علهم يعينوننا في وظيفة أو منحة من كرامة ، وأخافونا من امتلاك نعمة واسعة الحدود حينما اقنعونا بان الراشي والمرتشي في النار . وبذلك ساهموا في تأخرنا عن سوانا من الامم .
سمعت مؤخرا بأن وزير الطاقة الامريكي صار يلح على تبني فكرته بالحفاظ على البيئه ، وذلك بطلاء أسطح المنازل باللون الابيض ، وكذلك السيارات ، الامر الذي سيخفف من الحاجة لاستهلاك الطاقة في مقاومة حرارة الجو ، ويجعل من ظروف البيئة اكثر تحسنا حسب رأيه .. وسمعت بأن احدى شركات البناء في احدى الدول المتقدمه ( والكافرة طبعا ) قد أوقفت العمل بانشاء جسر ولمدة ثلاثة أشهر، عندما لاحظت بان ثمة مجموعة من الطيور قد اتخذت من قواعد البناء الاولية لذلك الجسر مكانا لبناء اعشاشها وهي لا زالت تحتضن بيوضها هناك .. وبلغت الدمعة اطراف جفوني عندما تأكدت من وجود طباع لدا الدنماركيين تجعلهم يتركون بضائعهم من الخضار الفائض عن حاجاتهم باكياس قرب ابواب دورهم الخارجيه ، ويكتبون على كل نوع منها وزنه وسعره ، ليراجعوها في المساء فيجدوا ثمن المباع غير منقوص ومحفوظ في علبة وضعوها بجانب بضاعتهم لهذا الغرض ، ولفني الحزن المختلط بالفرح حينما سمعت بأن من يضرب طفلا في بلاد (التفسخ الاسري) يلقى فيه بالسجن بتهمة الاعتداء على قدسية الطفوله .. وراعني بأننا نحن لا زلنا ولحد الان نفتخر بجنسياتنا واوطاننا وانتسابنا القومي ، بل ونطالب غيرنا ممن وجد تفسيرا لمعنى حياته ، بأن ينظم الينا ويترك مساره ( البائس ) والمبتعد به عن رضا الله ..وفوق ذلك كله فنحن لا زلنا مصرين على تحريم الرشوة .. في حين انها السبيل الاقصر لنيل السعادة المفتقده ، وهي التي تسهل لنا تعليم ابنائنا وشبع بطوننا ورعاية اسرنا ، والتمتع بشراء كل ما من شأنه أن يجعلنا محسوبين على صنف الاحياء في دنياهم ، فضلا عن انها تسهم في ابتعادنا عن ارتكاب ما يغضب الرب في عليائه ، ورجال دينه المتمركزين أوتادا تحمي ارضه من الزلازل .. حينها فلا مناص من اننا سنكون في النهاية من ضمن الامم الحية والمتقدمه لو أبحنا الرشوة وفتحنا الابواب مشرعة أمام سالكيها والداعين لها ، وأنا اعتبر هنا من السابقين لذلك .
من هنا .. واعتمادا على فطنتي المتوثبة دوما لالتقاط المفيد ، ولكوني من بلاد الرافدين ، بلاد الفقه والفتوى وحكم الدين ، واستنادا على أسفي الشديد على حال الفقراء من ابناء بلادي ، ولكوني وبعد دراسة مستفيضه لحال ابناء وطني المستباح بفعل تحريم تقديم الرشوة ، ورغبة مني بالعون في وضع صيغ جديدة للحياة أكثر تطورا ، فقد ادركت فعلا بأن لتقديم الرشوة فعله الساحر في تقليص مظاهر الجوع في العراق ، عليه فقد ذهبت مختارا لا مجبرا بالافتاء بأن الرشوة حلال.. مع الابقاء على جواز كونه فعل واجب على الفقراء وليس من باب الاختيارلغرض درء الجوع ، اما كيف يكون التنسيق بين هذا وذاك ، فانني اتركه لغيري من حملة القدرة على التفسير والافتاء ، وهم الان في بلادي بعدد حبات الارز ، والوصول اليهم والانتفاع بعبقرياتهم ليس من الصعب أبدا ، وعلى الله توكلت أولا وأخيرا ، والسلام عليكم .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألعار سيبقى هو المصير المحتوم لجبهة الفكر الرجعي المقيت .
-
لمسات لشعار .. فليسقط الوطن ولتحيا المواطنه .
-
متى تنتهي عهدة الانظمة السابقه عن ما يجري في العراق اليوم ؟
-
وفاء سلطان .. مبضع متمرس ، لا زال يضرب في عمق الورم العربي .
-
أنا والأبيض المتوسط ... والمفوضية الساميه لرعاية شؤن اللاجئي
...
-
بين الانتصارات الحقيقية للمرأة في الكويت ... وزيف التمثيل ال
...
-
من منكم يعرف ( صبيحه ) ... سمراء العراق ... ضحية الزمن المكر
...
-
ما هو السبب في انقراض حضارتنا ، كما يقول أدونيس ، وماذا علين
...
-
هكذا يعاملون نسائهم ... وبهذه الطريقة نعامل نحن نسائنا .. فه
...
-
ألمشهد العراقي من خلال بيان نيسان للحزب الشيوعي العراقي .
-
منابر ألفتوى ألدينية وعواقب اجترار ألتاريخ ألبائس
-
تجليات فكرية من وحي الواقع .
-
معهد ألفنون ألجميلة في بغداد .. مهدد بالاغلاق وتحويله الى مؤ
...
-
ألمهندس سلام أبراهيم عطوف كبه .. ومحنته مع وزارة ألهجره وألم
...
-
مصادر فكر ألتنوير .. وضرورات ألتوحد لكسر شوكة ألمقدس .
-
الاستاذ منير ألعبيدي وعقلية ألمثقفين ألحزبيه .
-
أبشروا بزيارة قريبة لامير ألمؤمنين من ضواحي أفغانستان الى أل
...
-
هل حقا أن أمتنا قد دخلت مرحلة ألانقراض ؟!
-
آن ألاوان لاحياء ذكرى ألخالد فهد ورفاقه ، وتأسيس متحف يحكي م
...
-
أنا والامام ألعباس .. وألطواشه !
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|