أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - المواطَنة ودرس الفلسفة














المزيد.....

المواطَنة ودرس الفلسفة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 09:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طرحتُ في المقال السابق أمنيتي المُلّحة في ردّ الأشياءِ إلى أسمائها الأولى. ومحاولة استخلاص المصطلحات من طبقاتِ التراكمات الإرثية التي دثّرت نسغَها الأول في محاولة استعادة جوهرها النقيّ الأول التي صُكّت عليه في بادئ الأمر. وتكلمنا عن مصطلح العقيدة بوصفها علاقةً ثنائيةً بين العبدِ وبين الربّ، الذي اختاره عقلُه واقتنع به خالقًا هذا الكون. علاقةٌ ثنائية لا دخلَ لثالث بها، أيًّا كان هذا الثالث. فعلاقتي بربي لا دخل لأبي بها أو لابني، وبالتالي لا دخلَ لأيّ آخر بها. لأنها علاقةٌ روحيةٌ ذهنية. تأمَّلَ ذهني الكونَ، فارتاح لفكرة محددة حول طبيعة هذا الإله الذي خلقني وخلقَ الكون، ثم ارتاحت روحي لهذه الفكرة، فاعتنقتُ هذه العقيدةَ دون سواها من عقائد. وعليَّ "وحدي"، من ثم، أن أتحمّل تبعات هذا الاختيار وذلك الاعتناق يوم الحساب. لكلّ هذا لا تبرحني الدهشةُ حينما أنظر حولي لأكتشف أننا جميعًا، عدا استثناءات جدّ قليلة، قد ورثنا الدينَ إرثًا عن آبائنا من دون أدنى تأمُّل، وتقريبًا دون اختيار. هذا يدهشني. أما ما يحنقني فهو أن نتناحرَ ونتقاتلَ من أجل ما ورثنا! فأزعمُ أنا أن عقيدتي الصوابُ وكلَّ ما عداها خطأ، ويزعم غيري، من أبناء العقيدة الأخرى، أنه الصوابُ وأني على خطأ، فنتساجلُ، ثم نتناحرُ، ثم يقتلني أو أقتله!! عبثٌ أيّ عبث!
ما يعنيني في هذا المقال هو مفردةٌ أخرى شُوّهَت، أيضًا، جرّاء تناولها عبر الزمن في غير مواضعها، وربطْها بزوائدَ منبتّةِ الصلة، فحُمّلتْ بغير ما يحملُ جوهرُها العميق. المواطَنة.
فإذا كانت العقيدة علاقةً ثنائية بين الإنسان وبين السماء، علاقةً فردانية غيرَ مجتمعية. فإن المواطَنة، على عكس ذلك، علاقةٌ مجتمعيةٌ بشكل رئيسي. علاقةٌ بين الإنسان منا ناحية، وبين بقعة أرض، ومَن يعيشون فوق هذه البقعة من الأرض، من ناحية أخرى. وإن كانت العقيدةُ علاقةً لم يصنعها الإنسانُ، بل وجدها قبل نشأته، فآمنَ بما آمنَ وانصرفَ عما لم يؤمن، فإن المواطَنةَ علاقةٌ اجتهد الإنسانُ منذ نشوء المدينة لوضع مواثيقَ لها وأعراف ارتضاها هو ومَن يعيشون معه، وارتضتها تلك البقعةُ من الأرض: الوطن. هي عَقْدٌ بيني وبين وطني. لا دخل لعقيدتي فيه. أؤدي واجباتي كاملةً تجاه وطني، من صوْن أمنه واسمه وحماية ممتلكاته ورعاية بيئته والمحافظة على موارده فضلاً عن تنميتها بما أدفع من ضرائب وما أقدم من عمل، وهلم جرّا من واجبات، على أن أحصل على حقوقي على وطني من تعليمي ورعايتي النفسية والصحية والأمنية، وهلمَّ جرا من حقوق. فإن تعددت العقائدُ أو الطوائفُ الدينية بين أبناء الوطن الواحد، فعليه، أعني على الوطن، أن يساويَ ويعدلَ، تمامَ العدل، بين أولئك الأبناء. فإن كان ما سبق من طرح، هو المعنى الصحيح الأوليُّ، كما أفهمه، لمفردتيْ "العقيدة"، كما في المقال السابق، و"المواطَنة"، كما هنا، فيحقُّ لي أن أندهشَ، وأغضب، أنا المسلمةَ، حينما أفتح كتابَ الفلسفة مع صغيري في الثانوية لنذاكر معًا درس الفلسفة، وما قاله الفلاسفةُ للتدليل على أن الدينَ لا يتعارض مع الفلسفة والفكر، فأجد نصوصًا قرآنية تحضُّ على إعمال العقل بما يعني انتفاء ذلك التناقض المزعوم، أقلبُ الصفحةَ لأقرأ ما ذكره الإنجيل في الشأن ذاته، فأجد الدرس قد انتهى! أسأل ابني: أين بقية الدرس؟ وماذا عن المسيحية؟ وماذا عن زميلك المسيحي الجالس جوارك في الفصل؟ فيقول: "هو كده، الدين يعني الإسلام وخلاص. وسؤالي الآن لوزارة التعليم: هل ستختلُّ المنظومةُ العقلية والثقافية لدى هؤلاء التلامذة، لو تجاورت آياتٌ من الإنجيل مع آيات القرآن الكريم في كتابيْ الفلسفة والقراءة؟ أليست تلك المجاورة، لو حدثت، ستُعدُّ إثراءً لوعيهم وثقافتهم؟ وتتبع سؤالي هذا تحيةٌ لوزارة الداخلية التي سمحت بكتابة "-" شَرْطَة، بخانة "الديانة" في بطاقة بعض البهائيين، على أمل اكتمال امتناننا حينما تُلغى تلك الخانةُ نهائيًّا من بطاقة الهوية، التي هي عقْدُ مواطَنة بين المواطن والوطن، لا دخل فيها للديانة.- جريدة "اليوم السابع 2/6/09



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا شابٌ من جيلي
- مصر
- سألتُ الأستاذَ: لمَن نكتب؟
- وأكره اللي يقول: آمين!
- الغُوْلَة
- -شباب يفرح القلب-
- بل قولوا إنّا شبابٌ صغار!
- إنهم يذبحون الأخضرَ
- مصرُ التي خاطرهم
- القططُ المذعورة
- لا تأتِ الآن، فلسْنا أهلاً لك!
- أيها الطائرُ الخفيف، سلامٌ عليك
- فريدة النقّاش، صباحُ الخير
- عزازيل ومرآة ميدوزا
- لشدّ ما نحتاجُ إليكَ أيها الشارح
- قال: لا طاغوتَ يعْدِلُ طاغوتَ الكُهّان
- وإننا لا نبيعُ للكفار!
- أبريلُ أقسى الشهور
- احذروا هذا الرمز!
- الكونُ يتآمرُ من أجل تحقيق أحلامِنا


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - المواطَنة ودرس الفلسفة