أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم عبد العزيز - مجنون رمى حجر في بئر















المزيد.....

مجنون رمى حجر في بئر


إبراهيم عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 818 - 2004 / 4 / 28 - 07:22
المحور: القضية الفلسطينية
    


كاتب وصحافي فلسطيني
ما تسرب في وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة، عن محاولات رئيس حكومة تل
أبيب، ريئيل شارون، التمهيد لإبعاد الرئيس ياسر عرفات إلى قطاع غزة، في
إطار خطة "فك الارتباط" من جانب واحد الذي يبادر إليه. جعلني استذكر مقال
للزميل توفيق أبو خوصة، كتبه قبل مدة بعنوان " رأس الدبوس"، والذي تساءل
فيه كم جني يستطيع أن يقف على رأس الدبوس؟.
الإجابة على هذا السؤال .. تجر إجابات عديدة على أسئلة متعددة ... قد تأتي
أو لا تأتي ... مثل هل شارون يحاول بذلك التلويح بأنه ينوي أن ينفصل عن
عرفات أيضاً، وتبديل حصاره في المقاطعة بقطاع غزة؟. وهل تصريحه في اللقاء
التلفزيوني، حول انه لم يعد ملتزماً الحفاظ على حياة عرفات، هو تمهيد لإعطاء
غطاء لجهاز الأمن الإسرائيلي، إذا ما أصيب عرفات في أثناء "نقله" إلى غزة.
حيث يقدر قادة في الجيش الإسرائيلي، انه في حال طرد عرفات بالقوة، هناك
إمكانية لان يصاب أو حتى إن يُقتل لا سمح الله. وهل هو إعلان صريح ونهائي
عن وفاة الاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، والتراجع عن التعديلات
المُدخلة على الميثاق الوطني الفلسطيني، وسحب رسائل الاعتراف المتبادلة بين
الرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي (رابين)؟.
بالقطع الإجابة سلبية خاصةً، وأنهم في جهاز الأمن الإسرائيلي، لا يحتاجون
إلى أمر جديد من شارون لإعداد الخطط، فكل شيء جاهز. إذ توجد خطط مفصلة لإبعاد عرفات، في كل لحظة وهنالك أهداف معدة سلفاً، حيث يدور الحديث عن شواطئ بعيدة في الشرق الأوسط. وتدربت قوات الجيش الإسرائيلي على "نموذج"، واعدت البنية التحتية، فهي ترى أن اغتيال عرفات أسهل بكثير، ببساطة كل ما يجب عمله هو أن تسقط قنبلة كبيرة على المقاطعة، من النوع الذي لم يستعمل بعد.
ورغم العلم بأنه لم يجر بعد نقاش منظم للموضوع في جهاز الأمن الإسرائيلي،
وفق ما أعلنت صحيفة "معاريف" فأن هناك خلافات في الرأي حول القضية. كما أن جهاز الأمن الإسرائيلي على اتساعه، يعارض بحزم اغتيال الرئيس عرفات: "يحظر أن يموت عرفات من رصاصة جندي إسرائيلي"، والحديث لكل المشاركين في الأمر تقريباً، بدءاً من رئيس هيئة الأركان ونائبه، قادة الجيش، رئيس الشباك،
ورئيس الموساد وآخرين. إلى أن هذه المعارضة لا تعفينا من أن ،اخذ تصريحات
شارون على محمل الجد.
من المؤكد إن المساس بالرئيس عرفات سوف يقوِّض العملية السياسية - السلمية
الجارية في المنطقة، ويقتل السلام العادل والدائم والمنشود، وهذا لا يعني
فقط العودة إلى صيغة منظمة التحرير الفلسطينية بشكل كامل، وإنما قد تكون
بداية لمرحلة جديدة سوف تشهد ميلاد ثورة فلسطينية، يواكبها إعادة صياغة للأساليب والوسائل والأهداف، الأمر الذي يعني أنه سوف تكون لها انعكاسات بعيدة المدى على كافة المستويات والصُعد.
اريئيل شارون كان قد وصل في السابق، إلى هذه المفارق بقرار حازم للقضاء
على عرفات. والمقربون منه وفي الأساس اللواء موشيه كابلينسكي، الذي كان
آنذاك المستشار العسكري، وأوري شني الذي كان رئيس المكتب، استعملا كل المناورات الموجودة في الكتاب (وكذا وزير الدفاع بن أليعيزر واللواء عاموس جلعاد)، من أجل تبريد شارون وتأجيل خطته للقضاء على عرفات. لكن ماذا سيحدث هذه المرة في هذه الدورة؟ ليس واضحاً، فهناك ملايين الأسئلة مثل جني يستطيع أن يقف على رأس الدبوس؟.
كنت أشارت في مقال سابق، أبان قرار شارون المبدئي بإبعاد الرئيس عرقات، بأن الرئيس ياسر عرفات، أنتزع مفتاح القدس من شارون بالضربة القاضية، وأن القرار هو بمثابة "عهدة عمرية" ثانية، تخول "أبو عمار" تحرير القدس وتخليص مقدساتها من دنس الاحتلال.
يبدو أن رئيس حكومة تل أبيب قد استنفذ ذاته في الواقع: فشلت طريقه الأمنية،
وضاعت طريقه السياسية بين مداميك "خارطة الطريق" والحاجة إلى أحد ما يحل
محله أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى. فهو متردد في اتخاذ قرار إبعاد "أبو
عمار"، لأنه يدرك أن عواقبها ستكون كارثية عليه وعلى حكومته، وقراره هذا
ليس أكثر من مجرد بالون اختبار لقياس ردود الفعل العربية والعالمية، ثم يتصرف بعد ذلك علي ضوئها، لكن من المؤكد أن سحره سينقلب عليه، وهو الخاسر في النهاية ومصيره إلى مزبلة التاريخ.
يحاول شارون من وراء تلك الأفعال الدموية الإجرامية الحيلولة دون أي حل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يتسم بالعدل ويعني أساساً إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
فهو يعتبر السلام تهديداً لحلم "إسرائيل الكبرى"، فهو يريد الأرض بدون فلسطينيين
إن أمكن ذلك، وإن لم يكن فليتم إخضاعهم واستغلالهم كأيد عاملة رخيصة.
من الجدير بمكان تجديد التأكيد بأنه بات من المهم والضروري بمكان أن تعيد
الإدارة الأميركية فتح ملف إرسال قوات دولية إلى فلسطين لتحريك عملية السلام،
وبات من المؤكد أنه كلما تأخر تنفيذ ذلك فستزداد الأمور تعقيداً، ويصبح من
المستحيل السيطرة على الأمور سيطرة تامة، وربما نستيقظ لنجد أنفسنا وقد عدنا
إلى المربع الأول أو ربما إلى نقطة الصفر. فمن المعروف أن الحل سهل وبسيط،
فمهما قلّب الرئيس بوش الأمور على وجوهها المختلفة فلن يجد حلاً سوى إرسال قوات دولية، وإعطاء دور أكبر للجنة الرباعية والأمم المتحدة، وإشراكهم في حماية الشعب الفلسطيني.
في مقال سابق بعنوان "حوزير بتشوفاة"، كنت أشرت إلى أن هذه الكلمة استوقفتني، والتي تعني في اللغة العبرية (تائب، آيبُ إلى الله، من تاب إلى الله، أي
الراجع إلى جادة الصواب)، وقد يكون من غير المناسب بمكان استخدامها في المعنى الذي أريده هنا، فعندما يرى الشعب اليهودي شخصاً قد التحى، يسألونه: "ما أتا حوزير بتشوفاة" هل عدت إلى جادة الصواب؟ وأحياناً ومن أجل الاستهزاء
يرد الشخص "لو أني حوزير بشئيلاه- لا إنني عدت في السؤال". إن ما دفعني للكتابة وتحت هذا العنوان بالتحديد، هو سياسة وزعرنة أرئيل شارون رئيس وزراء إسرائيل.

فمن الطبيعي أن سياسة وزعرنة شارون من شأنها إجبار أي شخص على الرجوع في سؤاله، وأعني هنا الوقوف مع النفس وقفة صادقة لمحاسبتها أو حتى جلدها إذا
احتاج الأمر. فهل ماتت اتفاقات "أوسلوا"؟ آلاف الأسئلة المماثلة، بدءاً من
إذا ما كانت القيادة الفلسطينية أخطأت عندما تبنت السلام كخيار استراتيجي؟
ومروراً بقمة بيروت ومبادرة السلام العربية إلخ؟.
أرى هنا لزاماً أن أجدد ما دعوت إليه في مقال سابق: دعوة جميع القوى الفلسطينية، إلى الوقوف وقفة صادقة مع النفس، ومحاسبة النفس وجلدها إذا ما احتاج الأمر، واستيعاب اللحظة السياسية الراهنة، وتوحيد جهودها ومواقفها، وتحقيق أقصى قدرٍ ممكن من التوافق السياسي والميداني. فقد بات من المؤكد أن المشروع الوطني الفلسطيني يحتاج الآن إلى عملية "قيصرية" غاية في الخطورة والدقة، وتحتاج إلى أمهر الجراحين والأخصائيين، وأن إنقاذ هذا الحلم وإعادته إلى الحياة يستوجب، العمل بشكل جاد ومخلص وسريع، لتشكيل قيادة موحدة "مؤقتة" تضم كافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني دون استثناء، وتتفق على برنامج سياسي مؤقت، لحين إجراء انتخابات سياسية عامة، تتولى القيادة المنبثقة عنها اعتماد إستراتيجية نضالية تحظى بموافقة جميع القوى السياسية.
يرى الإسرائيليون أن شارون كعادته يقوم بالتخريب على نفسه، بعد أن يصاب بنشوة الاعتزاز والقوة، وهذا ما حدث مع تصريحه حول تعهده لبوش بعدم المس بعرفات، إذ سيتراجع عنه كما حدث في السابق، فهو من جهة الأمريكيين، تصرف كفيل في حانوت خزف، رفس بغباء جرة الحليب، التي تلقاها كهدية من بوش. ويبدو أنه هذه المرة كسابقاتها عند شارون: تركيبته النفسية تجبره على زرع مواد ناسفة في مشروعه هو وعرقلة طريقه نحو الهدف.
فهل أوقع شارون نفسه في الفخ وعرقل خطواته، على امتداد حياته العسكرية والجماهيرية من خلال تصرفاته المنفلتة وغير المنضبطة؟، وهل ينطبق عليه المثل القائل: "مجنون رمى حجر في بئر، مائة عاقل لا يستطيعون اخراجه"؟. فمن المؤكد أنه مهما كان الهدف والغاية، فانه قد ورط نفسه بهذه الطريقة في مصيدة سياسية.
[email protected]



#إبراهيم_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل اغتيال الرنتيسي الثمن الأخير لتحقيق وحدة وطنية
- صورة قلمية:الطفل القارئ قائد المستقبل
- فراغ سياسي ينذر بالشؤم
- شارون في عزلة
- موقع منفتح على كل الأفكار والتيارات الفكرية والسياسية ، يتحت ...
- شارون يلعب في الوقت الضائع
- مرغم اخاك لا بطل
- تياران متنازعان يحكمان اسرائيل
- ماذا ينتظر شارون وائتلافه الحاكم
- تصريحات يعلون بداية الانقسام في القيادة الحالية لإسرائيل
- زفاف علي
- لمصلحة من -الفيتو-؟
- هل ستقع الإدارة الأميركية في الفخ الإسرائيلي؟
- هل أضاعت الرباعية الفرصة الأخيرة؟
- صحوة ضمير أم سحابة صيف سرعان ما تتلاشى؟
- -أبو عمار- إلى القدس
- حوزير بتشوفاة
- رؤية سياسية وقيادة موحدة


المزيد.....




- مصر.. حكم بالسجن المشدد 3 سنوات على سعد الصغير في -حيازة موا ...
- 100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام -تحويلات الخارج-
- رحلة غوص تتحول إلى كارثة.. غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يح ...
- مصدر خاص: 4 إصابات جراء استهداف حافلة عسكرية بعبوة ناسفة في ...
- -حزب الله- يدمر منزلا تحصنت داخله قوة إسرائيلية في بلدة البي ...
- -أسوشيتد برس- و-رويترز- تزعمان اطلاعهما على بقايا صاروخ -أور ...
- رئيس اللجنة العسكرية لـ-الناتو-: تأخير وصول الأسلحة إلى أوكر ...
- CNN: نتنياهو وافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. بوصع ...
- -الغارديان-: قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب ...
- الدفاع والأمن القومي المصري يكشف سبب قانون لجوء الأجانب الجد ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم عبد العزيز - مجنون رمى حجر في بئر