|
-ولد للبيع-* الطفولة وبقايا الاقطاع
وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2676 - 2009 / 6 / 13 - 08:29
المحور:
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟
(أطفالكم ليسوا لكم.)* – جبران عقلنوا النطفة فهي بلا لها عقل، لكن الطفل الناتج منها انسان ذو عقل! - الكاتب
- جيء بتلميذ في العاشرة إلى عيادة التأمين بالمدرسة وهو مغمى عليه فلما أفاق سألته عن افطاره فقال في براءة: دوري ماجاش النهارده. فلما استفسرت منه قال أنهم ستة إخوة، وأبوهم محدود الدخل، منظم بينهم الافطار بالدور يوما يعد يوم (ثلاثة كل يوم).. /* ص 209 - قبض على أحمد المهدي موسى نصر وهو يعرض ابنه محمد المهدي للبيع مقابل عشرين ألف جنيه، وهو بواب بمنطقة الملك فيصل. / 193 - أبلغت وصيفة كمال عمّار، وهي عاملة بمستشفى خاص بشارع قصر العيني أن طبيبا يدير مستشفى لتوليد السيدات "الساقطات" ثم بيع أطفالهم غير الشرعيين للسيدات اللاتي لا ينجبن مقابل مبالغ مالية كبيرة. / 194 - باعت ادارة المستشفى طفلا حديث الولادة إلى سيدة مصرية هي ثريا (45 سنة) قالت انها لم تنجب منذ (18 عاما) وهددها زوجها البحريني الجنسية بالطلاق. / 195 - 25% من أطفال مصر يعيشون تحت خط الفقر وأن 79,8% من الأحداث الجانحين ليس لهم مأوى وأن 46% من مجموع أسر هؤلاء الأحداث يعيشون في مسكن من حجرة واحدة.. وأن الأحداث يقعون ضحية لانتهاكات غير قانونية خلال مراحل القبض عليهم وحبسهم.. / 187 - في الصين يلتقط المختطفون الأطفال، خاصة الصبية، من شوارع المدن وينقلونهم بعيدا إلى المناطق الريفية الشاسعة لبيعهم لأزواج لا ينجبون. / 195 - .. ضبطت السلطات أكثر من 130 ألفا من تجار الرقيق بين عامي 1991 و 1996 وأنقذت ما يزيد عن ألف سيدة وطفل كانوا قد بيعوا. / 196 - يقدر محللون وخبراء سعر الصبي أو الفتاة الصغيرة بما يتراوح بين ألفين إلى خمسة آلاف يوان أي نحو 240- 600 دولار. / 196 - أما تهريب الانسان فقد تحوّل إلى تجارة عالمية رائجة من خلال شبكة سفر السيدات والأطفال، من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية ، للعمل في أنشطة الدعارة والجنس. /207 - وازدهرت تجارة الأطفال القادمين من دول أمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبح خطر الاصابة بمرض الايدز دافعا، للبحث عن فتيات صغيرات يمارسن الأنشطة غير الأخلاقية.. / 207 - هل سرقة الأولاد – وربما سعي الآباء إلى بيعهم- ممارسات قديمة؟. / 194 * أوربا تنقرض.. المجتمع الأوربي في طريقه للانقراض جراء تراجع معدل نمو السكان وتقدم معدل الأعمال وتحسن مستوى الحياة. ذات يوم سألت رجلا نمساويا يجاورني في مكان العمل وله ابن وحيد دعاني لاحتفال حصوله على الدكتوراه وهو يعمل في إدارة أحد البنوك، لماذا لم يفكر في عمل طفل ثاني طيلة هذه الحياة؟.. قال: عندما يكون طفل واحد توليه كل الرعاية الممكنة، أما إذا كان عندك طفلان، فسوف تتوزع الرعاية على اثنين، وهذا سيء للجميع.. لهما ولي.. أما الآن فأنا وزوجتي سعداء بابننا وهو سعيد في حياته وله طفل واحد فقط. ومرة جرى حديث لي مع سيدة نمساوية فسألتها نفس السؤال فقالت على الفور: من أين أوفر ثمانين ألف يورو؟.. فنظرت إليها في تعجب.. وما علاقة هذا بالموضوع؟.. فردت قائلة.. - لكي يكون عندك طفل تحتاج ثمانين ألف يورو لتربيته ورعايته، وهذا تقدير عام.. وأنا أحب أن يحظى طفلي بأحسن رعاية..
اتذكر هذه الأجوبة مع نفسي كلما ورد موضوع الأطفال والانجاب الذي يحظى بشعبية واسعة وأساسية في المجتمع الشرقي دون تدارك مسؤوليته ومستلزماته. كل فتاة تحلم أن تكون أما، وكل زوجة تحلم أن يكون لها أطفال، وعندما تغازل العروس عريسها تعده أن تملأ عليه البيت بالأطفال. وهي قديرة وجديرة بهذا الوعد. والرجل يفرح بطفله الأول وطفله الثاني ويلعب مع الطفل طالما هو طفل، ولكن عندما تزيد الاحتياجات والمستلزمات يصبح الأطفال مشكلة الأسرة، ويتعب الأب من لهاث الحياة والركض وراء المادة، حتى تبدأ زوجته تعيره بزوج فلانة وغيرها، وكيف ينقلون السوق لبيوتهم والتراب يستحيل بأيديهم إلى ذهب.. (ذهب) - فيضعونه في أحضان زوجاتهم.. وبدل التجميع يصبح الأطفال سبب مشاكل الأسرة والدافع الأول لعدم الانسجام الذي قد ينتهي بالانفصال، أو لا، ولكنه يقلب حياة العائلة إلى نكد، ويفتح الطريق أمام تمرد الأطفال ويمضي كل في سبيل لا يلتفت للآخر. المرأة الشرقية جديرة وقديرة بالوعد والتنفيذ، والرجل الشرقي قدير وجدير بفحولته السلبية ولهذا تطفو مجتمعات الشرق والجنوب على مستنقعات من العنوسة والطفولة السائبة والبطالة المزدهرة وحوادث الجريمة اليومية. هل النموذج الأوربي يستحق الجدارة وهو يحسب لكلّ شيء حسابه ويتحكم تحكما كاملا بظواهر الطبيعة وغرائز النفس البشرية ويضع اعتبارات شديدة تصل حدّ التقديس في احترام حقوق الانسان والحيوان والوقت والطبيعة؛ أم الشرق والجنوب المعتاشين على الاعانات وتصدير البطالة والبشر والمشاكل نحو الخارج دون أن ارعواء لفهم سبب انحطاطه وتردي أوضاعه. لماذا نحن نعيش في الغرب، ويحلم كلّ الذين خلف البحار أن تيبس البحار ويبلغوا شاطئ الشمال ركضا بدل قوارب الموت ومشاكل الشرطة الايطالية واليونانية والاسبانية. الفارق هو العقل.. العقل الذي يميز الانسان عما هو دونه!. * أهمية (تباريح الوقائع والجنون) للأديب الروائي ادوار الخراط (مواليد 1926) أنه يمثل بالنسبة له نوعا من خلاصة خلاصات سبعين عاما من الحياة والفكر والتجربة والتنقل بين ثقافات عدّة. والكتاب هو أقرب للتسجيلات اليومية والتأملات البعيدة عبر السنين والبلدان، يشكل الانسان محورا لها والمعاني غاية وعبرة. تنوعت تجربة الكاتب في بلاد الشرق والجنوب عبر عمله الطويل في منظمة تضامن الشعوب الأفريقية والأسيوية ثم في اتحاد الكتاب الأفريقيين الآسيويين (1959- 1983). وهي حقبة مهمة ورئيسة تؤرخ الانتقال من عهد الاستعمار والكولونيالية إلى دولة الاستقلال والحكم الوطني انتهاء بالعولمة.. عولمة التكنولوجيا والبشر والأفكار. وبكلمة أخرى، إذا كانت العولمة تحقق ايجابيات عدة للدول الغنية والمتقدمة، فعلى عكس ذلك ما تحققه من سلبيات للدول المتخلفة عنها. وبكلمة واحدة وتلخيص شديد.. فأن الانسان العالمثالثي لم يواجه القلق والضياع والاحباط والهزيمة في يوم كما اليوم. أما سبب الأزمة فهو بتلخيص أشد: - عدم وجود موقف عقلاني من مسألة الانجاب (صنع الانسان).. - عدم وجود موقف واضح وثابت ينص على احترام الانسان وحقوقه. * نقص في المفاهيم.. يعجز كثيرون عن تعريف الطفولة أو الطفل، نفس العجز عن تعريف المرأة أو الانسان عامة. أن كلا من المرأة والطفل (الزوجة والأبن) في إطار العائلة كانت وما زالت جزء من التراث المادي للفكر الاقطاعي القديم. فالزوج هو مالك لزوجته ووجودها مرتبط بحياته وخدمته فإذا مات انتفى مبرر وجودها، ونفس الشيء في حال عجزها عن تقديم الخدمات المطلوبة منها للزوج كالانجاب والخدمة ، يسقط حقها في النفقة والقوامة، ويحق للزوج الاستغناء عنها والتخلص منها (الطلاق أو الدفن مع الزوج الميت، وفي حال تعدد زوجاته تدفن كل زوجاته معهفي ديانات قديمة). وملكية الرجل هذه متعدية، أي أنها تتعدى المرأة إلى ما ملكت يدها وحصلت عليه. فوصيفات المرأة وخادماتها هن ملك للزوج يفعل معهن كل ما يشاء، وكذلك ما تنجبه أو تمتلكه من أطفال وغلمان يكون ملكا للزوج عند زواجها. وثمة أمثلة كثيرة لذلك في كتب اليهود القديمة، وحياة محمد نبي الاسلام الذي امتلك غلمانا دخلوا بيته وحياته مع دخول خديجة بنت خويلد الأسدي، ومنهم أسامة بن زيد ولا زالت حادثته مع زينب بنت جحش زوجة أسامة موضع حيرة المسلمين، ولكن الصورة الاقطاعية تكشف بما لا يقبل اللبس علاقته بأسامة كغلام مملوك أولا، وبالتالي امتداد مسألة الغلمنة والملكية لما يحصل عليه الغلام، فكل منهما بالنتيجة خادم في بيته ومن أملاك خديجة المنقولة لزوجها. – من يقول أن الزوج لا يرث زوجته وهي في الحياة!-. وفي الفكر الاقطاعي إذا تزوج عبد بعبدة أو حرة وأنجب منها فأن طفلهما يكون عبدا له بالنتيجة، ومنه حق المالك في الاستمتاع بنساء عبيده وما كان يعرف في عهود القنانة الروسية بحق الليلة الأولى إذا تزوج أحد عبيده. وما زالت بقايا هذا الفكر الاقطاعي القديم (كلا أو بعضا) مستمرة حتى اليوم في اللاوعي الجمعي لكثير من الشعوب. ومن هنا معنى صرخة جبران (أطفالكم ليسوا لكم) في محاولة تأسيسية لمفهوم السيادة الانسانية- امتلاك الانسان لذاته وعدم أحقية كائن من يكون بامتلاكه أو التصرف في شئونه. لكن تلك الصرخة المبكرة (1928) ما زالت غريبة في آذان الشرق المغلقة في وجه كل ما من شأنه تفتيت صخرة الجمود والتخلف، والنتيجة بالمقابل هي استمرار نتائج سيادة التقاليد القبلية والاقطاعية وتكالبها على هامة الفرد مع سلطة الدولة القبلية. * ثالوث التخلف أطفال الشوارع.. البطالة.. العنوسة ثلاثة مشاكل تهدد بنسف مستقبل بلاد الجنوب، وتجعل منها مشروعا للمزيد من المديونية والفساد والارهاب. هذه الطواهر المريعة الثلاثة تفتح الباب على مصراعيه لتجارة البشر (الرقيق- وتجارة الأعضاء البشرية)، وتجارة الهجرة وانتشار الجريمة المنظمة (المخدّرات والارهاب). وكل هذه تتم عبر الحدود وباشراف مآفيات ومؤسسات دولية تعجز الدولة عن التصدي لها أو السيطرة عليها. في نفس الوقت الذي يفتح تلك المجتمعات على تسلل الظواهر والكوارث العالمية المصدرة إليها من الخارج. فالحاجة لرأس المال وعدم لياقة ظروف البيئة للحياة العصرية جعل الحصول على المال هدفا مركزيا مقدسا لغالبية الناس، وتمثل بسيادة النزعة المادية في العقود الأخيرة، وهو ما وفر منفذا مناسبا تسلل عبره المدّ الديني (الوهابي، الشيعي، اليهوي) لاختراق تلك المجتمعات، فلا غرو أن تجد أكثر المجتمعات كثافة سكانية أولها في سلم الارهاب والتطرف الديني (ماليزيا، اندونيسيا، باكستان، مصر، المغرب، ليبيا). ولا غرابة أن تتناقل التأثيرات الثلاثة أو تتعاقب أو تتجاور، في البلد الواحد منها. وبعد أن كانت مصر والمغرب وكرا للتطرف والوهابية تدور نصف دورة نحو التشيع وبدء المدّ الايراني. هذه الصورة الفاقعة لبلاد ينتظر منها أهلها الحصول على أسباب حياة حرة كريمة وتحظى بالأمان والاستقرار والطمأنينة في بيوتها وبلدانها، لا تجد غير أنياب الهجرة والعمالة المهينة ومستنقعات الارهاب والفساد الاجتماعي والاداري بكل أنواعه ومستوياته في انتظاره. فما هو مستقبل الطفولة في تلك البلاد؟.. نجوم الكرة والرياضة والغناء الشعبي هم رموز القدوة التي تملأ أذهان أطفال اليوم، ويحلم كل منهم في النادي الرياضي أن يتحول ذات يوم إلى نجم كرة أو فنان عالمي أو ممثل اعلانات مشهور.. والواقع أن أطفال المهاجرين لا يختلفون كثيرا في أحلامهم (الرياضية والفنية) عن أطفال الداخل، فالجميع إذن يتنافسون على نفس الفرص. لكن السؤال.. أنه إذا كانت ظروف الداخل الاجتماعية والاقتصادية غير مناسبة، فما الذي يدفع المهاجرين لتوجيه أطفالهم وجهة تبعدهم عن الدراسة والثقافة، أم أن أقصر طريق إلى الثروة هو الشعار المقدس لأبناء اليوم كما الغد. وبالتالي، فأن المجتمع البشري على شفا الانقسام البرجوازي إلى طبقتين كبيرتين، طبقة المال البرجوازية/ وطبقة العبيد والكادحين (ذوي الدخل المحدود)!. وللأطفال حق الاختيار بين ذلك...... * النمسا- لنز الادي عشر من يونيو 2009
ـــــــــــــــــــ * أدوار الخراط- تباريح الوقائع والجنون- مركز الحضارة العربية – ط1 1998- القاهرة. * جبران خليل جبران- كتاب النبي- . * جميع البيانات الواردة في النص من كتاب تباريح الخراط المذكور، وحسب مصادره، ولكن أهمية الظاهرة ونتائجها لا يقتصر على مصر ولا القيمة الرقمية للبيانات، وهي اليوم أكثر خطورة وفداحة حسب البيانات الدورية لمنظمة الرعاية والطفولة التابعة للأمم المتحدة.
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-هذا عالم جايف.. اكتب!-
-
سليم مطر في (إمرأة القارورة)
-
سيلين براكاش- أوزر
-
(سماء..)
-
المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!..
-
مقاربات نصّية في قصيدة (خوذة الشاعر) لنجم خطاوي
-
الاستهلال السردي في قصة التسعينيات..
-
القصة العراقية في المنفى
-
عن فضاءات الطائر
-
الوطن -جنّة- أم -جنينة- في قصة باسم الأنصار (نحيا ويموت الوط
...
-
معرفة الحقيقة العارية والاستفادة من دروس الماضي
-
داليا رياض.. - رغم أني جملة كتبتها السماء-
-
ستة عقود في محراب الحرف- حوار مع الفنان كريم الخطاط
-
- أريد الطحين لأخبز معه أحزاننا-
-
مقدمة عامة في تجربة مظفر النواب الشعرية
-
حسن الخرساني و سقوط مردوخ
-
مفيد عزيز البلداوي وقصيدة الحلزون
-
سعد جاسم وقصيدة الحداد لا يليق بكريم جثير
-
دراسة في مجموعة ” نون ” لأديب كمال الدين
-
حمّالة الحطب.. عن المرأة والغزو!..
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
المزيد.....
|