|
بمناسبة عيد الجلاء العظيم كل عام وأنتم وشعبنا بخير..!
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 818 - 2004 / 4 / 28 - 07:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
نص المداخلة التي ألقيت في ندوة : المخاطر التي تواجه سورية ،ومهام القوى الوطنية – والتي اقيمت في قاعة البلاذا –في دمشق يوم الجمعة 16-نيسان – 2004-بدعوة من اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين –والتي شارك فيها حوالي مئة باحث وكاتب ومثقف وسياسي سوري –ومنهم د. طيب تيزيني –سلامة كيلة –عمر قشاش –قدري جميل –فيصل يوسف –فاتح جاموس ----وآخرون .......وسميت :ندوة الوطن –وارتفعت فيها اصوات كثيرة لتكون نواة :مجلس وطني في سوريا-...والتي لم يتناولها على أهميتها الإعلام الرسمي ،ولو بكلمة ... للأسف....!؟
مداخلة إبراهيم اليوسف
بمناسبة عيد الجلاء العظيم كل عام وأنتم وشعبنا بخير..!
تنطوي كلمة التحدي ـ والتي تعني معجمياً ـ بحسب المعجم الوسيط: الدعوة إلى التباري ـ أياً كان ـ على دلالات أوسع، انزياحاً، وذلك لأن مفهوم التحدي، بات يخرج من حدود شكيمة الفرد أو دائرة قتاد الأسرة، وصلف وجبروت القبيلة، منذ تكون مفهوم الدولة التي استلبت كل تلك السطوات لنفسها.
ولعل هذا المصطلح، قد تبلور أكثر ـ كما يخيل إلي ـ مع تعزيز أدوار قوى عالمية ،لاسيما منذ الحرب الكونية - ومروراً بتكون قوتين عظميين، كي يتكرس وينحصر، بالتالي في …. قطب واحد، مقابل ـ تحديات ـ انفعالية، وردات فعل، قد تشكل نوى صغيرة ـ يمكن التعويل عليها، بغرض استعادة الكرامة المهددة، بل المنتهكة في ظل ماسبق، يمكن الإقرار ـ أولاً ـ أن سورية، لتعد الآن، أكثر الدول المستهدفة، بل والمهددة ـ خارجياً ـ من خلال إدراج اسمها في رأس قائمة المحاسبة، ويمكن التأكيد، وبغض النظر عن مناقشة، ولاشرعية أي تهديد خارجي، أن سورية، ومن خلال اتباعها تسوية طرفي، بل أطراف معادلة دقيقة على مستوى سياساتها الخارجية، تخلق لنفسها توازناً ما، وإن كان هذا التوازن مخلخلاً في صميمه، بل ويزداد ذلك يوماً بعد آخر، وعلى حساب قوة المناعة الداخلية المتآكلة، (بسبب عوامل كثيرة يأتي من بينها: الفساد والإفساد، وهيمنة خيار الدولة الأمنية كما يشير د. طيب تيزيني ـ وهنا فلماذا لا يتم السعي الحثيث لقطع الطريق على التدخل الخارجي بالإجابة عن أسئلة المواطن الملحة ؟). بيد أن هذا التوازن ـ وإن في إهابه الصوري، قادر على أن يتمظهر على شاكلة حالة استقرار، كما قد تبدو للمتابع في الشأن السوري، لأول وهلة، نظراً لصب الاهتمام على الهيبة البرانية، وعلى حساب أسئلة المواطن ـ داخلياً ـ أسّ أي منعة حقيقية، واللبنة المهمة في أية مناعة داخلية متوخاة، وإذا كنا نتحدث عن دعم حقيقي لمثل هذا الاستقرار فهو لمتأت ـ من وجهة نظر هذه الورقة المتواضعة ـ من إمكانات خلق أدوات الحيلولة، دون التدخل المباشر في الشأن السياسي للبلاد،رغم انحدار الأمور إلى حد سماع جملة شروط أمريكية، بل وغيرها، لتعد في فحواها ممعنة في الإذعان، ولا تليق بكبرياء إنساننا السوري الذي باتت عوامل الانقطاع عن هذا الكبرياء تترى باستمرار.
وإذا كان هناك ـ على الدوام ـ إمكان الحديث عن جملة عناصر المواجهة، وذلك تحت حمية الروح الرومانسية الثورية، إبان تصاعد قوى وحركات التحرر ـ عربياً ودولياً ـ ونشعر إزاءها بنوستالجيا عارمة، إلا أنه قد تعرض مجمل تلك العناصر، وأدوات المواجهة للإقصاء، والتهميش، وعدم الفاعلية من خلال إنهاك المواطن، حجر الزاوية الرئيس في أية معادلة أو مواجهة فعلية، وتغييبه، إذ تم استنزاف جزء هائل من طاقاته الروحية، وتخريبها، بل وتشييئه، بعد تكريس آفة الاغتراب في أعماقه من قبل، فهو غير قادر على أن يترجم مفهوم الكرامة الشخصية ضمن مدياتها العظمى في ظل استلابها في الشارع ـ الوظيفة ـ المخفر ـ وفي حضرة زائر الليل، وهو يتصادى، وينال من مفهوم الكرامة الوطنية، إذ أن مشهد استشهاد طفل فلسطيني، بات من الصور المألوفة أمام الناظر، إلى ذلك الحد الذي لم يعد يستثير النخوة، بغرض التفاعل على مستوى الشارع، لخلق روحية المواجهة إزاء هذا الفعل البشع، واللإنساني، فلم تعد صرخة وامعتصماه..!! مجدية البتة، أمام كل ما يجري.
ولعل أحداث 12 آذار الماضي، أو ما يمكن الاصطلاح عليه، بتصوري: الفتنة المفتعلة! ، جاءت كي تترك وراءها عاصفة من الأسئلة، بصدد مفهوم المواطنة، وانتهاكها، ومواطن الـ«البدون» أو مواطن الدرجة الأخيرة، حيث يعيش أكثر من مئتي ألف مواطن كردي في عداد الأجانب، وهم أبناء هذا التراب، أباً عن جد، بل أن أوضاعهم ليست أفضل بكثير عن أوضاع أخوتهم الذين حظوا بالمواطنة، حيث أنهم جميعاً محرومون من أبسط حقوقهم السياسية، والثقافية، إذ يتم إنكار وجود ثاني قومية في سورية (إذ يزيد عدد السكان السوريين الأكراد عن مليونين والنصف، رغم عدم وجود إحصاءات دقيقة) وليس أدل على خطل هذه السياسة الممارسة تجاههم، معرفة أنه منذ اربعين عاماً ـ لم نشهد تعيين محافظ كردي، حتى ولو كان بعثياً.
وكرد أول على السيد رجاء الناصر لابد من معرفة أن أول من أطلق الرصاص على المستعمر الفرنسي كان ـ كردياً ـ و (الحركة الكردية في سورية) برمتها تعمل ضمن إطار الوحدة الوطنية، وأسأل: لماذا لم يتذكر السيد رجاء: إبراهيم هنانو ـ البارافي ـ محو إيبو شاشو ـ وآمل ألا يخيل إلى بعضهم أن كل مشيعي جنازات 13 آذار في القامشلي ساروا تحت راية علم غريب، وأن أي حدث في هذا الإطار يخدم الفتنة نفسها وأذكر بأنه ليس للاستقواء بالخارج هوية قومية ـ أو فئوية ـ كما يريد أن يوحي بذلك بعضهم ـ وهو ما ينبغي التركيز عليه في خطاب مثقفنا الوطني.
كما أن هذه الأحداث جاءت على ـ صعيد آخر ـ من خلال (الدرس الكردي)، لتبين أن التعتيم على أسئلة المواطن، لايمكن أن تغدو مجدية البتة، ناهيك عن أن تفاعل السلطات مع هذا الحدث جاء غير منتم إلى طبيعة العصر، وتطوراته، بل امتداداً لعقلية قمعية، استعراضية، إلغائية، في الوقت الذي بات يحلم فيه المواطن السوري، من أقصى البلاد إلى أدناها، بتجاوزها، لأنها أثبتت خلال العقود المريرة الماضية عقمها، وفشلها الذريع في خلق أدنى أشكال الوحدة الوطنية، التي نحن أحوج إلى أنموذجها الطبيعي، لا المصطنع، رغم أن الحديث عنها بات يشنف الآذان، منذ ثلاثة عقود، وحتى هذه اللحظة.
وإذا كنت قد توقفت ـ بشيء من التفصيل ـ إزاء الحالة الكردية في ـ سورياً ـ فهي بالتالي غير منفصلة البتة ـ رغم مضاعفة معاناة الكردي المركزة في بعض جوانبها عن الحالة السورية بعامة فيما يتعلق بالأسئلة الوطنية العامة، بدءاً بسؤال ـ الديمقراطية والرغيف وانتهاء بسؤال كرامة الوطن والمواطن، حيث تشخص هنا أمام الأعين الأحكام العرفية ـ الطوارئ ـ آلة القمع ـ كمفرزات مقيتة، آن الأوان لإزالتها نهائياً من معجم الحياة المدنية اليومية ولعل الحديث ـ قليلاً ـ عن كيفية إلقاء القبض على المواطن الكردي ـ لمجرد أنه كردي فحسب ـ بعد الفتنة، في الشارع أو من خلال مداهمة منزله، أو سحبه من العمل، في مدن الجزيرة وعفرين، وعين العرب، وسواها، من مناطق تواجد الكردي وممارسة أشكال العنف الوحشية معه إلى درجة القتل تحت التعذيب!! ـ وهي الأساليب ذاتها التي قد تمارس مع كل مواطن سوري يقع في أية مصيدة من هذا النوع، بسبب ، أو دون سبب، إزاء مثل هذه اللوحة البانورامية، المكثفة تبرز بحق جملة من المهمات الوطنية والديمقراطية والاقتصادية، بل والاجتماعية لايمكن الفصل بينها نظراً لتكامليتها ـ وتشكيلها وشيجة واحدة ذلك لأن أي حديث عن مهمات القوى الوطنية والديمقراطية، لمواجهة الأخطار الحقيقية المحدقة بالوطن والمواطن، تستدعي وعلى نحو مباشر صورة المواطن المكبل ـ أعني الوطن ـ حيث أن التفكير باستعادة دور هذا المواطن، ورفع سائر الأغلال عنه بات مهمة وطنية بالدرجة الأولى، ناهيك عن ضرورة تحطيم أغلال الإعلام والثقافة وضمن الحقل الوطني الكبير (وقد سمعت الآن بأنه حدثت أمور إيجابية في مؤتمر الصحفيين الأخير وهو ما يفرحني. كعضو في اتحاد الصحفيين السوريين ) بات ذلك كله وسواه الكثير مهمة وطنية أولى لأن التفكير في حماية الوطن ـ إزاء استشراس حملات استهداف سورية أمريكياً وصهيونياً لم يعد مسوغاً للإرجاء أو ابقائه مجرد قرار نخبة ماأكد تأطير العمل في أطرها أنه رأس كل بلية، تعرض لها المواطن و الوطن، حيث نشأت عقلية أن هناك من يقرر عن المواطن ويفكر عنه، ولهذه العقلية دور تنويمي هانحن الآن نجني حصيده المقيت، ومن هنا إن عودة المواطن للعب دوره واستعادة مفردات الكرامة المستلبة منه، ستمكنه ـ بلا ريب ـ من إعادة الاعتبار لهيبة الوطن التي لاتشفع لها رتبة، أو مرتبة عالية، مادامت تبنى دون رأي مواطن-هو أس عوامل المواجهة الفعلية- جداراً عالياً بغرض تهميشه، وإن كان مثل هذا الكلام ـ في ماقيل ـ عبارة عن تنظير سوداوي يكاد لا يصدق عندما كان يطلقه غيارى الوطن في أربع جهاته دون جدوى، بيد أنه الآن أصبح - للأسف - في حيز التطبيق وهو أمر في منتهى الخطورة ـ لاسيما أن تلك النبوءات تحققت وإن كانت سوداء كارثية.
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دماء دون أربعين
-
الجزيرة العليا استعادة لتأريخ مغيب !!!
-
على هامش أحداث 12 آذار حوار مع صديق مختلف ...! 3 / 3
-
على هامش احداث12آذار حوار مع صديق مختلف 2من 3
-
على هامش احداث 12 أذار حوار مع صديق مختلف 1/3
-
أكراد سوريا مهاجرون أم يراد تهجيرهم...!!؟
-
خدش الطفولة - إلى محمد غانم
-
المثقف العربي و محنة الكردي 3 من 3
-
المثقف العربي و محنة الكردي 2 من 3
-
نصف رؤية....13
-
الدرس الكردي
-
اية وحدة مجتمعية دون الاجابة عن اسئلة المواطن....!؟
-
نبوءة القتل والخراب
-
الكردي في يومه السابع…………..!
-
محمد غانم ....!اكرادك بخير يا صديقي ...!
-
هكذا تطفأ الفتنة ............! عماد فوزي الشعيبي نموذجاً
-
السيد الدكتور بشار الأسد !
-
من المقال المفخخ إلى الحزام الناسف ميشيل كيلو نموذجاً
-
الكردي ((يكتب إسمه ..!))
-
أخطاء عبثية ام أضغان عمياء؟
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|