|
أوباما والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ...؟
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 2674 - 2009 / 6 / 11 - 10:07
المحور:
حقوق الانسان
في الشهر الأخير من عام 1948 أعلنت الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وافقت عليه جميع الدول بما فيها الدول الإسلامية وقد بدأها (يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.) ... هذا النص الإنساني الرائع الذي يوحد بين جميع البشر وذلك بولادتهم أحراراً وبدون أية صبغة عقيدية أو انتمائية لأن الأساس هو الولادة الحرّة في مساواة من حيث الكرامة والحقوق ..وذلك العقل الحر الذي هو أداة التعامل الأخوي بين أفراد البشر والمجتمعات ... وهذا البند يؤكد علمانية حرية الإنسان منذ ولادته في إبداء الرأي في جو من الكرامة والأخوة والاحترام والاعتراف المتبادل بالآخر في المعاملات والحقوق وعلى قدم المساواة .ثم تأتي الفقرة الثامنة عشرة أو البند الأهم والذي ينص (لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.) وهذه الفقرة هي أس العلمانية وجوهرها والتي تؤكد على حرية الإنسان في التفكير والضمير والدين وكما هو حرّ في الانتماء والأخذ بدين أو عقيدة هو حرٌ أيضاً في الخروج منها والتحرر عنها كما له حرية التعبير عن معتقداته عن طريق التعليم والممارسة وإقامة الشعائر والطقوس الخاصة بها سراً أو علانية تبشيراً بالمسيحية أو دعوة للإسلام أو الدعاية لأية عقيدة وما حدث في المغرب من أشهر من منع مسيحيين فيها من التبشير لدينهم هو مخالف لمعاهدة حقوق الإنسان العالمي .. وكيف يحق للمسلم حرية الدعوة ويمنع المسيحي من التبشير لدينه خاصة وإذا أمنا أن الدينين ربهما وإلههما واحد وهو إله البشر جميعاً وهل يحابي الله أناساً دون آخرين من مخلوقاته ...!؟ وفى خطاب اوباما الذي ركز فيه على سبع موضوعات تحدث اوباما في الموضوع الخامس عن الحريات الدينية وضرورة تمتع الجميع بها في اختيار العقيدة والدين وجاء ذكره للموارنة فى لبنان والأقباط في مصر كمثال للتعددية التي يجب الحفاظ عليها .وأقول أنا هنا ان ذكر اوباما السريع في خطابه يجب علينا ألا نأخذه بتهويل ونظن ان كل مشاكلنا في طريقها للحل ويجب أيضا إلا نأخذه بتهوين ونقلل من شانه. لان هذه الإشارة السريعة للأقباط فى خطاب اوباما لن تعنى تغيير أوضاعنا بين ليلة وضحاها فالطريق لنوال حقوقنا شاق وطويل وهذه الخطوة هي مجرد خطوة بسيطة تقول أن المجتمع الدولي وخصوصا دول العالم الحر يتذكر قضيتنا وبالتالي فهناك أمل فى الحصول على دعمهم لنوال حقوقنا. 2 إن الإعلام المصري والعربي تجاهل هذه النقطة من خطاب اوباما وتجاهلتها الحكومة المصرية بل ان بعض المسئولين قد استنكروا تشبيهه للأقباط بأنهم أقلية قائلين أنهم مواطنون يتمتعون بالمساواة والمواطنة الكاملة مثلثهم مثل المسلمين. 3 إن هناك الكثير من الوجوه القبطية خرجت ناقدة ومستنكرة تشبيه اوباما لنا بالأقليات الأخرى ومطالبته بالحفاظ على وجودنا بمصر حتى من باب التعددية الدينية وهم بذلك يزايدون على الدولة في مواقفها ويساعدونها فى تجاهلها للمشكلة القبطية . وهم بأسلوبهم هذا لم يستطيعوا إن يفرضوا أو أن يتوصلوا مع الدولة لأية حلول تضمن لنا العيش بمواطنة كاملة غير منقوصة وأيضا برفضهم مفهوم الأقلية فهم يرفضون ضغط المجتمع الدولي على النظام المصري لكي نتمتع بما تتمتع به الأقليات في العالم اجمع كحقنا في العيش بأمن وأمان في وطننا وحقنا في ممارسة شعائرنا وبناء كنائسنا والتعلم بلغتنا القبطية والحفاظ على ثقافتنا وعاداتنا الخاصة بنا وغيرها من الحقوق الأخرى . فلماذا لا يتركوا المجتمع الدولي يضغط على النظام كي يحترم حقوق الأقليات فى مصر كالأقباط والشيعة والبهائيين أم إن كل هؤلاء ليسوا بأقليات عددية على الأقل !؟ ( من مقال مجدي جورج –حوار – 8-6) وان تساؤلات مجدي جورج وغيره حول الحرية الدينية والعامة قد توسع بها نزار النهري في متن مقاله العلمانية والإسلام المنشور في الحوار أيضاً ، مؤكداً على أن الفقرة الثامنة عشرة مرفوضة في التعاليم الإسلامية هذه الفقرة هي من أكثر الفقرات إشكالا، فحق التفكير والضمير والدين غير مكفول في الإسلام والآيات كثيرة على ذلك ومنها: (ان الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايات الله فان الله سريع الحساب ) سورة آل عمران اية 19. (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ) سورة آل عمران الاية 85 (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون ) سورة آل عمران الاية 102 لا يكتفي الاسلام بمنع الناس من الاعتقاد باي مذهب اخر غير الاسلام ولكنه يتعداه الى الدعوة لمحاربة وقتل من لا يدينون به في انتهاك صارخ لهذا الاعلان وبنوده، ومثال على ذلك:
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فان انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين) سورة البقرة الاية 193 (هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) سورة التوبة الاية 33 و سورة الصف الاية 9 (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) سورة التوبة الاية 29... ان تركيز أوباما في خطابه الأخير في جامعة القاهرة على الحريات ، الحجاب ، حقوق الأقباط في مصر ، الموارنة في لبنان ، حق اسرائيل والعرب بقيام دولتيهما ، مشاركة أكثر من خلال العلم والمنح الدراسية ، تأسيس صندوق لدعم التعاون مع بلدان إسلامية ، التعاون في مجال البرامج الصحية ورعاية الطفولة والأمومة ، التحرك نحو الأمام وتجاوز الماضي ، شعوب العالم يمكن أن تعيش في سلام ، محو اسرائيل كلام خاطيء ، انهاء الانقسامات الطائفية بين السنّة والشيعة ...؟ ولكل ما تقدم فإن أوباما قد ترجم وأعاد وكرر المباديء العالمية لحقوق الإنسان التي مرّ عليها ستين عاماً .. هل سيعمل العرب والمسلمين الذين وافقوا على تلك الحقوق العالمية بروح إيجابية بعيداً عن تعنت الكهنوت والتعصب الأعمى وولادة عالم علماني يعطي للإنسان حقوقه في حرية الاعتقاد والرأي والاعتراف بالآخر .. أم سنبقى خارج مفهوم حقوق الإنسان ونتخبط خبط عشواء ونحن دون خط الصفر في كافة المجالات وحتى عن صنع إبرة أو حبّة دواء أو تأمين رغيف الخبز ..!!!
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوباما الحرية والعلمانية...؟
-
العلمانية قطار الحضارة السريع ...؟
-
الحجاب ليس مشكلة ..بل اللواتي رضين بالحجاب مرغمات..؟
-
مشكلة الوحده اليمنية .. هل من حل ..؟
-
وتنتصر المرأة الكويتية وتدخل مجلس الأمة الكويتي وبجدارة ..؟
-
وأخطأ منظّروا الحجاب والمتورطون في التحجب ...؟
-
فتوحاتنا بالورود والرياحين ولا عنف في الإسلام أيها البابا ..
...
-
مساواة المواطنين في الوطن الواحد لا يتحقق إلا بالعلمانية ..؟
-
سقوط خنازير مصر في شرك التعصب الديني ..؟
-
الحجاب كان ضرورة طقسية قبل الدينية للرجل والمرأة .. ؟
-
طز في حقوق الإنسان و هلا بسوق العبيد ...؟
-
بين مَنْ ومِنْ ضاعت لحانا وتضيع قضايانا ...؟
-
ديمقراطية البروليتاريا...؟
-
استبداد الخلفاء وديكتاتورية البروليتاريا ...!.
-
توبة إخوان سورية .. من التقية أم من باب آخر ..؟
-
العرب يتناتفون والمسلمون يتذابحون ..!؟
-
انها الديمقراطية العربية .. لاحسد بو تفليقة يفوز بنسبة 90% و
...
-
المثليون ولدتهم أمهاتهم ومن خلق الله ...؟
-
متزوج من امرأتين ولديه تسعة عشر ولداً وقاتل...!؟
-
متى اتفق العرب ليتفقوا ..!؟
المزيد.....
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
-
مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|