أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - تيسير عبدالجبار الآلوسي - عواقب إهمال جريمة الأنفال















المزيد.....


عواقب إهمال جريمة الأنفال


تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)


الحوار المتمدن-العدد: 817 - 2004 / 4 / 27 - 11:36
المحور: حقوق الانسان
    


قبل الدخول في معالجة عواقب إغفال القراءة الصحيحة لجريمة الأنفال لابد من التعرف إلى حقيقة الجريمة نفسها وما نتحدث بصدده من احتمال الإغفال ومن ثمَّ تبيّن حجم العواقب التي تنجم عن مثل هاتيك الحالة من الإهمال وغض الطرف بقصد أو من دون قصد.. لذا كان من اللازم أولا المرور على الجريمة التي نحن بصدد الحديث عن عواقب إغفال قراءتها بمصداقية ترتقي لحجمها الكارثي...

الجزء الأول: وصف الجريمة وتشخيص بعض مفرداتها

الأنفال من كبريات جرائم العصر الحديث عصر الحريات والديموقراطية والسلام والتحرر من عبودية النـُظـُم الفاشية وطغيان الدكتاتوريات بمختلف أشكالها. لقد كانت العقود الثلاثة الأخيرة سنوات الجمر من أجل ظهور شعارات الحرية وحقوق الإنسان وفي ظلالها حقوق الشعوب والقوميات المتطلعة إلى الاستقلال والتخلص من زمن التبعية والانتهاء إلى الأبد من كل مظاهرإلغاء الشخصية والهوية إلى الحد الذي كان لا يُسمَح بالتعامل باللغة القومية أو ارتياد مناطق الآباء والأجداد وتأطير عصابات الطغاة لمناطق شاسعة بمسورات أو خطوط حمر يُمنع الوصول إليها..
هكذا كانت البداية الأخيرة لحرب بشعة طاولت شعبنا الكردي في أرضه ووجوده القومي والإنساني. فنحن نعرف ما تعرض له الكرد منذ تجميد العمل باتفاقية سيفر مطلع القرن الماضي والتحول عنها بسبب من التقسيم الدولي الذي احتاج لدعم تركيا الحديثة بوصفها الجدار الواقي ضد الاتحاد السوفييتي وكان من ذلك مواقف من نمط التضحية بشعوب وقوميات حدّ وقوع جرائم إبادة جماعية معروفة آنذاك واستيلاء تركيا على كردستان الشمالية أو ما يُعرف اليوم كردستان التركية.....
كما نعرف ما جرى بُعيد انتهاء جمهورية مهاباد الكردية الأولى وهجرة عشرات الألوف من الكرد إلى الاتحاد السوفييتي آنذاك. وظل الكرد تحت معاناة ما أفرزته عمليات تقسيمهم بين الدول الإقليمية الجديدة التي ظهرت بعد الحربين الكونيتين الأولى والثانية. وعلى الرغم من التحسن النسبي في ظل ثورة الرابع عشر من تموز 1958 إلا أنَّ الأمور لم تدم طويلا بخاصة في ظل متغيرات السلطة العراقية لاحقا ومجئ البعث الفاشي الدموي إلى السلطة ثانية..
فقد كشَّر عن أنيابه بطرق ملتوية واستغل عمليات التحالفات التكتيكية المراوغة المضلـِّلة التي أرادتها القوى الوطنية طريقا سلميا جديدا لتجنيب العراق حمامات الدم ولكنَّ النيات الحسنة لم تكن [ولن تكونَ] كافية لوقف مطامع القوى الفاشية العنصرية ودمويتها الشرسة المتجذرة في قلب مبادئها المعادية لكل مصالح الشعوب والقوميات ولحقوق الإنسان ومطامحه في الحياة الكريمة...
[وبهذا الخصوص لنا وقفة مع دعوات المصالحة والمستهدف منها والضمانات]
لقد خيضت الحرب ضد شعبنا الكردي منذ إعلان آذار نفسه الذي كان انتصارا لنضالات القوى الوطنية العراقية ولكنَّه في الوقت ذاته تمَّ استغلاله ليكون غطاء لحرب الإبادة القذرة بذرائع مطاردة أعداء السلام والاستقرار والقانون وهو قانون العصابات الإجرامية وليس دولة الشعب ومصالحه. وهنا نسجل مشكلة انقسام قوى السلم والحرية وما تخلقه من ظروف غير طبيعية وتعقيدات للنضال الوطني التحرري...
[وهذا درس آخر من الدروس التي ينبغي تذكرها لمرحلة لاحقة من هذه المداخلة]
وعندما كشف النظام عن آخر أوراقه أعلن الحرب السافرة على أبناء شعبنا الكردي وبدأها منذ بدايات الثمانينات فأقصي مئات ألوف الكرد عن قراهم ففي سنة 1975 تمَّ ترحيل 50 ألف كردي إلى الديوانية والناصرية حسب مصادر رسمية وهو رقم أقل بكثير من الحقيقة (راجع التايمز في نوفمبر 1975) وتمَّ توسيع الحزام [الصحي] كما يسمونه من خمسة كيلومترات إلى عشرة ثم خمسة عشر وإلى ثلاثين كيلومترا فيما بعد بمعنى مزيد من تدمير القرى ومحوها من الخريطة بمزيد من الترحيلات والإبادة البشرية وتقطيع أوصال كردستان التاريخية المقسَّمة بين دول المنطقة.
هنا أود ذكر الـ (500) قرية التي طاولتها بدايات الحملة العرقية التطهيرية هذه ما أثَّر على السليمانية ومَنْ نزح إليها آنذاك. وفي شهرين فقط من سنة 1978 تمَّ إبعاد 28 ألف عائلة أي حوالي 200ألف نسمة من القرى الحدودية حسب جريدة الجمهورية العراقية وبدأت ما تُسمى اللجنة العليا لشؤون الشمال بقيادة الطاغية صدام نفسه السنة 1979 وهي اللجنة التي أعادت مُرحـَّلـِي سنة 75 إلى مناطق قوشتةبة جنوب أربيل وبـَحـْرْكة Bahrka شمالي هولير وديانا وحرير ولكن المأساة ستأتي بعد ذلك عندما يتم اعتقال آلاف من رجال المنطقة وصبيانها وشيوخها ونقلهم إلى جهة لم يُكتشَف أثرهم جديا حتى يومنا ولكن التقارير والوثائق تشير إلى إعدامات بالجملة وأقوال الطاغية نفسه تشير إلى جريمة التصفية بحق البارزانيين وغيرهم من الكرد ونجد شهادة لعبدالستار شريف بأنّه تم إعدام هؤلاء في وادي عرعر المعروف نقلا عن أقوال سبعاوي...
[هناك وثائق حكومية بأرقام 998 ـ 1037 تشير لجريمة تصفية بعض هؤلاء]
ومنذ آذار 1987 وحسب المرسوم 160 من مجلس قيادة الفاشست يبدأ علي كيمياوي حملته الإجرامية وتحت أمرته مكتب الشمال أو تنظيم الشمال والفيلقان الأول والخامس والقوات الخاصة وقوات الطوارئ والجحوش..ففي أيام معدودة جرى حرق القرى التي بُنيَت بجهود أهلها طوال عشرات السنين وقد عملت البلدوزرات على تنفيذ الأوامر مع طائرات الهليكوبتر وتمَّ في مرحلة أولية من تلك الحملة الواسعة هدم حوالي (703) قرية منها 219 في أربيل و122 في كرميان و 320 في السليمانية وبادينان... وتمَّ توزيع أبناء قره ته به في الرمادي وفي حزيران 1987 تمّ بأوامر علي كيمياوي شمول ألف قرية أخرى باسم القرى المحظورة التي يجري محوها من الخارطة...
وفي أيلول سبتمبر 1987 كان قرار حجز الذكور بين أعمار 12 ـ 50 حسب علي كيمياوي وهنا قائمة ببعض الضربات الكيمياوية التي تمت في إطار حملات الأنفال لكي نؤكد فيها على أنَّ مسألة الكيمياوي ليست التباسا أو جريمة من طرف غير معروف ولكنّها عملية اعتادت قوات الموت الصدامية على ممارستها مع أبناء شعبنا العراقي وبالذات مع شعبنا الكردي كما توضح هذه الأرقام:
15.04.1987 قصف [هه له وتبه ركه لوكاني توسيروانجنارتهاوزيهنولجكه وكلها تابعة للسليمانية]
16.04.1987 قصف جوي وادي بيلسان شيخ وسان حيث موت كل سكانها الـ 400 نسمة [توتمهكاني به ردباليسان زيني بيراوه ئالانه دراش جبال آراس وده شيرو ساو سيوه وكلها تابعة لأربيل]
ضد مواقع الثوار في خه جه له رووك تويرتك دوبرا قه يوان شاخه سور قوله بوشين أثناء ملحمة تحرير كردستان من جند الطاغية
17.04.1987 قصف جوي قزلر سنكر ميولاكه وهي تابعة للسليمانية
18 إلى 20 ابريل 1987 أطنان من القنابل على الثوار في مرتفعات خه جه له رزوك كويرنك دوبرا مريوان ماوه ت شاخه سور قوله بوسنين جبال بيره مه كرون السليمانية
20 أبريل قصف جوي مدفعي لقرى باليسان
21 أبريل مدينة قره داغ سليمانية
أول أيار قصف جوي مدفعي زيوه دهوك
5 أيار قصف جوي مدفعي حوالي 100 مائة قنبلة نازنين كاموسه ك اسبينداره علياده وه رى سماقولي
23 أبريل ماله كان كوره شير نه ندوره + في أربيل
25 أيار قرى باليسان كاني بهرد وه رى
6 حزيران سفح جبل كيوه ره ش سليمانية
7 إلى 8 حزيران قرى باليسان سماقولي ته ره وان بني حرير
9 حزيران قرى باليسان
27 حزيران قرى زيوى
3 أيلول به رنه لو سليمانية وأربيل
25 شباط سليمانية أربيل
منتصف آذار 1988 قمة القصف
21 – 22 آذار مناطق حدودية
14 أكتوبر 88 ريزان في السليمانية شيخ بزين في كركوك
عن مجلة الحقوقي العدد الثاني 2001

إنَّ جريمة الأنفال لا تقف عند حدود القتل والتصفية والإخفاء وما يُدعى جرائم الإبادة الجماعية ولكنها فوق ذلك تضمنت لمن لم تطاولهم جريمة الإبادة أيضا جرائم ضد الإنسانية من جهة الحجز التعسفي وتحقير السكان والتمييز العنصري وما ظهر في ضوء تلك الجريمة من إرهاب وما يثيره من قلق وخوف وخلق الرقيب الداخلي وانقطاع عن العمل الجمعي لانعدام الثقة لأمور من مثل وجود الجحوش وغيرهم وهكذا فإن الاعتداء النفسي هو جزء من الجريمة التي شخصتها اتفاقية ضد التعذيب الدولية في موادها العاشرة والثالثة عشر..
ولعل الإشارة هنا تسجل ما يثيره الرعب والإرهاب من شل للقدرات العقلية بما يُفقِد الشخصية هويتها ويجعلها خاضعة تابعة لإرادة نظام الاستبداد والقمع والحقيقة هنا تكمن في مخاطر موالاة بعض النخب لما يسمونه العادل المستبد التي تجد بعض أصولها في فكر قوى متأسلمة تضليلية مثلها مثل استغلال النص الديني كما في مسمى الأنفال لحملة نقيضة لقيم الإسلام السمحاء. وهذه الموالاة التي تجد من يتبعها في أرضيةِ شخصيةِ ِ تتقبل الصيغ اللاعقلانية والغيبية ومعارضة الحركات الليبرالية كونها إفساد للمجتمع حسب التشويه والتضليل الذي عشنا بعض فصوله ونعيش فصول أخرى منها اليوم...
إنَّ هذه الحقائق الخطيرة تدعو لمواصلة الحملة الوطنية والدولية من أجل فضح الجريمة الكارثية الكبرى التي جرت واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعاقبة المسؤولين عنها بتقديمهم لمحكمة جزاء دولية يشارك العراقيون بكل أطيافهم فيها كونها اُرتُكِبت بحقهم جميعا .. فالمحكمة الدولية المطلوبة تعود لكون الجريمة تقع تحت طائلة القانون الدولي بوصف الجريمة جرت ضد شعب سجلت المواثيق الدولية وجوده وهويته الخاصة به وإنْ لم يجرِ منحه الاستقلال لأسباب تخص متغيرات الوضع الدولي...
وهي جريمة في إطار وطني محلي كونها طاولت قسما جوهريا أساسا من الشعب العراقي من جهة الضحايا وهي فوق ذلك خلقت متعلقات ونتائج إجرامية خطيرة في إطار العراق الموحّد لكل القوميات التي تعايشت في العراق ومن ذلك جرائم ضد الإنسانية وتشويه الشخصية الوطنية والتعايش بين العراقيين فضلا عن التهديد باستخدام العقوبة ذاتها ما يدعو للخضوع المتصل المستمر للتهديد ووضع العراقي في قفص الخضوع للظلم والجريمة..


الجزء الثاني: عواقب الإغفال والإهمال

هنا نتساءل عن جريمة بهذا الحجم .. ما عواقب إغفال أو إهمال التعاطي مع نتائجها؟ سواء كان سلطان الموت ما زال في الحكم أم خـَرَج مهزوما كما هو حال الوضع القائم؟ ما العواقب الناجمة عن الإهمال أو التقصير في متابعة فضح الجريمة من جهة ومتابعة العمل من أجل وضع الفصل الأخير لها؟ وهل انتهت الجريمة بزوال سلطة الفاعل الحقيقي؟
ينبغي القول بأنَّ بقاء الفاعل الحقيقي بعيدا عن المحاكمة يعني تواصل التقصير من جهتين الأولى من جهة الاقتصاص من المجرم والأخرى من جهة إعادة حقوق الضحايا الذين مازالوا ينظرون بعيون الثكالى والأرامل والأيتام والمنكوبين من أقرباء الضحايا ومن أبناء الشعبين الكردي خاصة والعراقي من كل مكوناته عامة...
أما الجرائم التي تندرج في إطار حملات الأنفال وينبغي العمل على إجراء المحاكمات المطلوبة بحقها يمكن ذكر الآتي منها:
جرائم الإبادة الجماعية الجينوسايد وقد أسلفنا ذكر بعض فصولها في الجزء الأول من هذه القراءة. وتمّت بطرق منها استخدام الكيمياوي سلاح الإبادة الكتلوية الجماعية في سابقة تحصل لأول مرة في التاريخ أنْ استخدمت حكومة هذا السلاح ضد أبناء البلاد!
جرائم التهجير القسري سواء منه الخارجي كما دفعت سلطة الطاغية الكرد إلى الهجرة إلى خارج البلاد في عدد من الحالات منها فصول معارك منتصف السبعينات, والهجرة القسرية الداخلية في جريمة التغيير الديموغرافي للمنطقة عندما أجبرت سكان القصبات والمدن والقرى في محافظات نينوى وكركوك وما سُمِّي لاحقا صلاح الدين أو تكريت وديالى وهي عمليات تعريب منطقة كردية وإبعاد سكانها بالطريقة المعروفة..
جرائم ضد الإنسانية في أمور السحق النفسي والحرب ضد الهوية القومية للكرد وتغيير هويات كثير منهم إلى العربية وهي سياسة ثابتة للنظام العروبي البعثفاشي طاولت بقية العراقيين من الكلدان والآشوريين والتركمان وغيرهم.. وهذه في الحقيقة تندرج فيما يشخصه القانون الدولي جريمة إبادة الجنس البشري ومظاهرها في الإبادة الجسدية والإبادة البيولوجية من تعقيم الرجال وإجهاض النساء وحصل هذا بالخصوص مع الكرد ومنهم البارزانيين وهناك الإبادة الثقافية من اعتداء على الثقافة القومية وعلى الهوية المخصوصة وإسقاط الجنسية عن الذين لا يشاركون في إحصاءات النظام وهي عملية محاصرة للثوار الكرد ومطاردتهم بل تغيير هويات آلاف منهم بالإكراه ..
وهكذا فقد وقعت الإبادة المادية بالقتل والاعتداء الجسماني وإعاقة التناسل.. والإبادة المعنوية كالاعتداء النفسي والإخضاع لظروف العيش المهينة والنقل لظروف معيشة مختلفة لغة وتقاليدا كما يمكن هنا الإشارة لجريمة بشعة تمثلت في بيع نسوة كرديات في سابقة الرقيق الأبيض في عصرنا بوصفها وصمة عار في جبين زمننا حتى يجري الانتهاء من المحاكمات العادلة التي تقدم شيئا من الإنصاف للضحايا إذ لن يعوض الضحايا ما سُرِق منهم...
ولابد هنا من تصنيف العواقب التي تنجم عن إهمال قراءة الجريمة والانتصاف للضحايا:

1. العواقب الأخلاقية التربوية: وما تركته الجريمة من آثار نفسية حفرت عميقا في الأنفس عند الأبناء والزوجات وعند مجموع الشعب الكردي.. وسيكون التأثير السلبي أكبر وأعمق إذا ما وجد هؤلاء قلة الاكتراث وعدم التعاطي مع حجم الكارثة الإنسانية التي حصلت بحق ذويهم والشعب الكردي عامة.
2. العواقب القانونية الدستورية: فجريمة الأنفال هي مجموعة متنوعة من الجرائم من الإبادة وضد الإنسانية وهي من ثمَّ ليست جريمة عادية بسيطة إنَّها جريمة لا تنتهي بالتقادم الزمني إذ ما زالت وتبقى آثارها من دون معالجة جدية بمستوى خطورتها وحجمها الحقيقي.. بخاصة وأبطالها من المجرمين الساديين ما زالوا يحيون وبعضهم يحظى اليوم بحماية أطراف إقليمية أو عربية معروفة.. ولكننا هنا نشير إلى أنَّ العواقب الدستورية ستكمن في أنَّ إغفال الجريمة سيعني صعود نجم التعاطي مع المركزية بوصفها التعبير القانوني عن الوحدة الوطنية ومن ثمَّ استلاب الكرد وغيرهم أيضا من حقوقهم القومية حيثما تمَّ التقليل من حجم الجريمة وجرى إغفالها أو إهمال قراءتها الصحيحة..
3. العواقب السياسية: حيث ستفضي حالة إهمال دراسة الجريمة وآثارها إلى القبول بطروحات رفض الفديرالية ومن ثمَّ رفض الحقوق القومية العادلة للكرد.. بينما لن يضمن تلك الحقوق إلا العيش في ظلال اعتراف مسؤول بحق الكرد في الوجود القومي المخصوص بهويته عبر إجراءات سياسية محددة ومنتظرة اليوم قبل الغد.. وهي هنا أي العلاجات ينبغي أنْ تصبَّ في إزالة الحساسيات في العلاقات بين الأطراف جميعا بخاصة بين أطراف سياسية عربية وأخرى كردية أي بين أقسام الشعب العراقي وقواه السياسية الوطنية الصادقة وتقديمها الصحيح عبر مواقفها المسؤولة من هذه الجريمة النكراء.. ويقع على الشخصيات العربية بالتحديد مسؤولية مضاعفة في هذا المجال لما لهذا الأمر من خصوصية التأثير...
4. العواقب الإنسانية : حيث الضحايا بلا تعويض فحتى ضحية الجريمة العادية يجري تعويضها ولكننا هنا بصدد جريمة كبرى مركبة جرت بحق مئات آلاف الضحايا وبحق شعب بأكمله فأين التعويضات التي تسد جانبا من بقايا آثار الجريمة وهي لن تردَّ القتلى إلى حيواتهم ولكنها معنويا تعيد حقوقهم وماديا للشعب المُضام ما يُنتظـَر من تعويض جدي مناسب...
5. العواقب القومية: تلك التي تقوم على جلد الذات وتأنيب الضمير القومي تجاه عملية التجاهل من الآخر والسكوت عليه من قوى القومية الكردية ما يفضي إلى قطيعة تحفر مزيدا من التطرف القومي الذي لا يصب في الروح الانفصالي على المستوى العراقي في الظرف التاريخي الحالي بل إلى الانفصال العدائي بين القوميات المتآخية على المستوى التاريخي المقبل وهو أمر سنكون مسؤولين عنه حيثما أغفلنا التعاطي مع خطورة الجريمة وحجمها..لأنَّ إشكاليات الشعور بالقصور في الرد لضحايا الجريمة أمر سيصب في تعزيز التعصب القومي في زمن نحتاج لانفراج بين القوميات وتآخِ ِ وتوحّد ... بخاصة اليوم على الصعيد الوطني العراقي حيث من المصلحة البقاء في وحدة تاريخية مشهودة للوطن العراقي حتى تحين الظروف التاريخية الملائمة لأية متغيرات أخرى..

إنَّ تلك العواقب الخطيرة ستظل شاخصة وسرعان ما تتحول إلى عقبة كأداء أو مشكلة خطيرة تجابه التطورات الوطنية والقومية في العراق والمنطقة وهي على المستوى الدولي من المشكلات المزمنة التي لا ينبغي التساهل معها ولابد من أجل التعاطي معها من تأهيل الوضع إلى أفضليات جدية مسؤولة توحِّد جميع الأطراف عبر قراءة جدية دقيقة قراءة صحيحة للتاريخ المعاصر وتسجيل وقائعه وأحداثه حتى لا يندثر ويصير من الشؤون المختلف عليها في الأجيال اللاحقة ومما يثير الانقسامات والصراعات بل لابد من مراكز بحثية تكفل الدراسة العلمية الموضوعية بخاصة في الجامعات العراقية ومنها الكردية بالخصوص فضلا عن مركز دولي بالخصوص..
ولابد لنا من القول بأنَّ من مسؤوليات السلطة الوطنية الجديدة وضع جرائم النظام المهزوم في قفص المحاكمة النزيهة التي تقتص للضحايا وليس هذا إلا بالإعلان الوطني الرسمي عن البدء بتشكيل محكمة وطنية أولاَ َ تكون منطلقا لمحكمة جزاء دولية بالخصوص. وأنْ توضع الصلاحيات وأشكال الدعم والتبني لتلك المحكمة ومسيرتها لتكون منطلقا لإنصاف الوطن وشعوبه وقومياته من جرائم العصر الكبرى التي حصلت..
وعلى البرلمان الكردي والقوى الكردية أنْ تبدأ بقرارات مخصوصة وعلى القوى السياسية المعنية التحول بفعالياتها نحو قرار وطني مركزي من السلطة الاتحادية بالبدء بهذه القراءة والمعالجة.. وإشعار الطرف المعني بالمشاركة الكفيلة بإزالة تصورات سلبية تصبح صحيحة ومحقة إذا ما وجدت الضحية مقدار شعرة من القصور والإغفال والتماهل والتلكؤ أو التأخر في التناول والمعالجة التي تستوجب الشروع الفوري بقرار من الحكومة القائمة بهذا الشأن..
وسيكون الاكتفاء بالمرور الشكلي على الجريمة من القوى الوطنية المعروفة أمر فيه كثير من الإجحاف لحجم الجريمة ولآثارها الوطنية من جهة وعلى المستوى المستقبلي للعلاقات الأخوية بين الكرد من جهة وكل القوى العراقية الأخرى من جهة أخرى.. من هنا كان على كل قوة عراقية ليس التبرؤ من الجريمة ولكن النهوض بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق تلك القوى..
وبخصوص مؤتمر اليوم لتكن شرارة القرار منطلقة من هنا في دعوة صريحة واضحة للبدء بتشكيل محمكة وطنية بالخصوص وبتشكيل مركز للدراسات والبحوث الوطنية العراقية لمعالجة الآثار والمشكلات الناجمة عن الجريمة ولتشكيل وزارة للقوميات العراقية تكون مسؤولة عن تصفية كل ما من شأنه التأثير سلبا على الوضع العراقي وعلى مستقبل القضايا والحقوق القومية المشروعة التي ترفض القسر في أي قرار على المستوى العراقي أو مستوى قومياته المتآخية اليوم في إطار السيادة العراقية والتي من حقها تحديد شكل العلاقة في كل مرحلة من المراحل اللاحقة...



#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)       Tayseer_A._Al_Alousi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحالف العراق الآن.. تحالف الديموقراطية والسلام
- سيادة القانون على الجميع وذرائعية التعامل مع أصحاب السوابق
- الوجود الأمريكي في العراق بين المصالح الوطنية وأدعياء -المقا ...
- في ذكرى جرائم الطغاة عمليات الأنفال وصفحاتها السود في جبين ا ...
- بين الأمس واليوم: صفحات مجيدة من تاريخ اتحاد الطلبة العام في ...
- مربد الحرية وعطاء الديموقراطية والسلام
- حكاية إصلاح النظام العربي و القمة العربية؟
- المرجعيات الدينية المزيفة ومخاطر وأد الديموقراطية؟
- حكاية مهرجانات الأدب والفن وسمفونية العزف النشاز؟!!
- الحزب الشيوعي العراقي: حزب حرية الوطن وسعادة الشعب
- من أجل مراكز للدراسات الديموقراطية والماركسية في العراق
- مشاريع الثقافة والمثقفين وحكاية الخلافات الشخصية ودعوة لإعلا ...
- أهمية الصوت الانتخابي والمشاركة الجماهيرية الواسعة
- من أجل وقف همجية جرائم أعداء الشعب العراقي ووحدته
- شروع بجريمة قتل -العراقي-؟!!
- المثقفون العراقيون يشجبون جرائم الوحشية واعتداءات الهمجية عل ...
- حُرمة دم العراقي على العراقي!
- الشيعي والسني المصير الواحد لدم الأخوّة العراقي
- الانتصاف للمواطن والوطن أم البحث عن حصص الطوائف والأعراق من ...
- مسؤولية التيارات السياسية ودورها الراهني؟


المزيد.....




- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - تيسير عبدالجبار الآلوسي - عواقب إهمال جريمة الأنفال