|
الانتخابات وتسوية الصراع اللبناني الإسرائيلي
سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2672 - 2009 / 6 / 9 - 05:24
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
((مابين السطور))
بكل المقاييس ،فان الانتخابات اللبنانية مع هذا التنوع السياسي والمذهبي، يعتبر عرسا وطنيا تكون فيه الكلمة الفصل في تسوية كل الخلافات السياسية للشعب وحده، انه انتصار لإرادة الشعب على كل مادونه من فئوية حزبية ومذهبية تدعي أنها دون غيرها الأمينة على مصلحة الوطن، وأنها الحق وغيرها الباطل تحت العديد من المسميات، والحقيقة التي لابد من الإشارة إليها بتجرد، هي قبول كل الفرقاء وأحلافهم مابين الرابع عشر والثامن من آذار وجميعهم أبناء لبنان وأبناء آذار إذا ما تجاوزنا بعض المحطات السوداء في الصراعات السوداء الدامية التي كادت أن تجر لبنان إلى المصير الصومالي، وتكريس نموذج الانقسام الدامي الفلسطيني،واستمرارية جرائم الانتقام المذهبي في العراق بموازاة مقاومة الغزاة، وحكم قوة شرعية العصابة ومصير شرعية الاستقواء حيث تكمن مصلحة الأعداء وفي مقدمتهم الكيان الإسرائيلي،رغم آلام مابين الاغتيال والصدام ومابين الاحتكام إلى الشرعية الديمقراطية الوطنية، استطاع الفرقاء أن يتوافقوا على عملية نزال سياسية حميدة، يطرح كل منهم أجنداته السياسية وفق المتغيرات اللبنانية والعربية والإقليمية والدولية، من حيث سبل انصهار وذوبان الكل الطائفي اللبناني الفريد في بوتقته الوطنية اللبنانية حيث شعار شجرة الأرز الرمزية الثابتة ومادونها من شعارات ورايات حزبية هي زائلة بزوال أسبابها، ومن حيث الأهم وهو السلم الأهلي اللبناني، ومن حيث الإنقاذ للاقتصاد اللبناني في ظل أزمته المحلية والأزمة العالمية الحديثة، ومن حيث سيادته على كامل ترابه الوطني، حيث التوافق بين لبنان وسوريا على الاحترام المتبادل بين دولتي السيادة في بيروت ودمشق وإقامة علاقات جوار كاملة وسلمية سليمة، وصولا إلى كيفية إدارة الصراع مع الكيان الإسرائيلي لاستعادة الأرض العربية اللبنانية بالكامل سواء بالمقاومة أو بالمفاوضات على قاعدة طالما آمن بها وقلت فيها منذ سنين مقولتي الثابتة" سياسة دون مقاومة تعني صفر، ومقاومة دون سياسة تعني صفر وأدنى".
ولكل أطياف الشعب اللبناني الشقيق نبارك لهم توافقهم وعرسهم الوطني اللبناني، والخروج من مستنقع قعقعة السلاح معلوم ومجهول الهوية، إلى سطح التوافق التنافسي الحميد حيث سلطة الشعب فوق سلطات الحزب والأدلجة المذهبية الضيقة، وصولا إلى قمة القبول بطيب خاطر أو على مضض حميد بنتائج الانتخابات الحرة الوطنية، وما تفرزه من أغلبية وأقلية برلمانية، ففي المحصلة هي أكثرية لبنانية وأقلية لبنانية ، يفترض بها وفق دستور السلم الوطني أن تكون تكاملية ومشاركة سياسية في صنع القرار المصيري للبنان حر لبنان السيادة لبنان التحرر لبنان التعايش.
والعالم اليوم يرقب ذلك العرس الديمقراطي، حيث تغليب السلم الوطني على الهمجية بكل مسمياتها، فان إفراز تلك الانتخابات سيكون لها عدة سيناريوهات، أهمها أكثرية 14 آذار بنسب ضئيلة أمام أقلية 8 آذار بنسب ضئيلة، وفي المقابل أكثرية 8ىذار بنسبة اقل ضئالة وأقلية 14 آذار بنسبة أكثر ضئالة، بمعنى أن قراءتنا للتعبئة وللحشد وللأجندات اللبنانية ولتحفز الشعب اللبناني، فلن يكون الفارق ساحقا بل متقاربا ولكن النتيجة المفترضة، أن يكون هناك أقلية وأغلبية برلمانية، والاهم من ذلك أن تمتثل الأقلية وفق المصلحة الوطنية العليا لقرار الأغلبية وفق المصلحة الوطنية العليا كذلك، فلو فاز فريق الرابع عشر من آذار حيث أجندته الاقتصادية والسياسية فله آلياته في تطبيقها رغم معارضة فريق الأقلية لبعض مسارات تلك الآليات، لكننا حتما أو على الأقل حسب اعتقادي وفق هذه الانتخابات والتي ربما تتجاوز نسبة ال85% لن يكون هناك ثلث معطل أو معارضة معطلة، وهنا أعرب كمواطن عربي يهمه مصلحة لبنان الشقيق عن قلقي وامتعاضي من تصريح رئيس حزب المردة/ سليمان فرنجية في لقاءه منذ أيام مع قناة العالم الفضائية"الإيرانية"، حيث طرحت عليه من تدير الحوار بأنه في حال فوز فريق الرابع من آذار بالأغلبية البرلمانية، ولان مصطلح الثلث المعطل جاء وفق استثناء"اتفاق الدوحة" والخروج من الأزمة والتصادم الدموي، فلن يكون هناك لاثلث ولاربع معطل، فرد عليها بوضوح السيد/ فرنجية وهو حليف قوي مع حزب الله ورقما مهما في فريق الثامن من آذار قائلا: حتى لو فازوا بالأغلبية المطلقة سنبقى المعارضة المعطلة بالمشاركة، أعادت المحاورة عليه السؤال باندهاش، حينها ربما لايريدون مشاركتكم ومعنى حديثك انك تسقط"اتفاق الدوحة"، قال يسقط حوار الدوحة فسنعمد إلى "اتفاق دوحة جديد" وهذا لايبشر بخير وتصريح رغم انه يصدر باستفزاز لايريد صاحبه تخيل نتيجة قد تسقط على أكثر تقدير الأغلبية لفريق الثامن من آذار، وتسقط بتوقع حواري الأقلية أو الثلث المعطل، وقال لن يخرج حكم لبنان عن هذه المعادلة الحاكمة والمعطلة.
على كل حال فيما لو فاز فريق 14 آذار أو فريق الثامن من آذار بالأغلبية، وفي حال مباركة المجتمع الدولي والعربي والإقليمي بغض النظر عن قبولهم أو رفضهم لهذه النتيجة، على اعتبار أنها خيار الشعب والإفراز الديمقراطي الحر، والحيلولة دون محاولة بعض القوى الداخلية بوجه مجهول أو معلوم لقلب الطاولة الإفرازية الديمقراطية بصدام مهمته إعادة الأوضاع إلى منزلقاتها الدامية ولا نتمنى للبنان الكرامة لبنان المقاومة هذا المصير، ففي حالة القبول الطوعي بإفرازات الانتخابات كما هي، فان اسخن الملفات ستكون في إطار التسويات الثنائية في الصراع العربي الإسرائيلي وصولا إلى سلام شامل وعادل في منطقة الشرق الأوسط عامة والمنطقة العربية خاصة ومناطق التماس مع الكيان الإسرائيلي خاصة، حيث تم تسوية ملفين أو قضيتي صراع أو جبهتين من خمسة جبهات، هما الجبهة المصرية والأردنية وبقيت الجبهات الثلاث المركزية الأخرى"السورية اللبنانية الفلسطينية" حيث أن دمشق دخلت مربع الحوار الأوروبي الأمريكي المباشر والمربع السوري الإسرائيلي الغير مباشر لاستعادة هضبة الجولان المحتل على غرار سيناء ووادي عربة، فملف التسوية اللبناني الإسرائيلي سيبرز بقوة إلى السطح، وفي ظل إستراتيجية الدفاع"المقاومة" والتسوية"المفاوضات"، سيتم تحريك قضيتي إعادة الأراضي اللبنانية" شبعا وقرية الغجر" وفق مفاوضات غير مباشرة ومن ثم مباشرة مارثونية في سباق مع الزمن السياسي وفق المتغيرات على الساحة الأوروبية والأمريكية والعربية على اقل تقدير، وسيكون السيناريو المخرج الأقرب إلى التطبيق هو الانسحاب الإسرائيلي من شبعا وتسليمها مرحليا إلى" الأمم المتحدة" ولن أخوض هنا في جدلية تبعيتها للقرار"242"، وإما مسار المقاومة اللبنانية فلن يكون لها معنى بمفهوم المبادرة بشن هجوم لتحرير الأرض اللبنانية من الاحتلال، وإنما ستكون فاعليتها فيما لو حدث عدوان إسرائيلي جديد على لبنان خاصة بعد الهدنة والقرار"1701"وقوات اليونفيل وضبط الوضع وفق الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، ولعل العدوان على غزة كان اكبر اختبار لفاعلية ذلك القرار الدولي الذي احكم قبضته على مسار وخارطة ثنائية الصراع وفصل القضايا، حيث الإبادة النازية للشعب الفلسطيني في غزة، وحياد المقاومة اللبنانية بمفهوم شمولية جبهات المقاومة ولا اقصد الدعم وتسمية الجهات الكثيرة التي تدعم المقاومة الفلسطينية، إنما قصدت النجاح في اختبار فصل المسارات من شموليتها إلى ثنائيتها حتى على مستوى جبهات المقاومة.
ويبقى الحديث في إطار الوضع اللبناني، حيث التوافق على إستراتيجية دفاع وليس تحرير، بمعنى أن فاعلية المقاومة ستكون محصورة في إطار الرد على أي عدوان إسرائيلي، وهذه الإستراتيجية أصبحت بالوفاق والمشاركة ليس حكرا على فريق 8آذار بل واعتبار الجيش اللبناني قطبا في هذه الإستراتيجية، أي أن زمام المبادرة في يد الكيان الإسرائيلي الذي مازال يحتل الأرض اللبنانية ويدعي انه يمد يده للسلام مع لبنان على اعتبار أن شبعا احتلتها القوات الإسرائيلية من القوات السورية العربية، المهم حسب اعتقادي وعلى غير مايعتقده البعض وفق الشعارات العاطفية مابين ممانعة واعتدال أو مولاة ومعارضة، فان عرابي التسوية يترقبون إفراز انتخابات بفوارق بسيطة، ليس من اجل السلم الأهلي اللبناني بالدرجة الأولى، وإنما من اجل تنفيذ خارطة تسوية على المسار الثنائي ينتج عنه اتفاقية أمنية لبنانية إسرائيلي يرشح عنها استعداد لانسحاب إسرائيلي وترسيم كامل للحدود اللبنانية مع الاحتلال الإسرائيلي يتم تدشينه باتفاقية سياسية أمنية لبنانية إسرائيلية دولية، وتنفيذ القرار"1559" الخاص بسلاح المقاومة بشكل ديمقراطي، يجعل من سلاح سلطة الدولة هو السلاح الشرعي والوحيد، و تحت سقف المبادرة العربية التي حازت على إجماع عربي وإسلامي في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي،ومتغيرات تم الإعلان عنها وينتظر مصداقيتها وفق أجندة الرئيس الأمريكي الجديد"اوباما"، و مع تنشيط وتفعيل عملية المفاوضات المكثفة على المسارين السوري والفلسطيني، انسجاما مع التوافق العربي الأوروبي الأمريكي على اقل تقدير، ولست ممن يعتقدون بعدوان إسرائيلي أو تفعيل المحكمة الدولية ضد حزب الله حسب تسريبات صحيفة"ميتشجل" الهادفة، لأنه ببساطة لا نتوقع فوز فريق الثامن من آذار بأغلبية فارقة، ولن يتم اندحاره بأقلية فارقة، وفي حال حدوث مفاجآت خارجة عن كل الحسابات المستندة إلى واقع المعطيات، فان العرس اللبناني سيحال إلى عزاء وطني، تدرك جميع الأطراف وفي مقدمتها جماعة الثامن من آذار، بان ذلك سيكون مطية لسيناريوهات خطيرة لن تكون سوى في صالح أعداء لبنان حتى لو اعتقد الفرقاء أنهم ليسوا أعداء، وفي المحصلة ونحن شعب فلسطيني في ارض الرباط يعاني مرارة العدوان والانقسام، والشتات اللبناني نرنو للعودة والأمان، نتمنى من كل قلوبنا للبنان البلد العربي الشقيق أن يجنبه الله شر الفتنة والصدام، ويوفق فرقاءه لما فيه خير الشعب اللبناني كله بعيدا عن روح العصابة والعصبيات المدمرة.
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تصريح -ليبرمان- خبيث وخطير
-
الرئيس الأمريكي يزعج الكيان الإسرائيلي
-
آفة المخططات الإنفصالية العربية,,, داء ودواء
-
إيران والعد التنازلي لتصفية الحسابات
-
مؤتمر-فتح- السادس على غرار مؤتمر- المرأة- الخامس؟!
-
نعم لحكومة الرئيس المؤقتة,, ونعم لوفاق ينتج حكومة
-
وطن واحد لا وطنين ,,, شعب واحد لا شعبين
-
طبول الحرب تقرع بقوة فلتستعد إيران ؟؟؟
-
الحكومة المفترضة ولعبة شد الحبال
-
مهزلة عربية ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين
-
غزة ارض مدمرة وإنسان محبط
-
هل تحتفظ إيران لنفسها بحق العجز؟!
-
تجارب سرية لأسلحة بيولوجية,,لاجنون بقر ولاهوس خنازير
-
فرقاء فلسطين وأنصار العرب
-
ثورة اوباما ومواجهة التحديات
-
-نتن ياهو- والعودة لنقطة الصفر
-
كلمة للسيد/ -جون جينج- مدير عمليات وكالة الغوث
-
الحوار الفلسطيني والحسم المصري
-
مثالية اوباما وجدار الإستراتيجية
-
الدائرة الخطرة,,,, جريمة اغتيال القائد اللواء/ د.كمال مدحت
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|