|
أوباما: المسلم أم اليهودي؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2671 - 2009 / 6 / 8 - 08:41
المحور:
سيرة ذاتية
في غضون يومين اثنين، فقط، لعب الرئيس الأمريكي باراك أوباما دورين متباينين، وعلى محورين مختلفين. فمن سمع الرئيس يخطب بتلك المسحة الإيمانية الخالصة، ذات الخلفية الإسلامية الواضحة التي استشهد بها بآيات من القرآن الكريم، وبعد أن كان قد حيا الجماهير المحتشدة في المدرج الفخم الذي خصص لتلك المناسبة النادرة في جامعة القاهرة، وبدأها بتحية الإسلام، "السلام عليكم"، والتي أثارت عاصفة مدوية وقوية منش التصفيق نظراً لملامستها عمق المخزون والوجدان الشعبي لشعوب هذه المنطقة التي رهنت وجودها وحياتها ومستقبلها، وكل أنشطتها الحياتية الأخرى، بالفكر الديني. ولقد كانت تلك من المرات القليلة والنادرة التي يفتتح بها رئيس أمريكي خطاباً له بعبارة من هذا القبيل، ناهيك عن كونها المرة الأولى التي يتوجه بها بخطاب خششاص للمسلمين عبر العالم نابشاً من جعبة التراث والتاريخ ما يمكن أن يأخذ خطابه بالمجريات والمسارات التي يريد، وكان له ما أراد، ونال الشعبية المطلوب، وقفز في اليوم التالي إلى قائمة أهم مئة شخصية في العالم الأكثر نفوذا في العالم، وهذا مكسب جديد، واستثنائي، أيضاً، بحد ذاته، لأي رئيس أمريكي.
لقد كانت إيماءاته وتلميحاته الدينية الإسلامية تثير عاصفة من التصفيق في كل مرة ينطق بها، ما يعزز الانطباع الراسخ والمعروف عن التوجه الديني، حتى بالنشسبة للنخب المصرية، التي حضرت المناسبة على مدرجات تلك الجامعة المصرية العريقة. وقد بدا الرئيس في حينها واثقاً من كل كلمة يقولها، مردفاً إياها بآية، أو بحديث، أو بقصة من التاريخ الإسلامي، وقد كان لتركيزه على اسم أبيه حسين، وقعاً خاصاً، لاسيما، ورمزباً، لاسيما وأن مقام الإمام حسين، نفسه، الذي له مكانة خاصة في نفوس جميع المسلمين كونه حفيداً للنبي، ليس ببعيد كثيراً عن مكان المجتمعين. كما نال الرضا عندما بداً منافحاً للإسرائيليين، وتحدث بكل ثقة عن حل الدولتين، ووقف المستوطنات، وسعيه الحثيث في هذا الاتجاه، الذي يلقى رضاً في الشارع الإسلامي. وقد كان لتجواله في أحد مساجد القرون الوسطى المصرية، أثراً طيباً، جنباً إلى جنب مع الحجاب الرمزي الذي ارتدته وزيرة الخارجية الأمريكية، الذي ينم عن احترام خاص للتقاليد الإسلامية، بالتزامن مع وقوف الرئيس العلني ضد علمانية فرنسا المفرطة في منعها ارتداء الحجاب، والتي عبر عنها بشكل ضمني خلال خطابه ذائع الصيت. وبدا حماسياً ومندفعاً وفخوراً بنفسه وهو يتحدث عن جذوره الإسلامية أمام المسلمين الفرحين بلقاء أول رئيس أمريكي من أصل إسلامي. لقد كان أوباما يتكلم بلسان عربي وإسلامي، ويتودد لغرائز الجماهير التي يطربها هذا الخطاب، ويلهب حماسها الكبير. ومن أسرار وخفايا هذا الخطاب الذي استمر لسبع وأربعين دقيقة، أن خبراء عرب ومسلمين ويهود كبار، وأخصائيين في الشؤون الإسلامية واليهودية، هم من صاغوا كلمات وعبارات خطاب أوباما التاريخي.
وما إن طار الرئيس أوباما إلى ألمانيا لزيارة معسكر الاعتقال النازي في بوشينوولد، حتى بدا شخصاً آخراً، ويهودياً أكثر من التوراتيين، وتبدلت، نوعا ما، نبرة الخطاب، وشن لذلك، هجوماً لاذعاً على ناكري المحرقة واصفاً إياهم بالجهلة والحاقدين، وأضاف قوله بأن هذا المعسكر هو " تنديد مطلق"، لكل أولئك الذين شككوا بعمليات القتل، في تلميح لا يقبل التأويل ضد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي كان قد أنكر المحرقة، وواصفاً الهولوكوست بـ" الخديعة الكبرى"، يوم الثلاثاء، إبان حديثه أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية في إيران. ولم ينس أوباما وضع وردة بيضاء على النصب الرمادي في المعسكر السابق في ألمانيا الشرقية حيث قتل 56 ألفاً من الناس على أيدي النازيين. كما عرّج في زيارة خاصة على نزيل يهودي سابق في معسكر بوشنوولد، كان أبوه قد قضى جوعاً في نفس المعسكر المذكر، وجاب أوباما، في مسحة عاطفية مؤثرة، على أفران الغاز وأبراج المراقبة في المعسكر المذكور. لقد كان الرئيس أوباما، في جميع، تصرفاته وأقواله، أثناء زيارته لألمانيا يحاول أن يزيل أية مخاوف، أو هواجس حيال التزاماته التاريخية المعروفة، بالنسبة لأي رئيس أمريكي، فيما يتعلق بأمن وبقاء إسرائيل، ويمحو أية رواسب "غير لازمة"، قد تكون برزت بعد خطابه المشحون بالعاطفة الدينية إلى عموم الشارع الإسلامي إلى درجة حملت البعض على القول بأنه أصبح إمام مسجد، ويلقي خطبة للجمعة لكثرة التلميحات الدينية التي وردت فيها.
ولا زال كثيرون يذكرون كيف كان الرئيس أوباما، وفي تقليد أصبح شبه روتيني بالنسبة لأي مرشح لمنصب الرئيس الأمريكي، قد وقف سابقاً، أمام حائط المبكى، بذاك الخشوع اليهودي المعروف، في المحاولة الأبدية لكسب ود وتأييد، وحظوة اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة. إذ أن زيارة الولاية الأمريكية "الواحدة والخمسين"، (إسرائيل)، هي من ضمن فعاليات الحملة الانتخابية للمرشحين للرئاسة الأمريكية. ويمكن القول بأن زيارته المباشرة لألمانيا قد خففت من درجة الآثار الطيبة، ولدى البعض، لما كان قد رسخ في النفوس والعقول عن زيارته التاريخية، وخطابه غير المسبوق، في القاهرة.
لقد أتقن الرئيس باراك أوباما شخصية الإسلامي، وخاطب المسلمين من خلال تراثهم، وتاريخهم ووجدانهم العميق، وبنفس القدر الذي تودد فيه لليهود وكسب احترامهم، كما "أمن"، غضبهم في نفس الوقت. وبالرغم من أنه تكلم بشكل موجز ومكثف عن الأقباط والأقليات المسيحية، لكنه لم يفه حقه المطلوب، وبات لزاماً عليه، أن يميط اللثام عن وجهه الآخر المسيحي، الذي يبدو أننا لم نعرف عنه الشيء الكثير، وهذا، بالطبع، إذا كان هناك ثمة، أو أية "فائدة سياسية"، ترجى من ذاك الكشف الدفين.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل دخل أوباما دائرة الخطر؟
-
يا بلاش، مقال ب 2000 دولار
-
المعارضة السورية: والدرس الكبير
-
الصحوة المسيحية 1-2
-
هل تفلت المعارضة السورية من المحكمة الدولية؟
-
هل تكون أفغانستان مقبرة الأمريكان؟
-
كيلو: أخطأ ام أصاب؟
-
شكراً لمحكمة الحريري؟
-
طرائف من العالم: لغز السروال الزهري!!!
-
هل هناك أمل بإعادة تأهيل الأصولي؟
-
إيروتيك تشاينا
-
مذبحة التاميل: لا نفط عندك تهديها ولا مال
-
لماذا تشوش سوريا على فضائيات المعارضين؟
-
الصحوة الكويتية: لا للإسلاميين ونعم للمرأة
-
ثورة البراقع اللامرئية
-
-أماه: أني أرى الأنشوطة تقترب من عنقي-: القصة الكاملة لإعدام
...
-
إفلاس المعارضة السورية
-
الحرب على الفئران والخنازير
-
من قتل الحريري إذن؟
-
انهيار النظام القضائي العربي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|