أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ممدوح المهيني - عقل أدونيس المتبصر يشرق في محاضراته بالإسكندرية














المزيد.....


عقل أدونيس المتبصر يشرق في محاضراته بالإسكندرية


ممدوح المهيني

الحوار المتمدن-العدد: 2671 - 2009 / 6 / 8 - 07:49
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يقارب القضايا الإشكالية بطرق لافتة وجديدة

قراءة - ممدوح المهيني

أنه كتاب مضيء جدا ومتبصر ومؤثر. هذا هو الوصف الملائم الذي يمكن أن نطلقه على هذا الكتاب للشاعر والمفكر السوري الشهير أدونيس، وهو وصف من السهولة البالغة إثباته، فعلى مدار صفحات هذا الكتاب الصغير الذي هو عبارة عن محاضرات ألقاها في مكتبة الإسكندرية, إضافة إلى عدد من الحوارات في آخر الكتاب، ينتقل بنا أدونيس إلى مناطق عديدة وفي كل مرة لا يفقده براعته وتحليلاته المختصرة العميقة.

كتاب " محاضرات الأسكندرية" الصادر للتو عن دار التكوين يتناول العديد من القضايا التي اشتهر بها أدونيس مثل قضية التطرف والأصولية الانغلاق ومواكبة التحديث بالإضافة إلى حزمة أخرى من المواضيع والقضايا المثيرة مثل حديث أدونيس مؤخرا عن نهاية الثقافة العربية الأمر الذي أثار جدلاً في أوساطها الثقافية.

يمكن القول: إن مثل هذه القضايا تعكس وجوه مختلفة لجوهر الانسداد الكبير الذي يواجهه العرب والمسلمين مع الحداثة، وقد تعرضت مثل القضية الكبرى للنقاش مراراً وهو نقاش يظل حيوي على الدوام لأن هذه الأزمة مازالت عالقة ولم يتم تجاوزها. هذا ما يفعله أدونيس أيضا في هذا الكتاب ولكن الأمر المميز في هذا العقل المتبصر الذي عرف به أدونيس أنه قادر في كل مرة على مقاربة مثل هذه القضايا بطريقة مختلفة مطبوعة بشخصيته مستخدما عبقريته الفكرية إضافة إلى حسه الشعري النافذ في مزيج مذهل من التحليلات والتفسيرات واقتراح الحلول الأمر الذي جعل الكتاب الذي يحفل بالكثير من اللحظات المشرقة.

يبدأ الكتاب بسؤال يطرحه أدونيس على نفسه في محاضرته الأولى وهو كيف كيف كان سيكتب سلسلة كتبه الشهيرة "الثابت والمتحول" الآن أي بعد 40 سنة منذ صدورها. مثل السؤال هو أشبه بإعادة صياغة لرؤية أدونيس في الثابت والمتحول بعد العديد من التغيرات التي حدثت في العالم العربي التي لا تخل بالتأكيد بأساس فلسفة أدونيس ولكنها تعمقها أكثر. أي أن أدونيس في هذا الكتاب يبدو متأكداً أكثر من صحة مقولاته التي تحققت خلال العقود الأربعة التي أعقبت صدور الكتاب.

يجيب أدونيس على هذا السؤال بأنه سيربط القضايا التراثية للعرب بقضاياهم الراهنة مشددا على فكرة تسمح للإنسان المسلم بالتفكير بعيدا" عن الحصار الشامل الذي يضرب باسم الدين ..خصوصا من الذين لا يسيرون وراء المهيمنين على هذه الرؤية ".

يتحدث أودنيس في مواقع مختلفة من الكتاب عن الوضع الذي أصبح أشبه بالسجن الذي تواجه حرية التفكير لدى المسلمين بشكل بات يجعل الأمل بالخروج منه شبه مستحيل. مثل هذا السجن الذي يفرض قراءة واحد سائدة للإسلام تفرض بالقوة والخوف من التكفير الذي يصفه " بأنه أشد شناعة من القتل المادي بذاته. فهو لا يسلب الإنسان حريته وحدها وإنما يسلبه كذلك إنسانيته. المكفرون يدمرون باسم الدين ما أعطاه الخالق للإنسان لكي يميزه عن سائر مخلوقاته: الإنسية والعقل والحرية".

ويتطرق أدونيس إلى إشكالية الإحساس بالزمن لدى المسلمين التي تجعلهم يشعرون أنه يعيشون في المطلق حيث لا تصبح هناك أهمية لتحديث الأفكار وإنما يظل كل شيء منعزل عن حركة الزمن. يشرح أدونيس بطريقته المميزة هذه المسألة التي تعد من أكبر الإشكاليات التي تواجه المسلمين في هذا الوقت الذي يعانون من فيه تراجع حضاري كبير، يقول أدونيس :" المسلم لا يرى سهمه المنطلق الذي لا يتوقف ولا يتراجع. من شدة وجوده في البدء. يرد كل شيء إليها. التاريخ نفسه , لكي يكون تاريخاً، لا بد أن يكون، تبعاً لهذه النظرة، عودة إلى البدء ".

وفي المحاضرة الثانية التي جاءت بعنوان " ديوان الشعر العربي" يقوم بمحاولة أدونيس التعرف على جوهر الإبداع الذي يظل متوهجاً كاللهب الذي لا يخمد على الرغم من مرور القرون الطويلة، وتغير الأنماط المختلفة من الإبداع الفني. ويتذكر أدونيس أسئلته لنفسه تشكك بذائقته الفنية المعجبة بشعر المعري والمتنبي وأبو نواس في ذورة طغيان الشعر الحديث. "يقول: هل أنا إذا شخص قديم ؟!" ولكنه يتجاوز هذا الشك سريعاً بعد أن فهم الجوهر الحقيقي للإبداع العابر للتاريخ. في العبارات القادمة يلمس أدونيس جوهر العملية الفني الإبداعي " الذي يخرج من حدوده التاريخية، ويفيض أمام التاريخ. ماضيه هو في مستقبله. هويته تتحرك أمامه. هوية منفتحة على ما لا ينتهي. هوية مرتبطة باللامنتهي".

وفي المحاضرة الثالثة التي جاءت بعنوان " الشعر والفكر " يتطرق أدونيس للمسيرة المختلفة لكل من الشعر والفكر الديني الذي ازداد انغلاقا مع مرور الوقت على عكس الشعر الذي زاد حيوية الأمر الذي يعود في جزء منه إلى تعامل الرؤية الدينية مع المجاز الذي يعتبر ينبوع المخيلة الذي رفضته، في الوقت الذي استخدمه الشعر ليصبح أكثر قرباً وإحساسا ً بالعالم.

وفي المحاضرة الرابعة يتناول أدونيس رؤيته المنفتحة للهوية التي تظل دائماً في حالة تشكل وتغير على عكس المفهوم التقليدي للهوية الذي يرى فيها مسألة ناجزة الأمر الذي يجعلها تنعزل على نفسها ولا تستفيد من كل التنوع والعناصر الجديدة التي تساهم في إثرائها، فالهوية بحسب المفهوم الأدونيسي:" ليست مسألة جاهزة مسبقاً. إنها صيرورة أكثر من كونها كينونة. وبهذا المعنى ابتكار متواصل، والانسان يبتكر هويته فيما يبتكر فكره وعمله وفالهوية إذن مفتوحة كأنها تجيء باستمرار من المستقبل".

بالرغم من صغر حجم الكتاب إلا أنه مكتظ بالتحليلات والتفسيرات الجديدة والمختلفة للعديد من القضايا الإشكالية التي يقاربها من زاويا مختلفة وغير متوقعة، كلها صحيحة وتعجب كيف لم تلاحظ ذلك في وقت سابق. إن ذلك ليس فقط بحاجة إلى ذكاء وعمق ثقافي ولكنه أيضاً بحاجة إلى بصيرة مشعة مثل تلك البصيرة التي لدى هذا الشاعر والمفكر الساحر.
2009-06-07



#ممدوح_المهيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب ...
- منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي ...
- إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي ...
- ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد ...
- إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
- شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
- السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل ...
- الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين ...
- الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
- -حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ممدوح المهيني - عقل أدونيس المتبصر يشرق في محاضراته بالإسكندرية