أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات المحسن - بعض من الشأن العراقي















المزيد.....


بعض من الشأن العراقي


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 162 - 2002 / 6 / 16 - 07:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 مع التصعيد الإعلامي المستمر الذي توجهه الإدارة الأمريكية بعناية فائقة للتمهيد لما يسمى خطة إطاحة حكم الدكتاتور صدام حسين .تتفاعل الهواجس عند العراقيين بجميع مللهم ونحلهم بشكل ساخن .وتأخذ التحليلات والتوصيفات و الاصطفافات مديات من السعة ،لا يمكن لملمتها والتوقف عند كم محدد منها بسهولة ويقينية.

ولكن الظاهر للعيان والنتائج البائنة تؤشر على أن ضغط الأحداث في الشرق الأوسط وتفاعلات جريمة 11 سبتمبر وقبلها ما أفرزته حربي الخليج الأولى والثانية. مع سعة الكارثة وهولها التي يمر بها العراق تحت سطوة الدكتاتورية الصدامية.عرت واقع بائس ومؤلم يميز خطاب الفعاليات المعارضة العراقية . وأظهر أن الكثير منها يفتقد القدرة والإرادة والوعي المعرفي لاستيعاب متغيرات ومستجدات الواقع . للتغلب على الصعوبات والوقوف في وجه التحديات الراهنة وتطوير الفعل السياسي من إشكالية الهذيان الى فعل حقيقي، لإيجاد مشروع وطني عراقي يوصف الكارثة ويبني مرجعية ذات تأثير ملموس في الشارع العراقي. بشقيه الداخل والخارج .ويقدم للهيئات والمؤسسات الدولية خطاب مركزي متزن منسق .يرتكن لتعرية الدكتاتورية وعرض عمق مأساة العراق .ويستنجد بالرأي العام العالمي للاصطفاف والتحشد لعزل الدكتاتورية وتقديم المساعدات النزيهة للخلاص منها.

من هذا وغيره الكثير فقد نجحت الإدارة الأمريكية في شطر المستحقات واختزالها  لفرعين أو بالتحديد الى واجهتين لا خيار ثالث بينهما . إ ما بقاء دكتاتورية صدام حسين أو ارتداء المعطف الأمريكي مهما كانت مقاساته أو ألوانه.

وبدورها وخيارها وبتعابير إرجائيه اتكاليه لا تملك الكثير من الحظوظ  للإقناع .أنساق أكثر من طرف في العمل السياسي المعارض نحو غاية الإدارة الأمريكية. وبدا يتماثل للقبول بالتقسيم و الخيار القسري ذاك . وساهم عجز تلك الفعاليات وارتباكها وتخبطها .في تغليب وتسيد ذاك الاتجاه. ومع سعة الكارثة التي يمر بها الوطن والخيبات الكثيرة التي واجهها العراقيين عبر مراحل طويلة. كان ولا زال من أقساها دكتاتورية صدام وزمرته.وتحت ضغط ذلك النهج المضلل  والمخادع  فقد أنجر الكثيرين في الشارع الشعبي العراقي وبرضاً تام نحو ذاك التقسيم والاختزال المجحف الذي أرادته الإدارة الأمريكية. وغذته أيضا الآلة الدعائية للدكتاتور صدام حسين. ولغايات معروفة تضرب على وتر الوطنية العراقية .وبحجج ودواع حق يراد بها باطل .

ويظهر القبول بذلك التقسيم  عند جمهرة واسعة في شكل تمنيات لمستقبل ربما يحمل شيء من الاطمئنان والسلام للعراق .أو على أقل تقدير أهون الشريين اتجاه مصيبة وجود دكتاتورية صدام بكل هول جرائمها وتعدياتها.وتلك القناعات بات يروج لها البعض. متخلين عن المحاججات العقلية أو أي تحفظات أو تساؤلات عن الحدود غير المقيدة والتعابير الملتبسة والتمويه والغايات المنشودة لخطة الإدارة الأمريكية. وتأثيراتها المستقبلية ليس فقط على العراق. وإنما على مجمل الإقليم.متخذين شعار (اليشوف الموت يرضه بالصخونه ) كيافطة ترفع في وجه من لا يحمل مشروع جاهز وفوري للتغيير في العراق !!!.بالرغم أنهم وبالذات لا يكلفون أنفسهم السؤال عن مدى معرفتهم ولو بجزئيات أو مفردات بسيطة من الخطة الأمريكية .أو التساؤل عن وجود الكثير من الخيارات والمعالجات التي ممكن للإدارة الأمريكية ومن خلالها معالجة الأمر و إطاحة صدام حسين دون سفك دماء الشعب العراقي الذي سالت منه أنهر  لحد هذا اليوم بسبب لا يمكن إنكار مسؤولية الولايات المتحدة المباشرة عنه وعن ديمومته.وأيضا لا يريدون الذهاب أبعد من أرنبة الأنف والبحث عن مغزى صناعة الجريمة والمجرمين وتضخيم أدوارهم والسماح بتجاوزاتهم وتعدياتهم وجرائمهم .وفي نهاية المطاف توجه لهم التهم ويدانون كأولاد عاقين. وينبذون كقتلة.وتهدر آلاف الأرواح من البشر بجريرة جرائمهم ….؟؟؟ .

ومع تجريد العقل من ملكاته  تحصر المسألة وتختزل  برمتها في  ضرورة الهرولة وراء الأمريكان دون تساؤلات وشروط .ومن يثير التساؤل فهو مع بقاء دكتاتورية صدام ويقف بالضد من التغيير في العراق .

وعلى نفس النهج يترك الآمر على الغارب  لاختصار الكثير من مفردات و إشكاليات الشارع السياسي العراقي. وتختزل الكثير من المعارف الى تمنيات. تبدوا رغم تأويلها بحسن نية أو بدونها. تحمل الكثير من التعديات على الواقع .وتقدم فاتورات مجانية . لكنها دون رصيد من الواقعية. أو تبدوا في نهاية الأمر محاولة للوصول الى ذات الغاية من التقسيم الذي تبتغيه الإدارة الأمريكية .والذي يرتكز على حتمية التوقف عند خياري  صدام أم الأمريكان.

 

واحدة من تلك الإشكاليات المثارة عند البعض ممن أصيبوا بالذعر أو شوشت الكارثة التي يرزح تحتها العراق وأربكت بوصلتهم .يتسائلون وبجدية لا تخلوا من الإلحاح اليومي عن .

ـ ماذا سيفعل الشيوعيون العراقيون إذا ما تم إنجاز (تحرير العراق )على الإدارة الأمريكية .دون مساهمتهم  في ذلك الإنجاز الأمريكي (العراقي) المشترك ؟؟؟.

_ لم لا يغير الشيوعيون حزبهم الى حزب لبراليي. بعد أن لم يعد هناك ضرورة للشيوعية ؟ .لأن الإدارة الأمريكية تريدهم حزب من نوع آخر.

سؤالان بهما في بادئ الأمر الكثير من الوجاهة لو أردنا تمعنهما دون عناية بالصيرورات التاريخية أو حراك المجتمع العراقي.  وكذلك في حالة التخلي عن فهم مجريات الصراع الطبقي الذي يصر البعض على تهميشه وإنكاره.أو الابتعاد عن تأريخ الحزب الشيوعي العراقي.وأيضا لو امتلكنا قابلية التغاضي أو إمكانية التعدي على حقوق البرجوازية الوطنية في تشكيل أحزابها على أسس الإسطفافات للدفاع عن مصالحها .وأخيرا لو استبعدنا بالكامل وبقناعة لا تخلوا من لغة التعدي والتجاوز على الديمقراطية المنشودة أو شروط التعددية كما يريدها المروجون لتلك الأسئلة .وأنكرنا حق الشيوعيين في اختيار منهجهم ومشروعهم.فأن السؤالين يمكن أن يكونا مدغمين في الأساس بنفس اتجاه التقسيم القسري والمفرط التهويل والمموه الذي تدفع به الإدارة الأمريكية لوضع الجميع في الزاوية القاتلة وشل حراكهم بالكامل. علاوة على ذلك التمهيد لعزلهم عن لعب أي دور حتى وأن كان بسيط في الشأن العراقي .عبر خلق مناخ من الصراعات الكاذبة والملفقة.وبذل المزيد من الجهد لتعزيز حالات العزلة والفصام والتعديات بين أبناء الشعب العراقي ومؤسساته وفعالياته.

وبقدر ما تثيره تلك الأسئلة وتحفز فيض من الإجابات .فأنها تنشط أيضا آلاف الأسئلة التي ترتبط بسلسلة طويلة ومتشعبة من ملابسات تكتنف الشأن العراقي. والتي بدورها تحتاج الى حلول ومعالجات ليس بالسهولة واليقينية. الإجابة عليها مباشرة دون الوقوع بالخطأ والمحذور.بدأً من تعدد أثنيات وطوائف الشعب العراقي وليس انتهاء بتدويل قضيته .وهي إشكاليات حري بالمرء معاينتها والخوض بها بحذر ودقة شديدين. وهي أيضا ليست إشكاليات طارئة أو حديثة العهد على مسرح الأحداث في العراق.

ولو اقتصرنا الموضوعة الآن لمناقشة السؤالين دون غيرهما .نجد أن أكثر أسباب أثارتهما يتركز في الأتي دون حصر.

ـ الفترة الزمنية الطويلة  من الحكم الدكتاتوري في العراق .وعنف السلطة ووحشيتها التي فرضت أنماط من سلوكيات ومشاريع أفرغت الساحة العراقية من جميع مؤسسات المجتمع المدني .وخاصة الأحزاب .مما أخل بالوظائف الطبيعية للمجتمع. وقاد العديد للأرتكاس نحو فكر توفيقي يتجاهل الأسباب وينحوا للتبريرية في قراءة الوقائع .

ـ وجود المعارضة الوطنية بعيدا عن مجالها الحيوي ومكانها الحقيقي .ألا وهو الوطن. بحراك بشره ومشاكلهم ورفدهم وتفاعلهم مع تلك القوى والفعاليات.

­__   خلو المعارضة العراقية من برنامج أو مشروع مشترك يقارع الدكتاتورية ويطرح كمرجعية للغالبية العراقية.

ـ افتقار اليسار لإمكانيات القيام بتحرك جماهيري داخلي أو القيام بعمل يطيح بالدكتاتورية . وأيضا المعارضات الأخرى .

ـ ارتباط الوضع العراقي بمشاكل الإقليم وبالتحديد إسرائيل والنفط والدول المجاورة .

 

وهناك الكثير مما يمكن تشخيصه لا يتسع المجال لذكره الآن .ولكن يمكن القول أن  في ذلك أيضا يبرز الكثير من الخلاف والتناقض في التوصيف لتلك الإشكاليات بين الشيوعيين ومقاربيهم وخصومهم .وبنفس الاعتقاد ممكن النظر لجوهر الموضوع المتعلق بمعطيات ماضي الحركة الشيوعية ومستقبلها في العراق على ضؤ ما يرد في السؤالين.

اليوم توجه للشيوعيين وبإلحاح غريب اتهامات تبدو عند البعض اختبار لو أجتازه الحزب الشيوعي لتغير كل شئ في العراق . والأمر يتوقف عند إقرارها من قبله لا غير. وهي أيضا شرط للقناعة بوجوده كحزب فاعل في الساحة السياسية .

يتهم الحزب الشيوعي اليوم باليسارية والتطرف والديماغوغية كونه يتعامل مثلما يقول الاتهام بالمسطرة وبقيم شرف بالية وردكالية وتعال. وأن سلمنا بمثل هذا الاتهام .فأنه سبق للكثيرين ولا زال . وبعضهم من أعضاء الحزب بالذات. من أتهمه باليمينية . حين امتنع عن تنفيذ حركة لإزاحة المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم . وفي غيرها الكثير من المواقف المتأرجحة بين اليمين واليسار.وفي كلتا الحالتين تثار الاستفسارات عن كيفية رؤية الشيوعيون للأحداث وتعامل قيادتهم معها.ومدى ضغط العوامل والتفاعلات الداخلية والخارجية على أدائهم. أو لنحدد التسمية ( تجريبيتهم ) المؤدلجة .

كان هناك الكثير مما يمنحهم كامل الفرصة لإزاحة عبد الكريم قاسم .ورغم قصر التجربة وشحة الكادر القيادي  حينذاك .فأن استنتاجاتهم والمصالح السوفيتية قادتهم لهجر ذاك الخيار الصعب.

أستطيع القول الآن بأن تخليهم عن تلك الفكرة كان الخيار الأفضل برأيي الشخصي .فأن كانوا فعلوها لكان يعوزهم الكثير لقيادة الشارع العراقي .وبالأصح فأن الشارع كان سيقودهم بمزاجيته وعواطفه المتأججة المتلاطمة والمتضاربة. مع الوضع الداخلي المتأزم الى مواقع لا تحمد عقباها.ولربما خرج الشيوعيون بحصيلة ما كانت لتكون أقل كارثية على الحزب من مأساة وجريمة 8 شباط ذات الماركة البريطانية الأمريكية.

واليوم وهم متهمون باليسارية والتطرف وإضاعة الفرصة .لامتناعهم عن الدخول تحت مظلة المشروع الأمريكي الرامي لإسقاط صدام فهذا ظرف آخر يفصله عن الأول أكثر من أربعين عام.وبين تلك الرغبة المحبطة في إسقاط الزعيم عبد الكريم قاسم والموقف من المشاركة في إسقاط صدام حسين كانت جميع مواقف الشيوعيين تحتسب وفق اجتهادات تفرضها أملاءات لظروف بعينها. يبدو دور الأيدلوجية فيها مموها ومغيباً وتمليه خيارات ردود فعل .رغم أن تلك الأحداث كانت مجموعة متنوعة من هزات ومفاصل سياسية كبرى أثرت بشكل مباشر وحاسم في تأريخ العراق السياسي.

وألان وقبل أن نستحث الشيوعيين للإجابة عن مبرر امتناعهم عن الدخول ضمن الفلك أو المشروع الأمريكي .أو  قبل إعطاء إجابة جاهزة عن أن موقفهم هذا خاطئ أم صحيح.أرى من الأفضل قلب السؤال (المعادلة) للوصول الى مبرر عقلاني يفضي لرؤية ومعاينة دقيقة لموقف الطرف الأمريكي . ويقارب لنا الصورة التي نرغب فيها تأجيج الخيارات لدى الشيوعيين بما يوازي ويدعم رغبات البعض منا وبالخصوص المبشرين بالحلم الأمريكي الموعود.

قلب السؤال المعادلة يكمن في قراءة عوائق الإدارة الأمريكية وشروطها للقبول بالشيوعيين أعضاء في مجموعة المعارضة المتحالفة معها .

وقبل الخوض في تلك الشروط يجب أن أشير الى أن هواجس و رغبات الشيوعيين تتداخل مع موقف قطاعات كثيرة من الوطنيين العراقيين وأصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير.ومن غير الأنصاف إسباغ التعميم بالموافقة أو القبول الرضائي لجميع هؤلاء بمشاريع الإدارة الأمريكية. ليس فقط في الشأن العراقي وإنما في شؤون العالم .ولهؤلاء الجمهرة الواسعة وجود واضح ومؤثر. ولهم أراءهم ومجساتهم التي يتعاملون بها مع الأحداث .وفي اعتقادي أن الإدارة الأمريكية لن تبخس جهدا  لاحتوائهم .وحاولت وتحاول الوصول إليهم وزجهم في فعاليات تقترب  من مشاريعها .في ذات الوقت تحدد العلاقة بهم وفق آليات تتناسب وحجم أملاءاتها كطرف يتمتع بالغلبة المطلقة.

وأيضا يجب التذكر دائما بأن مشروع الإدارة الأمريكية للتغيير في العراق له معاينات عديدة رغم سرية الإجراءات المتبعة وجهل المروجين العراقيين لفحواه ونواياه .فمجمل النوايا الأمريكية تؤكد دون رياء أو مخاتله أسبقية المصالح الأمريكية على أية توجهات أخرى . وجوهر هذه الأسبقية يتقاطع مع الكثير من مقولات وأفكار اليساريين ورغباتهم اتجاه مستقبل وطنهم كوضع سياسي ومؤسساتي .ولكنها في كل الاحتمالات شروط ملزمة وغير قابلة للنقاش خاصة لمن يريد التعاطي مع سيد العالم المطلق .

في هذا الجانب يتذكر الجميع  جيدا أن تحت ذريعة تهديدات الثورة الإيرانية لسلطنات الخليج ومنابع النفط أمدت الولايات المتحدة وتوابعها حليفهم الصغير صدام حسين بجميع احتياجاته لأجتراح مجزرة لمئات الآلاف من البشر من الشعبين العراقي والإيراني .ثم جاءت العملية القذرة لغزو الكويت التي أعقبتها انتفاضة آذار .لن نجهد أنفسنا أن أردنا اكتشاف المعنى الأعم لمفهوم تطمين المصالح العليا للولايات المتحدة الأمريكية .أو التوقف عند مفاصل التغيرات في السياسة الأمريكية وما طرأ عليها من مستجدات أثناء وبعد نهاية تلكما الحربين.فالجوهر الدائم وغير المخادع يلجم كل الاستفسارات ويبعد الحيرة والإرباك .وأن وقائع الحربين ومتتالياتها أسفرت عن مضمون العلاقة الجدلية بين مقتل تلكم الآلاف وسياسة الإدارة الأمريكية المعنية بتطمين مصالحها .ويمكن معاينة المشهد الفلسطيني كمثال لازال طري لتلك التوجهات.

وفي هذا التطمين تكمن الاختلافات  في الحسابات والرغبات بين الشيوعيين والإدارة الأمريكية ودعاة حلولها .وفي ذلك أيضا يثار التساؤل عن مدى توافق الأهداف والمصالح الأمريكية مع الثوابت الوطنية التي يريدها اليسار العراقي ومنها وباختصار شديد الاستقلال الناجز والقرار الوطني .فتلك مسائل تتعارض قطعا مع تطمين المصالح الأمريكية .والقبول ببرامج الإدارة الأمريكية لعراق المستقبل يحتم بالضرورة اختصار الكثير من تلك الثوابت أن لم يلغيها جملة وتفصيلا,ومن المهم الإشارة أيضا الى أنه من الصعوبة إثبات حسن نية الأمريكان أو رضاهم وتعاملهم الإيجابي مع تلك الثوابت.ويحضرني الآن المقترح الفرنسي بخصوص جعل قيادة حلف الناتو الجنوبية قيادة أوربية .حيث لاقى الاقتراح معارضة ضارية من قبل الولايات المتحدة كونه لا يطمئن مصالحها حتى بين أقرب أصدقائها وتابعيها.

ليس من باب التهويل أو الزعم أن قلنا أن حسابات الأحزاب أكثر حساسية وخصوصية من حسابات الأفراد.فأن كنا لا نخشى الإجابة دون تردد عن بعض الأسئلة .فأن للأحزاب حساباتها الأخرى التي ترمي لتحقيق التناغم في توجهاتها السياسية العامة.فلو أثير سؤال من باب الفضول عن مقدار ما يخسره العراقيون إن ارتضوا تطمين المصالح الأمريكية .قياسا بما خسروه ويخسرونه يوميا بوجود صدام ؟؟ رغم أن السؤال تمويهي ويدغم الكثير من الأوراق والمستحقات. ويخفي عن الناظر حقيقة الدور الأمريكي في صناعة صدام وأشباهه . ولكن مع جرائم السلطة وقذارة أساليبها وعظم المحنة.فأن الجواب الجاهز لأغلبية مطلقة لا يتردد في اختيار الركون لتطمين المصالح الأمريكية.

ولكن هناك ثمة ما يدعو للإمساك بجزء من حقيقة النوايا الأمريكية. ومعاينة المفردات المسربة  عنها هنا وهناك .فالخطة الأمريكية ولحد هذا الوقت يتم بلورتها بما يتعلق بصلتها بالشعب العراقي على واجهتين .الأولى إدامة الحصار الاقتصادي على الشعب العراقي لصالح دكتاتورية صدام. ويتم ذلك بأضعاف قدرات الشعب والسماح للدكتاتورية بتطوير أجهزة البطش وإضاعة خيرات العراق.أما الواجهة الأخرى المتعلقة بأطراف من المعارضة. فأن المهام تختصر في تشكيل مكاتب وتكتلات وتقبل مساعدات وتمويل عمليات تلفزيونية وصحفية . والعمل على تقديم معلومات تجد المخابرات الأمريكية نفسها في غنى عما يرد منها. لوجود الكثيرين في الداخل ممن لهم ارتباط فعال. وبكامل الاستعداد و الجاهزية  لتقديم المعلومات الطازجة.

ورغم إصرار أطراف المعارضة تلك على القول أن الإدارة الأمريكية تستمع لبعض ما تقدمه لها من نصائح في الشأن العراقي .فأن أداء الإدارة الأمريكية يشي بأن اللعبة السياسية لا تعني في المدى البعيد الارتباط بتلك الفعاليات . أو ليس من المضمون أن هؤلاء الأشخاص هم المبتغى لما بعد سقوط صدام .ومع تطور الأمر في الخفاء أكثر مما هو في العلن .فأن البائن يوحي بوجود الكثير مما تخفيه الإدارة الأمريكية عن حلفائها.والأداء العام يوضح نياتها الجازمة بترشيح العسكر لإنجاز المهام والتغيير وبالتحديد ممن لهم ارتباط بمؤسسة الحكم حاليا أم سابقا.وذاك الرهان يخضع لحسابات حقيقة عن استحقاقات مؤجلة في المنطقة من مثل السلام مع إسرائيل .توازنات الإقليم .ردود الفعل لدول الجوار من متغيرات في عراق يلعب ثقله السكاني والاقتصادي أدوار حساسة وأساسية  في تشكيل مصائر المنطقة.وهذه أيضا نقاط خلاف لا يمكن التغاضي عنها. بين اليسار الوطني العراقي والمشروع الأمريكي. والإدارة الأمريكية لا تحبذ أن يكون لليسار شأن فيها لا من بعيد و لا من قريب.وأن أرادت الإدارة الأمريكية إشراك اليساريين ومنهم الشيوعيين في الفعاليات التمهيدية لإسقاط صدام. فذلك يأتي  للجم جميع الاعتراضات والأصوات مؤقتا لضمان تسويق المشروع مرحليا بما يعزز قواعد اللعبة لإعادة ترتيب البيت العراقي. وبما يكفل ويطمئن مصالحها أولاً وأخيرا.وان أراد الشيوعيون الدخول في هذا الدور .فسيكون مدخل لخلخلة مواقفهم وأرخاص معنوي لأفكارهم ومعاييرهم المعنية بالتغيير وغيره في الشأن العراقي.وسوف يكون ذلك تطبيق عملي لفكرة الهرولة لاقتسام غنائم لا قيمة معنوية تكسب من نتائجها مستقبلاً و بالذات لليسارين.وأيضا سوف يكون أغلى ثمن يدفع لحجز مقعد في قطار تأريخي من النوع الجديد.فأن كان هناك الكثير من الفعاليات والشخصيات السياسية تستطيع حجز مثل هذه المقاعد باطمئنان .فهل باستطاعة الحزب الشيوعي فعل ذلك,؟؟.

 

ويحق لنا بعد كل هذا أن نثير السؤال الأكثر جوهرية وحيوية وفضول والذي يمس الأيدلوجية والتأريخ ويحفز التعابير الأكثر حدة عن حقيقة علاقة الشيوعيون بشيوعيتهم.ومستقبل علاقتهم بالإدارة الأمريكية.

ـ هل تقبل الإدارة الأمريكية بالشيوعيين العراقيين كما هم عليه الآن .بأفكارهم ،بأدائهم ، بطموحاتهم ؟؟

لا أعتقد أن الإدارة الأمريكية سوف تستبدل مفاهيمها ونظرتها وتعابيرها عن الشيوعيين عبر حملة تواقيع أو تزكيات إعلامية أو نداءات جماهيرية .أو في إبداء الشيوعيون  حسن نواياهم وعدم تأسفهم لسقوط صدام .فليس الأشكال في ريبة وعثرات تعترض طريق تفاهم خصمين. وإنما هناك خلاف أيدلوجي عميق الغور .بدت مهماته الإستراتيجية للقطب الواحد. تجريد الخصم مما تبقى له من أسلحة .ثم إنهائه بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد . ومن ذلك فأن التقارب لن يتم دون أن يكون هناك صلح تأريخي حقيقي. يتحول فيه الأمر من عوائق أيدلوجية الى لقاء أيدلوجي .ولن يتم الصلح ذلك دون تخلي الشيوعيين بالكامل عن أفكارهم الماركسية .ليتحولوا حقيقة الى حزب من أحزاب الديمقراطية الاجتماعية أو أي نوع آخر.

فهل للشيوعيون القدرة و الاستعداد والرغبة على ذلك الصلح التاريخي أو بالأحرى الهجر التاريخي .والذي استغنوا عنه وتركوه وراء ظهورهم في مؤتمراتهم الأخيرة. بعد إثارة النقاشات حول مستقبل العمل الشيوعي آثر انهيار التجربة والمثال السوفيتي للشيوعية. والذي حسم بالتصويت لصالح الإبقاء على أسس العلاقة بالماركسية.

هذا هو جوهر الأشكال ولن يجيب عليه أحد سوى الشيوعيون أنفسهم. ولا أضن أن أحدا ما بالحماسة والنيات الحسنة مع ضغط الأحداث يستطيع قراءة البوصلة نيابة عنهم بعد اجتيازهم للكثير من الكبوات والأحداث الجسام .

 

 



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500 ...
- ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
- حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق ...
- نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي ...
- اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو ...
- مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر ...
- بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
- لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
- الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
- تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات المحسن - بعض من الشأن العراقي