أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح سلامة - جذور الإلحاد(9) و هم الذات















المزيد.....

جذور الإلحاد(9) و هم الذات


سامح سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 2669 - 2009 / 6 / 6 - 09:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


*** جئت كما جاء غيرك إلى الحياة، فى ظروف لم تقرر بذاتك ملابساتها، واكتسبت ذات لم تحدد بنفسك معالمها ، و سوف تكون بجسدك و ذاتك مجرد قصة كمليارات القصص بدأت لتنتهى، وفى ذلك أنت مثل قطرة ماء تندفع مثل غيرها من القطرات مع تيار نهر الحياة، من منبع الميلاد صوب مصب الموت، مثل غيرك من مليارات المليارات من البشر ، مجرد وجود عابر ، ما إن مر بالأرض كومضة برق حتى انطفأ ، ذاتك التى تتوهمها خالدة أو تتمنى لها الخلود لغرورك ولعشقك لها و للأوهام التى زرعها فيك رجال الدين الذين يبتزونك ويسيطرون عليك، ببيعك أوهام خلودها بعد الموت، ما هى إلا وهم زائل، ، وما سوف يبقى منها، إلا أثارها فيمن حولها، إن كانت خيرا فخير، وإن كانت شرا فشر. وحتى هذه أيضا لن تدوم إلى الأبد، إذ سوف تمحى مع الأيام مهما طالت فتصبح كالعدم، فذاتك نشأت بحياة جسدك و سوف تنتهى بموته.
*** لديك جسد هو بمثابه القرص الصلب فى الحاسوب، وذات هى مجرد برامج محملة على هذا القرص الصلب، بفناء القرص أو عطبه، تفنى البرامج أو تفسد، و و لأننا لا يمكن أن نتخيل وجود برامج منفصلة عن أى قرص صلب ، دون أن تكون مكتوبة بحروف على الورق أو فى عقل إنسان أو بوسيلة إلكترونية كما فى الحاسوب، فإننا لا يمكن لأن نتصور خلود الذات التى يطلق عليها المؤمنون الروح، ويزعمون إمكانية انفصالها عن الجسد المكتوبة بداخله، بل ويتمادون فى احتيالهم و يزعمون بخلودها بعد فناءه.
*** جسدك، يجدد من العناصر والمركبات العضوية وغير العضوية التى تكونه دوريا، خلال حياتك كلها، تتفكك وتتلاشى بعض خلاياه ، وتنقسم بعض خلاياه ، وتنشأ وتتكون له خلايا جديدة ،و رغم ذلك، فإن ما يمنحك الاستمرار ككائن متميز عن غيرك من الكائنات هو استمرار نفس الطريقة التى تترتب بها جزيئات شفرتك الوراثية التى تميزك ككائن حى ، والموجودة فى نواة الخلية.. أى استمرار نفس البرنامج الوراثى الذى يحدد صفاتك التى تميزك عن غيرك، برغم تغير الجزيئات الكيميائية المكتوب بها هذا البرنامج.
*** تتبعثر و تتجمع مكونات هذا البرنامج بين الأجيال المختلفة بالتكاثر ، وما أنت إلا نقطة تجمع فيها عشوائيا ستة وأربعين كروموزم من أجدادك خلال خمس أجيال منهم، وسوف تتبعثر عشوائيا تماما بين أحفادك خلال خمس أجيال ، والذات المتميزة لك سوف تستمر فقط طالما ظللت حيا باستمرار نفس الطريقة التى تتركب بها الشفرة الوراثية فى أنوية خلاياك. وهذا البرنامج الوراثى قد تكون بتلقيح حيوان منوى ببويضة، فى لحظة جماع، إلا أن هناك برنامج آخر يكتب طوال حياتك ، وهو ما تختزنه فى مخك من ذكريات ومعارف و مشاعر ، و المكتوب بدوره بأبجدية الجزيئات الكيميائية، و ينطبق عليه ما ينطبق على الشفرة الوراثية إذ تستمر الطريقة التى كتبت بها تلك الذكريات والمعارف والمشاعر رغم تغير وتبدل الجزيئات الكيميائية التى كتبت بها. ولكنك لست خاضعا فقط للبرمجة العصبية والوراثية، وإنما خاضع أيضا للهرمونات سواء التى يفرزها جسمك أو تتناولها من الخارج، فضلا عن العقاقير و الأدوية والأطعمة التى تتناولها، و التى تؤثر فى حياتك وصحتك وسلوكك ووعيك وإدراكك ومشاعرك..الخ. فالحياة بكل مظاهرها من نمو وتكاثر وحركة و إحساس ، تعتمد على توازن دقيق لتفاعلات كيميائية معقدة بين الجزيئات الحيوية التى تكون الكائن الحى من جهة، و من جهة أخرى بين الكائن الحى و البيئة المحيطة به ، أما فقدان الكائن الحى لصفة الحياة أو الموت فهو نتيجة خلل حاد فى التوازن بين هذه الجزيئات الكيميائية التى تكونه وبين الكائن الحى وبين البيئة المحيطة ، يؤدى إلى فقد الجسم الحى القدرة على إستمرار التفاعلات الكيميائية التى تكونه ، فيفقد الجسم الحى متعدد الخلايا كل مظاهر الحياة بجسمه ، إلا إن خلاياه التى تكونه تفقدها تدريجيا، بل قد يظل بعضها ينمو وينقسم لفترة قصيرة بعد موت الكائن الذى تكونه .
*** جسدك بعد الموت تتبعثر مكوناته فى كائنات الطبيعة المختلفة حية وغير حية، فخلايا أجسادنا و ما تتكون منها من جزيئات حيوية، تتفكك وتتوزع بين شتى الكائنات المادية الحية وغير الحية، من تراب الأرض إلى أجساد الدود التى تلتهمها، و إلى خلايا النباتات التى تتغذى عليها من التربة، ويظل مصير تلك الذرات و الجزيئات التى كانت تكون أجسادنا الحية بعد موتنا، هو التحول الأبدى لذرات حرة و لجزيئات حرة أحيانا أو كذرات وجزيئات تشترك فى تكوين كائنات وجزيئات أخرى أحيانا أخرى، و تظل هذه الذرات و الجزيئات تتبعثر فى هذا التجول المستمر الذى لا نهاية له بين كائنات مادية أخرى، بعضها قد يكون حيا وبعضها قد لا يكون حيا. أما عن البرامج التى كان يحملها هذا الجسد، والتى شكلت مجتمعة شخصيته خلال حياته، فتنتهى بموته ، أما مكوناتها المختلفة فتتعدد مصائرها، شفرته الوراثية تتبعثر عبر الأجيال، وتبقى بعض الذكريات عنه فى أذهان من يعرفونه، وتبقى آثار ما فعله أثناء حياته لعدة أجيال من بعده قد تطول أو تقصر حسب أهمية تلك الأعمال.
*** ما تملكه يقينا فى يدك من عصافير بعيدا عن أوهام العشرات التى على الشجر، هو تلك اللحظة العابرة من الوجود والوعى على تلك الأرض. فإن ما ينبغى أن يعنيك فعلا هو أن تكون سعيدا طوال رحلتك فى الوجود ، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بأن يكون كل من حولك سعداء، فالتعساء يصيبون من يخالطونهم بالتعاسة، كما أن السعداء يفيضون من سعاداتهم على من حولهم.فإنت أردت أن تكون سعيدا فعليك أن تسعد من حولك.
*** عامل الناس كما تحب أن يعاملونك، ولتعلم أن فعل الشر قبل أن يكون سوء سلوك و أخلاق تخشى العقاب عليه فى الأرض أو فى عالم الغيب، ينم عن غباء حتى ولو مارسه الأذكياء، كما أن فعل الخير قبل أن يكون حسن سلوك و أخلاق تنتظر الجزاء عليه فى الأرض أو فى عالم الغيب فهو ينم عن ذكاء حتى ولو مارسه متوسطوا الذكاء ،فكل ما يمكن أن تكسبه من الشر لابد وأن تدفع ثمنه من شر يلحقك، وكل ما يمكنك أن تكسبه من الخير لا بد وأن تحصد مقابله من خير تكسبه.
*** إن أسوء ما يصيب ذاتك بالتعاسة أن تفقد حريتك، أن تصبح عبدا مسلوب الإرادة، وهذا هو حال البشر، مسلوبوا الحرية مثلما من يسلبونهم تلك الحرية، وهو ما يسبب آلامهم وتعاستهم، متسلطين ومتسلط عليهم، ولكنهم قد لا يدركون ذلك أحيانا، ويدافعون عن عبوديتهم مصدر تعاستهم، ومن هنا فالسعادة لن تتأتى بأن تكون عبدا لرغباتك وغرائزك ، ولن تتحقق بأن تغترف من المتع الحسية ما يمكنك اغترافه كما يتوهم السذج ذلك، فتلك المتع بطبيعتها لحظية، ومحدودة بالمنفعة الحدية، كما انها مقرونة عند الإفراط فيها دائما بالألم ، كما أنها تطلب منك دائما دفع الثمن، الذى يقتطع من حريتك و صحتك و راحتك النفسية .
*** التعاسة غالبا ما يكون مصدرها وهم الذات، وتضخمها، وأنانيتها، وغرورها، حتى أنها لا تدرك حجمها وقيمتها الحقيقية وأهميتها التى تقترب حميعا من العدم، بالنسبة للكون الذى لا يمكن أن تشكل مركزه فضلا عن أن تشكل فيه أى قيمة أو أهمية.





#سامح_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور الإلحاد(8) صفات الخالق الغامضة
- جذور الإلحاد(6) المعرفة الإنسانية والغيبيات
- جذور الإلحاد(7) خصائص للفكر الغيبى
- جذور الإلحاد(5) المعجزات والإعجاز
- جذور الإلحاد(4) ردود على التعليقات
- جذور الإلحاد(3) غموض و لا منطقية الغيبيات
- جذور الإلحاد(2) تناقضات فكرة اللة
- جذور الإلحاد (1)حجج وحجج مضادة


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح سلامة - جذور الإلحاد(9) و هم الذات