أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جمال علي الحلاق - علاقتي ببيتهوفن - صفحة من كتاب أصدقائي















المزيد.....

علاقتي ببيتهوفن - صفحة من كتاب أصدقائي


جمال علي الحلاق

الحوار المتمدن-العدد: 2669 - 2009 / 6 / 6 - 09:10
المحور: سيرة ذاتية
    



بذرة التعارف

لبرنامج ( حكايات جدتي ) - الذي كان يبثّ تلفزيونيا في سبعينيات العراق ضمن فترة برامج الأطفال - اليد الطولى في انتباهي لشخصية بيتهوفن ، ومن ثمّ لموسيقاه ، فقد تمّ تخصيص حلقة أو حلقتين من حلقات البرنامج يومذاك ، تحدّثت فيه الفنانة ( فوزية الشندي ) عن حياته ، بداياته وهو طفل ، كيف ضربه أبوه على أُذُنِه فكانت سببا في صممه لاحقا ، شدّني فيه يومها قدرته على تنفيس غضبه عبر الضرب على مفاتيح البيانو ، ثمّ إنّه يعزف لا للرقص ، بل لحاجةٍ نفسية أخرى ، ثمّة وظيفة أخرى للموسيقى غير الطرب ، وكم تمنيت يومذاك لو أنّني أمتلك قدرة بيتهوفن على العزف ، لكن ، لا علاقة لقريتي بالبيانو ، لم يكن هناك سوى طبل كبير عند ( حجي حمود ) يستخدمه لإيقاظ النائمين في ليالي رمضان ، وفي الأعراس ، وفي حفلات الطهور ، وبالتأكيد لا يخلو بيت من ( دنبك ) ، أي أنَّ الموسيقى في قريتي لم تكن سوى إيقاعٍ للرقص ليس إلا .

عثرتُ بعدها على كتابٍ عن حياة بيتهوفن ضمن سلسلة ( الناجحون ) في مكتبة مدرستي ( دير ياسين الإبتدائية للبنين ) ، وبذلك تأسّست رابطة روحية ، على الأقل من جانبي ، أنا الولد القروي يومذاك ، مع رغبة بيتهوفن في أن يكون شيئا ، وشيئاً مهمًّا في الحياة ، لقد بدأ الحلم في الصيرورة ، وكان عليّ أن أتبع ذلك الحلم أيضاً حياتي كلّها .

صيحةٌ في الرأس

لا اذكر البداية البعيدة لاقتنائي الموسيقى ، لكنّني أذكره وهو يتصدّر مكتبتي السمعية وأنا في الثامنة عشرة من العمر أو قبلها بقليل ، في قريةٍ تنام على قلقٍ بين نهرين ، كانت الحرب ( العراقية – الايرانية ) شبحاً يطارد الناس في الدرابين ، وفي الممرّات الى خلواتهم الذاتية ، وسط ذلك القلق اليومي كان للموسيقى حضورها الطاغي في تأثيث أُذُني ، ثمّة موزارت ، تشايكوفسكي وآخرون كثر ، أحيانا كنت أسمع مقطوعاتٍ لا أعرف مؤلفيها ، وكنت غالبا ما أشتري الكاسيتات عند نزولي من قريتي الزهيرات الى بغداد من مكان في شارع الخيّام ، إن لم تخنّي الذاكرة فإنّه كان يحمل إسم ( تسجيلات نغم ) .

أصدقاء لك لا تلتقي بهم أبدا ، ومع هذا فهم يؤثّثون لك الحدائق الخلفية للعقل ، يجعلونك كائناً مختلفاً بين الآخرين ، يمنحونك اغترابك الشخصي في المحيط الذي أنت فيه ، هكذا تبدأ أنت كآخرٍ مختلفٍ في الذائقة ، وفي التفكير ، وفي الممارسات الاجتماعية .

كما لو أنّنا نولد بحواسٍ جمعيةٍ ، ثمّ مع الوقت تبدأ حواسنا الخاصة جداً بالتشكّل ، هكذا تتغير العين ، وتتغير الأذن ، يصبح لكلّ حاسةٍ ذائقتها الخاصة في النظر الى الأشياء ، وفي طريقة فهمها .

كنت في القرية بعيداً عنها ، أحبُّ من موسيقى بيتهوفن - ولا زلت الى الآن – الحركة الأولى من السمفونية الخامسة ، ذات السبع دقائق وعشر ثوانٍ ، أستطيع القول كنت مدمناً على سماعها ، ولا أزال ، ولطالما جلست أتأمل دخول الموسيقى المهيب ، دخول رؤيوي ، يعيد قراءة الأشياء بلغة مفتوحة ، ضربات القدر الثلاث إيذان ببدءٍ آخر ، يأتي كإعصار ، أو كتسونامي يجرف كلّ ما أمامه ، لم تكن الثورة الفرنسية بعيدة عن ذائقة بيتهوفن ، وكانت عاصفة نابليون تكتسح أوربا قرابة عشرين عام ، والناس يركضون خلفها بلا توقف على حدّ تجربة ( إلفريد ديموسيه ) .

كنت أصغي الى صعود الموسيقى ونزولها المثيرين ، كانت شيئا مختلفاً عن كلّ ما حولي تماماً ، شيء لا علاقة له بطبل القرية ، الطبل يُرَسِّخ الثبات ، يرسِّخ التقاليد الاجتماعية ، أما موسيقى بيتهوفن فشيء لا علاقة له بالإقامة ، لعلّها إقامة على موج ، يبدو فيها القدر كما لو أنّه أرجوحة هائلة ونحن في صعود ونزول مهولين ، في موسيقى بيتهوفن شيءٌ من الوضوح أفتقده حين أسمع ( فاغنر ) مثلاً ، عند بيتهوفن الموسيقى تَتَقدَّم ، لكنَّها مع فاغنر تلتفُّ وتدور كما لو أنَّها دواماتٌ ، كتلٌ ضبابيةٌ وغموض ، مع فاغنر أشعر بالتعب ، لكن ليس مع بيتهوفن ، ومع هذا فإنّ موسيقاه لا تمتّ لنا كشرقيين بجذر ، وفي قريتي كانت تعتبر ضجيجا ليس إلا ، أتحدّث هنا عن مرحلة ما قبل التحريم ، لقد بلغ التخلّف السمعي ذروته قرب نهاية التسعينيات عندما أفتى السيد محمد صادق الصدر بتحريم الموسيقى .

كان أبي يعرف من بيتهوفن قصة فقدانه للسمع ، مرّة قال معلِّقا على الصخب في السمونية الخامسة : " لأنّه لا يسمع فهو يُلَحّن بهذه الحدّة " ، ولا أذكر انّه أحبَّ موسيقاه ، مع هذا فقد تركني منذ البدء أن أتبع الصيحة الى أقصاها ، كان ثمّة صيحةٌ في رأسي على حدّ قوله .

بيتهوفن مبيد الحشرات

وغالباً ما كنت أجلس للقراءة في حديقة دارنا القديم ، وهي على صغر مساحتها كان فيها من الورد أشكالٌ وأنواعٌ عديدة ، يكفي أن اقول ، كان في الحديقة ما يقارب الثلاثين نوعاً من نبات الصُبَّير الصحراوي بأشواكه المدبّبة ، كان أبي مهووساً بالحديقة بقدر هَوَسي بموسيقى بيتهوفن .

ومرّة ، في منتصف الثمانينيات ، صادف أن كنت أقرأ في مكاني المعتاد من الحديقة ، وكان عددٌ من نسوة جيراننا قد تجمّعن قرب جدار بيتنا ، وأخذن في الحديث / الضجيج ، كنّ يتكلّمنّ جميعهنّ في وقت واحد معا ، لا أذكر أنّ واحدة منهنّ كانت تستمع ، الكلّ يتكلّم في وقتٍ واحدٍ وبأصوات تعلو وترتفع ، مّما عكّر عليّ مزاج القراءة تماما .

كانت أمي جالسة في الحديقة لحظتها ، وقد رأت صعود ضجري ، وكانت من الحياء بحيث تخجل أن تكلِّمَهُن أو تطلب منهن خفض أصواتِهن . قلت لها : لا عليك ، سأحلّ الأمر . طلبتُ منها أن تُحْضِر جهاز الريكوردر ، وذهبتُ انا لمكتبتي السمعية ، وجلبت السمفونية الخامسة لبيتهوفن ، وشغّلت الجهاز على أعلى ما أستطيع ، كانت ( الحركة الأولى ) حشد من الخيول تصهلُ إحتجاجاً ، تركتُ الموسيقى تنهدر من أعالٍ كما لو أنّها تنصبّ إنصباباً عليهُن ، وانتظرتُ حتى نهاية ( الحركة الأولى ) ، ضغطتُ على زرِّ التوقيف ، لم يكن هناك صوتٌ بتاتا ، فتحت أمي باب الدار وأخرجت رأسها فقط ، قالت : لا أحد في الدربونة . قلت : إنّها ليست موسيقى فحسب ، إنّها مبيد حشرات أيضا .

أتمنى لو أستطيع أن أشغِّل الريكوردر الآن بأعلى ما أستطيع على الحركة الأولى من القدر ، من أقصى العراق الى أقصاه ، لعلَّ القمل والذباب والحشرات تفرُّ بعيداً عن كائناتنا الجميلة هناك .

الموسيقى تنتقل بالعدوى

على حافة ثمانينيات القرن الماضي زارني الشاعر فرج الحطّاب والقاص قاسم محمد عباس في القرية ، بقيا في دارنا نهارين وليلة ، فاستمعا الى بعض المقطوعات من مكتبتي السمعية ، وقد أُعجِبَ فرج بموسيقى ( نِينْوَى ) الفارسية ، وهكذا انتقلت العدوى الى فرج الحطّاب الذي تفوّق عليّ بالتجميع لاحقا ، بل كان نافذتي السمعية لسنوات ، فهو لم يكتف بالكاسيتات ، بل بدأ يشترى إسطواناتٍ أيضا بعد أن إمتلك جهاز جرامافون ، كان فرج يحرص على أن يقتني أجهزة ريكوردر سالمة وصافية كي لا تخدش صفاء الموسيقى ، ولما انتقلتُ الى بغداد عام ( 1992 ) قاطعاً علاقتي بحياة القرية ، ضاعت مكتبتي السمعية ، من هناك بدأتُ أعتمد كلَّيا على فرج في السماع الى أيّ مقطوعة موسيقية أحبُّ سماعها ، بل كُنّا نحتفي أحيانا حين يعثر فرج على مقطوعةٍ لم نكن قد سمعناها من قبل .

موزارت مثل امرأة جنوبية

قال مرّة : عثرت على القدّاس لبيتهوفن ، وكان يمتلك نسخة من القدّاس الأخير لموزارت ، قلت له : أريد أن أسمعهما في ليلةٍ واحدة ، وبالفعل ذهبتُ الى دار أهل فرج الحطّاب في مدينة الثورة قطاع ( 38 ) ذو المجاري الطافحة كدعاءٍ لا يُستجاب ولا ينتهي ، وكان البدو يومذاك قد بدأوا بنصب خيامهم أمام دار أهل فرج كتجسيد لعودة البداوة داخل بنية المجتمع العراقي ، كُنّا نُصغي للموسيقى تنثال خارج اللحظة الاجتماعية للوقت والمكان ، كانت جلسةً رائعةً حقاً ، بعد أن أصغيت فيها للمقطوعتين معا ، قلت : الآن أستطيع التحدّث عن الفرق ما بين بيتهوفن وموزارت في القدّاس تحديداً ، لقد بدا لي وأنا أستمع إليهما أنَّ هناك عزاءً ما ، وأنَّ خيمةً كبيرة نُصبت لاستقبال المعزّين ، وأنَّ بيتهوفن رجل أنيق بقاطٍ ورباطٍ يتقدّم باتجاه الخيمة ، وعند الوصول يحيَّ الحضور ويجلس مهيباً . بيتهوفن في القدّاس يبدو رائياً عقلانياً بلا عاطفة ، تراه في داخل العزاء ولا ينتمي إليه ، هو خارج المشهد تماماً ، أما موزارت فإنّه يأتي كامرأة جنوبية ، وعلى مسافة خمسين متراً من الخيمة تضع عباءتها عن رأسها ، وتشدّها على خصرها ، وتصرخ بأعلى ما تستطيع لاهجة بإسم الميت ، مع موزارت هناك نزف وجداني ، ثمّة صلة بالعزاء .

لم نكن نسمع الموسيقى فقط ، بل ونقرأ ما يُكتب عنها ، وكان لدينا كتاباً مهمًّا وضعه ابن الفنان بدري فريد حسون ( لا أذكر الاسم بالتحديد ) كان دليلنا في البحث عن المقطوعات ، فقد علمنا أنّ لبيتهوفن ( كونشرتو ) ألّفه أثناء دخول قوات نابليون لبرلين ، وصادف أنّه كان في لحظة إعداده له يسمع أصوات قذائف المدفعية ، فكان يضرب على البيانو بعنف مع كلّ صوت إطلاقة ، وكم كانت فرحة فرج الحطاب كبيرة حين عثر على نسخة أصلية من هذا الكونشرتو في سوق باب الشرجي أحد أيام الجمع ، فخصّصنا لسماعه يوما أيضا .


عطرهم غطى نتانتنا

وذات مرّة ، في عام ( 1997 ) ، قال لي فرج وكُنّا في سوق السراي يوم جمعة ، إنّ الفرقة السمفونية العراقية ستعزف لبيتهوفن الثالثة : البطولة ، التي أهداها لنابليون ، قلت فلنذهب إذن ، وكنا نظن أنّ الدخول مجاني ، فلما وصلنا الى بناية مسرح الرشيد حيث مكان العزف ، صُدِمنا بأنّ الدخول ليس مجانيا ، بل بخمسمائة دينار عراقي للفرد الواحد ، ولم يكن يومها في جيبي أكثر من خمسين دينارا أحتفظ بها كأجرة مواصلات لرجوعي الى بيتي في مدينة الثورة قطاع رقم ( 10 ) . ولم يكن في جيب فرج ما يصل الى سعر بطاقة شخص واحد ، قلت له : دعنا ننتظر قرب الباب الرئيسي ، لعلّ أحداً ممن نعرفهم من الفنانين يأتي فندخل تحت إبطه ، وانتظرنا قرابة النصف ساعة ولم يظهر أحدٌ ممن نعرف ، واقترب موعد البدء ، وكانوا قد وضعوا أربعة رجال وامرأة واحدة للتفتيش عند المدخل ، بدأ فرج يتأفّف ، قلت : لا عليك ، إتبعني ، فذهبت الى المرأة مباشرة ، وأخرجت لها هويّة إتحاد الأدباء ، ولم أكن أحمل هويّة غيرها ، قلت لها : أنا شاعر ، يعني مفلس ، وسيعزفون بيتهوفن وأريد أن اسمع . قالت بلهجة بغدادية هائلة : تفضل أستاذ الحال واحد كلنا ما عندنا . وهكذا دخلتُ ودخل فرج الطويل تحت إبطي ، قال : لعد ما سويتها من البداية ليش خليتنا ننتظر ؟!

المهم دخلنا الى المسرح ، كان العدد كبيراً جداً ، وكلّه من طبقة اجتماعية لم نكن نحتك بها ، كما لو أنّ الارستقراطية كلّها قد حضرت ، بكلّ أزيائها وأثاثها ، كلّ واحد منهم كان قد استحم بعطر لا نعرفه قبل أن يأتي ، جمهور الموسيقى يختلف تماما عن جمهور الأماسي الشعرية ، الوجوه هنا مشرّبة باحمرار الاسترخاء ، شيء ما يحيلك مباشرة الى لوحات رينوار ، لا قلقٌ ولا همٌّ ، أناسٌ خارج دائرة الحصار الإقتصادي ، وخارج دائرة بؤس جمهور الشعر ، يكاد أن يكون بؤساء فان كوخ نماذج مثالية لجمهور الشعر في تسعينيات العراق ، المهم ، كنّا فرج الحطاب وأنا النشاز الوحيد داخل قاعة المسرح ، قلت لفرج : الحمد لله عطرهم غطى نتانتنا .

( ياني ) أحد الأئمة المعصومين

أشرتُ الى تحريم الموسيقى قرب نهاية التسعينيات ، ومن جميل الطُرَف ، أنني رأيت لوحة تشكيلية كبيرة تتصدّر واجهة محلٍ للحلاقة قرب جامع المحسن في ساحة ( 55 ) في مدينة الثورة ، حيث كانت تقام الصلاة المليونية كلّ جمعة قبل مقتل السيد محمد صادق الصدر صاحب الفتوى .

لقد كانت اللوحة التشكيلية عبارة عن بورتريت كبير للموسيقار ( ياني ) نافخ الروح في الموسيقى الحديثة . لقد أثارني ذلك حقًّا ، وألهب فيَّ فضول الإستكشاف ، فقد رأيت في نصب الصورة إعتراضاً وتحدِّياً كبيراً لزحف فقدان السمع الموسيقي على المدينة .

وفي يوم قادني الفضول الى أن أجلس تحت يد الحلاق ، وبينما كان يحلق لي رأسي سألته إن كان يمتلك شيئا من موسيقى ياني ، فأجابني بالنفي ، قلت : لماذا تعلِّق صورته على واجهة المحل إذن ؟ قال : أنا أحبُّ كثيرا الاستماع لموسيقاه . قلت : وماذا عن المصلِّين أمام محلِّك ؟ قال : بسبب شعر ( ياني ) الطويل فهم يعتقدون أنّني أعلِّق صورة أحد الأئمة المعصومين ، وأحيانا يسألونني عن اسم الإمام فأذكر اسم أحدهم .


البحث عن موسيقى تُفَكِر

وذات يوم دعاني الجميل القاص نبيل وادي الجبوري للذهاب معه الى ستوديو ( ضوء القمر ) لعازف البيانو الأول في تسعينيات العراق الفنان رائد جورج في بيته ( لا اذكر العنوان بالتحديد ) ، كان رائد هادئاً أليفا فيه شيء من الزهو ، شيء من الارستقراط ، لعلّه أرستقراط الموسيقى ، جعلني أشعر للحظة أنّ ثمة فجوة بيننا ينبغي ردمها ، لذا استثمرت وجود تمثال صغير لبيتهوفن داخل الاستوديو كمدخل لحوار حول الموسيقى ، قلت لرائد يومها ، نحن كعرب لا نمتلك موسيقى تُفَكِّر ، وكلُ إرثنا الموسيقي يندرج تحت موسيقى طَرَب ، واستشهدت بموسيقى بيتهوفن التي وأنت تستمع لها تأخذك بعيدا ، تدفعك الى التأمل والتَفَكُّر ، في موسيقى بيتهوفن شيء من العقلانية ، شيء يجعلك تلتصق كخلية داخل نسيج الكون ، تحدّثتُ له عن تجربتي مع بيتهوفن ، وقصصتُ عليه تجربة القدّاس .

قلت لرائد : عنوان الاستوديو الذي هو عنوان كونشرتو لبيتهوفن وتمثال بيتهوفن أيضا يشيران الى ميلك إليه ، وهذا يعني أنَّ فيك رغبةٌ الى موسيقى تُفَكِّر ، المطلوب هو إخراجُها ، وتحدّثت له عن أسلوبي في الكتابة الشعرية ، قلتُ له : أنّني أكتب لي ولا أضع القارئ أمامي ، فليس مهمًّا أن يحبّ المحيط ما أكتب أو لا يحب . قال : إنّك تشبه البروفيسور الذي يعلِّمُنا اللاهوت ، حيث بدأ أول محاضراته قائلا : إرموا برؤوسكم بعيدا كي تفهموا ما أقول . ثمَّ قال : أنا لستُ مثلك ، أنا لا أستطيع بلا جمهور ، وينبغي أن تكون هناك أجور تؤثّث مناخ الموسيقى .

معي بعيداً عن القرية

أنا الآن في سدني ، على مقربة من منتصف العام ( 2009 ) ، بعيدا عن قريتي الأولى ، أمتلك الأعمال الكاملة لبيتهوفن ، وقد أهداني الفنان التشكيلي حيدر عباس ( cd ) فيه الحركة الأولى من القدر أحمله معي في سيارتي الشخصية ، فإذا ما بدأ أحد ما حواراً لا أحبُّه أُغلقه على الفور بانفتاح الموسيقى .




#جمال_علي_الحلاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التضامن تمرين في النجاة رسالة الى السيدين جلال الطالباني ونو ...
- موت حبّابة وانتحار العالم / الانتباهة التي تلد خروجا
- دور المكان ووضوح المفاهيم في استئصال العنف
- رؤوس أقلام مدبّبة في الإستمتاع
- تعطيل آية السيف أو حذف نصف القرآن
- كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟ القسم الثاني
- كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟
- الى ( صفيحة ) المدى وجاراتها : درس في الأمانة الثقافية
- عوني كرومي : الجاد في لحظة هازلة
- عيسى حسن الياسري : قديس خارج الوقت
- الشعر العراقي الحديث : قراءة اجتماعية
- فلنمت وحيدين بعيدا
- يموت المعنى وتستمر الحياة
- تعليب النساء لمن ؟ محاولة في تفكيك المنظومة الذكورية
- الذات والعقاب قراءة في نمو المستوى الدلالي لمفهومي الغربة وا ...
- دعوة للتضامن مع الصحفيين العربيين عدلي الهواري وعبد الهادي ج ...
- العائلتية نظام حيواني قراءة في ثقافة صدئة
- فايروس حق الاعتراض : الفعل هو الكلام حتى لا يتجرأ أحد على تج ...


المزيد.....




- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...
- شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه ...
- الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع ...
- حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق ...
- بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا ...
- وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل ...
- الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا ...
- وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني ...
- تأثير الشخير على سلوك المراهقين


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جمال علي الحلاق - علاقتي ببيتهوفن - صفحة من كتاب أصدقائي