|
المدرسة هي المؤسسة الاكثر اهمية لضمان مستقبل افضل لاطفال العراق
سامي بهنام المالح
الحوار المتمدن-العدد: 2668 - 2009 / 6 / 5 - 09:33
المحور:
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟
مدخل قد لا يحتاج المرء الى التنظير والاسترسال الاكاديمي وسوق الكثير من المبررات العلمية، لتأكيد اهمية المدرسة وتوفيرفرص التعليم والتعلم في تطورالفرد والمجتمع. اذ بات من البديهي، علميا، اعتبار مستوى تطورعملية التربية والتعليم ومدى تطوروديناميكية نظام التربية والتعليم في تنشئة واعداد وتأهيل الفرد – المواطن في اي بلد مقياسا لمستوى ومدى تطور وتاهيل الفرد لمواجهة تحديات الحياة وتحمل المسؤولية واتخاذ القرار، كما هي مقياس لتطور المجتمع والبلد المعني من كل النواحي المعرفية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمكانة الدولية. وعند الحديث عن ابرز ما يمز البلدان المتخلفة والنامية، في الدراسات المنهجية، يجري الاشارة، عادة، الى ان نظام التربية والتعليم فيها، في الاغلب، هو نظام غير فعال وغير كفوء، ولايرتقي الى مستوى مواكبة التطورات العلمية والمعرفية عالميا، وغير قادر على محو الامية وتوفيرمقعد دراسي وفرصة التعلم لكل الاطفال والتقيد بالزامية التعليم، وبالتالي لايستجيب لمتطلبات التنمية وعملية اعداد وتاهيل اجيال تتحمل مسؤولية التغيير والبناء والابداع والتقدم.
الاطفال والتربية والتعليم في العراق
من الصعب جدا تحديد مستوى اهلية وفعالية نظام التربية والتعليم في العراق. من المعروف ان هذا النظام كان قد تحول الى جزء من منظومة ادوات الحفاظ على سلطة دكتاتورية وجزء من جهاز الترويج المبتذل لفكر البعث الشوفيني الشمولي وترسيخ قيم وتقاليد منافية لحقوق الانسان والتعددية والديمقراطية. اما المعطيات والاحصاءات المحدودة والغير دقيقة المتوفرة، الان وبعد سنوات على سقوط النظام، لاتعكس صورة حقيقة وموضوعية عن الواقع. الدراسات والمعطيات والتقاريرعن وضع الاطفال والنساء وعدد الاميين وعدد المدارس والابنية المدرسية الصالحة وعدد المعلمين ومستوى اعدادهم وتاهيلهم والاساتذة الجامعيين والمناهج وطرق التدريس وما يتوفر من وسائل الايضاح وامكانيات الحصول على المعلومات وطريقة الامتحانات وتحديد المستوى العلمي، وغيرها الكثيرمن الامور التي تدخل في اطار نظام التربية والتعليم في البلد، تتحدث بجلاء عن وضع مرتبك وعن خلل كبير واشكالات بنيوية ونواقص حادة ومستوى علمي يثيرالقلق. ان ما هو جدير بالاهتمام، في كل هذه المعطيات والتقارير والمشاهدات اليومية، هو وضع مئات الالاف من الاطفال في العراق. فرغم ان عدد الاطفال المحرومين من مقعد في المدرسة غير معروف، ولكنه معروف ان مئات الالاف منهم ينتشرون في الشوارع بحثا عن المأوى ولقمة العيش وسعيا لبيع قوة عملهم بمبالغ بخسة ليساعدوا امهاتهم الثكالى واخوتهم اليتامى وعوائلهم الفقيرة في محنتهم. من المعروف ان في العراق قانون بالزامية التعليم للمرحلة الابتدائية، ولكن ليس هناك، في عراق اليوم وفي ظل سلطة منتخبة ديمقراطيا واقراردستور دائم للبلد، من يهتم بهذا القانون ويتابع تنفيذه. كما ان ليس هناك اي التزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تلزم بحماية الاطفال وتوفير اسباب الرعاية والتربية والتعليم المجاني وشروط العيش بأمان وكرامة بعيدا عن العنف والاستغلال.
لا مستقبل للطفولة من دون بيئة صالحة للنمو والتطور
في بلد مثل العراق، بما يتوفر لديه من الثروات المادية والبشرية، لايمكن الحديث عن الطفولة والمستقبل اذا لم تتحمل الدولة، والسلطة التي تقود الدولة، مسؤولية توفير مقعد دراسي، في مدرسة ذات بيئة صحية ونفسية واجتماعية، لكل طفل من اطفال العراق، في المدينة والريف. فالمدرسة لاتشكل البيئة والمكان الملائم والطبيعي لتعلم القراءة والكتابة والحساب فحسب، بل هي البيئة التي توفر للطفل بيئة للتطور نفسيا واجتماعيا ومكانا يستطيع فيه، وبالاحتكاك والتفاعل اليومي مع زملائه واساتذته، التعبير عن ذاته وبناء علاقات انسانية ومعايشة واحترام الاخرين. وفي العراق، وبعد عقود من الدكتاتورية والحروب والتخلف والعنف والارهاب، يمكن للمدرسة، دون غيرها من المؤسسات، ان تنقذ الاطفال اليتامى والمحرومين والفقراء من التشرد والتعرض للاستغلال البشع والامراض والتشوه والانحراف. على السلطة في العراق، على الدولة، ان تكشف للشعب عن الميزانية المخصصة لوزارة التربية ولتطوير نظام التربية والتعليم، وعليها ان تخصص الميزانية الكافية لبناء ما يكفي من المدارس الملائمة والتي تتوفر فيها الشروط الصحية والتربوية. وعليها الالتزام بتوفير مقعد دراسي لكل طفل، وعليها الزام كل العوائل مهما كان وضعها بارسال ابنائها للمدرسة. طبعا ان التزام السلطات بتحقيق هذا المطلب الواقعي، يعني ايضا التخطيط لاعداد العدد الكافي من المعلمين وعلى اسس صحيحة وتربوية معاصرة. وكذلك يعني التخطيط والسعي لمعالجة الوضع الاجتماعي للعوائل الفقيرة والمعدومة، والقضاء على البطالة وتوفيرالعمل لكل من يستطيع عليه، ويعني ايضا سن قوانين صارمة تمنع استغلال الاطفال ومنع تشغيلهم مهما كانت المبررات.
وبتقديري ان حملة الدفاع عن حقوق الاطفال والعمل من اجل مستقبل مضمون لهم وبالتالي مستقبل مشرف للوطن، يجب ان تتمحور حول حملة وطنية واسعة بالمطالبة بتوفير مقعد دراسي لكل طفل من اطفال العراق. وعليه، اقترح على كل المؤسسات التي تعمل من اجل الاطفال والمرأة، وعلى كل الناشطين والمهتمين والمدافعين عن حقوق الانسان والديمقراطية التعاون والتنسيق في ادارة حملة بعنوان: (المدرسة للجميع)
وبالتأكيد سيكون للقيام بهذه الحملة الوطنية تأثيركبيروفعالية ويمكنها ان تحقق: - خلق رأي عام باهمية المدرسة والتعليم في حياة الفرد وفي ضمان مستقبله. - رفع الوعي لدى الناس وخاصة الاميين المحرومين من فرصة التعليم، كي تتعلم المطالبة بحقوق اطفالها وحقوقها من جهة، وكي ترسل ابنائها للمدارس رغم صعوبة وقساوة اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. - التقارب والتعاون وتنظيم نشاط المؤسسات المختلفة والقوى والناشطين في حملة مطلبية وطنية لتصبح رافدا هاما في تيار العمل المطلبي الديمقراطي وتمرينا لتنظيم المزيد من الحملات الاخرى لتحقيق مطالب ديمقراطية اخرى. - الزام السلطات ومؤسسات الدولة المسؤولة في تحمل مسؤولياتها في التخطيط والعمل من اجل تغيير وتطوير نظام التربية والتعليم لكي يستجيب لمتطلبات بناء الوطن وتوفيرالحياة الكريمة وشروط التطور للمواطن. وفي هذا الاطار سيكون لتوفير مقعد دراسي لكل طفل والقضاء على الامية اولوية. - مطالبة السلطات الكشف بشفافية عن ميزانية وزارة التربية، ومطالبة الوزارة بكشف خططها وانجازاتها واخفاقاتها في توفير فرص التعليم للاطفال وغيرها من جوانب التعليم والتربية الاخرى. - تبني مختلف القوى السياسية في البلد والتي تسعى لكسب اصوات الناخبين تغييرنظام التربية والتعليم، وتحفيزها على تبني الاهتمام بتوفير كل المستلزمات لحصول الاطفال جميعا على فرصة التعليم في برامجها وسياساتها. بمعنى اخر طرح حقوق الاطفال عامة وحقهم في التعليم ومقعد في مدرسة جيدة ومعاصرة الى قضية وطنية وانتخابية.
مستقبل العراق هو مستقبل اطفاله، ومستقبل الاطفال يرتبط بتوفير البيئة الامنة والصحية للتعلم وبناء الشخصية والتفكير الحر الانتقادي، والتسلح بالمعرفة والاستعداد لتحمل المسؤولية والعمل واحترام القانون والتنوع والاختلاف والتعاون والتضامن مع الاخرين. فلنتضامن ونجتمع في حملة وطنية عنوانها : المدرسة للجميع
#سامي_بهنام_المالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمعية السويدية العراقية - دعوة للحوار والمناقشة حول تطوير
...
-
لن يكون العراق الجديد معافيا ما لم يضمن حقوق الجميع
-
مدنيون _ لتتشابك الايدي من اجل بناء عراق مدني علماني ديمقراط
...
-
الصحافة الحرة وامكانات بناء مجتمع معاصر
-
الحوار المتمدن – من ادوات بناء الديمقراطية وصيانتها
-
تركيا بين المراوحة في القديم وخيار السير نحو الحداثة
-
في الذكرى العاشرة لرحيله توما توماس رمز كفاح شعبنا و وحدته
-
الوطن بيني و بين صديقي التركماني
-
نعم للتظاهرات السلمية و لا للعنف القمع !
-
ثلاث سنوات على سقوط الصنم العراق الى اين؟
-
التنمية و الامن و حقوق الانسان ملفات الوطن الدامي تنتظر تشك
...
-
ماذا ينتظر الانسان العراقي من الحكومة المقبلة
-
شعبنا الكلداني الاشوري السرياني و الدستور
-
تبعيث التعليم من اخطر جرائم نظام البعث البائد
-
تحالف القوى العلمانية و الديمقراطية و اليسارية حاجة ملحة و ض
...
-
تيار ديمقراطي فاعل من اجل تطوير العملية السياسية و ترسيخ الد
...
-
لا لقضم الديمقراطية ولا لحرمان الناس من ممارستها
-
تضامنا مع جماهير سهل نينوى
-
تمنيات للعام الجديد
-
الدفاع عن المسيحيين، دفاع عن مستقبل العراق
المزيد.....
-
السعودية.. مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في تصادم 20 مركبة والمرو
...
-
شاهد.. مروحية عسكرية تشتعل بعد هبوط اضطراري في كاليفورنيا
-
هل الطقوس التي نتشاركها سر العلاقات الدائمة؟
-
السعودية: حذرنا ألمانيا من المشتبه به في هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. البرادعي يعلق على زيارة الوفد الأمريكي لسوريا
-
اعتراض ثلاث طائرات أوكرانية مسيرة فوق شبه جزيرة القرم
-
RT تعلن نتائج -جائزة خالد الخطيب- الدولية لعام 2024
-
الدفاع الصينية: الولايات المتحدة تشجع على الثورات الملونة وت
...
-
البابا بعد انتقادات وزير إسرائيلي: الغارات الجوية على غزة وح
...
-
-اشتكي لوالدك جو-.. مستخدمو منصة -إكس- يهاجمون زيلينسكي بعد
...
المزيد.....
|