عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 2668 - 2009 / 6 / 5 - 02:30
المحور:
الادارة و الاقتصاد
وافقت الحكومة العراقية باجراء تعديلات على قانون الاستثمار تتضمن السماح للشركات الأجنبية بحق تملك الأراضي المزمع إقامة مشاريع اسكانية عليها، وقبل الخوض في التبعات السلبية والايجابية لتلك التعديلات علينا ان نتعرف على الأسباب التي دفعت تلك الدول بالموافقة على سن قوانين التمليك للأجانب و التي سبقتنا في التجربة ، وأعني هنا مصر ودول الخليج . معلوم للجميع أن مصر تعاني من انفجار سكاني مخيف ( الزيادة السنوية مليون ونصف انسان ) والعراق يحذو حذوها في هذا المجال بفضل العقول المتخلفة لرجال الدين الذين يرفضون سن قانون ينظم الانجاب وتحديد الحد الأعلى للولادات في كل اسرة ، لأنهم متمسكون بالمقولة ( ان الطفل يولَد ورزقه معه ) ، لذا نجد انها ( مصر ) تعاني من شحة الموارد المالية المخصصة للقضاء على ازمة السكن مما أجبرها على فتح باب التمليك للشركات الأجنبية، وفعلاً قامت تلك الشركات ببناء مجمعات سكنية حديثة لكنها ما كانت مخصصة للطبقة الفقيرة ، لأنّ تلك الشركات تمتلك حق التصرف في تحديد سعر العقار والجهة التي تشتريه ، أدى هذا الحق الى شراء أصحاب الملايين من الخليجيين والبلدان الأخرى لغالبية تلك العقارات وبالتالي بقاء اكثر من خمسة ملايين مصري يعيشون في المقابر التي تحيط بالقاهرة !! أما بالنسبة لدول الخليج فالصورة معكوسة تماماً ، إذ انها تمتلك الموارد المالية القادرة على إنشاء مجمعات سكنية عملاقة لكنها تفتقد الكفاءات والخبرات التقنية وهذه تمتلكها الشركات الأجنبية والتي باستطاعتها ان تحول رمال الصحراء الى واحات خضراء تتوسطها التجمعات السكانية ، وحالياً تعود ملكية جزء من تلك العقارات لغير الخليجيين بضمنهم ( طبقة المليونيرية من العراقيين الذين ظهروا في غفلة من الزمن !؟ ) . بعد كل هذا أعتقد ان على الحكومة العراقية إلزام تلك الشركات الأجنبية المالكة للعقارات التي ستبنى مستقبلاً ببيعها فقط للعراقيين من ذوي الدخل المحدود وبأسعار متهاودة بحيث نسبة الأرباح لا تتعدى
10% من قيمة التكلفة ، وهذه النقطة ايضاً تصبح من حق الجانب العراقي وإلاّ سيأتي الخليجيون وغيرهم من الأجانب بالاستيلاء عليها من خلال ملياراتهم الغزيرة ، حينذاك سيصبح العراق ليس بستان قريش وإنما بستان الخليجيين ويبقى العراقيون قسم يعيش في بيوت خربة وقسم آخر بلا مأوى !.كمثال لا الحصرما حدث و يحدث في موسكو بسبب إعطاء شركات البناء حرية تحديد الأسعار ، وصل سعر المترالمربع للعقار ( 4000 $ - اربعة آلاف دولار ) وهذا كله بفضل إفرازات الاقتصاد الليبرالي بحيث لم يستطع أحد من الذين يعيشون تحت خط الفقر وعددهم خمس سكان مدينة موسكو (مليونا إنسان ) من شراء شقة واحدة بسبب جشع تلك الشركات . لذا يتوجب على الحكومة العراقية الانتباه لتلك الملاحظات الآنفة الذكر وأخذها على محمل الجد .
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟